أخر الاخبارتحقيقات

أصبحت‭ ‬تصارع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء «‬الخيامية‮»‬‭ ‬فن‭ ‬التراث‭ ‬الرمضاني‭.. ‬وحرفة‭ ‬الصبر‭ ‬والدقة

في مشغل «نقوش مصرية» تستقبلك الواجهة بالخيامية المُعلقة على كل ركنٍ وجدار، وتجد الحرفيين يعملون في تركيز على صُنع قطع الخيامية فمرّة حقيبة مشغولة أو وسادة أو مفرش أو لوحة تُعلق على الحائط.. ومع حلول شهر رمضان تبدأ الشوارع والمحال المختلفة بالتزين بالخيامية إذْ تقع عيناك على زينتها القماشية والبلاستيكية مُعلقة في كل مكان تقريبًا.. في موضوعنا نتحدث إلى فناني «الخيامية»، عن تاريخها ووضعها الحالي وارتباطها برمضان:

كريم خلف:
تعتمد «الخيامية» على مهارة الحرفي وتحتاج إلى الدقة والصبر

في منطقة الأباجية بحي الخليفة جنوب القاهرة التقينا كريم خلف، صانع “الخيامية” وصاحب مشغل نقوش مصرية، الذي استهل حديثه معنا بالتعريف بفن الخيامية باعتباره فناً يجسد التراث المصري على مر العصور من خلال لوحات على القماش (تتكاثر الأقاويل عن أصل الفن البعض ينسبه إلى عصر مصر القديمة والبعض الآخر يرجعه الى العصر الإسلامي أو الفاطمي أو العثماني).
ويبين أن “الخيامية” تتميز عن غيرها من فنون النسيج الأخرى بالحرفة والفن (تعتمد الخيامية على مهارة الحرفي أكثر في تفريغ القماش بالمقص ثم تخييط التصاميم واستخدام الغرز المختلفة في الخياطة، منها الغرزة السحرية والسحابة والتشطيب’ وهو ما يجعلها أكثر حاجة للدقة والصبر).
وعن خطوات تصنيع قطع الخيامية، يقول “في البداية يُرسم الباترون (والمعروفة في الخيامية بالإسطمبة) ثم في مكان الرسم تستخدم إبرة ويبدأ الحرفي في عمل ثقوب وفتحات بسيطة على رسم الإسطمبة ثم تُحضر الخلفية التي ستستخدم وتوضع فوقها ورقة الرسم المثقوبة وإذا كانت الخلفية فاتحة اللون يستخدم الحرفي تراب الفحم ونحركه على الورقة من فوق وتُرسم بالخطوط نفس الرسم الموجود بالورقة على القماش، وبعدها يبدأ قص الموتيفات والذي يحتاج الى دقة نوعًا ما ثم قطع التصميم والخياطة”.

ويذكر أن القماش المستخدم في “الخيامية” هو قماش التيل الدكّ والداكرون.

بدأت تعلم «الخيامية» في سن السابعة حين استهوتني في ورشة جدّي

وبدأت “الخيامية” في جذب كريم خلف منذ سن صغيرة ففي طفولته كان يشاهد الحرفيين وهم يعملون على صناعة الخيامية مع جده وشدته ألوان الحرفة الزاهية ودقة التصاميم (استهوتني كيفية تركيب كل هذه الألوان مع بعضها بعضا لتتحول الأقمشة البيضاء إلى أخرى ممتلئة بالألوان الحيوية المتناسقة، وبدأت وأنا في السابعة مساعدة الحرفيين والتعلم منهم ولكن احتراف الفن لم أصل إليه إلا قريبًا).

«الخيامية» كانت تواجه خطر الاندثار لأنها حرفة مقتصرة على أهلها فقط

ويرى كريم أن الخيامية كانت منذ سنوات تواجه خطر الاندثار لأنها حرفة مقتصرة على أهلها فقط يورثونها لبعضهم بعضا وهو ما يراه خاطئًا ويضر الفن (الحرفيون يتعلمون أفكارا واحدة دون تطوير ولكن دخول أجيال جديدة للحرفة ساهمت في استخدام تصميمات ورسوم جديدة وألوان مختلفة.. أما من بقي دون تحديث فلم يعد هناك إقبال على أعمالهم، لأن الناس تشبعوا من القطع القديمة.. فحاليًا صار هناك إقبال على تعلم الخيامية حتى من خارج الحرفيين).
وأوضح أن ظهور الخيامية المطبوعة ومنذ عشر سنوات تقريبًا ومع الظروف الاقتصادية صار الطلب على الخيامية المطبوعة أكبر مع تراجع في طلب المنتجات اليدوية (ولكن في الفترة الأخيرة مع مبادرات الدولة لدعم الحرفيين أصبح الطلب في الموسم الرمضاني على قطع الخيامية اليدوية أكثر زيادة.. ومن هذه المبادرات إبداع من مصر لدعم الصناعات الحرفية اليدوية وهي التي تمول مشغلنا نقوش مصرية).

