Site icon مجلة أسرتي – تدخل كل بيت

فوزية مبارك الحساوي جبلها والدها على حبِّ العقار

التقدير الذي تتمتع به سيدة الأعمال فوزية مبارك الحساوي لا يرجع فقط إلى نجاح استثماراتها بامتياز، بل إلى وفائها لكل من ساعد وعمل معها للوصول إلى هذا النجاح.

على رأس الذين تدين لهم بنجاحها والدها رجل الأعمال مبارك الحساوي رحمه الله الذي تقول إنه أوكل إليها وهي في الحادية عشرة من عمرها مهمة مراجعة مستندات الدفع والقبض والقيد وسِجل بيع العقارات والأراضي وسجل المدينين والدائنين في شركته.. تشبعت من أفكاره لتصبح إحدى أشهر سيدات الأعمال، اتسعت استثماراتها محليا وخليجيا وشرقا وغربا.

وفاؤها لوالدها دفعها بعد رحيله لتطوير كل عقار كان حبيباً على قلبه، ثم أصدرت كتاباً يحمل اسمه ويضم مسيرته وهو كتاب «مبارك عبد العزيز الحساوي.. رجل سبق عصره»، ثم كرّمت كل من ساهم معها في إصدار هذا الكتاب.

أما العاملون معها، فإن صفة الوفاء لديها منعتها من الاستغناء عن أي من موظفي شركتها التجارية التي تعثرت إثر أزمة المناخ والغزو العراقي، فجزاها الله خيراً بعودة الانتعاش لتلك الشركة، وأغدق عليها الربح في جميع استثماراتها الأخرى.

من جهة أخرى، اختارت مجلة «فوربس» السيدة فوزية مبارك الحساوي ضمن قائمة أقوى 200 سيدة عربية عام 2014.

«أسرتي» حاورتها.. فإلى تفاصيل الحوار:

 

أسس لي الوالد شركة في الكويت عام 1979 فاخترت لها اسماً يحمل اسمه

 

مجلة «فوربس» تختارها ضمن أقوى 200 سيدة عربية لعام 2014

 

ما الذي دفعك للعمل الخاص؟

– الوالد رحمه الله شجعني منذ الصغر على العمل الخاص، حيث كنت أرافقه إلى مكتبه وأنا لم أتجاوز الحادية عشرة من عمري، وخصص لي مكتباً قرب مكتبه، وكلفني في تلك السن بمراجعة مستندات الدفع والقبض والقيد وسجل بيع العقارات والأراضي وسجل المدينين والدائنين، وأن أفيده بنتائج تلك المراجعة، مع أنه في ذلك الوقت كان لديه من يقوم بهذا العمل، ولكنه أراد أن يعلمني ويغرس فيَّ حب عمله.

أحببت ذلك العمل، ولمست فيه مدى الجهد الذي يبذله والدي في عمله، وحرصه على دقة العمل، وعشقه للأرض والعقار فحرصت بدوري على التعلم منه، ووزعت وقتي بين الدراسة ولقاء الصديقات، والذهاب لمكتبي الذي خصصه لي الوالد ومتابعة ما يسند إليّ من مراجعات، شجعني على ذلك اهتمام الوالد بسماع ملاحظاتي على ما أنجزه من أعمال. وحرصه على مرافقته للعمل.

وتضيف:

استمر الحال على هذا المنوال حتى أنهيت المرحلة المتوسطة من دراستي، حينها طلب مني والدي أن أهتم بدراستي وأتخصص في مجال عمله كوني كبيرة أخواتي البنات وإخواني الأولاد، واختار لي مجال دراسة علم التجارة، فقد لاحظ اهتمامي بالرسم وخشي أن أتخصص بمجال الفنون.

التحقت بكلية التجارة بجامعة الكويت، ولم يعد وقتي يسمح لي بالعمل اليومي مع والدي، فاكتفيت بالعمل بضعة أيام، ولكن الوالد كان يحرص على أن يطلعنا أنا ووالدتي على كل ما يدور في مجال عمله، وكان شديد الاهتمام برأي الوالدة، حفظها الله، ويقول إنها ذات ذوق رفيع، وإنها البركة والسبب وراء نجاحه.

عندما كان يشتري عقاراً، كان يأخذنا مع الوالدة ليطلعها عليه، وهو يعلم أن هذا العقار سيصبح أجمل إذا ما أضافت عليه من ذوقها الرفيع. وسبحان الله، كان كل عقار مميز يحوز إعجاب الوالد والوالدة، وتقوم بإدخال تعديلات وتغييرات عليه، يصبح أكثر سهولة في بيعه وبسعر ممتاز.

 

واضح أن شدة محبتك وتأثرك بوالدك – طيب الله ثراه – كانا دافعاً قويًّا لإصدارك كتاب «مبارك عبد العزيز الحساوي.. رجل سبق عصره».. فإلى أي مدى كان هذا التأثر؟

– حياتي منذ الصغر منسوجة بحياة والدي، تأثيره ومحبتي له لم ينقطعا لحظة واحدة طوال حياتي، فمنذ كنت في الرابعة من عمري، كان يرجع إلى البيت مبكراً في المساء، ويجلس يحادثني، وبدوري أسرد عليه تفاصيل أحداث يومنا في البيت ولعبي مع صديقاتي، فكان يضحك من تعليقي.

الجميع يشعر بمدى تعلقي بوالدي رحمه الله، أما مدى تأثري به فطبيعتي في العمل خير دليل على قوة ذلك التأثير.

 

أركز في استثماراتي على تطوير العقار الذي تعلمته من والدي

ما مجالات الاستثمار التي تركزين عليها؟ وهل بالإمكان ذكر أسماء أهم شركاتك والبلدان المتواجدة فيها؟

– المجال الرئيسي الذي أركز عليه هو مجال تطوير العقار الذي تعلمته من والدي. فأنا أشتري العقار ولا أحب بيعه. العقار يبقى ضمن أصولي لسنوات طويلة، فقيمته تزداد على مر السنوات وبالتالي يزداد دخله، وإذا وجدت أن عقاراً ما قابلا للتطوير ليعطي مردوداً أفضل فإنني لا أتأخر عن تطويره أو تغيير مجال استغلاله حسب الترخيص.

وعلى صعيد استثماراتي، فإن أول شركة أسسها لي والدي في الكويت بعد تخرجي في الجامعة بأربع سنوات هي «شركة المركز المبارك للتجارة العامة والمقاولات» وكان ذلك في بداية عام ١٩٧٩.. طبعاً حرصت على اختيار اسم الشركة بحيث يكون متضمناً اسم والدي، فهو الخير والبركة.. وكان نشاط هذه الشركة تجارياً متخصصاً في المجوهرات والفضيات والكريستال والصيني وملابس الأطفال والنساء.. وموقعها حتى اليوم في حولي شارع بيروت في بناية للوالد في ذلك الوقت، هذه البناية كنا نطلق عليها في ذلك الوقت «بناية الأطباء» لأنها كانت تضم مجموعة من العيادات.. فقد كان الوالد قبل ٤٥ سنة يؤمن بضرورة تخصيص مبان للعيادات الطبية، كان صاحب نظرة ثاقبة.

وفي الثمانينيات، بدأت بتطوير العقار في الكويت تحت اسم ذات الشركة، فبنيت أول بناية في الجابرية كأول تجربة لي،  ثم بنيت شققاً فندقية في السالمية في بداية التسعينيات، وحالياً أعيد تطوير الشقق الفندقية لتغير الارتفاع في البناء، وإن شاء الله سيتم افتتاحها في منتصف السنة المقبلة.

 

أما زلت تحافظين على عملك التجاري المتعلق بالمجوهرات والفضيات والكريستال وملابس الأطفال والنساء؟

– نعم، والعمل ما زال مستمراً في هذا المحل التجاري في نفس موقعه منذ افتتاحه عام 1979 وحتى يومنا هذا، وستتم إضافة نشاط جديد له قريباً.

لم أتوقف عن النشاط التجاري والعقاري، ولكن والدي عندما وجدني مشغولة في المحل  التجاري ورأى شدة اهتمامي به، خاف أن يأخذ هذا العمل من وقتي أكثر من اللازم، ويبعدني عن الهدف الذي خططه لي منذ البداية وهو أن أعمل معه.

لهذا فإنه عندما علم باعتزامي السفر من لندن إلى أحد المعارض في إيطاليا، وكان هو يعتزم السفر إلى الكويت في نفس اليوم، طلب مني مرافقته ليوصلني بطائرته الخاصة إلى إيطاليا في طريقه للكويت. وكان قصده من هذه المرافقة تبادل الحديث حول مستقبل عملي، وفي الطريق طلب مني العمل معه ومساعدته على أن يعطيني ضعف أرباحي في ذلك الوقت. ورغم أن مفاجأة هذا العرض أضحكتني، فإن رغبة والدي هي أهم من كل شيء، فاستجبت لكلماته الحنونة وانضممت لعمله رسمياً عام ١٩٨٠.

وتستطرد:

إن طبيعة عمل الوالد متنوعة وموزعة في عدة دول، فكانت في العقار والمتاجرة به، وتطويره، وبناء وإدارة الفنادق في عدة دول وإدارتها من قبل مكاتب الوالد، أو من قبل شركات عالمية.. وحتى أدير هذه النشاطات الواسعة بتمكن، تقدمت لامتحان تدقيق الحسابات عام ١٩٩٣ واجتزته بنجاح، وفتحت مكتباً لتدقيق الحسابات الذي كان الهدف الأول منه مساعدتي في مراقبة أعمال والدي الموزعة في أنحاء العالم. فكنت أقوم بالتدقيق الداخلي على جميع أنشطة الوالد خارج وداخل الكويت بمساعدة فريق العمل الذي يعمل في مكتبي (UHY لتدقيق الحسابات).

استمر عمل التدقيق حتى عام ٢٠٠٦ ثم توقف إثر وفاة والدي رحمه الله، وقرار العائلة البدء بتوزيع التركة، فلا داعي للاستمرار في التدقيق ما دام كل وريث سيتولى مسؤولية إدارة ثروته، ومنذ ذلك التاريخ أقوم بتدقيق أعمالي الخاصة في الكويت وخارجها لحين حصولي على حصتي من تركة والدي.. وبعد ذلك أقرر التوسع في مجال التدقيق حسب احتياجات أعمالي.

 

استثماراتي تنتشر في عدة دول وتختص في العقار والفندقة والرعاية الصحية والأطعمة

 

وماذا عن استثماراتك خارج الكويت؟

– استثماراتي متنوعة وتنتشر في عدة دول حول العالم، وتشمل الاستثمار في مجال العقار، والفندقة، والرعاية الصحية، وشركات الأطعمة، وهي موزعة جغرافياً على النحو التالي:

أتممت خرائط  مجمع مبارك الحساوي الطبي في الإمارات وسيبدأ البناء العام المقبل

 

الإمارات العربية

ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، بنيت عام ٢٠٠٢ أول مبنى تجاري سكني مكون من ٩٨ وحدة سكنية، وفي سنة ٢٠٠٦ قمت بشراء أرض مساحتها ١٥٠ ألف متر مربع تقع على شارع الشيخ محمد بن زايد (شارع الإمارات سابقا) وشارع الذيد،  وذلك لإقامة مجمع صحي يحمل اسم والدي رحمه الله، فتم تأسيس شركة لإدارة مجمع مبارك الحساوي الطبي، وشركة مبارك الحساوي العقارية التي تملك العقار.

يتكون المجمع الطبي من عدة تخصصات هي أمراض القلب، والعظام، والجراحة، والنساء، والأطفال، والعلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، والوقاية الصحية، والتخسيس، بالإضافة إلى فندق. وقد استكملت خرائط  مجمع مبارك الحساوي الطبي في الإمارات وسيبدأ بناء الجزء الأول منه العام المقبل بإذن الله.

وفي عام 2007، أسست في دولة الإمارات أيضاً شركة مجموعة مبارك الحساوي لتطوير المطاعم، ووقعت عقداً مع BUBBA GUMP.

 

هونغ كونغ

وفي هونغ كونغ أسست عام 2007 شركة مبارك الحساوي للإدارة MHMC، وذلك لإدارة العقارات التي أملكها هناك، ولإيجاد فرص استثمارية في دول الشرق الأقصى والصين.

فبدأت استثماراتي في هونغ كونغ بشراء الشقق التي كانت تباع  من المطورين على الخرائط وأخذتها في مواقع مميزة وقمت بإدارتها عن طريق شركتي MHMC.

ومن خلال هذه الشركة تعرفت على مكاتب مختصة في بيع العقار وتطويره. وتعرفت على مصانع متخصصة في مجال البناء وتجهيزات التشطيبات للأبنية وتجهيز الفنادق، وأصبح تواجدي في هونغ كونغ والصين مهماً لكسب المعرفة عن قرب، والتواصل مع ملاك المصانع التي تعرفت عليها ووضعتها في ذاكرتي للمستقبل حين احتاجها.

 

بريطانيا

أول شقة اشتريتها في لندن كانت عام 1994.. وهذه لها قصة مع الوالد رحمه الله، فبعد أن تسلمت 90 ألف دينار تعويضاً عن تضرر ممتلكاتي في الكويت جراء الغزو العراقي، ومنها بناية ومحل تجاري، صممت على شراء شقة مجاورة لشقة الوالد في لندن بمنطقة (May Fair).. وحينما طلبت شراءها سألني الوالد «من أين لك المال لتسديد قيمتها؟» فأخبرته عن مبلغ التعويض وأنني أيضاً طلبت قرضاً من البنك يغطي 70% من قيمة الشقة، فوافق وساعدني بإسقاط 20% من قيمة الشقة.

ومع مرور السنوات ارتفعت قيمة الشقة التي اشتريتها، مما دفعني لشراء مجموعة أخرى من الشقق، فهذه هي البركة التي أتمتع بها حتى اليوم بسبب رضا والدي ووالدتي علي والحمد لله.

وفي عام 2008 أسست شركة المباركية للإدارة في بريطانيا، وذلك  لمتابعة استثماراتي العقارية. ثم وقعت عام 2012 عقداً مع Bubba Gump co لفتح سلسلة مطاعم في تلك المملكة، وتم افتتاح أول مطعم  في مطلع أكتوبر 2014 في لندن في منطقة بيكاديللي لستر سكوير، التي تعتبر أكثر المناطق المزدحمة بالسياح في أوروبا.

وجار تأسيس شركه أخرى لإدارة الأسواق والخدمات الترفيهية في لندن لتدير مشروعاً مساحته ١٦ ألف متر مربع. ومازالت الدراسة جارية لهذا المشروع الذي يقع في منطقة يطلق عليها اسم توباكو دوك، وهو من المشاريع التي سيبدأ العمل فيها نهاية السنة المقبلة بإذن الله.

كذلك تم تخصيص إحدى أراضي هذه المجموعة من العقارات لبناء فندق وشقق فندقية، على أن يبدأ بناؤها في منتصف السنة المقبلة.

وتم التوقيع أيضاً مع شركة ستار وود لإدارة الفندق تحت اسم «الوفت»، والشقق تحت اسم «المنت».. وهذه المجموعة من العقارات التي تتكون من ٧ عقارات متقاربة ومتصلة اشتراها الوالد رحمه الله  منذ فترة طويلة. وبعد وفاته قررت العائلة بيع هذا الموقع مع عقارات أخرى فاشتريتها من العائلة عام ٢٠١١.

 

تَمَسَّك الوالد بملكية وتطوير قصر قديم في ألمانيا مخالفاً رأي المستشارين..فثبتت صحة رؤاه

 

ألمانيا

وفي ألمانيا، لدي شركة القصر الجديد للإدارة، وهذا الاسم أعطاه الوالد  لهذه الشركة في حياته لعقار اشتراه في بادن بادن بألمانيا عام ٢٠٠٣.

وبعد وفاته بست سنوات أبدت العائلة عدم رغبتها في تطوير القصر، فاشتريته منهم عام ٢٠١١، وبدأت العمل على  تطويره..وهو عقار مساحته ٥٥ ألف متر مربع، مقام عليه قصر يحتل مساحة ١١ ألف متر مربع.. وقد بني القصر على مرحلتين: الأولى في القرن الحادي عشر والثانية في القرن الخامس عشر.

ولأهمية القصر التاريخية وعمر المبني كان من الصعب إيجاد وسيلة لتطويره بطريقة مجدية منذ أن اشتراه الوالد، وحتى خلال السنتين التي تلت شراءه، فكنت خلال فترة مرض الوالد أدعو الاستشاريين والمهندسين إلى لندن حيث كان الوالد يتلقى علاجه، ليشرحوا له تطور الدراسات حول هذا المشروع، فكانوا يخبرونه بأنه مشروع غير مجدٍ، ولكنه كان يحثهم على المحاولة مجددا والبحث عن استغلال أفضل للقصر يوافق عليه المسؤولون في بادن بادن.

كان الوالد يرى ببصيرته الثاقبة الفائدة المستقبلية لهذا المشروع، وهو عكس ما كان يراه المستشارون.. أما أنا فلم يكن لدي شك في يوم من الأيام بنظرة الوالد رحمه الله. ولهذا ومع أن الجميع تخلى عن العقار، إلا أنني اشتريته وكلي ثقة بأن نظرة والدي لا تخيب.. وهذا ما حدث ولكن بعد جهد كبير ومتابعة لعدة سنوات.

فقد تمكنت من الحصول على مساحة ٤٠٠٠ متر في حديقة القصر لتكون مخصصة  لبناء شقق للبيع، الذي أثر إيجاباً على قيمة العقار، وسهّل إمكانية الحصول على تمويل لترميم القصر وبناء ملحق له سيخصص لبناء فندق وشقق. وتم توقيع عقد إدارة الفندق مع  شركة حيات العالمية تحت اسم جديد سيتم إطلاقه قريباً من قبل شركة حيات العالمية التي يندرج تحتها حيات ريجنسي، وبارك حيات، وجراند حيات.

 

أي البلدان وجدت أنها الأكثر جذباً للمستثمر؟ ولماذا؟ وما استثماراتك فيها؟

– الاستقرار يجتذب الاستثمار، أينما وجد استقرارا تجد تزايداً في الاستثمار والرواج.

وبالنسبة لي فأنا في الوقت الحالي تجذبني الدول التي بدأت فيها استثماراتي، وذلك لمتابعة عملي والبحث عن فرص استثمارية جديدة خاصة وقد أسست في كل دولة من هذه الدول الإدارة التي تتابع سير أعمالي فيها.

أما بالنسبة للمستثمر فهي كما قلت أينما وجد الاستقرار وجد الاستثمار، ولكن هناك مستثمرين يتحلون بالشجاعة والجرأة، ومن بينهم والدي رحمه الله الذي كان يستثمر أحياناً في مواقع بعيدة، وفي دول لم يفكر فيها عموم المستثمرين الذين يسعون للربح السريع.. فكان يشتري مواقع ذات مساحات شاسعة وبعيدة ويصبر عليها، مثل استثماراته في الكويت ولبنان وإسبانيا (في مدريد وجزيرة ميوركا)، وفي أميركا والمملكة العربية السعودية والإمارات. فلديه مخزون من الأراضي عمره أكثر من أربعين عاما. لقد كان يتمتع  الوالد بالجرأة والصبر وبعد النظر، وكان يقول «الأرض تمرض ولا تموت».

 

ما المعوقات التي تقلل من اجتذاب المستثمر الأجنبي للاستثمار في الكويت؟

– الكويت ما شاء الله عليها، الله يحفظها. هي أمنا وأمننا وعزنا. الكل يعرف أن موقع الكويت الجغرافي وقربه من دول غير مستقرة يؤثر على استقرار أسواقها، وعلى اجتذاب المستثمر الأجنبي. والمنطقة غير مستقرة منذ فترة طويلة. وبما أن رأس المال جبان، فإن المستثمر الأجنبي يهتم بتوافر الأمان والقوانين التي تحميه وتحمي استثماراته.. فهو يسعى لتنمية أموال المستثمرين معه ولا يجد في الكويت المجال للحصول على عوائد مالية للسبب الذي ذكرته، في حين أن الأشخاص غير الكويتيين المقيمين في الكويت يعملون ويستثمرون حسب قدراتهم المالية الشخصية سواء بشركات مع مواطنين أو بشركات تحت أسماء مواطنين.. ندعو الله سبحانه وتعالي أن يبعد عن الكويت وأهل الكويت والمقيمين كل ضرر ويديم علينا نعمة الأمن والسلام.

وفي المقابل، نجد أن المستثمرين الكويتيين الشباب تجذبهم أسواق منطقة الخليج لانفتاحها وتوافر الشركات العالمية فيها، خصوصا دولة الإمارات العربية المتحدة. حيث تتم إدارة الأعمال بطريقة سهلة خاصة إذا كانت تتطلب خبرات عالمية، بالإضافة إلى قصر فترة إجراءات تأسيس الشركات.

ولأن هذه الأسواق آمنة ومنفتحة نجد المستثمرين الأجانب يقيمون فيها وأعمالهم تتركز فيها، وعدد السياح في تزايد. والطلب على العقارات في صعود، وجميع ما يتطلبه تطوير هذه العقارات متوافر وفي تزايد مثل المصانع.. كل ذلك نتيجة الاستقرار والأمان.

 

ما إنجازات فوزية مبارك الحساوي عام 2014؟

1- كرمت كل من ساهم في كتاب «مبارك الحساوي.. رجل سبق عصره» وأغناه بالمعلومات القيمة التي أفادتني واستفاد منها الكثير ممن قرأه، فكان هذا الإنجاز أهم إنجاز في حياتي.

2 –  استكملت بناء وتجهيز فندق جميرة في الكويت الذي أخذ مني جهداً على مدى أربع سنوات، فهذا الفندق الذي كان يحمل اسم «المسيلة بيتش»، هو أول فندق بناه والدي عام ١٩٧٣، ولهذا أقمت فيه حفل تكريم كل من ساهم في كتاب «مبارك الحساوي.. رجل سبق عصره».. وأنا أعتبر هذا العمل من أهم الأعمال في حياتي، لأني قدمت لولدي أفضل ما لدي من خبرة في هذا الفندق، وصممت كل صغيرة وكبيرة، ابتداء من بهو الفندق إلى الغرف والمطاعم وقاعات الاجتماعات وقاعة الحفلات، إلى جناح العروس والأجنحة الملكية والنادي الصحي والفلل والممرات الخارجية التي تربط الفندق وتسهل على الزوار التنقل بسهولة.

كل ذلك قمت به بجهد فردي ومن دون مهندس ديكور، فكنت أباشر العمل من شركتي في هونغ كونغ. وحينما أتواجد في الكويت، كنت أدير العمل من المشروع نفسه، يساعدني في ذلك مكتب الخليج للاستشارات، والمقاول KCPC، وبروجاكس، وفريق العمل الفني في مكتبي الخاص، وفريق العمل الرقابي في مكتبي لتدقيق الحسابات UHY.

كان همي الوحيد أن يعجب والدي هذا الإنجاز مع أنه لم يكن معنا، ولكنني كنت أعمل من أجل عينيه وعيني والدتي، أطال الله بعمرها لأسعده وأسعدها. فلدي شعور بأن أرواح أحبائنا الأموات تزورنا دائماً وتشعر بنا.

3- حصلت على ترخيص بناء فندق وشقق فندقية في لندن بمنطقة توباكو دوك

4- حصلت على ترخيص ترميم القصر الجديد وتحويله إلى فندق في ألمانيا بادن بادن، وترخيص مبنى شقق سكنية.

5- أتممت خرائط  مجمع مبارك الحساوي الطبي في الإمارات الذي سيبدأ بناء الجزء الأول منه العام المقبل بإذن الله.

6- تم افتتاح أول مطعم من سلسلة مطاعم BG في لندن وأوروبا.

 

هل هناك مجالات استثمارية معينة تنصحين رجال وسيدات الأعمال بها خلال العام 2015؟

– مجالات الاستثمار كثيرة ويعتمد على دراسة جدوى المشروع والدول التي سيتم الاستثمار فيها، فالعمل يبدأ صغيراً وينمو، ولا فرق بين رجل أو سيدة، فكل سيدة تستطيع تقرير القطاع الملائم لها ما دامت تعرف قدراتها المالية والعلمية والعملية وخبراتها وقدرات وخبرة العاملين معها.

 

ما المشروع الاستثماري الذي توقعت أن يعطي مردوداً ممتازاً ولكنه فاجأك بمردود ضئيل أو خسارة؟ وما الأسباب؟

– الحمد لله على كل الأحوال، الشركة التي فاجأتني هي شركة المركز المبارك (المحل التجاري).. كانت هذه الشركة مميزة وناجحة  قبل أزمة المناخ، واستقرت الأمور بعض الشيء لفترة عقب أزمة المناخ، ولكن القوة الشرائية تراجعت بنسبة كبيرة. ثم جاء الغزو العراقي على الكويت فخسرت الشركة الكثير من البضائع، واتجه الزبائن لشراء السلع الرخيصة.

وبسبب المنافسة في السوق بحثت عن أسواق أخرى للاستيراد.. فبدأت أستورد من هونغ كونغ منذ عام ١٩٩١ أي بعد التحرير.. ولكن المنافسة استمرت خاصة مع تنامي استيراد المنتجات الصينية التي اكتسحت أسواق العالم ومنها سوق الكويت.

في هذه الظروف دعوت الله أن ييسر الأمور ويوفقني في إيجاد بضائع مميزة.. ولم أفكر أبداً في الاستغناء عن أحد من الموظفين الذين يعملون معي، فاتجهت لإضافة نشاط جديد لشركة المركز المبارك وهو قيد الدراسة حالياً، وإن شاء الله سيكتمل في الربع الأول من 2015.

 

بصفتك سيدة أعمال مشهورة تنحدر من عائلة تجارية عريقة.. هل يسير أبناؤك وبناتك على نهج آبائهم في العمل؟

– ألف حمد وشكر لله. فأنا أرى والدي في ابني مبارك الشهم النشيط الذكي الذي لا يعرف الملل ولا التردد.. إنه يسير على خطى جده ليس بشهادتي وإنما بشهادة أصدقاء والدي أطال الله في أعمارهم.

أما ابني عبد العزيز، فهو هادئ الطباع، ولكنه صلب في مواجهة الصعاب، محب ومحبوب من الجميع ويتصف بالوفاء. يعمل عبد العزيز حالياً في بنك الشارقة الذي أسسه والدي رحمه الله، رغم أنه درس في سويسرا في لاروش وهي  جامعة  متخصصة في الإدارة الفندقية، ولكنه يحب العمل في البنك واكتساب الخبرة، ولديه كذلك خبرة في مجال عملي.

وابني محمد آخر العنقود الطيب الحنون، وقد تربى عند جده مبارك الحساوي رحمه الله فاخذ منه الحنان والطيبة، محمد درس الهندسة المعمارية ويشرف حالياً على جميع مشاريعي بالإضافة إلى أعماله الخاصة، أدعو الله أن يوفقه وإخوانه وأخواته.

أما الحبيبتان البنتان بدرية ونوف، فدراستهما لم تكن في مجال عملي، ولكن أحيانا يدرس الإنسان ويتخرج في تخصص ويعمل في مجال آخر، لذلك فإنهما حاليا تساعدانني في تجهيز وإعادة بناء الشقق الفندقية وتشرفان على الديكور والإضافات التي ستتم على المركز المبارك.

 

المحافظة على القيم والعادات والتعامل بما يرضي الله أهم صفات يجب أن يتحلى بها رجل أو سيدة الأعمال

 

ما الأخلاقيات التي يجب أن تتوافر في رجل وسيدة الأعمال؟

– المحافظة على القيم والعادات، والتعامل مع الغير بما يرضي الله، فالدين المعاملة، والالتزام بالمواعيد، والسماحة، والوفاء بالوعد، والكرم، والمحافظة على الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر وتربط الإنسان رباطاً قوياً بالله سبحانه وتعالى، فلا يخالف أمره وبالتالي يحافظ على أخلاقياته.

وعلى صعيد حركة الحياة، استخلصتُ خبرة اكتسبتُها خلال عملي مع والدي وبعد وفاته، مفادها أن على المستثمر ألا يكون متأكداً وضامناً بالكامل نجاح مشروعه وجنيه فوائد من ورائه، بل عليه أن يتوقع كل الاحتمالات ويحتاط لها.

كما أن النجاحات التي يحققها الإنسان في حياته سواء في تقلده مناصب عليا أو نجاحه في أعماله الخاصة، يجب أن يرجع تلك النجاحات إلى الأسباب والعوامل التي ساعدت على تحقيقها.. وأول هذه العوامل التربية وبناء الشخصية والتعليم الذي حصل عليه بفضل جهود وتضحيات والديه.. وقد يكون سبب النجاح يعود لتوجيهات رئيس العمل، أو أحد الأقارب، لهذا علينا ألا ننسى فضل الآخرين علينا فيما وصلنا إليه.

وأيضاً علمتني الحياة أن على الإنسان ألا يتراجع عن تحقيق هدفه مهما واجه من مصاعب ومشاكل، إلا إذا تيقن أن هذا الهدف غير مجدٍ، فطبيعة الحياة مليئة بالمشاكل والعقبات.

Exit mobile version