Site icon مجلة أسرتي – تدخل كل بيت

ليس‭ ‬عيبًا‭ ‬أن‭ ‬تتزوج‭ ‬‮«‬فاطمة‮»‬‭!‬

حكاية‭.. ‬قصة‭ ‬واقعية‭ ‬لامرأة‭.. ‬سمَّيتها‭ ‬افاطمةب؛‭ ‬لأني‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬اسمها،‭ ‬ولا‭ ‬أعرفها‭.. ‬ولكن‭ ‬سمعت‭ ‬قصتها‭!‬

عاشت‭ ‬افاطمةب‭ ‬بين‭ ‬أسرة‭ ‬كبيرة‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬إخوان‭ ‬وأخوات،‭ ‬تزوج‭ ‬واحد‭ ‬تلو‭ ‬الآخر،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬إخوانها‭ ‬أو‭ ‬أخواتها،‭ ‬وظلت‭ ‬هي‭ ‬لم‭ ‬يحالفها‭ ‬النصيب؛‭ ‬ليس‭ ‬لأنها‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أخواتها‭ ‬شكلاً‭ ‬أو‭ ‬ثقافة‭ ‬أو‭ ‬شخصية،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬النصيب‭!!‬

مرَّت‭ ‬الأيام‭ ‬وتوفيت‭ ‬والدتها؛‭ ‬فأصبحت‭ ‬هي‭ ‬والدة‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬الإخوان‭ ‬جميعا‭ ‬والأحفاد،‭ ‬وهي‭ ‬ترعى‭ ‬والدها‭.. ‬تجتمع‭ ‬العائلة‭ ‬عند‭ ‬الوالد‭ ‬وعند‭ ‬افاطمةب‭ ‬مرتين‭ ‬أسبوعيًا،‭ ‬وخلال‭ ‬الأسبوع‭ ‬تكون‭ ‬أبواب‭ ‬منزل‭ ‬الجد‭ ‬الكبير‭ ‬دائمًا‭ ‬مفتوحة‭ ‬تستقبل‭ ‬ضيوفه‭ ‬وأصدقاءه،‭ ‬وطبعاً‭ ‬الأبناء‭ ‬والأحفاد‭.‬

تمرُّ‭ ‬الأيام،‭ ‬ويعتاد‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬افاطمةب‭ ‬هي‭ ‬البديل‭ ‬لوالدتهم‭ (‬رحمها‭ ‬الله‭).. ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أتت‭ ‬صديقة‭ ‬قديمة‭ ‬لـ‭ ‬افاطمةب‭ ‬تزورها،‭ ‬وكان‭ ‬وراء‭ ‬الزيارة‭ ‬مغزى‭! ‬أتت‭ ‬الصديقة‭ ‬لتخطب‭ ‬افاطمةب‭ ‬لأخيها‭ ‬الذي‭ ‬توفيت‭ ‬زوجته‭.‬

في‭ ‬البداية،‭ ‬تعلّلت‭ ‬افاطمةب‭ ‬بوالدها‭ ‬وإخوانها،‭ ‬وأن‭ ‬عمرها‭ ‬أصبح‭ ‬45‭ ‬سنة،‭ ‬وقد‭ ‬كبرت‭ ‬على‭ ‬الزواج‭.. ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬إلحاح‭ ‬الصديقة‭ ‬بدأت‭ ‬افاطمةب‭ ‬تُفكر‭!‬

هو‭ ‬عمره‭ ‬بالستينيات‭ ‬وصحته‭ ‬ممتازة‭ ‬ومرتاح‭ ‬ماديًّا‭ ‬جداً،‭ ‬ولديه‭ ‬4‭ ‬من‭ ‬الأبناء،‭ ‬يحتاج‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬إلى‭ ‬زوجة‭ ‬رزينة‭ ‬لا‭ ‬مربية‭ ‬ولا‭ ‬مديرة‭ ‬منزل‭.. ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬ينقصها‭ ‬شيء‭ ‬أبداً،‭ ‬وأبناؤه‭ ‬سيصبحون‭ ‬أبناءها‭.. ‬ولمَ‭ ‬لا؟‭! ‬

وكانت‭ ‬المفاجأة‭.. ‬رفض‭ ‬إخوانها‭ ‬وأخواتها‭ ‬كلهم‭ ‬الموضوع،‭ ‬وانهالوا‭ ‬عليها‭ ‬بالتعليقات‭: ‬كبرتِ‭! ‬أنت‭ ‬هنا‭ ‬سيدة‭ ‬المنزل‭! ‬أبناؤه‭ ‬لن‭ ‬يحبوك‭! ‬ولكن‭ ‬افاطمةب‭ ‬عرفت‭ ‬أنهم‭ ‬رافضون‭ ‬لسبب‭ ‬واحد‭.. ‬وهو‭: ‬من‭ ‬سيرعى‭ ‬والدهم‭ ‬من‭ ‬بعدها؟‭! ‬ولكن‭ ‬افاطمةب‭ ‬فاجأتهم‭ ‬بإصرارها‭ ‬على‭ ‬الزواج،‭ ‬وما‭ ‬زادها‭ ‬قوة‭ ‬أن‭ ‬والدها‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬بعد‭ ‬مقابلته‭ ‬للخطيب،‭ ‬وأصرَّ‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الزواج‭ ‬منها‭.‬

بصراحة‭.. ‬اندهشت‭ ‬بشدة‭! ‬لأن‭ ‬إخوانها‭ ‬وأخواتها‭ ‬بنوا‭ ‬لأنفسهم‭ ‬حياة‭ ‬وأسرًا،‭ ‬وتركوا‭ ‬رعاية‭ ‬والدهم‭ ‬لأختهم،‭ ‬وعندما‭ ‬جاءت‭ ‬فرصة‭ ‬بناء‭ ‬حياة‭ ‬خاصة‭ ‬لها،‭ ‬رفضوا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬حياة‭ ‬مثلهم‭! ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬رتبت‭ ‬افاطمةب‭ ‬أمور‭ ‬والدها‭ ‬بجدول؛‭ ‬حيث‭ ‬يكون‭ ‬أحدٌ‭ ‬من‭ ‬إخوانها‭ ‬وأخواتها‭ – ‬وهي‭ ‬بلا‭ ‬شكّ‭ – ‬متواجدًا‭ ‬عنده‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬فأصبحت‭ ‬تدير‭ ‬منزلين‭ ‬لا‭ ‬واحداً‭!‬

رُبَّما‭ ‬يتهمُّ‭ ‬البعض‭ ‬افاطمةب‭ ‬بالأنانية،‭ ‬ولكني‭ ‬أرى‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬العيب‭ ‬أو‭ ‬الخطأ‭ ‬أن‭ ‬يُفكر‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬وحياته،‭ ‬فالدنيا‭ ‬أخذٌ‭ ‬وعطاء؛‭ ‬ليست‭ ‬كلها‭ ‬عطاء،‭ ‬وليست‭ ‬كلها‭ ‬أخذًا‭.. ‬فأعطِ‭ ‬ما‭ ‬تستطيع‭ ‬ومن‭ ‬يستحق،‭ ‬وخذ‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭!‬

في‭ ‬‮«‬كلمة‭ ‬محبة‮»‬‭ ‬نسأل‭: ‬
ما‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يُفكر‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬نفسه‭.. ‬أيضاً؟‭!‬

Exit mobile version