Site icon مجلة أسرتي – تدخل كل بيت

«الاسكوتر».. وسيلة بنات القاهرة للثورة على أزمة المواصلات

 

فاجأ عدد من بنات القاهرة مجتمعهن بثورة من نوع فريد، تمثلت في قيادتهن للدراجات البخارية الصغيرة المعروفة بـ «الاسكوتر» في خطوة من جانبهن للتغلب على أزمة المواصلات والتكدس المروري الخانق.. ويبدو أن زيادة تسعيرة المواصلات وتاكسي الأجرة كانت دافعا لهن لإعلان الحرب على وسائل المواصلات التقليدية واستبدالها
بـ «الاسكوتر»..فهل ينجحن؟
«أسرتي» حققت في الظاهرة.. وإليكم التفاصيل:

ضاربات بنظرة المجتمع وكلام الناس عرض الحائط، وفي خطوة غير مألوفة على المجتمع المصري، تفاجئك فتاة ترتدي الجينز، أو بذلة الأمان وتضع «الخوذة» على رأسها وهي تنطلق بمهارة بدراجتها الصغيرة بين مئات السيارات المتحنطة في شوارع القاهرة والإسكندرية بفعل الزحام.
«شيماء علي» إحداهن.. فتاة قررت إعلان التمرد، والثورة على نظرة المجتمع، وأيضا الثورة على القرارات الحكومية الأخيرة بزيادة أسعار المحروقات وما تبعها من زيادة رهيبة في أسعار المواصلات، وقبل كل ذلك الثورة على أزمة المرور الخانقة في ظل شوارع محدودة المساحة تئن بأضعاف أضعاف طاقتها الاستيعابية من السيارات والناس.
شيماء: أزمة المرور الخانقة وزيادة أسعار المواصلات دفعتني للثورة

توضح «شيماء» أن فكرة استخدام «الاسكوتر» جاءتها قبل عامين، حينما رأت شابًا يستقله واستطاع بسهولة أن يمر وسط الزحام دون عناء، ومن ثم قررت شراء واحد مثله كي تذهب به إلى جامعتها، وتقضي به أيضا مشاويرها اليومية.
وعن هذه التجربة تقول:
أصبحت الحياة أسهل بالنسبة لي، وأقل كلفة من السيارة وأوفر كثيرا من أي مواصلات، بل أسهل في الحركة والهروب من ازدحام الشوارع».
وعن نظرة المجتمع تؤكد شيماء أنها دائما تجد نظرات مليئة بالاحترام والإعجاب من المارة خلال رحلتها بـ «الاسكوتر»، فقد تصادف عدة مرات أن استوقفها كثير من المارة ليسألوها عن المكان الذي اشترته منه لأنهم يرغبون في شراء مثله لأبنائهم وأحفادهم، كذلك تجد ترحيبا وإعجابا من السيدات في الشوارع، ما يدل على أن الأمر وجد استجابة مع الوقت، خاصة أن وضع القدمين في «الاسكوتر» غير منتقد بالنسبة لأي فتاة في المجتمع الشرقي، حيث يستطيع سائقه أن يضم ساقيه أثناء قيادته على عكس «الموتوسيكل» الذي تكون فيه الأرجل متباعدة وهو ما يعرض الفتاة لكثير من الانتقادات في المجتمع الشرقي.

دينا: عائلتي تعتبرني بطلة لأنني أول امرأة سكندرية تقود «اسكوتر»

