Site icon مجلة أسرتي – تدخل كل بيت

ترى‭ ‬أن‭ ‬البيت‭ ‬العربيّ‭ ‬ساحر‭ ‬مكانٌ‭ ‬خصيب‭ ‬بالأخيلة الكاتبة‭ ‬إيلاف‭ ‬الريش‭: ‬ أصبحت‭ ‬أطارد‭ ‬الحكايات‭ ‬في‭ ‬المدن‭!‬

ترفض‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬الألقاب‭ ‬أو‭ ‬تًوصف‭ ‬بوصف‭ ‬معين‭.. ‬فهي‭ ‬عاشقة‭ ‬للأمكنة‭ ‬والترحال‭.. ‬تجد‭ ‬ذاتها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ركن‭ ‬تزوره‭ ‬عبر‭ ‬العالم‭.. ‬لديها‭ ‬قدرة‭ ‬غريبة‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬علاقة‭ ‬حميمة‭ ‬مع‭ ‬المكان‭- ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬تزوره‭.. ‬بل‭ ‬قدرة‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬تذكر‭ ‬تفاصيل‭ ‬تفاصيله‭.. ‬تتمتع‭ ‬بعينين‭ ‬تريان‭ ‬المنسي‭ ‬والمنزوي‭ ‬والمهمل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جمال‭ ‬تحط‭ ‬الرحال‭ ‬إليه‭.. ‬متحيزة‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬للبيت‭ ‬العربي‭ ‬ولكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬شرقي‭ ‬أصيل‭.‬
هي‭ ‬الكاتبة‭ ‬إيلاف‭ ‬الريش‭ ‬صاحبة‭ ‬المؤلفات‭ ‬التي‭ ‬أخذتنا‭ ‬معها‭ ‬فوق‭ ‬بساط‭ ‬الكلمات‭ ‬عبر‭ ‬أجواء‭ ‬ساخرة‭ ‬وبيوت‭ ‬جميلة‭.. ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬معها‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭:‬

جملتك‭ ‬التعريفية‭ ‬على‭ ‬حسابك‭ ‬بالانستغرام‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬الحياة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬أدبيّة‮»‬‭.. ‬كيف‭ ‬شكلت‭ ‬حياة‭ ‬إيلاف‭ ‬الريش‭ ‬بمنعطفاتها‭ ‬وجهة‭ ‬نظرك‭ ‬الأدبية؟
‏‭- ‬أمران‭ ‬أردت‭ ‬دومًا‭ ‬للحياة‭ ‬أن‭ ‬تدور‭ ‬حولهما،‭ ‬الخيال‭ ‬والفن،‭ ‬والخيال‭ ‬والفن‭ ‬هما‭ ‬رافدا‭ ‬الأدب،‭ ‬منذ‭ ‬طفولتي‭ ‬تمحورت‭ ‬حياتي‭ ‬حول‭ ‬القراء‭ ‬والكتب‭ ‬والكتابة‭ ‬والشعر،‭ ‬كان‭ ‬الأدب‭ ‬هو‭ ‬المدخل‭ ‬الذي‭ ‬أرى‭ ‬الأشياء‭ ‬من‭ ‬خلاله،‭ ‬أشكّل‭ ‬الأفكار‭ ‬وأتلمّس‭ ‬الطريق،‭ ‬كبرت‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬أؤمن‭ ‬بأن‭ ‬رؤية‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الأدب‭ ‬هي‭ ‬أرق‭ ‬طريقة‭ ‬لعيشها‭.‬

لماذا‭ ‬قررت‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬السفر‭ ‬والكتابة؟
‏‭- ‬لم‭ ‬أقرر‭ ‬ذلك،‭ ‬يُخال‭ ‬لنا‭ ‬بأن‭ ‬الإنسان‭ ‬يختار‭ ‬الطريق‭ ‬لنفسه،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الأدب،‭ ‬الطريق‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يختارنا،‭ ‬الإلهام‭ ‬والشغف‭ ‬يوجهنا،‭ ‬بدأت‭ ‬الكتابة‭ ‬منذ‭ ‬طفولتي‭ ‬وفي‭ ‬مواضيع‭ ‬مختلفة،‭ ‬ولكن‭ ‬أدركت‭ ‬باكرًا‭ ‬أن‭ ‬مذكراتي‭ ‬الطفولية‭ ‬التي‭ ‬دوّنتها‭ ‬حين‭ ‬السفر‭ ‬مع‭ ‬والدي‭ ‬هي‭ ‬أثمن‭ ‬ما‭ ‬كتبته،‭ ‬كبرت‭ ‬وكبر‭ ‬هذا‭ ‬الشغف،‭ ‬أصبحت‭ ‬أطارد‭ ‬الحكايات‭ ‬في‭ ‬المدن،‭ ‬الحكايات‭ ‬التي‭ ‬قرأتها‭ ‬وشاهدتها‭ ‬بالأفلام‭ ‬والتي‭ ‬لطالما‭ ‬رغبت‭ ‬بعيشها‭ ‬وتدوين‭ ‬تجربتي‭ ‬حولها‭.‬
أدب‭ ‬الرحلة‭ ‬موغلٌ‭ ‬بالقِدم،‭ ‬ولكن‭ ‬لكلٍ‭ ‬رحلته،‭ ‬السفر‭ ‬يلهمني،‭ ‬تلهمني‭ ‬وجوه‭ ‬الناس‭ ‬وحكاياتهم‭ ‬وبيوتهم،‭ ‬لذلك‭ ‬أسعى‭ ‬خلفها‭ ‬دومًا‭.‬

البيت‭ ‬العربيّ‭ ‬صورة‭ ‬عن‭ ‬الجنة‭.. ‬رهيفٌ‭ ‬شاعريّ‭!‬

صدر‭ ‬لك‭ ‬من‭ ‬مؤلفات‭.. ‬‮«‬ذاكرة‭ ‬تصلح‭ ‬للسفر‮»‬‭.. ‬ماذا‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬ذاكرة‭ ‬ولادة‭ ‬فكرة‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب؟‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العنوان‭ ‬لافت‭.. ‬فكيف‭ ‬تمت‭ ‬صياغته‭ ‬داخلك؟
‏‭- ‬اعتدت‭ ‬أن‭ ‬أسافر‭ ‬عبر‭ ‬الذاكرة‭ ‬قبل‭ ‬السفر‭ ‬للمكان،‭ ‬أنبش‭ ‬في‭ ‬ماضيه،‭ ‬حكاياته‭ ‬القديمة،‭ ‬شخوصه‭ ‬الذين‭ ‬غادروا،‭ ‬ذكريات‭ ‬منازله‭ ‬وأزقته‭ ‬ومقاهيه‭. ‬كل‭ ‬الأمكنة‭ ‬تكون‭ ‬عادية‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬حتى‭ ‬نعرف‭ ‬حكايتها‭ ‬وذاكرتها،‭ ‬حينها‭ ‬تكتسب‭ ‬حميمّية‭ ‬خاصة،‭ ‬تبدأ‭ ‬علاقتي‭ ‬بالمكان‭ ‬حين‭ ‬أتعرّف‭ ‬على‭ ‬ذاكرته،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬أفعله‭ ‬حين‭ ‬السفر،‭ ‬وما‭ ‬أحرص‭ ‬عليه‭ ‬حين‭ ‬العودة‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬ذاكرة‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬تركته‭.‬

أيضا‭ ‬من‭ ‬مؤلفاتك‭ ‬‮«‬بيوت‭ ‬تسكنها‭ ‬المدن‮»‬‭.. ‬كيف‭ ‬‮«‬سكنتك‮»‬‭ ‬فكرة‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب؟‭ ‬وماذا‭ ‬غيرت‭ ‬فيك‭ ‬أنت‭ ‬شخصياً؟
‏‭- ‬البيت‭ ‬العربيّ‭ ‬ساحر،‭ ‬مكانٌ‭ ‬خصيب‭ ‬بالأخيلة،‭ ‬مكانٌ‭ ‬جميل‭ ‬ولكنه‭ ‬مُهمل،‭ ‬لا‭ ‬يُكتب‭ ‬عنه‭ ‬ولا‭ ‬يُقصد‭ ‬للسكن‭ ‬ولا‭ ‬ينتبه‭ ‬له‭ ‬العرب‭ ‬للتنعّم‭ ‬بسحره،‭ ‬في‭ ‬أسفاري‭ ‬أتخيّر‭ ‬البيوت‭ ‬التي‭ ‬سأسكنها،‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬ملذات‭ ‬البيت‭ ‬العربي‭ ‬المروية‭ ‬في‭ ‬حكايا‭ ‬ألف‭ ‬ليلة،‭ ‬أستكين‭ ‬بجانب‭ ‬البحرة‭ ‬وأصغي‭ ‬لزقزقة‭ ‬العصافير‭ ‬وحفيف‭ ‬الشجر،‭ ‬أتملى‭ ‬في‭ ‬إبداع‭ ‬الحرفيين،‭ ‬الأسقف‭ ‬المنقوشة‭ ‬والجدران‭ ‬الموشاة‭ ‬بالجبس‭ ‬المحفور‭ ‬وزركشات‭ ‬الزليج‭ ‬والبلاط،‭ ‬البيت‭ ‬العربيّ‭ ‬صورة‭ ‬عن‭ ‬الجنة‭.‬
لذلك‭ ‬كان‭ ‬كتابي‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬أدب‭ ‬الرحلة‭ ‬والبيوت‭ “‬بيوت‭ ‬تسكنها‭ ‬المدن‭” ‬محاولة‭ ‬لإهداء‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‭ ‬كتاباً‭ ‬يتغنى‭ ‬بجماليات‭ ‬بيوتها‭.‬
يكسر‭ ‬السفر‭ ‬جمود‭ ‬الإنسان‭ ‬يجعله‭ ‬رحيبًا‭ ‬منبسطًا‭ ‬ومنفتحًا‭ ‬على‭ ‬الآخر

كامرأة‭ ‬رحالة‭.. ‬قمت‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الرحلات‭ ‬إلى‭ ‬بلاد‭ ‬العالم‭.. ‬ما‭ ‬المحطة‭ ‬التي‭ ‬توقفت‭ ‬عندها‭ ‬كثيراً‭ ‬لأنها‭ ‬تركت‭ ‬في‭ ‬نفسك‭ ‬أثراً‭ ‬أكبر‭ ‬وأعمق‭ ‬من‭ ‬سواها؟
‏‭- ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬أصف‭ ‬نفسي‭ ‬بالرحالة،‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أعيش‭ ‬الحياة‭ ‬كهاوية‭ ‬متخففة‭ ‬من‭ ‬الألقاب،‭ ‬لست‭ ‬رحالة‭ ‬ولا‭ ‬مصوّرة‭ ‬ولكني‭ ‬كاتبة‭ ‬أهوى‭ ‬السفر‭ ‬والتصوير‭ ‬والكتابة،‭ ‬أتبع‭ ‬ما‭ ‬يمليه‭ ‬عليّ‭ ‬قلبي‭.‬
المحطة‭ ‬التي‭ ‬تركت‭ ‬في‭ ‬قلبي‭ ‬الأثر‭ ‬الأكبر‭ ‬هي‭ ‬لُبنان،‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الجميل‭ ‬والمُتعَب،‭ ‬الذي‭ ‬كلما‭ ‬قاوم‭ ‬الظروف‭ ‬للنهوض‭ ‬تعثّر،‭ ‬ولكن‭ ‬جماله‭ ‬يشفع‭ ‬له،‭ ‬أحببت‭ ‬لبنان‭ ‬بكل‭ ‬سخائها‭ ‬وطيبة‭ ‬أهلها،‭ ‬بتنوعها‭ ‬الجغرافي‭ ‬والثقافيّ،‭ ‬أحببت‭ ‬فيها‭ ‬الترحاب‭ ‬والحفاوة‭ ‬والذوق‭ ‬العالي‭ ‬الرفيع‭.‬

‮«‬السفر‮»‬‭ .. ‬كلمة‭ ‬من‭ ‬حروف‭ ‬بسيطة‭ ‬لكنها‭ ‬قد‭ ‬تعني‭ ‬الكثير‭ ‬جدا‭ ‬وليست‭ ‬مجرد‭ ‬تغيير‭ ‬الأجواء‭.. ‬ماذا‭ ‬غيًر‭ ‬فيك‭ ‬السفر؟‭ ‬ماذا‭ ‬أضاف؟‭ ‬ماذا‭ ‬حذف‭ ‬من‭ ‬ألم‭ ‬أو‭ ‬معاناة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر؟
‏‭- ‬السفر‭ ‬قرّبني‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬فتّح‭ ‬بصائري‭ ‬على‭ ‬روافد‭ ‬جديدة‭ ‬للجمال،‭ ‬أذاقني‭ ‬مذاقات‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬أتخيل‭ ‬يومًا‭ ‬بأنني‭ ‬سأتذوقها،‭ ‬جعلني‭ ‬أتحدث‭ ‬بلهجات‭ ‬مختلفة‭ ‬وأستمع‭ ‬لموسيقى‭ ‬متنوعة‭ ‬وأسعى‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬جديد‭.‬
يكسر‭ ‬السفر‭ ‬جمود‭ ‬الإنسان،‭ ‬يجعله‭ ‬رحيبًا‭ ‬منبسطًا‭ ‬ومنفتحًا‭ ‬على‭ ‬الآخر‭.‬

‮«‬البيوت‮»‬‭.. ‬كلمة‭ ‬استخدمتها‭ ‬في‭ ‬كتاباتك‭ ‬وفي‭ ‬عنوان‭ ‬لكتابك،‭ ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬شخصيا‮»‬‭ ‬لإيلاف‭ ‬الريش؟
‏‭- ‬البيت‭ ‬يعني‭ ‬الجنة،‭ ‬جنّة‭ ‬المرء‭ ‬في‭ ‬الدنيا،‭ ‬عائلته،‭ ‬ذكرياته،‭ ‬مسرح‭ ‬حياته‭ ‬ومتحفه‭ ‬الشخصيّ،‭ ‬مساحته‭ ‬الحميمية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الشاسع‭.‬

كتبت‭ ‬في‭ ‬احدى‭ ‬مدوناتك‭ ‬‮«‬الدور‭ ‬العربية‭ ‬مشيّدة‭ ‬بشاعريةٍ‭ ‬مُفرطة‭ ‬وإحساس‭ ‬مُرهف‮»‬‭.. ‬ماذا‭ ‬توحي‭ ‬لك‭ ‬‮«‬البيوت‭ ‬العربية‮»‬،‭ ‬وماذا‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬البيوت‭ ‬الغربية؟
‏‭- ‬الأجداد‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬خارطة‭ ‬البلاد‭ ‬العربيّة‭ ‬حين‭ ‬شيّدوا‭ ‬دورهم‭ ‬استوحوا‭ ‬وصفها‭ ‬من‭ ‬آيات‭ ‬القرآن،‭ ‬زرعوا‭ ‬فيها‭ ‬الأشجار‭ ‬المثمرة‭ ‬لتكون‭ ‬قطوفها‭ ‬دانية،‭ ‬وشقوا‭ ‬فيها‭ ‬مجاري‭ ‬للمياه‭ ‬
لتكون‭ ‬محاكاةً‭ ‬للجنة‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬الله‭ ‬بأنها‭ ‬تجري‭ ‬فيها‭ ‬الأنهار،‭ ‬فتحوا‭ ‬سقف‭ ‬الفناء‭ ‬ليتصلوا‭ ‬بالسماء،‭ ‬بالقمر‭ ‬والنجوم‭ ‬والغيوم،‭ ‬البيت‭ ‬العربيّ‭ ‬بيتٌ‭ ‬رهيفٌ‭ ‬شاعريّ‭.‬
كانت‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬يقضين‭ ‬جل‭ ‬أوقاتهن‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬فكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬إثرائه‭ ‬بالجمال‭ ‬والفن‭ ‬حتى‭ ‬تُطاق‭ ‬الحياة‭ ‬بين‭ ‬أسواره‭.‬
تختلف‭ ‬البيوت‭ ‬العربية‭ ‬بلينها‭ ‬ورحابتها،‭ ‬تنوّع‭ ‬الفنون‭ ‬فيها،‭ ‬ومهارة‭ ‬الصانع‭ ‬الذي‭ ‬أنتجها،‭ ‬تزويق‭ ‬الخشب‭ ‬وحفر‭ ‬الجبس‭ ‬ورصّ‭ ‬الزليج‭ ‬وفرشها‭ ‬بالزرابي‭ ‬والبُسط‭ ‬والسجاجيد،‭ ‬إروائها‭ ‬بالماء‭ ‬وإحيائها‭ ‬بالشجر‭.‬

كتبت‭ ‬مقالا‭ ‬بعنون‭: ‬‮«‬بيت‭ ‬ستي‭ ‬ومطبخ‭ ‬نجلا‭: ‬إحياء‭ ‬ذكرى‭ ‬نكهات‭ ‬الجدة‮»‬‭.. ‬حدثينا‭ ‬ولو‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬جذورك؟‭ ‬عما‭ ‬نقشه‭ ‬الأجداد‭ ‬والأهل‭ ‬والأرض‭ ‬والتاريخ‭ ‬الشخصي‭ ‬لك‭.‬
‏‭- ‬بيت‭ ‬ستي‭ ‬هو‭ ‬بيتٌ‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬عَمّان،‭ ‬افتتحته‭ ‬السيدة‭ ‬ماريا‭ ‬حداد‭ ‬لإحياء‭ ‬ذاكرة‭ ‬نكهات‭ ‬جدتها‭ ‬وطبيخها،‭ ‬عاشت‭ ‬ماريا‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬وحين‭ ‬عادت‭ ‬راعها‭ ‬أن‭ ‬يوصد‭ ‬باب‭ ‬بيت‭ ‬الجدة،‭ ‬ومطبخها‭ ‬تحديدًا،‭ ‬لذلك‭ ‬افتتحته‭ ‬واستقبلت‭ ‬الضيوف‭ ‬فيه،‭ ‬الذين‭ ‬يعيدون‭ ‬إحياء‭ ‬تلك‭ ‬النكهات‭ ‬عبر‭ ‬تعلم‭ ‬طريقة‭ ‬طهّيها‭ ‬وفقاً‭ ‬لتعاليم‭ ‬وطقوس‭ ‬الجدة‭ ‬الراحلة‭.‬
أما‭ ‬جذوري‭ ‬فهي‭ ‬التي‭ ‬تمدّني‭ ‬بالحياة‭ ‬التي‭ ‬أعيشها‭ ‬اليوم،‭ ‬في‭ ‬طفولتي‭ ‬ارتبطت‭ ‬جدًا‭ ‬بجدتي،‭ ‬وفي‭ ‬كتبي‭ ‬ذاكرة‭ ‬تصلح‭ ‬للسكن،‭ ‬وبيوت‭ ‬تسكنها‭ ‬المدن،‭ ‬استدعيت‭ ‬الجدتيّن‭ ‬من‭ ‬الذكرى،‭ ‬ودوّنت‭ ‬بعض‭ ‬التفاصيل‭ ‬ومنمنمات‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تسكن‭ ‬في‭ ‬بيوتهن‭.‬

الكويت‭.. ‬ماذا‭ ‬تركت‭ ‬فيك‭ ‬من‭ ‬أثر؟
‏‭- ‬قلت‭ ‬مرة‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬سعيك‭ ‬لاستكشاف‭ ‬العالم،‭ ‬يفوتك‭ ‬أن‭ ‬تري‭ ‬وطنك،‭ ‬تبدو‭ ‬الكويت‭ ‬كبلدٍ‭ ‬حديث‭ ‬يبدّل‭ ‬وجهه‭ ‬باستمرار،‭ ‬يجنح‭ ‬للحداثة‭ ‬والعمران‭ ‬والأبنية‭ ‬المتطاولة،‭ ‬ولكن،‭ ‬حيث‭ ‬أنتمي‭ ‬لمدينة‭ ‬الكويت،‭ ‬وحيث‭ ‬يقع‭ ‬منزلنا‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬العاصمة،‭ ‬ألامس‭ ‬يوميًا‭ ‬الوجه‭ ‬العتيق‭ ‬والذي‭ ‬أحب‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن،‭ ‬أحب‭ ‬الكويت‭ ‬جهة‭ ‬الساحل،‭ ‬بقايا‭ ‬البيوت‭ ‬الطينية‭ ‬القديمة،‭ ‬قصر‭ ‬السيف‭ ‬وقصر‭ ‬نايف،‭ ‬سوق‭ ‬المباركية،‭ ‬نقعة‭ ‬المراكب‭ ‬القديمة‭ ‬والوجوه‭ ‬المعتّقة‭ ‬للشياب‭ ‬على‭ ‬مقاعد‭ ‬مقهى‭ ‬الدلالوة‭.‬

مشروعك‭ ‬القادم‭ ‬في‭ ‬السفر‭ ‬والترحال‭.. ‬والكتابة؟
‏‭- ‬الكتابة‭ ‬لحوحة،‭ ‬يصدر‭ ‬أحدنا‭ ‬كتابًا‭ ‬فيظن‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬أفرغ‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬رأسه،‭ ‬ولكنها‭ ‬تظل‭ ‬تلاحق‭ ‬الكاتب،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬مُلهمة،‭ ‬لم‭ ‬أخطط‭ ‬بعد‭ ‬للكتاب‭ ‬القادم،‭ ‬ما‭ ‬زلت‭ ‬في‭ ‬نشوة‭ ‬إصدار‭ ‬الكتاب‭ ‬الجديد‭ ” ‬بيوت‭ ‬تسكنها‭ ‬المدن‭ “.‬

كلمتي‭ ‬للقرّاء‭: ‬
المُدن‭ ‬العربية‭ ‬ثرية‭ ‬جميلة‭ ‬وملهمة‭ ‬فلتكن‭ ‬على‭ ‬جداول‭ ‬رحلاتكم‭!‬

كلمة‭ ‬أخيرة‭ ‬لك‭.‬
‏‭- ‬شكرًا‭ ‬لكم‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء،‭ ‬وكلمتي‭ ‬للقرّاء‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬المُدن‭ ‬العربية‭ ‬ثرية،‭ ‬جميلة‭ ‬وملهمة،‭ ‬فلتكن‭ ‬على‭ ‬جداول‭ ‬رحلاتكم‭. ‬

 

Exit mobile version