ثقافةزوايا

اقتحم مجالاً أدبيًّا «مخيفاً» للقراء والكتّاب!

الروائي عبدالوهاب السيد الرفاعي:

 

رؤيتي لمستقبلي: توسيع رقعة الانتشار واستقطاب أكبر عدد من الشباب العربي

 

عبدالوهاب السيد الرفاعي كاتب مختلف بكل المقاييس.. اقتحم مجالاً أدبياً ليس فقط مخيفاً للقراء، بل الأكثر مخيفا للكتّاب أنفسهم، لما يمثله هذا النوع من الأدب من مخاطر ومحاذير من الناحية الاحترافية ومن الناحية الثقافية الخاصة في وطننا العربي، هذا النوع من الأدب أو «أدب الرعب» وتحديداً «الرعب النفسي» فيه مساحات شاسعة من المجاهيل أكثر من المعلومات، لكن عبدالوهاب سيد الرفاعي استطاع، باقتدار واضح، أن يملأ تلك المساحات المجهولة لكثير من علم النفس، والثقافة النفسية العامة، وبغزير من التعبير الأدبي البليغ. كتبت عن عبدالوهاب سيد الرفاعي موسوعة «ثمين الكويت»، واصفة إياه، بأنه «حين تمسك أحد مؤلفاته لن يسعك التوقف، فأنت لا تدخل في كتاب فحسب بل تشاهد فيلماً سينمائياً يحدث.. من سلسلة مقالاته العلمية في مجلة «بيئتنا» الى مجلة الفتيات والأبعاد الخفية، امتلك الشجاعة ليصدر كتابه الأول عام 1999 «وراء الباب المغلق»، لتنهمر كتبه بعدها الى 14 إصدارا، ليغدو اليوم من أوائل الروائيين الذين كتبوا في الخيال العلمي وأدب الرعب والبوليسي وعالم ما وراء الطبيعة. وكأن مؤلفه الأول «وراء الباب المغلق» كان ينبئ بأن وراء باب النجاح المغلق في البدايات الآفاق الواسعة للنجاح والتأثير والتفرد. وقد كان لـ «أسرتي» معه هذا اللقاء:

 

دعنا نبدأ بداية غير تقليدية: بعد كل هذا النجاح الكبير لرواياتك وقصصك.. ما رؤيتك لمستقبلك ككاتب؟

– هو توسيع رقعة الانتشار والمحافظة على المستوى الذي حققته، وقد كان مستحيلاً في رأي الكثيرين ولكن لله الحمد وصلت إليه، إلى جانب استقطاب أكبر عدد ممكن من الشباب العربي، وقد كان الانتشار في الكويت مستحيلاً ثم الوطن العربي، والآن تحقق الانتشار في الكويت.

 

هناك من يرى أن رواياتك الأخيرة تختلف عن رواياتك القديمة.. فهل توافق على هذا الرأي؟

– ربما تختلف من ناحية الرؤية فقط.. لأن رواياتي جريئة علمياً، والمعلومات العلمية التي فيها قد تكون ثقيلة بعض الشيء.. وهدفي في النهاية هو أن أجعل القارئ يفكر خارج الصندوق.

 

ألا تواجه بذلك اعتراضات معينة؟

– نعم.. واجهت اعتراضات في قصة «عزف على أوتار الكون»، وقد وصلتني رسالة اعتراض من قارئة تتهمني بأنني أحاول جذب الشباب بعيداً عن الدين. ودائماً أقول إن الإنسان عدو ما يجهل.

 

كتبت في مقدمة روايتك «متحف الأرواح»: «كل كلمة كتبتها تركت قطرة مني على هذه الصفحات.. لذا.. وبعد أن انتهيت من الكتابة.. أصبحت أنا الكتاب والكتاب أنا».. فهل يمكن أن توضح لنا ماذا تعني بذلك؟

– كنت أقصد بهذه العبارة، وتحديدا في هذه الرواية «متحف الأرواح» أنها قريبة جداً من قلبي وأسعى الى ترجمتها الى الانجليزية، وهي تحتوي على أبعاد كثيرة، وأشير فيها الى زمن من التاريخ الطويل 1930 حتى الآن بالكويت، وقد وضحت ما عندي في هذه الرواية، بل مخاوفي.. أحلامي.. كل أمنياتي.. ومن يقرأ هذه الرواية يدرك ما فيها.. وقد طبعت حتى الآن 10 آلاف نسخة ولا يوجد قارئ استطاع تخمين النهاية.

