Site icon مجلة أسرتي – تدخل كل بيت

من‭ ‬أغنية‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ.. إلى‭ ‬ياميش‭ ‬يوسف‭ ‬إدريس رمضان.. حكايات‭ ‬بلغة‭ ‬الروايات

من أغنية نجيب محفوظ.. إلى ياميش يوسف إدريس.. يبقى رمضان الشهر الفضيل بطابعه الروحاني والشعبي وتفرده في شكل حكايات وطقوس وعادات تعكسها لنا أهم الروايات العربية، والتي أبدعها أهم مبدعي الرواية أمثال نجيب محفوظ ويوسف إدريس وإحسان عبد القدوس والدكتور طه حسين وغيرهم.

نجيب‭ ‬محفوظ‭.. ‬من‭ ‬صوت‭ ‬الأذان‭ ‬لأغنية‭ ‬رمضان

أديب “نوبل” نجيب محفوظ يعتبر من أهم من ضمنوا شهر رمضان في أعمالهم الرفيعة المستوى.. ولعل أشهرها على الإطلاق “الثلاثية” (بين القصرين – قصر الشوق – السكرية).. أيضاً في روايته خان الخليلي” عندما سرد تفاصيل الأجواء الرمضانية المصرية بشكل أخاذ واقعي جميل..خاصة في الأحياء المصرية الإسلامية القديمة في القاهرة أو في قاهرة المعز وحي الحسين، كما قدم نجيب محفوظ بعباراته المتفردة وقدرته المدهشة على الوصف البسيط العميق في الآن نفسه الطقوس الشعبية الرمضانية الدينية، حيث إن البعد الديني في كل فكر وأفكار نجيب محفوظ يبدو واضحا، بل حاضراً بقوة في تكوين الشخصيات التي يرسمها في رواياته حتى تلك الشخصيات التي ابتعدت عن الدين! لذلك وصف نجيب محفوظ الاحتفالات الدينية وشعائرها.. واستعدادات الأسرة المصرية للإفطار في أيام رمضان.. فحول مائدة الإفطار أو السحور إلى عنصر مهم في رسم الأحداث وتطورها بل للتكلم بألسنة الشخصيات والتعبير عن دواخلها.. بل قد تعمق نجيب محفوظ أيضا في أنواع الأكلات المرتبطة بشهر رمضان تحديداً.. وهكذا أصبحت روايات نجيب محفوظ حافلة بكل الرموز الرمضانية.. من صوت الأذان إلى الموائد .. إلى الأكلات والحلويات.. إلى الروحانيات العالية بالصلاة والصوم.

وفي قصته “المرايا” يقول الكاتب نجيب محفوظ:

… ليالي رمضان كانت فرصة جميلة للصغار من الجنسين يجتمعون في الشارع بلا اختلاط ويتراءون على ضوء الفوانيس وهم يلوحون بها في أيديهم ويترنمون بأناشيد رمضان، إنهم يلوحون بالفوانيس الصغيرة يسألون المارة وأصحاب البيوت والدكاكين (العادة) وهم يرددون أغنية “رمضان” (رحت يا شعبان.. جيت يا رمضان).

يوسف‭ ‬إدريس‭.. ‬ياميش‭ ‬رمضان

في قصته القصيرة «رمضان» يسرد يوسف إدريس وهو واحد من رواد القصة القصيرة في الأدب العربي تفاصيل شهر رمضان ولكن في الريف المصري، حيث يصف استعدادات الصائمين في الأحياء الشعبية للشهر الفضيل المتميز بطقوسه وروحه الخاصة، حيث يقومون بتنظيف الطرقات أمام البيوت وتجهيز الفوانيس للأطفال.. مع تجهيز البن والسكر والشاي وكل لوازم الشهر.. مع تجهيزات التجار أصحاب الدكاكين بالياميش أو المكسرات قبل الشهر بأيام طويلة.. بل إن النساء يقمن بتهيئة المطبخ وتبييض الأواني وتخزين ما تيسر من المؤن الخاصة بالشهر.

إحسان‭ ‬عبد‭ ‬القدوس‭.. ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭!


من أشهر روايات الأديب الكبير إحسان عبد القدوس «في بيتنا رجل» والتي قام ببطولتها على الشاشة الفضية النجم العالمي الراحل عمر الشريف.. في هذه الرواية يظهر في شهر رمضان تحديداً البطل (إبراهيم حمدي) في بيت صديقه كي يختبئ عنده، هرباً من ملاحقة البوليس السياسي آنذاك له، باعتباره عنصرا من عناصر مقاومة الاحتلال الانجليزي.. فهو مطلوب حياً أو ميتاً.. وهنا يتحول شهر رمضان بأجوائه الخاصة وهدوء الشوارع وقت الإفطار إلى عنصر أساسي في التطور الدرامي للقصة، كما أضفت الأجواء الرمضانية بالرواية المزيد من الروح الوطنية لتلك الأسرة المصرية التي تنتمي إلى الطبقة المتوسطة المصرية آنذاك، وكأن الكاتب يريد دمج الجانب الروحاني العميق في الشخصية المصرية مع الجانب الوطني لديها، وهي الأسرة الممثلة في أسرة صديق البطل.

طه‭ ‬حسين‭.. ‬يصف‭ ‬لحظات‭ ‬الإفطار

في واحدة من إبداعاته الأدبية الرفيعة يصف عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين تفاصيل جميلة للحظات الإفطار.. فيقول:
فإذا دنا الغروب وخفقت القلوب وأصغت الآذان لاستماع الأذان وطاشت نكهة الطعام بالعقول والأحلام، فترى أشداقا تنقلب وأحداقا تتقلب بين أطباق مصفوفة وأكواب مرصوفة، تملك على الرجل قلبه وتسحر لبه بما ملئت من فاكهة وأترعت من شراب، الآن يشق السمع دوي المدفع، فتنظر إلى الظماء وقد وردوا الماء، وإلى الجياع طافوا بالقصاع، تجد أفواها تلتقم وحلوقا تلتهم وألوانا تبيد وبطونا تستزيد ولا تزال الصحائف ترفع وتوضع والأيدي تذهب وتعود وتدعو الأجواف قدني.. قدني، وتصيح البطون قطني.. قطني، ومع تعدد أصناف الطعام على مائدة الفطور في رمضان فإن الفول المدمس هو الصنف الأهم والأكثر ابتعاثا للشهية.

 

Exit mobile version