Site icon مجلة أسرتي – تدخل كل بيت

لفتت‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭ ‬بفنها فاطمة‭ ‬النمر‭: ‬ رسالتي‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬أنقل‭ ‬صوت‭ ‬كل‭ ‬امـرأة

تنسج الفنانة التشكيلية السعودية فاطمة النمر بإبداعها، المنفتح على اختلاف المدارس الفنية العالمية، لوحات تتلاقى فيها عذوبة الأنوثة، وفن الزخرفة والمنمنمات، وعبق التراث، وجماليات الأماكن.

سجلت بصمة على الساحة الفنية الإبداعية العربية والعالمية، حين تمزج خامات العمل الفني على السجاد بأشكال مختلفة، تتجسد في إبراز معاني الإنسانية، و»أسرتي» إلتقت بها لتتحدث عن علاقة الفن بالمرأة السعودية وطموحاتها:

 

 

اخترت الفن ليكون صوتًا ورسالة للتواصل مع العالم

 

كيف انطلقتِ ومن أين بدأت رحلتك في عالم الفن التشكيلي؟

بدأت مع الفن بتحرير شخصيتي وأنا طفلة من خلاله انطلقت إلى العالم، وخرجت عن الصمت لكوني شخصية مختلفة، وأعاني من خوف اجتماعي في طفولتي، مارست الفن كحياة، فمن خلاله أعبر عن أفكاري والحالات التي أمر بها، وأستطيع التواصل مع العالم، وقد طورت موهبتي بدراسة العديد من الورش والتخصصات الفنية، ومن بعدها بدأت مشاركاتي الفنية في المعارض الفنية والثقافية، ولكوني فنانة فضولية، أحببت الخامات وتنوعها، فأخذت بالبحث عن معالجة الخامات باختلافها، ومنها بدأت رحلة اكتشاف الآخر بداخلي من خلال دمج الخامات، وإعادة تدويرها، وخاصة كل ما يتعلق بتراثنا، وما يخص ثقافتنا وحضارتنا، وإعادة تدويره من خلال أعمالي. والذي انعكس على حبي للفن التشكيلي بأنواعه، وسط تشجيع والديّ.

ومنذ ذلك الحين، وأنا أقدم أعمالا فنية تعكس فلسفتي الخاصة عن الوجود بقالب جريء يعكس تناقضات الذات البشرية.

وأضافت: اخترت الفن ليكون صوتا ورسالة للتواصل مع العالم، وهو نقطة بحث عن الآخر بداخلي وبداخل كل إنسان، ومجهر لمجتمعي وبيئتي وثقافتي فأنا مؤمنة بأن رسالتي هي أن أنقل صوت كل امرأة وأحاول أن أتجرد من داخلي، وأعيشها في أعمالي، وأعايش القضايا وكل ما يتجلى في هذا العالم من خلال لوحاتي وأعمالي ومشاركاتي الفنية.

 

لماذا اخترتِ الرسم على السجاد؟

استوقفتني فكرة وجود قطع السجاد بكل بيت بما تحويه، وأثارت فكري بما فيها من زخم جمالي ولوني من زخارف ونقوش، واستلهمت فكرة من التاريخ قديما، وهي أنه كان تقدم للملوك والسلاطين قطع السجاد الثمينة، لتخليد قصصهم بشكل منمنم متناسق، استلهمت الفكرة بتخليد قصص للنساء من الوطن، وتخليدها على لوحات من السجاد تحكي قصص الوطن وتاريخه في عمل واحد.

ومن خلال هذا قدمت معرض ريحانة الذي أقيم برعاية الشيخ راشد الخليفة، ومن بعدها انتقل إلى كل من لندن وإيطاليا وكولومبيا ومصر كما أقيم مزاد فني لصالح مرضى الكورونا في أمريكا. ومن المهم أن نذكر أن المزادات الخيرية التي أقيمت للأعمال الفنية التي كانت لسيدات ملهمات سعوديات كن سببا للخير في الحاضر والماضي.

 

الفنان ابن بيئته ومنها تتبلور ثقافته وفكره

 

هل لبيئة الفنان الأثر الكبير على أعماله الفنية؟

الفنان ابن بيئته، فالبيئة هي التي تشكل الفنان، ومنها تتبلور ثقافته وفكره، ويبقى على الفنان تنمية هذا الحس بتغذيته الفكرية والبصرية،حتى يصل إلى ما يسعى إليه من إنتاج فني متميز ومختلف، فالإبداع هو خلق ما يميزك.

 

حدثينا عن رحلتك التي استمرت ثلاث سنوات في اكتشاف أهم الشخصيات النسائية في منطقة القطيف.

حاولت أن أبرز منطقتي بشخصيات نسائية من حقبة الخمسينيات والستينيات والثمانينيات، فكانت رحلة البحث بالتواصل مع أهاليهن والشخصيات التي عاصرتهن، وسعيت لأجسد الشخصيات باللباس والرموز التي يمتازون بها من الكلمات، في قطع فني من خلال السجاد، لتكتمل اللوحة بتميزها بخامات من قطع السجاد المماثل للقطع الموجودة في منازل تلك الشخصيات النسائية الشهيرة.

من الشخصيات في منطقة القطيف شخصية «أم الخير»، وهي المرأة الكبيرة التي تساعد الفقراء، وتسعى لعمل الخير بكل ما تستطيع فعله، وأيضا شخصية»السفافة»، وشخصية «الملاية» المختصة بالفقه والدين، فجميعها شخصيات تاريخية في منطقة القطيف عملت على تجسيدها في أعمال فنية.

 

جسدت في «ملامح نجدية» مكانة المرأة السعودية وتمكينه

 

ماذا عن معرضك «ملامح نجدية»؟

في هذا المعرض اخترت نساء لهن تاريخ مشرف في الدفاع عن وجودهن، حيث جسدت في “ملامح نجدية” مكانة المرأة السعودية وتمكينها. واتخذت من نجد فكرة للمعرض، ومن نساء نجد موضوعاً لرسالتي. والمعرض يتمحور حول نساء من التاريخ تجتمع فيهن العزة والقوة والنخوة والشجاعة، حاولت من خلال هذا المعرض أن أكرم نجد بنسائها وما قدمنه. وهو توثيق لسير تاريخية لنساء سعوديات، حتى يتعرف عليهن العالم أجمع، بداية من الأميرة الراحلة نورة بنت عبدالرحمن، والسيدة موضي بنت عبدالله البسام، وصولًا إلى فوزية أبو خالد الكاتبة المعاصرة.

 

تأصلت في لوحاتك أشكال من الفن الإسلامي والزخارف، فحدثينا عن جوهر إبداعاتك.

أحب في أعمالي أن أقوم بإعادة تدوير الفكر والمواد، مستنبطة من زخارف الفنون الإسلامية والتاريخ العريق، ومهتمة بتفاصيل الزي التراثي الذي يحكي عن الثقافة والقيم والعادات التي تأثرنا بها كسعوديين وخليجيين، فببساطة أعمالي تتحدث عن فكرة واحدة بدون اختصار أو تزاحم، ويكمن فني في إعادة تدوير هذه الفكرة بطريقة معاصرة أُحيي فيها الماضي والتراث بأشكال مختلفة، حيث انني استخدمت في مشاريعي الفنية إلى جانب اللوحات أدوات مختلفة من الفيديو آرت والأعمال التركيبية.

 

الموسيقى جزء مهم لدي يلامس روحي ويغذي فكري

 

مهتمة أنت بجانب الموسيقى وتعلمها، فهل لعبت الموسيقى دورا في تشكيل إبداعك الفني؟

لا أستطيع أن أخفي عشقي للموسيقى فعلاقتي مع الوتر علاقة حب تتجسد روحانياً، ولذلك تعلمت العزف على آلة الجيتار وكذلك العود والقانون، فسماع الموسيقى أثناء عملي جزء مهم يلامس روحي ويغذي فكري، فهناك علاقة تكمن بين الوتر واللون في دائرة الوجود الإنساني.

 

أحب أن أتقمص الشخصية التي أود أن أقدمها في أعمالي

 

في جميع أعمالك تنعكس ملامح وجهك على صورة تلك المرأة العربية والسعودية ما السبب في ذلك؟

أحب أن أتجرد من نفسي لتقمص الشخصية، والتي تتبلور حول فلسفتي الخاصة بالوجود وصراع الذات، بحيث أصور في ذاتي صورة المرأة السعودية وروحها بإحساس يتماشى مع حدث وفكرة وقضية العمل.

 

في عام 2017 ضجت الصحف المحلية والدولية بالحديث عن لوحتك التي اقتنتها زوجة الرئيس الأميركي السابق ميلانيا ترامب، فما الذي أعجبها في تلك اللوحة؟

تواجدت في معرض مسك كوني من الفنانات السعوديات البارزات في الفن التشكيلي، وجسدت في عملي وقتها صورة المرأة السعودية الواثقة والمعطاء التي سيطرت عليها روح السلام، وهذا ما أعجب ميلانيا في شخصية المرأة السعودية التي صورتها في لوحتي، ووقع عليها الاختيار لتكون واحدة من مقتنياتها.

 

ما الرسالة الرئيسة التي تحاولين نشرها من خلال فنك؟

دائما أقول إن الفن هو رمز الحضارات، وفني يحمل رسالة التعايش الفكري والثقافي في العالم، فلا يوجد أجمل من الإحساس بالفن، وتسخيره ليكون رسالة لمحو كل تلك الفوارق الفكرية والعنصرية والمجتمعية، وتسليط الضوء في المقابل على إنسانية الإنسان وجمال الفنون والتعايش معها.

Exit mobile version