 

في روايتك «متحف الأرواح».. كتبت أنك تأثرت بقصيدة قديمة كُتبت عام 1899 في كندا.. ودفعتك لكتابة هذه الرواية.. فماذا عن تلك القصيدة؟

– القصيدة لم تكن هي السبب الرئيسي، بل أحد الأسباب.. دائما أشبه الرواية بعصير الليمون، سكر، ماء، ليمون، والرواية بشكل عام هي عصير أفكارك. هذه القصيدة كتبها كاتب أو شاعر، وكان يكتبها تيمناً ببيت مشهور بالاحداث المحيرة والمجهول.. فكتبت هذه الرواية.

 

واصلت أجزاء قصص «حالات نادرة» حتى الجزء الرابع الأخير الذي يدور حول قصص غريبة لفتيات كويتيات.. لماذا اخترت تحديداً الفتيات الكويتيات لهذا الجزء؟

– اخترت الفتيات الكويتيات في كل أجزاء السلسلة لأنني مواطن كويتي يعيش في الكويت وأشعر بأبناء وبنات بلدي.. وأقرأ كثيراً في علم النفس الخاص بالمرأة.. وأرى أن المرأة مظلومة في الكويت والوطن العربي كله، لأنه للأسف ثقافتنا الشرقية تعطي الولد أو الرجل الحق في كل ما يفعله، وهذه نظرة أحادية مرفوضة، لذلك في قصصي أحاول أن أوضح أن هذه الفكرة خاطئة.

 

ذكرت في «حالات نادرة» أنه سيمر علينا زمن إذا لم يكن للإنسان طبيب نفسي يزوره باستمرار، فسيظنه الناس مجنوناً! كيف ترى الأدب مشاركاً في زيادة وعي الناس بالأمراض النفسية؟

– أقول دائما إن الأدب وعلم النفس مرتبطان بشدة.. وعلى كل كاتب روائي أن يقرأ في علم النفس، فهما متصلان اتصالاً كاملاً، والكاتب الذي لا يقرأ علم النفس يتضح الضعف في أعماله.

 

في كتابك «بعد منتصف الليل» كتبت ناصحاً القارئ بأن يقرأ هذه القصص بعيداً عن زحمة الحياة حتى يعيش مع أحداثها بكل حواسه.. فإلى أي مدى ترى أن أدب الرعب وقصص البارسيكولوجي تضيف إلى خبرة الإنسان رغم زحمة الحياة؟

– سؤال جميل.. المشكلة في النظرة السلبية الى أدب الرعب، لكنه أدب هو يحتوي على 17 نوعاً.. وأنا أكتب «الرعب النفسي» وهو أقرى أنواع أدب الرعب، وهو يطرح أسئلة حول الإنسان بلا إجابات.. مثلا: الإنسان وقت الغيبوبة أين يذهب وعيه؟ ماذا يختبر؟ أو وقت الصرع ماذا يحدث له؟ إذن فعلاً فرع من الأدب جدي وليس للإثارة فقط، بل للبحث في كوامن الإنسان الخفية وبالتالي فيه نوع من الاستعانة بعلم النفس.

 

بمَ تفسّر الإقبال الكبير من الشباب   والأجيال الجديدة على قصص وروايات الرعب والبارسيكولوجي بشكل عام؟

– لأن الشباب يعشق الخيال ويريد الابتعاد عن الواقع.. وأدب الرعب يقدم له مادة دسمة من الخيال التي يمكن أن ينعكس على حياته، ويرى الشباب أنه قريب من البطل أو الأحداث رغم بُعده عن الواقع. والشباب يريد أن يسقط نفسه على ما يدور في هذا الأدب، والشباب يتعلق به سريعاً، فعندما أكتب قصة في الرعب النفسي أو شخصية عامة مثلاً، فمن الممكن أن أكون أنا قريباً من هذه الشخصيات، فيرى نفسه فيه.

 

كلمة أخيرة لك.

– أنا شاكر جداً لهذا اللقاء ولمجلة «أسرتي».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق