Site icon مجلة أسرتي – تدخل كل بيت

معظم‭ ‬النار‭ ‬من‭ ‬مستصغر‭ ‬الشرر المحامية‭ ‬مريم‭ ‬البحر‭:‬ ‮«‬قاصر‮»‬‭ ‬تحرض‭ ‬شاباً‭ ‬على‭ ‬الفسق‭ ‬ووالدها‭ ‬يدفع‭ ‬الثمن‭!‬

المحاماة‭ ‬ملاذ‭ ‬ومروءة‭ ‬وفن‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مهنة‭.. ‬وليس‭ ‬المحامون‭ ‬كلهم‭ ‬محامين‭ ‬بالضرورة‭.. ‬ليس‭ ‬عمل‭ ‬المحامي‭ ‬فقط‭ ‬معرفة‭ ‬القانون،‭ ‬فالكثير‭ ‬يعرف‭ ‬النصوص‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المحامين،‭ ‬لكن‭ ‬حقيقة‭ ‬المحامي‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬الوقائع‭ ‬دراسة‭ ‬قانونية‭ ‬والنظر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬هذه‭ ‬الوقائع‭ ‬في‭ ‬نصوص‭ ‬القانون‭.. ‬المحاماة‭ ‬فن‭ ‬الحجة‭ ‬والجدل‭ ‬والبرهان‭ ‬والإقناع‭.. ‬وليس‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬المحامين‭ ‬قلب‭ ‬الثوابت‭ ‬أو‭ ‬تضليل‭ ‬الحقائق؛‭ ‬لأن‭ ‬المحامي‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬إنســان‭ ‬لا‭ ‬يكسب‭ ‬دعوى‭ ‬ويخسر‭ ‬نفسه‭.‬
معكم‭ ‬القانونية‭ ‬المحامية‭ ‬مريم‭ ‬فيصل‭ ‬البحر‭..‬
كثيراً‭ ‬ما‭ ‬نسمع‭ ‬أو‭ ‬نقرأ‭ ‬عن‭ ‬تعرض‭ ‬فتيات‭ ‬للتحرش،‭ ‬أو‭ ‬هتك‭ ‬عرض‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شباب،‭ ‬ودائماً‭ ‬ما‭ ‬نقرأ‭ ‬عن‭ ‬سيدات‭ ‬يتعرضن‭ ‬للتحريض‭ ‬على‭ ‬الفسق‭ ‬والفجور‭ ‬المباشر‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬غريب‭ ‬على‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬فتاة‭ ‬تتحرش‭ ‬بشاب،‭ ‬وما‭ ‬يرفضه‭ ‬العقل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الفتاة‭ ‬المُحرضة‭ ‬على‭ ‬الفسق‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬السن‭ ‬القانونية،‭ ‬أي‭ ‬انها‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬القانون‭ ‬اقاصرب،‭ ‬ولما‭ ‬ثبتت‭ ‬إدانتها‭ ‬كان‭ ‬لزاماً‭ ‬على‭ ‬أبيها‭ ‬أن‭ ‬يُعوض‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬عمَّا‭ ‬أصابه‭ ‬من‭ ‬أضرار‭.‬

أحداث‭ ‬القصة‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬بتغريم‭ ‬والد‭ ‬الفتاة‭ ‬ألفي‭ ‬دينار‭ ‬تعويضاً‭ ‬أدبياً‭ ‬ومادياً‭ ‬للشاب‭ ‬المتحرش‭ ‬به،‭ ‬جرت‭ ‬أحداثها‭ ‬من‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬حين‭ ‬تعمدت‭ ‬فتاة‭ ‬قاصر‭ ‬الإساءة‭ ‬والتشهير‭ ‬بمواطن‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الهاتف،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬استخدمت‭ ‬صوره‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬علمه،‭ ‬وبتقنية‭ ‬االفوتوشوبب،‭ ‬اصطنعت‭ ‬له‭ ‬صوراً‭ ‬مخلة‭ ‬بالآداب،‭ ‬ووضعتها‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬صورته‭ ‬وبياناته،‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬بالشاب‭ ‬إلى‭ ‬تسجيل‭ ‬قضية‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الفتاة‭ ‬متهماً‭ ‬إياها‭ ‬بالتحريض‭ ‬على‭ ‬الفسق‭ ‬والفجور‭.‬

أحيلت‭ ‬القضية‭ ‬إلى‭ ‬النيابة‭ ‬التي‭ ‬أحالتها‭ ‬بدورها‭ ‬إلى‭ ‬محكمة‭ ‬أول‭ ‬درجة،‭ ‬والتي‭ ‬قضت‭ ‬في‭ ‬جلستها‭ ‬بتغريم‭ ‬والد‭ ‬الفتاة‭ ‬مبلغا‭ ‬ماليا‭ ‬تعويضاً‭ ‬نهائياً‭ ‬عن‭ ‬الأضرار‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بالشاب،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مبلغ‭ ‬آخر‭ ‬للأضرار‭ ‬المادية،‭ ‬مبررة‭ ‬رجوعها‭ ‬بالتعويض‭ ‬على‭ ‬الأب‭ ‬كونه‭ ‬هو‭ ‬المتولي‭ ‬شرعاً‭ ‬وقانوناً‭ ‬أمر‭ ‬تربية‭ ‬ورقابة‭ ‬ابنته‭ ‬القاصر؛‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تبلغ‭ ‬سن‭ ‬الرشد‭ ‬بعد،‭ ‬معتبرة‭ ‬التعويض‭ ‬الذي‭ ‬قررته‭ ‬جابراً‭ ‬للأضرار‭ ‬المادية‭ ‬والأدبية‭ ‬الثابتة‭.‬

صديقتها‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تحرضها‭ ‬على‭ ‬الفجور‭!‬

أما‭ ‬هذه‭ ‬الفتاة،‭ ‬فقد‭ ‬سئمت‭ ‬دعوات‭ ‬صديقتها‭ ‬المتكررة‭ ‬عبر‭ ‬الواتساب‭ ‬اتعالي‭ ‬استأنسي‭… ‬تعالي‭ ‬شفيج‭…‬ب،‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬معزوفة‭ ‬التحريض‭ ‬على‭ ‬الفسق‭ ‬والفجور،‭ ‬حتى‭ ‬وجدت‭ ‬الخلاص‭ ‬بتسجيل‭ ‬قضية‭ ‬ضدها‭.‬
المواطنة‭ ‬التي‭ ‬قصدت‭ ‬المخفر‭ ‬لتقديم‭ ‬شكوى‭ ‬بحق‭ ‬من‭ ‬كانت‭ ‬تعرفت‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة،‭ ‬ذكرت‭ ‬أن‭ ‬صديقتها‭ ‬ما‭ ‬انفكت‭ ‬بتحريضها‭ ‬على‭ ‬الفسق‭ ‬والفجور‭ ‬ودعوتها‭ ‬بعبارات‭ ‬انأخذ‭ ‬شقة‭ ‬أنا‭ ‬وأنت،‭ ‬وندفع‭ ‬نصاً‭ ‬بالنص،‭ ‬وتقابلين‭ ‬اللي‭ ‬تبينه‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬راحتكب‭.. ‬قاصدة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تحريضها‭ ‬على‭ ‬مقابلة‭ ‬الرجال،‭ ‬كما‭ ‬قامت‭ ‬بإرسال‭ ‬صور‭ ‬مخلة‭ ‬بالآداب‭ ‬تتضمن‭ ‬صوراً‭ ‬لرجال‭ ‬في‭ ‬أوضاع‭ ‬تخدش‭ ‬الحياء،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الصدود‭ ‬وعدم‭ ‬الانجراف‭ ‬أو‭ ‬تلبية‭ ‬أي‭ ‬دعوة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬محاولات‭ ‬الاستدراج‭ ‬استمرت‭.‬

ما‭ ‬أثار‭ ‬حنق‭ ‬الشاكية‭ ‬أن‭ ‬رفاقا‭ ‬لصديقتها‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭ ‬راحوا‭ ‬يتصلون‭ ‬بدورهم‭ ‬عليها،‭ ‬ويحضونها‭ ‬على‭ ‬الحضور‭ ‬على‭ ‬المشاركة،‭ ‬وذكرت‭ ‬أن‭ ‬كلامهم‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭.‬
وتم‭ ‬تسجيل‭ ‬قضية‭ ‬تحريض‭ ‬على‭ ‬الفسق‭ ‬والفجور‭ ‬بحق‭ ‬صديقتها‭ ‬وبحق‭ ‬المتصلين،‭ ‬وأحيلت‭ ‬القضية‭ ‬الى‭ ‬رجال‭ ‬المباحث‭ ‬لضبط‭ ‬الصديقة‭ ‬والمتصلين‭ ‬على‭ ‬ذمة‭ ‬القضية‭.‬
‏‭ ‬

لا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬صلح‭ ‬في‭ ‬‮«‬التحريض‭ ‬على‭ ‬الفسق‮»‬

يُقال‭ ‬إن‭ ‬معظم‭ ‬النار‭ ‬من‭ ‬مستصغر‭ ‬الشرر،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬جريمة‭ ‬إساءة‭ ‬استخدام‭ ‬الهاتف،‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬النماذج‭ ‬تكرارا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجرنا‭ ‬إلى‭ ‬جرائم‭ ‬أخرى‭ ‬أكبر،‭ ‬مثل‭ ‬التحريض‭ ‬على‭ ‬الفسق‭ ‬والفجور،‭ ‬فهذه‭ ‬موكلتي‭ ‬فُوجئت‭ ‬بكمٍّ‭ ‬من‭ ‬الاتصالات‭ ‬الهاتفية‭ ‬على‭ ‬هاتفها‭ ‬من‭ ‬أرقام‭ ‬لا‭ ‬تعرفها،‭ ‬ورسائل‭ ‬واتساب‭ ‬تتضمن‭ ‬عبارات‭ ‬بذيئة‭ ‬وتحريضًا‭ ‬على‭ ‬الفسق‭ ‬والفجور،‭ ‬مما‭ ‬أساء‭ ‬إلى‭ ‬سمعة‭ ‬وشرف‭ ‬المجني‭ ‬عليها،‭ ‬كما‭ ‬قام‭ ‬المتهم‭ ‬بفبركة‭ ‬صور‭ ‬وتحريض‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬اسيدةب‭ ‬على‭ ‬الفسق‭ ‬والفجور‭ ‬وتهديدها‭ ‬بنشر‭ ‬تلك‭ ‬الصور‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬

وهو‭ ‬ما‭ ‬دعانا‭ ‬لتقديم‭ ‬بلاغ،‭ ‬وتم‭ ‬إجراء‭ ‬تحريات‭ ‬مباحث‭ ‬إدارة‭ ‬الجرائم‭ ‬الإكترونية‭ ‬وضبط‭ ‬المتهم،‭ ‬وأحيل‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬التي‭ ‬قضت‭ ‬بحبسه‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬مع‭ ‬الشغل‭ ‬والنفاذ،‭ ‬وغرامه‭ ‬٥٠٠٠‭ ‬دينار‭ ‬على‭ ‬الجاني‭ ‬المتهم‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬بإرسال‭ ‬مقطع‭ ‬وصور‭ ‬مخلة‭ ‬بالآداب‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الواتساب‭.‬

ولو‭ ‬تنازلت‭ ‬المجني‭ ‬عليها،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬يجوز‭ ‬فيها‭ ‬الصلح‭ ‬والعفو‭ ‬من‭ ‬الشاكية،‭ ‬وتنازل‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬عفوها‭ ‬عن‭ ‬الطاعن‭ ‬يكون‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬أثر؛‭ ‬لأنّ‭ ‬قانونَي‭ ‬جرائم‭ ‬تقنية‭ ‬المعلومات‭ ‬وهيئة‭ ‬الاتصالات‭ ‬لا‭ ‬يسمحان‭ ‬بالصلح‭ ‬أو‭ ‬الأخذ‭ ‬بالتنازل‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬الضحية‭.‬

Exit mobile version