Site icon مجلة أسرتي – تدخل كل بيت

حتى لا تنهار خطوط دفاع المجتمع المخدرات..«مرض اليأس» نفسياً.. و«التدمير» اجتماعياً

«كورونا» وباء، والمخدرات وباء آخر أكثر فتكا، فنحو 275 مليون شخص حول العالم تعاطوا المخدرات، وذلك بحسب تقرير المخدرات العالمي 2021 لمكتب الأمم المتحدة.
كما التحليل والدراسات تكشف عن أن الجائحة قد جلبت صعوبات اقتصادية متزايدة من المرجح أن تجعل تجارة المخدرات غير المشروعة أكثر جذبا للمجتمعات الهشة..أسرتي حاولت رصد ظاهرة تفشي المخدرات وادمانها مع طرح الأسئلة: لماذا تفشت؟ وما آثارها النفسية والاجتماعية؟ بل وما الحل؟

«أسرتي» التقت منصور الخشتي مدير العلاقات العامة في جمعية بشائر الخير واختصاصي علاج إدمان، الذي أكد تزايد معدلات العنف والجريمة في البلاد نتيجة تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، كما أن بعض مروجي المخدرات ابتكروا الأساليب الحديثة في توصيل الطلبات (المخدرات) للمنازل مثل المطاعم.

تزايد نسبة التعاطي يرجع إلى الأنواع الجديدة من المخدرات رخيصة الثمن!

في البداية، قال منصور الخشتي إن مخدر الكيميكال قاتل، ويُذهب العقل، ويؤثر في القدرات الذهنية، وبالتالي فهو يحول الشخص المدمن إلى شخص ليس له أي سيطرة على عقله ونفسه، ولذلك نرى جرائم القتل والعنف تنتشر.
وأوضح الخشتي أن تزايد نسبة تعاطي المخدرات يرجع إلى سببين رئيسيين، الأول: الأنواع الجديدة من المخدرات التي باتت رخيصة الثمن وسهلة النقل وغير معروفة للعالم أصلاً، وظهور أنواع من السموم زهيدة الثمن ورديئة تسبب مخاطر صحية مدمّرة، الأمر الذي يستلزم وقفة عاجلة لمنعها بعدما انتشرت بين الشباب والمراهقين، وتمكن المروجين وتجار المخدرات من استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لبيعها، والآخر: موقع الكويت الجغرافي القريب من الدول المصدرة للمخدرات ومقار التوزيع والإنتاج الكبرى، وهي إيران وباكستان وأفغانستان.

وأضاف:
إننا نتعرض لحرب فعلية من قبل مافيا وتجار المخدرات، الذين يسعون بكل قوة لجعلها محطة ترانزيت لعبور المخدرات، والضحية هم الشباب الذين ازدادت معدلات الجريمة بينهم بشكل كبير بسبب المخدرات.

تجار المخدرات يعتمدون تكتيكات جديدة، كالتنكّر وتجنيد العملاء عبر وسائط التواصل الاجتماعي!

وبين الخشتي أن هناك أربعة أبعاد دينية واجتماعية وصحية وثقافية لمشكلة التعاطي والإدمان، لعل من أبرز أسباب الإدمان، أصدقاء السوء، بنسبة 68%، وضعف الوازع الديني وتقصير الوالدين، وبلغ 58%، والإحساس الوهمي بالسعادة، بواقع 49%، وتوفير المخدرات وسهولة الحصول عليها بنسبة 47%، والبطالة والفراغ 47%.

بعض مروجي المخدرات ابتكروا الأساليب الحديثة في توصيل الطلبات (المخدرات) للمنازل مثل المطاعم!

وأوضح أن «تجار المخدرات يعتمدون تكتيكات جديدة، كالتنكّر وتجنيد العملاء عبر وسائط التواصل الاجتماعي. كما أن بعض مروجي المخدرات ابتكروا الأساليب الحديثة في توصيل الطلبات (المخدرات) للمنازل مثل المطاعم، وهذا يعني أنّه يمكن للشبّان الوقوع في شرك أنشطة عصابات خطيرة عبر هواتفهم، فيما تبقى عائلاتهم غافلة عن ذلك وهذا مثير للقلق».

275 مليون شخص تعاطوا المخدرات في جميع أنحاء العالم في عام 2020

ونقلا عن جريدة القبس في تقريرها الصادر في شهر يوليو الماضي، والتي رجحت مصادره أن 65% من الجرائم التي تحدث داخل الكويت مرتبطة ببيع هذه السموم أو تعاطيها أو ترويجها، وعن أعداد المدمنين، كما كشفت «القبس» عن وجود أكثر من 40 ألف مدمن في الكويت، رغم أن الأعداد المسجلة في وزارة الصحة أقل من ذلك بكثير، لكن الإحصائيات الرسمية الخاصة بتعاطي المخدرات تفيد بأنها آخذة في الانتشار بشكل متزايد بين المراهقين والشباب.

كما فجر تقرير «القبس» مفاجأة من العيار الثقيل، بتأكيدها أن الكثير من المروّجين يستقطبون أبناء الجيل الجديد عبر وسائل التواصل ليوقعوهم في حبائل التعاطي.
كما ذكر تقرير المخدرات العالمي لعام 2021، الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن نحو 275 مليون شخص تعاطوا المخدرات في جميع أنحاء العالم في العام الماضي، في حين عانى أكثر من 36 مليون شخص من اضطرابات تعاطي المخدرات.

وفقا للتقرير، أبلغت معظم البلدان عن ارتفاع في تعاطي القنب خلال جائحة كورونا، وفي الدراسات الاستقصائية التي أجريت على المهنيين الصحيين في 77 بلدا، أكد 42% منهم أن تعاطي مخدر القنب (الحشيش) قد ازداد، ولوحظ أيضا ارتفاع في الاستخدام غير الطبي للأدوية الطبية في الفترة نفسها.

جائحة كورونا جلبت صعوبات اقتصادية جعلت المجتمعات الهشة فريسة للمخدرات!

ويبين التقرير الجديد أن سوق المخدرات قد شهدت استئنافا سريعا للعمليات بعد تعطيل أولي في بداية الجائحة، وزيادة في شحنات أكبر من المخدرات غير المشروعة، وزيادة في تواتر الطرق البرية والبحرية المستخدمة في التهريب، وتوسع في استخدام الطائرات الخاصة لغرض الاتجار بالمخدرات، وطفرة في استعمال طرق غير تلامسية في تسليم المخدرات إلى المستهلكين النهائيين.

جائحة «كوفيد- 19» أطلقت شرارة الوقاية من المخدرات والعلاج منها

وأظهرت مرونة أسواق المخدرات أثناء الجائحة مرة أخرى قدرة المهربين على التكيف سريعا مع البيئات والظروف المتغيرة، ومن المرجح أن يؤدي الابتكار التكنولوجي السريع، مقترنا بمرونة وقدرة من يستخدمونه منصات جديدة لبيع المخدرات وغيرها من المواد، إلى بدء سوق عالمي تتاح فيه جميع الأدوية في كل مكان، وهذا بدور يمكن أن يؤدي إلى تغييرات متلاحقة في أنماط تعاطي المخدرات ويترتب عليه آثار على الصحة العامة، وفقا للتقرير.

وأكد التقرير أن جائحة «كوفيد- 19» أطلقت شرارة الإبداع والتكيف في خدمات الوقاية من المخدرات والعلاج منها عبر نماذج أكثر مرونة لتقديم الخدمات، فكثير من البلدان أدخل أو توسع في خدمات العلاج عن بُعد بسبب الجائحة، وهو ما يعني بالنسبة لمستخدمي المخدرات أن بإمكان العاملين الصحيين الآن عرض المشورة أو التقييمات الأولية عبر الهاتف أو باستخدام أنظمة إلكترونية لوصف مواد تخضع للرقابة.

وفي حين أن تأثير كوفيد-19 على تحديات المخدرات لم يُعرف بالكامل بعد، فإن التحليل يوحي بأن الجائحة قد جلبت صعوبات اقتصادية متزايدة من المرجح أن تجعل تجارة المخدرات غير المشروعة أكثر جذبا للمجتمعات الهشة، ويُمثل التأثير الاجتماعي للجائحة – الذي يقود لزيادة في عدم المساواة والفقر وظروف الصحة العقلية خاصة بين الفئات الضعيفة بالفعل – يُمثل عوامل قد تدفع مزيدا من الناس إلى تعاطي المخدرات.

نصف خطر الإدمان وراثي حيث تؤثر الجينات على درجة المكافأة التي يواجهها المدمن!

إدمان المخدرات.. التفسير النفسي.. والعلاج
إدمان المخدرات.. حسب معهد أبحاث التعافي، مستشفى ماساتشوستس العام، كلية الطب بجامعة هارفارد، هو اضطراب مزمن له عوامل بيولوجية ونفسية واجتماعية وبيئية تؤثر على تطوره والإبقاء عليه.

التعرض المزمن للمادة المخدرة يؤدي إلى تغيرات في المخ ويصعب التحكم في الذاكرة والانفعالات!

كيف يصل الإنسان إلى الإدمان؟
تذكر الجمعية النفسية الأمريكية (APA) أن نحو نصف خطر الإدمان وراثي، حيث تؤثر الجينات على درجة المكافأة التي يواجهها الأفراد عند استخدام مادة ما في البداية (مثل المخدرات) أو الانخراط في سلوكيات معينة (مثل القمار) ، وكذلك الطريقة التي يتعامل بها الجسم مع الكحول أو المخدرات الأخرى. الرغبة المتزايدة في إعادة تجربة استخدام المادة أو السلوك ، والتي يحتمل أن تتأثر بالحالة النفسية (الإجهاد، الصدمة)، والاجتماعية (استخدام الأسرة أو الأصدقاء لمادة مخدرة ما)، والعوامل البيئية (إمكانية الوصول إلى مادة رخيصة) – كل ذلك يمكن أن يؤدي إلى الاستخدام أو التعرض المنتظم للمواد المخدرة، وبالتالي الاستخدام أو التعرض المزمن لها والذي بدوره يؤدي إلى تغيرات في المخ!

تتضمن هذه التغيرات الدماغية تغيرات في القشرة (القشرة الأمامية الأمامية) والمناطق القشرية الفرعية (الجهاز الحوفي) التي تتضمن الدوائر العصبية للمكافأة والتحفيز والذاكرة والتحكم في الانفعالات والحكم، يمكن أن يؤدي هذا إلى زيادة كبيرة في الرغبة الشديدة في تناول عقار أو نشاط ما، فضلاً عن ضعف القدرة على تنظيم هذا الدافع بنجاح، على الرغم من المعرفة والخبرة بالعديد من النتائج المتعلقة بالسلوك الإدماني.

الدراسات العلمية تطلق على اضطراب استخدام المواد الأفيونية اسم «مرض اليأس»!

من أهم أساليب منع الإدمان أو علاجه في العلاج النفسي بل والأفضل هو العلاج المعرفي السلوكي

الوقاية خير من العلاج
إذا عُرف السبب، بطل العجب! لذلك علينا أن نعرف الاسباب والدوافع النفسية التي تدفع إلى السقوط في هوة المخدرات.. وهي الاسباب التي إن تعرفنا عليها، ساعدتنا على الوقاية منها..لذلك تضع الجمعية الامريكية للعلاج النفسي الوقاية من إدمان المخدرات كخط الدفاع الأول، من خلال ذكر الأسباب المؤدية إلى إدمان المخدرات..ومن اهم هذه الأسباب الألم النفسي! من خلال تعليم الناس إدارة الألم بدون المواد المخدرة حيث يساعد المتخصصون على منع المعرضين للخطر من الانزلاق إلى سوء الاستخدام للمواد المخدرة.. وإن أكبر مؤشرات لإدمان المواد المخدرة هي مشكلات الصحة العقلية الحالية، وهو أحد الأسباب التي جعلت الدراسات العلمية تطلق على اضطراب استخدام المواد الأفيونية اسم «مرض اليأس»!
الأشخاص الذين عانوا من الصدمة، أو الذين تم تشخيصهم بالاكتئاب أو القلق، أو لديهم تاريخ شخصي أو عائلي من اضطراب تعاطي المخدرات هم الأكثر عرضة للخطر.
كما أنه في كثير من الأحيان، ينبع اللجوء إلى المخدرات لدى الذين يسعون إلى تخفيف الألم الجسدي عن طريق تناول أدوية أكثر مما يصفها أطباؤهم أو تناول أدوية شخص آخر أو شراء مواد من السوق السوداء! كما تشمل الأسباب الشائعة الأخرى لإدمان المخدرات استخدام العقاقير لتخفيف التوتر أو للشعور بالرضا أو للمساعدة في التخلص من المشاعر السلبية.

واحد من أهم الأساليب لمنع الإدمان او علاجه في العلاج النفسي بل والأفضل هو الأسلوب المعرفي السلوكي في العلاج، والذي يستخدمه الممارسون لمساعدة المرضى على التخلص من المواد المخدرة بل ومنع الآخرين من تناولها في المقام الأول. فهو يعالج الألم الذي يشكل محاولة التخلص منه أهم دافع للإقبال على المخدرات، من خلال التعامل مع « كيف يفكر الناس في آلامهم» وتعليمهم استخدام لغة غير كارثية (فيما يخص مشاكلهم وآلامهم)، بينما تساعد الاستراتيجيات العلاجية السلوكية المرضى على مقاطعة أنواع التفكير السلبية وتشجعيهم على استئناف الأنشطة التي كانوا قد تجنبوها سابقًا.

Exit mobile version