Site icon مجلة أسرتي – تدخل كل بيت

امرأة تصبُّ روح الموروث في قالب عصري

شيماء الملا: المهم في المجتمع الكويتي أنه أسرة واحدة

 

شيماء نبيل الملا امراة كويتية تمتلك ثلاثة أنواع من الجرأة في العمل والشخصية جعلتها ناجحة بكل المقاييس: الجرأة على التفكير، الجرأة على العمل والجرأة على توقع الفشل.. هي سيدة أعمال تضع قدما في الاقتصاد والاستثمار والأعمال بوصفها ابنة أسرة تجارية عريقة، وقدما أخرى في عالم السياسة يفرضها عليها كونها حفيدة رجل سياسة هو عبدالله الملا، الذي كان سكرتيرا للدولة في حقبة تأسيس مهمة لا يمكن إغفال دورها التاريخي على دولة الكويت، كما أنها من أحفاد صالح الملا، سكرتير الحاكم الذي كان له دور معروف في بلورة التجربة النيابية الكويتية، وهو ما أثمر بالنهاية ما نراه من تجربة كويتية خاصة لديها، لكن شيماء الملا، كامرأة كويتية تصب الموروث الثقافي والسياسي لديها ولدى وطنها في قالب عصري، اتجهت إلى عالم الأعمال والاقتصاد وبأرقى صوره العصرية العلمية، كما اتجهت مؤخرا إلى عالم الفكر والثقافة عبر تأسيس دار نشر خاصة بها تركز فيها على عولمة الكتاب الكويتي تحديدا، ونشره الإلكتروني، والورقي، وكأنها اختارت أن تستدعي موروثها الشخصي الثقافي السياسي الكويتي من ناحية، وموروثها الوطني من ناحية أخرى، حتى تعبِّر بالأصالة عن نفسها عن تلك الأصالة بلغة مفرداتها من قاموس الوطنية.

«أسرتي» حاورت السيدة شيماء نبيل الملا.. وإليكم الحوار:

 

ما التعريف الذي تفضلين تقديمه للناس عن نفسك؟

– شيماء نبيل الملا، مواطنة كويتية، خريجة كلية الآداب في جامعة الكويت تخصص إعلام والتخصص المساند علوم سياسية، ويسعدني أنني من بين الدفعة الأولى في قسم الإعلام، وتلقيت تعليمي على أيدي أساتذة كبار ومشهورين، جعلوا من قسم الإعلام في جامعة الكويت ما يعادل كلية عريقة في المجال، أذكر منهم الدكتور محمد معوض، والدكتور نبيل الجردي،  والدكتور محمد الرميحي  وحسن إبراهيم مكي، والدكتور جمال المنيس والدكتور سمير حسن، والدكتور المنصف الشنوفي، وغيرهم ممن لا يحضرني اسمه.. وأنتهز الفرصة لأشكرهم وأثني على عطائهم.. كما أتقن اللغتين العربية والإنجليزية، وعاملة في مجال الاستثمار والتجارة، وأنا محكم معتمد في مركز التحكيم التجاري في غرفة التجارة والصناعة، وحصلت على تدريب في نحو 130 ساعة دورة تحكيمية.

 

كسيدة أعمال ما فلسفتك في الحياة؟

– مقولة قرأتها أخيرا تقول إن ثلاثة أنواع من الجرأة في العمل والشخصية تجعل المرء ناجحا: الجرأة على التفكير، الجرأة على العمل والجرأة على توقع الفشل.. وأسأل الله التوفيق والنجاح.

 

هل للعائلة دور في تكوين تطلعاتك ومواقفك العامة؟

– نعم ودون أي شك، ولكن مع احترام عقيدة الشاعر الذي يقول:

ليس الفتى من قال كان أبي.. ولكن الفتى من قال أنا ذا.. فالإنسان بما ينجز هو ويحقق هو وليس بما يفعله آباؤه وأجداده وإن كان ذلك العنصر الأساسي في تكوين شخصيته وبناء نفسيته، ودرجات طموحه.

 

ولكن الانتماء العائلي أو البيئة الخاصة للإنسان تترك أثرا دون أي شك ويكون لها نصيب في بلورة الاهتمامات والهوايات.. أليس كذلك؟

– صحيح.. وإذا تحدثت عن نفسي في هذا الجانب فقد كنت مهتمة منذ سنوات الطفولة والشباب الأولى بموروث نعتز به كعائلة، فالملا صالح الملا كان سكرتيرا للحكومة في عهد عدد من أمراء الأسرة الكريمة، وكان له دور ملموس ومعروف في أزمة المجلسين التشريعيين عامي 1938 و1939 والأزمة التي نشبت في بدايات تداخل الاختصاصات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وسأضرب مثالا واحدا فقط، فما دخل أو علاقة المجلس التشريعي بمخازن السلاح وإنفاق الميزانية إلا بالجانب الرقابي؟! فهي أبجديات مهمة جدا للدارس كي يفهم طبيعة التجربة الكويتية وخصوصيتها، وامتد هذا إلى دور عبدالله الملا (جدي) وبنفس المهمة حيث معروف دور أمين الحكومة أو سكرتيرها (يعادل حاليا دور وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء) في ترتيب أولويات الحكومة أو سلطة القرار.. وهذه فترة مهمة من حياة الكويت لا يمكن للدارس أن يتجاوزها أو يغفل عنها.

