تبدأ العلاقات الافتراضية وتنتهي على مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا)، بكبسة زر، لكن تأثيرها ينسحب إيجاباً وسلباً على المجتمع عموماً، حين يمتد إلى الواقع الحقيقي، إذ طرأت علاقات تنوعت بين حب، زواج، طلاق، تعارف، موت افتراضي، أو الشعور بالانعزال عن المجتمع الحقيقي، وصولاً إلى انتحار عبر البث المباشر، إضافة إلى البحث عن زيادة أعداد المتابعين، عبر عالم ممتد، في إطار ثورة المعلومات والاتصال، وبين إيجابيات استخدامها وسلبياته، فتحت «أسرتي» ملف مواقع التواصل الاجتماعي مع رئيسة الجمعية الكويتية لأمن المعلومات د.صفاء زمان، لقراءة أحوال الناس وما فعلت بهم.
”الناس أصبحوا أكثر اتصالاً، واتسعت شبكة العلاقات الاجتماعية على المستوى العالمي” بهذه الكلمات بدأت رئيسة الجمعية الكويتية لأمن المعلومات د.صفاء زمان حديثها. واستكملت قائلة: وظهر مصطلح “ميتافيرس”، الذي نعتبره معبراً عن مستقبل مواقع التواصل الاجتماعي أو بالأحرى مستقبل الإنترنت بصفة عامة.
ظهر مصطلح “ميتافيرس” لأول مرة من خلال رواية الخيال العلمي Snow Crash والتي ألفها الكاتب نيل ستيفنسون عام 1992، وتدور أحداثها حول تفاعل البشر، من خلال الشبيه الافتراضي (أفاتار)، ويحتضن هذه التفاعلات والتعاملات فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد مدعوم بتقنيات الواقع المعزز، فيما يشبه إلى حد كبير العالم الحقيقي.
أعادت شركة فيسبوك باسمها الجديد في 2021 إلى الأذهان هذا الحلم القديم، لكنه اليوم ومع التقدم الهائل في هذا المجال أصبح في متناول مستخدمي الإنترنت.
وتعرف “ميتافيرس” بأنها سلسلة من العوالم الافتراضية التي تضم تفاعلات لا حصر لها بين المستخدمين من خلال الأفاتار الخاص بكل مستخدم، والتي أتاحت هذه التقنية كذلك العديد من التفاعلات الخاصة بالأعمال والعلاقات الاجتماعية الافتراضية.
احذروا الـ VR
وحذرت د. صفاء من الاستجابة للحديث التلقائي عبر الهواتف من خلال خاصية الـ VR التي تعتبر من أخطر الأساليب التي يمكن أن تستخدم في غسيل الأدمغة، حيث تسعى الشركات لإنشاء عالم افتراضي متكامل قائم على التقنية ثلاثية الأبعاد.
ولفتت إلى أن “ميتافيرس” سيقدم مفاهيم اجتماعية وألعاباً وموقعاً للأعمال، وذلك ضمن العالم الافتراضي والواقع المعزز، وسينقل الإنسان من الحياة الواقعية إلى حياة أخرى تصل إلى ممارسة الرياضة وحضور الحفلات الغنائية وأيضا العمل والدراسة من دون بذل أي حركة، وربما تصل إلى الاعتياد على سماع مصطلح تكوين أسرة افتراضية في المجتمع الافتراضي.
وأفادت بأن الحب الافتراضي خطير؛ لأن الإنسان يقع في حب صورة مثالية اخترعها بنفسه، ولا تتوافق مع الواقع في الواقع، إنه يعتز بهذه الصورة، ويغذيها ويشعر بخيبة أمل كبيرة بعد التواصل الحقيقي المباشر، هذا لأن الاتصال على الإنترنت ينقل فقط جزءًا من المعلومات الموثوقة حول المحاور، لأنه بدون سماع الصوت، دون رؤية الشخص (تعابير وجهه، إيماءاته)، من المستحيل تخيل الصورة بدقة على الجانب الآخر.
عبر الـ VR، يصبح الناس كلهم مختلفين – مثاليين وخاليين من العيوب. لا يوجد مثل هؤلاء الناس في العالم الحقيقي. الشخص مرتب لدرجة أنه سيقارن دائمًا ما تم اختياره حقيقيًا بآخر افتراضي، وفي هذه المقارنة، ستسود الصورة الافتراضية على الفرد الحقيقي.
جميع وسائل التواصل الاجتماعي غير آمنة من الاختراق
أوضحت د. صفاء أن جميع وسائل التواصل الاجتماعي غير آمنة من الاختراق، وهناك برامج جاهزة يستغلها الهاكرز للعبث في معلومات الأفراد واستغلالها لابتزازهم.
وأضافت أن الكثير من برامج التواصل المجانية أداة للاختراق، حيث طور الهاكرز تصاميمه للدخول إلى أجهزة الهواتف الذكية والتحكم بها وابتزاز أصحابها،
مبينة أن هذه البرامج لم تصنع كتبرع للمستخدم العربي، بل هي تعتبر حصان طروادة لدخول المخترقين للهواتف الذكية، حيث إنها لا تجعل هناك أي تأثير واضح على الاختراق، كما كان في الفيروسات السابقة، فهي تعمل في الخلفية دون أن يشعر المستخدم بها.
وشددت على أن عمليات التشفير هي للمعلومات، إن كانت خارج الجهاز في خوادم الشركة، ولكنها غير مشفرة في داخل الجهاز المستقبل أو المرسل، موضحة أن من أشهر البرامج التي يتداولها الجمهور هو الواتساب، وهو برنامج غير آمن ومعرض للاختراق.
وتابعت د. صفاء أن من أشهر البرامج التي تسهل عملية الاختراق، أو صممت لجمع المعلومات هو الفايبر “الأسوأ” والفيسبوك وسناب شات والإنستغرام والإيمو والبوجي، مدللة على ذلك أن البرامج المجانية والتي تعرض للجمهور مجانا، كيف لها أن تحقق أرباحا مالية كبيرة من دون الإعلانات، وخاصة واتساب الذي حقق أرباحاً كبيرة في السنوات الماضية، دون أن يقدم أي إعلانات؟! فهذا دليل على بيع المعلومات لجهات استخباراتية.
برامج الفيديو والصور.. هي حصان طروادة
ولفتت إلى أن أكثر البرامج القابلة للاختراق برامج الفيديو والصور وهي عبارة عن حصان طروادة لإدخال فيروس الاختراق للجهاز، موضحة أن فيسبوك يعتمد اعتماداً كلياً على جمع البيانات الخاصة وتملكها من خلال شروط الاستخدام وبيعها لجهات غير معلومة.
وزادت أن مميزات الخصوصية في برنامجي تويتر وإنستغرام، لا تحمي المستخدم من الاختراق، وهي من أسهل البرامج اختراقا، حيث إن المستخدم إن كان قد وضع ميزة البرايفت (الخصوصية) يجد في بعض الأحيان أن هناك أشخاصا قد أضيفوا لمتابعته، دون أن يعرف من هم وكيف دخلوا لقائمته، وهذا دليل واضح على أن الحساب مخترق.
«سناب شات» خطر جداً على الخصوصية
وأشارت إلى أن سناب شات خطر جداً على الخصوصية، فالبرنامج لا يلغي البيانات والصور خلال 30 يوماً كما يدعي، بل تبقى هذه المعلومات متاحة وباستطاعة أي متخصص استعادتها، محذرة من تداول الصور الخاصة والمعلومات الحساسة في هذه البرامج.
وذكرت أن ما يدعى اليوم بالهندسة الاجتماعية وفر الكثير من البرامج التي تقوم بتحليل البيانات إلكترونيا، للتعرف على المزاج العام للشعوب والفئات، وإعطاء تقارير تستخدمها جهات استخباراتية معادية في زعزعة أمن الشعوب والبلدان.
مساوئ الاستخدام الخطأ
وتطرقت د. صفاء إلى الحديث عن التأثير السلبي على مجتمعاتنا لهذه البرامج نتيجة استخدامها الخطأ تحت شعار الحرية، وتتمثل في ظهور أفكار جديدة وظواهر غريبة على المجتمع. كما شهدت مجتمعاتنا ازدياداً في الحوادث وارتكاب الجرائم وارتفاع نسب الطلاق بين الزوجين في بلادنا العربية دون بعض الدول التي تحظر استخدامها، أو تحد من هذا الاستخدام وتقننه.
ووجهت د. صفاء في نصيحة للمهووسين بالتكنولوجيا وبرامج السوشيال ميديا بمحاولة استخدامها باعتدال، بعدم مشاركة موقعنا ولا كتابة ونشر البيانات الحساسة وعدم الانسياق وراء الآخرين حفاظا على خصوصيتنا.