Site icon مجلة أسرتي – تدخل كل بيت

تجربة ملهمة لسويسرية مبدعة ‏Evelyne Porret تحوّل قرية مصرية إلى مجتمع فني فريد

خاضت السويسرية إيفيلين بوريه التي يلقبها سكان قرية تونس الواقعة على أطراف الفيوم بـ”أم أنجلو”، تجربتها الفريدة في التنظيم المجتمعي في قرية “تونس”، عبر مدرستها الشهيرة، إذ حوّلت القرية النائية الواقعة على أطراف الفيوم إلى وجهة سياحية عالمية، والتي شهد سكانها يومًا حزينًا بعد رحيلها عن عمر ناهز 85 عامًا.
الكثير يتساءل من إيفيلين بوريه، وما قصتها؟، إيفيلين بوريه ولدت في سويسرا عام 1936، وجاءت إلى مصر برفقة والدها وعمرها 28 عامًا، درست فن الخزف أكاديميًا، وعملت برفقة الفنان والمعماري المصري الشهير رمسيس ويصا واصف.
بدأت “بوريه” رحلتها الفريدة والملهمة مع قرية “تونس” الريفية النائية منذ نحو 56 عامًا، حين اصطحبها زوجها السابق سيد حجاب في رحلة للاسترخاء في أجواء ريفية هادئة عام 1965.
انبهرت السويسرية الشابة بطبيعة القرية الخلابة وجذبتها طقوس الريف البدائي الساخر، فقررت الاستقرار به وبنت منزلا صديقا للبيئة من الطين، اعتمدت إضاءته بـ”لمبة الجاز” على غرار أهالي قرية تونس.
عاشت السويسرية إيفيلين بوريه، بين فلاحي القرية وفتحت لهم منزلها، افترشت الأرض إلى جوارهم، واستخدمت الكليم ولمبة الجاز البدائية كما استخدموها لتبديد عتمة ليلهم، ملأت مياه منزلها بطلمبات المياه الجوفية مثل فلاحات القرية، وارتدت جلبابهن الريفي البسيط، تحدثت بلهجتهن العفوية البسيطة، على غرار نساء القرية.

عمل الأطفال والنساء إلى جانب رجال القرية في صناعة الخزف ألهمها لبناء مدرسة (فنية _مجتمعية) للفخار إلى جوار منزلها البسيط، أضحت لاحقًا أحد معالم القرية التي تحولت بفضلها إلى وجهة فنية وسياحية عالمية،
استعانت بالمعماري الرائع عمر الفاروق، لمساعدتها في اختبار جودة طمي تونس في الحرق، وشيّدا معًا المدرسة التي استقبلت الجيل الأول من أطفال القرية لصناعة الفخار.
لم تكتف “إيفيلين” بإنشاء مدرسة لتعليم الأطفال صناعة الخزف بل ساندت العديد منهم في تدشين ورشهم ومعارضهم الخاصة، كما دعت الكثير من أصدقائها في مصر والدول الأجنبية إلى زيارة القرية، حتى ان بعضهم تزوجوا من فتيات وشبان بالقرية وقرروا اختيارها وطنا بديلا.

حققت إيفيلين بوريه معظم أحلامها بالعيش في بيئة فنية فريدة وسط طبيعة القرية الهادئة، إلا أنها رحلت قبل أن تتمكن من تحقيق حلمها بالحصول على الجنسية المصرية التي تستحقها بجدارة، وقبيل وفاتها أوصت بأن تدفن وسط أحبائها في قرية تونس لتظل كلماتها باقية في أذهان أهالي القرية إلى جانب أثرها الفني والإنساني “أنا مصرية أكثر من المصريين الذين يريدون أن يهاجروا ويتركوا مصر، أنا تركت بلدي منذ أكثر من 56 عاماً، فقط لرؤية أشقائي كل 6 أعوام، أجل العيش هنا”، وفي يوم رحيلها زف أهالي قرية تونس السيدة التي منحت قريتهم قبلة الحياة، في وداع يليق بمسيرتها الإنسانية.

Exit mobile version