نعم تأثرت بهذا، لكن المهم في طبيعة المجتمع الكويتي أنه أسرة واحدة تعرف بعضها جيدا، ويزدهر بين ابنائها التواضع والألفة،

والأهم من ذلك كله هو الولاء لأسرة الصباح الكريمة فهي عنوان الاستقرار واختصار معنى وجود الكويت كدولة مدنية راقية وتخدم شعبها بالصورة المثلى التي يغبطنا عليها الكثيرون.. وأنتهز هذه الفرصة لأشيد بوالدنا عضيد كل أمراء الاستقلال وبداية النهضة، القائد الإنساني، والأمير الوالد، السياسي والحكيم الكبير، صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (حفظه الله ورعاه)، فحيثما ذهبنا نجده في نظر العالم وكبار المهتمين بالمنطقة (كنزا) من الحكمة ورصيدا كبيرا يصب في نهر متدفق من احترام الكويت وتقدير دورها على الصعيد الدولي والإقليمي، رغم أن مساحتها صغيرة بالقياس بالمدى العالمي، لكن هذه الحكمة والخبرة لسموه تؤهلها لقول كلمة الحق في شتى الأمور وبصراحة متناهية لا تشوبها شائبة الغرض ولا الهوى، بل تقدم الوصفة الشافية للخروج من المأزق الذي تعيشه المنطقة من عدم استقرار واختلاط أوراق، وسيادة العقلية الطائفية الضيقة الضارة بالمجتمعات والمدمرة للتعاون والمصالح المشتركة.. فأنتهز هذا المقام لأسأل الله لسموه الكريم الصحة والعافية والعمر المديد.

 

بالتالي نحن نلمس من هذا السرد اهتمامات سياسية للسيدة شيماء الملا!؟

– نعم دون شك!.. لكنني أحاول أن أحيد بهذا عن المسألة السياسية المعقدة والمملة إلى المنحى الثقافي والإعلامي، وهذا هو مشروعي الجديد الذي أود أن أعلن عنه في هذا المقابلة الكريمة من مجلتكم الغراء، فأنا عضو لجنة العلاقات المصرية – الكويتية، وتشرفت بعضوية وفد يرأسه العم والسياسي الكبير محمد جاسم الصقر، فهو خبرة عربية كبيرة وأستاذ كبير، ومؤهل، ويملك تراثا عريضا من التعاطي مع الشأن العربي والدولي وهو رئيس أول برلمان عربي منتخب، وكان له دور مهم لا ينكره أحد في دعم العمل الشعبي العربي المشترك، وهو برلماني عريق ابن برلماني عريق وشخصية عربية معتدلة، وأتشرف بعضوية هذه اللجنة التي تجعل من العلاقة مع مصر الشقيقة محوراً لبناء علاقات عربية سليمة قائمة على المبادئ والمحبة والمصالح المشتركة.

 

ما المشروع الثقافي الذي تحلمين به كأمرأة كويتية ويقف خلف فكرة إنشائك لدار نشر كويتية جديدة؟

– من واقع اهتمامي بالقراءة كنت دائما أطرح الأسئلة أولا على نفسي وهي: لماذا نقرأ؟ وماذا نقرأ؟ وكيف نقرأ؟ ولمن نقرأ؟ وهذه تساؤلات عديدة ومؤكد أن إجاباتها كثيرة، وتختلف بين إنسان وآخر، لكن ما نعرفه وما استقرت عليه البشرية هو أن القراءة ومعدل المقروئية ونسب طباعة الكتب والمؤلفات وعناوينها وتنوعها تعد معيارا حقيقيا وصارما على التنمية البشرية ودرجة التحضر، ومن هنا كان الاهتمام الذي أود أن أجعله محور حياتي ونشاطي المستقبلي ابتداء من الآن وهو دار نشر وتوزيع للكتب ومركز دراسات وأبحاث فكرية وعلمية، أخدم بها وطني والإنسانية في صورة عامة. والدار ستركز على نشر مجموعة كتب وطنية كويتية توثق حياة العديد من الرموز النسائية والرجالية في الساحة المحلية، وقد بدأنا هذه الخطوات بكتابنا الأول عن رواد الكويت في مختلف المجالات، وهو قيد الطباعة حاليا، بالإضافة إلى كتب أخرى وطنية تشتمل على جهد موسوعي لأن ما أعتقده أو أريده هو إبراز دور (حقبة التأسيس) للوطن الكويتي، بحيث نظهر أدوارا ريادية لكويتيين أوائل، مثلوا دور اقتحام مجال معين نقل وطنهم إلى المستوى العالمي من درجة الصفر.

 

هل سيكون هناك تخصص في مجال الكتب التي تتولى الدار نشرها؟

– هي دار نشر، ومن الطبيعي أن تنشر كل شيء مما يحظى بدرجة مقروئية عالية والأصل أنها دار نشر تعنى بالنشر والتوزيع في الكويت، وستقوم بطباعة ونشر وتوزيع الكتب، وإيجاد قناة للكتاب الإلكتروني خليجيا وعربيا وعالميا، وزيادة حصة الوعي والمعرفة في المجتمع، كأبلغ رد على ظواهر التطرف والإرهاب والفكر الإقصائي والعنف المجتمعي، وسيكون لدار النشر منافذ لتوزيع الكتب تتخذ نمطا سهلا ميسورا ويمكن الوصول إليها، كما سيتم خلال مرحلة قريبة إطلاق أدوات التواصل بين دار النشر عبر الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي، وسيكون هناك موقع إخباري للدار، يركز على الشأنين الثقافي والأدبي وتشجيع المواهب ورعاية المبدعين. وسنتخذ أسلوبا متدرجا في تطوير العمل، والمرحلة الأولى من عمل دار الكتب سيعبر عنها بمجموعة كتب وطنية كويتية توثق لحياة العديد من الرموز النسائية والرجالية ممن كانوا روادا في تخصصاتهم، وسيكون ذلك ضمن سلسلة خاصة بالأوائل في كل مجال من مجالات النشاط العام، كما سيتم نشر تراجم لسير الشخصيات البارزة في عدد من المجالات وبلغات عالمية، فضلا عن اللغة العربية، مع تبسيط المعلومات التاريخية عن الكويت وتقديمها بكتب مصورة ورشيقة ومختصرة، وتجد لها متسعا وسهولة في التوصيل عبر وسائط التواصل المتعددة.

 

نلاحظ وجود اهتمام بوسائط التواصل الاجتماعي والنشر الإلكتروني وما شابه.. فهل ستقتصر دارك على النشر الورقي فقط؟

– لا يوجد عمل الآن في العالم يمكنه الاستغناء عن الدرجة العليا والمثلى من الإعلام الشعبي المعبر عنه بوسائط التواصل الاجتماعي، وعبر موقع إلكتروني يكون بمثابة جريدة إلكترونية

تفاعلية، ونحن نجهز لموقع ضخم ويحظى بالمتابعة بإذن الله، والدار ستعمل على مواكبة التطورات العالمية الجارية بخصوص الكتاب الإلكتروني، ورفع مستويات المقروئية عبر هذا المنفذ الذي يتسع على حساب الكتاب الورقي، وخصوصا لدى الأجيال الجديدة، وسنعتني بأنواع من الطباعة الفاخرة، وسنعمل على الاهتمام بطبعات نادرة لأمهات الكتب وكتب التراث.

هل من حصة للاهتمام بالمبدعين والمؤلفين من الشباب وغيرهم؟

– نرحب بالطبع بالمواهب ضمن جهود الدار لإبراز مبدعين ومبدعات من الكويت والعالم كله في مجالات القصة والرواية والشعر ومختلف فنون الكتابة، وفي البداية سنركز على مجموعة الكتب التي تتصل بعمل باحثين في الأحداث والشخصيات والتاريخ الكويتي والبيئة الكويتية، وهذا يتطلب جهدا نتعاون فيه مع العديد من الباحثين والمهتمين والمختصين بالشأن الكويتي والخليجي.

 

هل تعتقدين أن الاستثمار في مجال الكتب له جدوى مالية؟

– حتى وإن كان مجديا لكنه بالنظر لما يستغرقه من وقت قليل ولا يذكر بجوار الاستثمار في مجالات أخرى، إن هذا النوع من الاستثمار يتخذ معنى معنويا أكثر منه ماديا، وبالتالي لا يمكن الزعم أن الغرض منه ربحي خالص.

 

إلى أي مدى تتوافق طبيعة المرأة مع طبيعة مجال النشر؟

– هو توافق كبير.. فالعديد من التجارب أثبتت أن المرأة هي الأنسب لمجال النشر.

Exit mobile version