تحقيقات

آية.. من عربة الفول نهاراً إلى الهندسة ليلاً!

أصبح عمل ذوي المؤهلات العليا على مهن يدوية غير متوقعة منهم ليست ظاهرة جديدة، فقد تعددت الحالات المرصودة، وليس موظفو الدولة فقط من يعملون بتلك المهن الحرفية التي كانت تبدو في الماضي مهناً للطبقات القليلة الشأن اجتماعياً، فهناك من أصحاب المهن “المرموقة” (كما كان يعتبرها المجتمع حتى وقت قريب) مهندسين وأطباء وغير ذلك من لجأوا إلى طريق آخر لكسب العيش الحلال بعد أن بخلت عليهم مهنهم المرموقة!
وواحدة من هؤلاء المهندسة آية التي صارت تعمل على عربة فول نهارا وتذاكر ليلا.. فما حكايتها؟

قرر الأب شراء عربة فول وأن يقف عليها على بعد أمتار من المنزل.. لكن حالته تدهورت وأصبح لا يستطيع الوقوف طويلاً والعمل لعدة ساعات!

تغير حال الأسرة!
كانت أسرة آية تعيش في أمان الله بالقدر اليسير المتوافر لديهم من خلال عمل والدها الذي كان يعمل “شيف” كبيرا في المطاعم السياحية الكبرى، إلا أنه تعرض لأزمة صحية دخل على أثرها المستشفى منذ 11 عامًا وأجرى عملية قلب مفتوح عام 2012 ومعها تغيرت حياة الأسرة بعدما نصحه الأطباء بعدم التعرض للوقوف أمام النار لكونه “شيف”، فقرر أن يشتري عربة فول ويقف عليها على بعد أمتار من منزل الأسرة، لكن حالته تدهورت وأصبح لا يستطيع الوقوف طويلاً والعمل لعدة ساعات، وكانت الأم تعمل لمساعدة زوجها في معيشة الحياة ولم تستطع ترك عملها والوقوف على عربة الفول!

أصبح الكثيرون من سكان مدينة العاشر من رمضان يفطرون عند «آية» المهندسة الزراعية

آية.. تقرر ممارسة مهنة والدها!
أمام أزمة أبيها الصحية والحاجة إلى المال كي تعيش الأسرة، لم يكن من آية إلا أن تقدمت بشجاعة لتمارس مهنة والدها التي كانت تساعده أحيانا وهي طفلة في جلب الخضراوات والمخللات لعربة الفول! فلم يكن المكان غريباً عليها لتتحول قصة فتاة في العشرين من عمرها إلى قصة كفاح، وأصبح كثير من سكان مدينة العاشر من رمضان يفطرون عند آية المهندسة الزراعية تشجيعا لها، وبات اسمها معروفاً ليس فقط في مدينة العاشر من رمضان بل في مصر كلها فهي “بنت بلد” شجاعة مؤدبة.. “جدعة”! بل استطاعت أن تتصدى لبعض المضايقات في البداية من جانب عدد من الشباب الذين يستغربون وقوف فتاة في العشرين لبيع الفول، لكن مع الوقت ووقوف الناس إلى جوارها أصبح من يضايقونها يتعاطفون معها.

تفوقت على نفسها حتى التحقت بالفرقة الثانية بكلية الزراعة جامعة قناة السويس!

وتقف آية بعربة الفول بجوار مستشفى “الأربعين” الخيري بالمدينة، حيث نجحت وتفوقت على نفسها حتى التحقت بالفرقة الثانية بكلية الزراعة جامعة قناة السويس، وفي الوقت نفسه ساعدت والدتها في الحصول على شهادة إتمام الدراسة الثانوية، وكذلك مساعدة إخوتها أميرة (19 سنة) طالبة بالفرقة الأولى بكلية التجارة، وأسماء بالصف السادس الابتدائي، وأحمد بالصف الرابع الابتدائي.
وكانت تتولى آية وشقيقتها أميرة مساعدة والدتهما في كل شيء من تحضير الفول والسلطة ونقله إلى عربة الفول قبل الذهاب إلى مدرستها قبل أن تنجح في تخطي مرحلة الثانوية الفنية بمجموع كبير وتلتحق بكلية الزراعة جامعة قناة السويس.

مذاكرة وعمل
وتستيقظ آية مع نسمات الفجر للصلاة ثم تتعاون مع والدتها في نقل “قدرة الفول” إلى العربة الموجودة على بعد أمتار من المنزل، ليبدأ عملها من الخامسة والنصف حتى الثانية عصرا يوميا ما عدا ثلاثة أيام تذهب فيها إلى الجامعة، فتقف من الفجر حتى السابعة صباحا وبعدها تتوجه إلى الجامعة وتتولى شقيقتها “أميرة” المهمة وهى طالبة بالفرقة الأولى بكلية التجارة جامعة قناة السويس، وتعود آية من جامعتها عصرا لتواصل عملها على العربة وتعاونها شقيقتها “أسماء” في نقل الأشياء للمنزل بعد العمل للاستراحة وتناول وجبة الغداء، ثم يبدأ العمل في تجهيز الفول لليوم التالي لتقضي فترة المساء في المذاكرة قبل الخلود للنوم والاستيقاظ مبكرا.
وتتمنى آية عمل معاش لوالدها لكونه مريض قلب ومساعدة والدتها العاملة في إحدى المدارس في التسوية بالدبلوم الذي حصلت عليه في عملها ومساعدتها في تقنين وضع عربة الفول!

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق