تحقيقات

أحلّ الله الطلاق لحكمة بليغة

متى يكون الطلاق علاجاً علقماً؟

 

رغم أن الطلاق هو أبغض الحلال، إلا أن الله عز وجل أحله لحكمة بليغة تنقذ أفراد الأسرة من آثار سلبية ناجمة عن استمرار العلاقة الزوجية.

وبما أن هذا الحق ارتفع استخدامه في الآونة الأخيرة، فوصل عدد حالات الطلاق الموثقة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2015 إلى 3751 حالة طلاق منهم 590 حالة مخالعة بين أزواج وزوجات كويتيين، فإن الجهات المعنية باستقرار الأسرة والمجتمع أخذت توزع نشاطها في اتجاهين، أولها تخفيف حالات الطلاق، وثانيها الاهتمام بالأفراد بعد الانفصال.

«أسرتي» قابلت الباحثة إيمان الصالح في مركز إصلاح ذات البين وسجلت جهود الباحثين والاستشاريين في ذلك المركز، كما زارت أسراً فضلت الطلاق على استمرار الحياة الزوجية وسجلت بعض قصصهم.

 

حكمة الطلاق

تقول إيمان الصالح الباحثة في مركز إصلاح ذات البين:

أحلّ الله الطلاق لحكمة بليغة منه عز وجل، فهناك بعض الأسر تعاني من مشاكل كثيرة وعميقة وسيترك استمرار العلاقة الزوجية الكثير من الآثار السلبية على أفرادها وخاصة الأبناء.

وتضيف قائلة:

إن إهمال بعض الأسر لأبنائهم وتعريضهم لسوء المعاملة والعنف بمختلف أنواعه، يؤدي بهم إلى الانحراف والابتعاد عن جادة الصواب، وبالتالي تصبح الأسرة مصدرا للشقاء بدلا من كونها سببا للسكينة والمودة بين أفرادها.

سألناها: كيف يتم تهيئة الأولاد لتفهم واستيعاب حدث الطلاق؟

– بداية يجب على الوالدين، بعد تعذر اتفاقهما على الصلح واستمرار الحياة الزوجية، أن يتفقا على مصلحة الأبناء، وتحديد أدوار ومسؤوليات كل طرف تجاه الآخر وتجاه الأبناء؛ كأن يجلس الوالدان مع الأبناء مجتمعين ومنفردين، ويتم التحدث بإيجابية عن الطرف الآخر مركزاً على الجوانب الايجابية في الطرف الآخر. وتعريف الأبناء بأن الطلاق حدث لاختلافهما على بعض الأمور، لكنه لا يعني انفصال الأولاد عن احد والديهما.

 

على كل من الوالدين بعد الطلاق تذكير أبنائهم بالجوانب الإيجابية في الطرف الآخر

 

وأضافت: يجب ألا يكون ذلك بالقول فقط، بل يجب أن يظهرا للأبناء تعاملهما بودية واحترام قولاً وفعلاً، مع ضرورة التنبيه على عدم تجريح الطرف الآخر أو التحدث عنه بسلبية. وكذلك عدم استخدام الأبناء كوسيلة للضغط على الطرف الآخر أو استخدامه كسلاح لمحاربته، فالطفل ينتمي للطرفين معاً الأب والأم، كما انه سواء كان ذكراً أو أنثى بحاجة للتواصل مع الوالدين معاً واكتساب الصفات وتعلم السلوكيات التي يحتاج إليها في حياته.

ما أهم أسباب الطلاق كما تلمسونها خلال عملكم؟

– من خلال عملنا في بحث الحالات التي تعاني من مشاكل أسرية في إدارة الاستشارات الأسرية ومركز إصلاح ذات البين، يتضح أن هناك عدة أسباب للطلاق بعضها حسب ما يراه الزوجان، والبعض الآخر حسب ما يستنتجه الباحث أو الاستشاري الأسري من بحث الحالة مع الطرفين، فالأسباب الأكثر تكرارا حسب رأي الأزواج والزوجات متعددة أهمها:

  • انعدام القبول والمودة.
  • ضعف الحوار.
  • التساهل بالطلاق.
  • تدخل الأهل بشكل سلبي.
  • عدم تحمل المسؤولية.
  • الإهمال.

وكذلك فإن الباحث أو الاستشاري يرى أسبابا أدت بالبعض إلى طلب الطلاق منها ما يتفق مع الأسباب التي يبديها الزوجان ومنها غير ذلك مثل:

  • التساهل بالطلاق.
  • ضعف الحوار.
  • عدم النضج والوعي الكافي لبدء حياة أسرية.
  • عدم الإلمام بالحقوق والواجبات.
  • قلة الوعي بالأدوار المطلوبة من أحد الطرفين تجاه الطرف الآخر.
  • عدم تحمل المسؤولية والاعتماد على الآخرين (الأهل غالباً) في أمور الحياة.
  • تدخل الأهل بشكل سلبي غالبا وعدم وجود الشخصية التي تتصف بالحكمة والهدوء والقادرة على توجيه الأطراف.
  • عدم القدرة على تنظيم ميزانية الأسرة.