أما «دينا حجاب»، أول سيدة سكندرية مصرية قامت بكسر القيود واستخدمت «الاسكوتر» كوسيلة مواصلات مناسبة في تنقلاتها، وأيضًا اصطحاب أطفالها إلى مدارسهم.. فتوضح أنها بدأت هذه التجربة قبل ثلاث سنوات بعد معاناتها طويلا من صعوبة توفير مواصلات مناسبة لنقل أبنائها يوميا إلى مدارسهم، في ظل انشغال زوجها في عمله، إلا أن معاناتها زادت حينما كانت تقع يوميا فريسة في أيدي سائقي التاكسي الذين يضاعفون الأجرة كل مرة بسبب صعوبة المواصلات هناك، لاسيما أنها تقيم في منطقة «الإبراهيمية» بينما تقع مدارس أبنائها في حي «سموحة».
الغريب في الأمر أن فكرة لجوئها إلى «الاسكوتر» كانت اقتراحا من زوجها، الذي عرض عليها في نقاش هزلي أن تشتري «اسكوتر» كهربائيا كي يسهل عليها الحركة والتنقل.
ولم تتردد «دينا» في أن تنفذ فكرته، وقامت بتجربة قيادته، ومن ثم قام زوجها بشرائه، وحصلت على رخصة لقيادته من إدارة المرور، ولم تمض أيام قليلة حتى صار وسيلة تنقلاتها الأساسية والمفضلة.
وتشير «دينا» إلى أن «الاسكوتر» ليس فقط مجرد وسيلة مواصلات سهلة ومريحة وموفرة اقتصاديا، بل أيضا وسيلة آمنة وعملية، فقد كانت تقوده بسهولة طوال فترة حملها دون أن يمثل لها أي خطر، حتى بعدما أنجبت رضيعتها أصبحت تضعها في «حامل» الأطفال وترتدي «الخوذة» و«القفاز» لتوفير الحماية الكافية لها ولطفلتها أثناء القيادة.
وعن نظرة المجتمع، توضح «دينا»:
عائلتي تعتبرني بطلة؛ لأنني في نظرهم اتخذت قرارا جريئا بقيادة هذا «الاسكوتر» الذي يعد وسيلة جديدة غير متعارف عليها في المجتمع، خاصة حينما تقوده امرأة، وفي الشارع لم أصادف أي مضايقات من المارة، بل على العكس وجدت تشجيعا كبيرا من الناس، خاصة سائقي التاكسي الذين لا يترددون في مساعدتي حينما أواجه أية مشكلة فنية أثناء القيادة.
وتضيف:
لجأت أيضا إلى تحويل قيادته إلى هواية، فقمت بالاشتراك في نادي سبورتنج والتحقت بجروب مخصص لـ «الاسكوتر» وأصبحت أول سيدة تقوده، ونقوم بعمل «رالي» يوم الجمعة أسبوعيا يبدأ من مكتبة الإسكندرية إلى قلعة قايتباي.
وختمت حديثها قائلة:
الحقيقة أن زوجي شجعني كثيرا على هذه التجربة الممتعة التي أدعو بدوري كل بنات حواء إلى اتخاذها وسيلة لتنقلاتهن.

بسمة: أقنعت والدي.. وأنشأت مجموعة لمؤازرة فتيات «الاسكوتر» أمام رفض المجتمع

ومن الإسكندرية إلى القاهرة، وتحديدا منطقة مصر الجديدة، كانت «بسمة الجابري» نموذجا آخر للفتاة التي دخلت في تحدٍّ مع والدها الذي اشترط عليها أن تأتي له بخمس فتيات أخريات يقدن «الاسكوتر» كي يوافق لها على شرائه، ولأنها أصرت على أن تحقق حلمها ورغبتها في قيادته، نجحت بالفعل في أن تعثر على عدد من الفتيات اللاتي يستخدمن «الاسكوتر» في تنقلاتهن من خلال أحد جروبات موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، لتبدأ بعدها رحلتها به في شوارع العاصمة دون قيود أو حواجز.
لم ترغب «بسمة» في أن يقف تحديها عند هذا الحد، بل أرادت أن تعبر به كل الحواجز والقيود العقيمة التي تواجه كل فتاة تبحث عن الجديد، فقررت في خطوة أخرى أن تكون نموذجا لكل فتاة أو سيدة تريد شراء الاسكوتر وأن تساعدها في ذلك، فأنشأت مجموعة Girlsgo Wheels التي التحق بها مجموعة من الشباب والفتيات، لتساعد كل فتاة ترغب في استخدام «الاسكوتر» أو أي وسيلة مواصلات بعجلتين، من خلال تدريبها وتعليمها القيادة مرورا بإقناع الأهل بفكرة القيادة.. وأخيرا مساعدتها في شرائه.
وتتحدث بسمة قائلة:
هدف المجموعة ليس مقصورًا فقط على مساعدة الفتاة في قيادة الاسكوتر، بل أيضا إقناع أهلها بالفكرة ومساعدتها على شرائه وتوفيره لها، فهذا الجانب عانيت منه كثيرا مع أهلي الذين رفضوا في بادئ الأمر الفكرة، لهذا قررت أن أركز من خلال مجموعتي على هذا الأمر على عكس الشباب الذين لا يجدون صعوبة في إقناع أهلهم أو حتى الوصول إلى أماكن شرائه، مشيرة إلى أن «الاسكوتر» قادر على حل مشكلات عديدة يعاني منها الشارع المصري، منها التحرش الذي تتعرض له الفتيات بشكل مستمر، إضافة إلى الزحام المروري الشديد الذي لا يسمح بالسيارات أو وسائل المواصلات التقليدية بالتنقل بسهولة ما يسبب عطلة حقيقية للراكب، إضافة إلى أنه غير ضار بالبيئة وموفر للطاقة.
وأشارت إلى أن Girlsgo Wheels تعمل الآن في مدينتي القاهرة والإسكندرية، وتضم عشرات الفتيات اللواتي تمكّن من الحصول على «الاسكوتر» بفضل مساعدة المجموعة.
وأخيرا تؤكد «بسمة» أن المرحلة المقبلة ستضم أنشطة أكثر للمجموعة في الشارع، حيث سيعملن جديا على نشر ثقافة ركوب «الاسكوتر» في الشارع المصري بين جميع فئاته، مشيرة إلى أن تحويل 30% من سائقي السيارات إلى «الاسكوتر» سيؤثر كثيرا على شكل الحياة في مصر.

الاتحاد النسائي:
يوفر استقلالية أكبر للفتاة ويجنبها المضايقات والتحرش

أخيرا، تؤيد رئيسة الاتحاد النسائي المصري جيهان أبو زيد، اتجاه عدد من الفتيات إلى استخدام الاسكوتر كوسيلة مواصلات بديلة، مؤكدة أنها فكرة رائعة وحضارية تحمل أبعادا عديدة، فمن ناحية تسهم بشكل مباشر في تخفيف الأحمال على المواصلات المكدسة سواء الحكومية أو الخاصة، إضافة إلى أن انتشارها سيقلص من عدد السيارات في الشوارع، والذي يُعد أحد أسباب ازدحام الطرق والأزمات المرورية، كما أنه يُعتبر وسيلة مواصلات سهلة وأوفر في الطاقة واستهلاك البنزين ومن ثم أقل تلويثا للبيئة، علاوة على أنه يوفر الحماية الكاملة للفتاة من التعرض اليومي للتحرش في وسائل المواصلات المزدحمة.
وتضيف:
من الوارد أن تلقى هذه الفكرة بعض الانتقادات خاصة أنها جديدة على المجتمع وغير مألوفة، لكن لا بد من الخروج من هذه القيود العقيمة، فإلى متى سنظل أسرى نظرة عقيمة؟
العالم كله يتطور من حولنا، ونحن مازلنا نرجع للوراء تحت ستار نظرة المجتمع وعاداته، فماذا في ركوب الفتاة لـ «اسكوتر»؟ هل يكسر العادات والقيم أو يتجاوزها؟!
ليس عيبا أو جرما أن تشجع الأسرة بناتها على اتخاذه وسيلة مواصلات، بل على العكس؛ فـ «الاسكوتر» سيوفر حماية واستقلالية أكبر للفتاة خلال رحلتها في الشارع وسيجنبها الكثير من المضايقات والتحرش الذي تتعرض له بشكل مستمر في ظل الزحام.
وترى أبو زيد أن على الدولة دورًا في تشجيع ركوب الفتيات لهذه الوسيلة التي تعتبر وسيلة مواصلات رسمية ومتبعة في كثير من دول العالم، بل من مصلحة الدولة أن تدعم انتشارها لأنها المستفيدة الأولى من انتشارها، حيث إنه يوفر كثيرا في استهلاك الطاقة والبنزين، إضافة إلى عدم إضراره للبيئة.

ريهام عاطف
القاهرة – دار الإعلام العربية

Exit mobile version