الطلب على قطع «الخيامية» في رمضان الماضي كان شبه معدوم

ويذكر أن الطلب على قطع الخيامية المطبوعة والمنسوجة في رمضان الماضي كان شبه معدوم (العام الماضي لم تكد تكون هناك طلبات من الأساس خوفًا من كورونا، فحتى شراء الخيامية المطبوعة صار قليلًا جدًا ولكن هذا العام فإن الناس عادوا إلى حد كبير للإقبال على شراء قطع الخيامية المطبوعة واليدوية).
ويوضح أن معظم الحرفيين محترفي فن الخيامية تتراوح أعمارهم حاليًا بين الخمسين والستين عامًا وليس لديهم نقابة أو معاش (عمل حرفي الخيامية غير مستقر، وأيضًا لا يضمن لصاحبه مستقبلًا بعد توقفه على العمل).

منتجات «الخيامية» تشهد إقبالًا كبيرًا من خارج مصر

ويؤكد أن الإقبال على منتجات الخيامية هناك لا يقتصر على مصر فقط (هناك إقبال كبير على منتجات الخيامية من خارج مصر ولكن بسبب أزمة كورونا، فلا يمكننا توفير الشحن في مشروعنا لخارج مصر ونطمح مستقبلًا الى تصدير الطلبات إلى كل دول العالم).
ويكمل: (الخيامية تُعرض في كثير من المعارض خارج مصر، فهناك سيدة إنجليزية تجيء الى مصر كي تدعم الحرفيين وتشتري أكثر قطع الخيامية المشغولة بدقة وتسافر لعرضها حول العالم ولكن للأسف بعض تجار الخيامية يهدرون حق الحرفيين ولا يسمحون بسفر الحرفي في الخارج لعرض قطعه مع السيدة الإنجليزية).
وعن أكثر قطع الخيامية التي تشهد إقبالًا من قبل الزبائن يقول (يظهر الإقبال على القطع المزينة بزهرة اللوتس، فبالنسبة للمصريين زهرة اللوتس تجمع بين المصري والحضارة المصرية القديمة وهي أيضًا بسعر متوسط مقارنة بالقطع المزينة باللوحات الفرعونية العالية الدقة).

مصطفى علي:
«الخيامية» المطبوعة أثرت على اليدوية خاصة بالنسبة إلى الرسوم والتصاميم المعقدة

ويحدثنا مصطفى علي، خيمي ورِث عن والده مهنة الخيامية ويعمل من وقت لآخر في حي الخيامية الشهير بالقاهرة، عن تغيير الوضع الحالي إذْ يقول (عملت في الخيامية منذ ما يزيد على عشرين عامًا في الماضي كانت الخامات كانت أرخص، كما أن التاجر الآن صار يبحث عن المكسب أكثر فيبخس الحرفي حقه. وأثرت الخيامية المطبوعة على اليدوية بشكل كبير، خاصة بالنسبة إلى الرسوم والتصاميم المعقدة باعتبارها تأخذ كثيرا من الوقت والجهد كما أنها مكلفة أكثر إذا صنعت يدويًا على عكس المطبوع الذي يُعرف برخص ثمنه).
ويقول (تستغرق صنع قطع الخيامية اليدوية كثيرا من الوقت، العمل فوق 10 ساعات يوميًا، وهو ما يجعل الكثيرين يعزفون عن هذه الحرفة إلى جانب الدقة).

رمضان العجوز:
التجار الآن لا يقدرون الجهد الذي يقوم به حرفيّو «الخيامية»

فيما يذكر الستينيّ رمضان العجوز، الذي يعمل في الخيامية منذ ما يقرب من 35 عاما، أن مرحلة ضبط التصميم بالإبرة تعد المرحلة الأصعب (في مرحلة الخياطة بالإبرة تحتاج إلى ضبط المقاسات بدقة والتأكد من مطابقة قياسات جميع أجزاء التصميم لبعضها).
ويؤكد أن الطلب على قطع الخيامية أصبح أقل من الماضي (مع أزمة كورونا أصبح التجار يقلصون من أسعار شرائهم لقطع الخيامية من الحرفيين. كما صار التجار الآن لا يقدرون الجهد الذي يقوم به الحرفي).
ويبين أن في قطع الخيامية تتفاوت في الوقت المستغرق في تصنيعها (بعض القطع تستهلك يوم أو يومين، والبعض الآخر قد يصل إلى أسبوع).
ويختتم رمضان حديثه معنا مستذكرًا ارتفاع الطلب على قطع الخيامية في شهر الصيام قبل انتشار الخيامية المطبوعة (منذ عدّة سنوات كان الشغل اليدوي يباع بشكل أوسع خاصة أن بعض الأعمال الفنية مثل المسلسلات والأفلام كانت تستخدم المنتجات اليدوية، ولكن حاليًا أصبح الاعتماد بشكل رئيسي على الطبع. كما كان الحرفيون مختصين بتصنيع الترك، وهو الذي يُعلق في الأفراح للتزيين، ولكن الآن لم يعد أحد يطلبه، وصار الاعتماد على المطبوع بشكل رئيسي والذي صار أسرع وأقل تكلفة، خاصة أن صناعة التَرك كانت تستغرق في بعض الأحوال ما يقرب من أسبوع).

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق