Site icon مجلة أسرتي – تدخل كل بيت

محامٍ وقضية.. ورُفعت الجلسة عندما يتجرد الآباء من مشاعرهم المحامية مريم البحر: للعنف ضد الأطفال ..أوجهه القبيحة!

المحاماة ملاذ ومروءة وفن قبل أن تكون مهنة.. وليس المحامون كلهم محامين بالضرورة.. ليس عمل المحامي فقط معرفة القانون، فالكثير يعرف النصوص حتى من غير المحامين، لكن حقيقة المحامي تكمن في دراسة الوقائع كدراسة قانونية والنظر إلى ما يمثل هذه الوقائع في نصوص القانون.. المحاماة فن الحجة والجدل والبرهان والإقناع.. وليس من عمل المحامين قلب الثوابت أو تضليل الحقائق؛ لأن المحامي قبل ذلك كله إنســان لا يكسب دعوى ويخسر نفسه.

معكم القانونية المحامية مريم فيصل البحر، وما زالت جرائم الأسرة تفجعنا وتكشف من وقت لآخر عن وجهها القبيح الذي تهتز له مشاعر العالم أجمع، خاصة أنها تؤكد تجرد مرتكبيها من كل معاني الإنسانية، وتثير التساؤلات حول تزايدها، وهل ستستمر في التزايد حتى يشعر الشخص بفقدان الأمان بين أسرته التي يعيش فيها؟.

على كل من هتك عرض إنسان بالإكراه أو بالتهديد أو بالحيلة يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة

نأسف لأن الجريمة في عددنا هذا مروعة لا يتقبلها عقل.. تجرد أب من جميع المشاعر الإنسانية واستبدل قلبه بحجر، جريمة بشعة كان المتهم فيها هو الأب الذي قام بهتك عرض ابنته الصغيرة، حيث حضرت الزوجة تروي لي حكايتها وسبب تعرضها للضرب من زوجها حيث قالت إنها وبعد عودة زوجها من عمله في الساعة الثانية ظهراً تقريباً، طلب منها إعداد طعام الغداء له لحين الانتهاء من فترة القيلولة، وقد اصطحب معه البنت لغرفته ناسياً إغلاق الباب وذلك على غير العادة وعندما راحت الشاكية تسأله عن رغبته في أي الأطعمة يرغب في الغداء وبدخولها الغرفة فوجئت بالمشكو ضده وقد تجرد من ملابسه ومستلقياً على ظهره وتعتليه من فوقه البنت وقد وضعت رأسها بالقرب من حوض أبيها، وحينئذ قام بتغطية نفسه وهنا أدركت وأيقنت أن زوجها يقوم بهتك عرض البنت ويتحرش بها، سيما أنها تذكرت أن له سابقة في هذا الأمر عندما علمت منه أثناء قيام الخطوبة بينهما أنه سبق اتهامه بقضية هتك عرض قاصر وهو ابنه من طليقته السابقة، كما أنها رأت البنت وهي خارجة من غرفتها بصحبة والدها وقد راحت تخرج لسانها وتردد كلمة (باب عيب ، وع ، وع) وتقوم بالإشارة علي لسانها إلا أنها لم تلق بالاً للأمر آنذاك، ثم بعد ذلك لاحظت الأم أن هناك أمورا وحركات غريبة تقوم بها ابنتها كنزولها بين أفخاذ والدتها مقبلة إياها فاستغربت حينها ونهتها عن ذلك الأمر ومن ثم فقد تساندت الأدلة لديها بالربط بالوقائع السابقة والتي شاهدتها بأم عينيها والتي كان ينكرها.

وسكنت الشكوك قلب الأم بالفعل وبدا لها قيام زوجها بهتك عرض البنت والتحرش بها، الأمر الذي حدا بالأم للتقدم بالشكوى، وتم حجز الأب في سرايا النيابة على ذمة القضية.

حيث تنص المادة 191 من قانون الجزاء الكويتي: على كل من هتك عرض إنسان بالإكراه أو بالتهديد أو بالحيلة يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة إذا كان الجاني من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو رعايته من لهم سلطة عليه أو كان خادماً عنده أو عند من تقدم ذكرهم كانت العقوبة الحبس المؤبد بحكم العقوبة السابقة أما إذا كان المجني عليه معدوم الإرادة لصغره أو لجنون أو لعته أو كان غير مدرك طبيعة الفعل أو مفتقدا شرعيته ولو ارتكب الفعل باكراه أو تهديد أو حيلة، ولما كان أن كل ما يتطلبه القانون لتحقيق القصد الجنائي في جريمة هتك العرض هو أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل الذي تتكون منه الجريمة وهو عالم بأنه يخل بالحياة لعرض لمن وقع عليها.

أما قضيتنا الثانية فالأب في هذه القضية فقد الشعور بتلك الكلمة حينما قرر اغتصاب ابنته، الأمر الذي تكرر أكثر من مرة، لتفجع ابنته من وحشية والدها الذي حولته المواد المخدرة إلى كائن ليس له وصف في عالم الإجرام. تعدى الأب على ابنته، حتى حملت منه وانفضح أمره وألقي القبض عليه ووضع في السجن.

والدة الضحية حضرت إلى مكتبي وهي تصطحب كل من الطفلة «المجني عليها» وشقيقها، بدأت الأم تروي لي ما حدث لابنتها، وفي الوقت ذاته تدور التساؤلات في ذهني هو كيف يمكن لفتاة صغيرة أن تكبر وفي نفسها وذاكرتها ما يصعب عليها نسيانه أو تخطيه؟ كيف ستعيش أيامها وساعاتها وهي ترى الكابوس ذاته في صحوها قبل نومها؟

هذه هي الدوامة المضنية التي تحيا بها منذ سنوات هذه الطفلة الهزيلة التي أراها أمامي، والتي لم تزل تبصر والدها كأنه أمامها الآن. صحيح أنها بعيدة عنه، لكن اللحظة نفسها تتكرر في ذاكرتها.

وبصوت ممزوج بالأسى والحزن قالت الأم ابنتي حملت وأنجبت ووالدها وراء حملها بعد تعديه عليها جنسيًا. بدأت قصة هذه الطفلة الضحية وهي في سن الرابعة عشرة من عمرها، عندما كانت طفلة بريئة لا تطمح سوى إلى اللعب. لتمتد يدا عديم الإنسانية الى جسد ابنته حتى كبرت وأضحت قادرة على فهم ما جرى ويجري.

وقد ألقت الأجهزة الأمنية القبض على ذاك الأب ولكن بعدما اغتصب نجلته القاصر وتسبب في حملها، وبالانتقال والفحص وإجراء التحريات تم إيداع الأب في السجن، بعد الحكم عليه في القضية ذاتها.

وبعدما سردت والدة الضحية كواليس الجريمة، لم أكن أدرك أنها تحمل في جعبتها جريمة أخرى تريدني أن أساعدها على فعلها، وكانت مفاجأة لي، إذ قالت لي أستاذة أريدك أن تساعدينا في إخراج زوجي من السجن فقد طلب السماح واعتذر ونريد أن نتنازل عن الدعوى ضده!!.

لم تسعفني الكلمات لأصف ما تطلبه مني، سوى أن قلت لها ماذا تريدين أن يفعله هذا الكائن غير الإنساني بك وبأبنائك، ماذا تبقى أيضا؟، أسرتك أصبحت بقايا، هل تريدينني أن أخرج لك من السجن من دمر حياتك وحياة ابنتك؟!، ماذا تريدين من شخص خرج عن الفطرة والعقل، وقام بأفعال محرمة في جميع الأديان السماوية ورفضت طلبها بتسلم القضية ولم أستطع أن أمحو أثر ذكرى القضية البشعة من مخيلتي.

Exit mobile version