 

30% من مراجعي مركز إصلاح ذات البين تراجعوا عن قرار الطلاق عام 2014

 

ما دوركم كمركز إصلاح ذات البين ومدى نجاح جهودكم؟

– مركز إصلاح ذات البين هو مشروع مشترك بين وزارة العدل ممثلة بإدارة الاستشارات الأسرية والامانة العامة للأوقاف ممثلة بالصندوق الوقفي للتنمية العلمية والاجتماعية، وقد أنشئ في أغسطس2001.

يقدم المركز عدة خدمات لصالح الجمهور. أولاها تقديم الاستشارة الاجتماعية والنفسية للذين يعانون من مشاكل زوجية تحول دون استقرار الأسرة وكذلك الأسر التي تعاني من مشاكل وصلت لمرحلة الطلاق، وتقديم الاستشارة للمقبلين على الزواج، والاستشارة لمشاكل الأطفال والمراهقين، ولمن يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية بشك عام، ومتابعة الحالات بعد تحقيق الصلح لضمان عدم تجدد الخلافات، ومتابعة الحالات بعد وقوع الطلاق لمساعدتهم على تجاوز الآثار السلبية للطلاق على الزوجين وكذلك الأبناء.

نقوم كذلك بإجراء الاتفاقات الرضائية بين طرفي العلاقة الزوجية وتوثيقها،  ونشر التوعية الأسرية عبر تنظيم عدد من الأنشطة التوعوية مثل تنظيم دورات توعوية ضمن برنامج «إعداد المتزوجين الجدد». ودورات وورش عمل ضمن برنامج «أبناؤنا وبر الأمان»، ومحاضرات توعوية ذات العلاقة بالأسرة، وإعداد عدد من المطبوعات والبروشورات التوعوية.

وبفضل من الله استطاعت الإدارة والمركز مساعدة المراجعين الذين راجعوا الإدارة بقصد إيقاع الطلاق. فمن خلال تقديم الاستشارة والإرشاد لهم تراجعوا عن اتخاذ قرارهم بالطلاق، حيث بلغت نسبة حالات الصلح 30% تقريباً من مجموع مراجعي الإدارة عام 2014 في الفترتين الصباحية والمسائية.

 

الطلاق أوقف معاناة هذه الأسر

قصص كثيرة تحكي كيف كان الطلاق حلاً لمعاناة أفراد الأسرة، وحماية للأولاد.

من تلك القصص:

  • سيدة وافدة قالت لـ «أسرتي» انها حصلت على الطلاق حماية لأبنائها، فقد تحملت لسنوات عدة آلام الضرب المبرح الذي كانت تتلقاه من الزوج أمام أبنائها وبناتها.

وكان سبب تحملها تلك الآلام هو الحفاظ على أولاها، ولكنها حينما وجدت أن هؤلاء الأولاد هم الذين يطالبونها بترك والدهم، ولمست حجم الكراهية التي يحملونها له، لجأت للقضاء وحصلت على الطلاق وعلى حضانة الأولاد.

وبدأت بعدها بتخفيف حدة الحقد الذي يحملها الأبناء على أبيهم معللة لهم سبب إقدامه على ضربها بأنه يعاني من مرض نفسي، ومن ضغوط العمل طالبة من الله أن يشفيه ويهديه.

  • مواطن فضل عدم ذكر اسمه نأى بنفسه أن يقدم للمحكمة الأسباب الحقيقية لطلاق زوجته وذلك حفاظاً على سمعة ابنتيه. ولكنه أسرّ لـ «أسرتي» أنه ضبط زوجته بوضع خيانة مع رجل داخل بيته.. وقال انه اكتفى بالطلاق، وسمح لطليقته بزيارة ابنتيها في بيته فقط، وحتى هذا التاريخ لم يطلع أهله ولا أهل طليقته ولا ابنتيه على سبب الطلاق.
  • مواطنة حملت أولادها ولجأت إلى بيت أبيها بعد أن عجزت عن إقناع زوجها بالتوقف عن تناول الكحول وحبوب الهلوسة على مدى سنوات عدة؛ فقد خشيت على أولادها من تصرفات الزوج في البيت التي وصفتها بالسيئة جداً.

وقد وافق الزوج على الطلاق مقابل تنازلها عن حقوقها والاحتفاظ فقط بالأولاد والبنات.

 

الكويت: فادية الزعبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق