تحقيقات

الأم أفضل مدرسة

LA3035-001
رجال يطلبون من زوجاتهم التعلُّم من مدارس أمهاتهم الحياتية

أريدها كعود الخيرزان…لا نحيفة أشكو ضعفها ولا سمينة أشكو وزنها، كحيلة العينين، أريدها تخطفني بنظراتها نحو الجمال، لا ضير إن كانت تحمل شهادة جامعية أو الثانوية العامة، فأنا سأجعلها تتعلم فنون الطبخ التي هي أهم عندي من أي شهادة علمية، هكذا خاطب والدته حين همت بالبحث له عن عروس، تتطابق مع شروطه كما غالبية أقرانه من الشباب المقبلين على الزواج.

ردت عليه والدته الستينية بكلمات معدودة لم يع معناها، إلا بعد أن وقع على رأسه بخوض التجربة: يا بني ما تهتم للجمال، قدر ما تهتم لعقلها ودينها، وتكون بنتا متربية على الأخلاق، حتى ما تتعب معها بكرة وتنسى جمالها، يا أمي «طلبات لا نهاية لها.. فسح ومصروفات.. تمضي وقتها بين مواقع الشبكة العنكبوتية… طلعات من سلفتها لجاراتها.. ومن جوال لتلفون… وجبات سريعة وسندوتشات عالماشي…وبالآخر شو الحياة هاي، يا ريتني ظليت حرة عند بيت أهلي أحسن من هالعيشة»، استرجع الزوج كلام والدته وقت أن قالت له: يا أمي الجمال مش كل الحياة، وقتها أصبح يعطي لزوجته دروسا لتكون مثل أمه مقتصدة ومدبرة وحنونة، تحمل المسؤولية، تطمح لإرضائه ليصلا إلى حياة السعداء، بين أمي وزوجتي اختلاف كما بين السماء والأرض، هكذا بدأ الشاب أبو مسلم حديث الزواج بعد أن تأوه من تعب حياته برفقة زوجته التي ما زالت تحتاج لمزيد من التوعية حيث صفات لابد لها من حملها، لتكون نعم الزوجة والرفيقة بعد أن أفنى الزوج ماله ووقته في تأسيس عش الزوجية الذي حلم به على مدار سنوات عمره، فيقول: تمنيت أن تكون زوجتي كأمي في كثير من المواقف، كان تتحمل المسؤولية وتقدر المواقف وتجيد التصرف في بعض الأمور، اجتماعية في علاقاتها مع الأهل والأقارب وعندما أتحدث معها لأنصحها كيف تتصرف وتدبر شؤون الحياة وعليها أن تتعلم من أمي، وقتها تنقلب الدنيا رأسا على عقب وكأني أخطأت بحقها وأهنتها ليتحول الأمر إلى معركة في كل مرة ويتمنى أبومسلم مع مرور الأيام والعشرة أن تتعلم زوجته وتتغير وتكتسب الخبرات وتفهم الحياة الزوجية بأصولها الصحيحة.
صارحتها منذ البداية
بعيدا عن معاناة أبو مسلم في سوء اختياره لزوجته وقريبا من حياة شخصين تبدو مستقرة، فبعد أن وصل الشاب إسماعيل نعيم لمنتصف عقده الثالث لم يتعب نفسه بالبحث عن عروسة كثيرا، بعد أن سمع لنصيحة أمه بأن الفتاة التي اختارتها له تجمع بين الجمال وبين استعدادها لحمل مسؤوليتها المستقبلية، بعد أن دخلت قلبها دون استئذان، يقول نعيم وحيد والدته والذي تفصله أيام قليلة عن مراسم زواجه: صارحت خطيبتي منذ البداية بأنها تشترك وأمي في أشياء كثيرة أحبها، فخطيبتي مستعدة لتحمل المسؤولية الزوجية وهي قادرة على التمييز بين ما هو خطأ وما هو ايجابي، كما أنها تشبه أمي بقوة شخصيتها بحكم عملها كمدرسة، ويتابع «نعيم» حديثه: لن أفرض على زوجتي أن تمثل شخصية أمي بحذافيرها، رغم حبي لوالدتي فكل شخص يحمل ملكات تميزه عن غيره وليست بالضرورة أن تتطابق، لكن يمكنها أن تتشابه، فالزوجة هي التي تشارك زوجها في كل شيء في الحياة وتتحملها بحلوها ومرها وبقدرتها معي تمر بسفينة الحياة إلى بر الأمان ولها دور كبير في تربية الأبناء وتعليمهم وهذا لا يلغي دوري كولي أمر.
يختم الشاب «نعيم» حديثه: لو طلبت من زوجتي أن أكون مثل أبيها وأقتبس من شخصيته إيجابيات هي تحبها فلن أتردد بالقبول، ويبقى التفاهم سيد الموقف، بعيدا عن الضغط والعناد والقسوة والتسلط لكي لا نضع أنفسنا في مرمى المشاكل التي لا نهاية لها.

جارٍ البحث عن غيرها
كثيرا ما سببت لي ألماً وجرحاً في حياتي، فقد مر على زواجنا ما يزيد على عشر سنوات وهي مازالت تجهل ما أطلبه منها، لا أدري إن كانت تحمل عقلية صعبة الاستيعاب، أم أنها تعاند على ما تريده هي.
تساؤلات استفزت الزوج «أبويوسف» الذي أوشك على إتمام عقده الثالث بعد أن أنجب ثلاثة من الأطفال يقول: يا ليت كل نساء الأرض مثل أمي، فهي طيبة لا تعرف الخبث ولا تعرف حديث النساء مع النساء الذي لا يجلب سوى النكبات، لا تعرف الغيرة القاتلة، ولا تنظر لغيرها من النساء، هذه تخرج وهذه تلبس كذا وهذه تتصرف كذا وهذه زوجها كذا، يتابع أبويوسف، جار البحث عن زوجة ثانية بعلم زوجتي، التي ما فتئت أن تعدل من أخطائها، إلا أنني على قناعة بأنها لن تصبح مثالية إلا بمجيء أخرى، سأحاول هذه المرة إلا أخطئ في اختيار الثانية، فلم يصبح الجمال مقياس الزوجة المطلوبة، ولكنه مطلوب وليس الأساس، ونصح أبويوسف الشباب المقبلين على الزواج بألا يقعوا في فخ الجمال النسائي، وينسوا العقل المتزن لديها في لحظة تغلب عليها العاطفة القوية لدى الرجل، بعقد الزواج باختيار شريكة حياته، بناء على ابتسامة وبياض بشرة ونحافة جسد، وبالنهاية يصطدم بخفة العقل دون تعميم تلك النظرية حسب رأيه.

الصبر مفتاح الفرج
بعد أن غامر الشاب العشريني «محمد أبووردة» بعامين من حياته الزوجية، تبين له ولزوجته أنهما دخلا في واقع مسؤولية كبيرة لم يكونا على قدر من الاستعداد لها، يقول الشاب أبو وردة: ما زالت زوجتي في مرتع طفولتها، فلم تتمكن من تعلم فنون الطبخ كما طعام أمي الذي اعتدته ولا تحسن سوى الساندويتشات التي لا تستغني عنها مع قليل من الوجبات السريعة، يتابع بطرافة: اليوم الذي لا تتوافر فيه وجبات سريعة، تتصل زوجتي بوالدتها لترسل لها شيئا مما صنعت من الطعام، فلم أكن أعلم أن صنع الطعام بهذه الصعوبة إلا بعد الزواج، ولولا عملي لجلست معها في البيت، وساعدتها في مهنة الطبخ ويضيف أبووردة: أحتاج وزوجتي قليلا من الدروس في الحياة لكي نصبح قويين فلن أفرض على زوجتي أن تكون مثل أمي أو أمها، ولكن معا سنتفق كيف سنكون الأفضل بعيدا عن سياسة الفرض، فقليلا من الصبر نحتاج لكي نتعلم من دروس الزمن.

ليس له الحق
«لا يتوقع من زوجة صغيرة حديثة الزواج أن تكون مثل أم زوجها أو حتى أمها، بحكم الخبرة في الحياة وبحكم فرق العمر وفرق الأجيال فضلا عن ذلك، الإدراك أن هناك فروقا فردية بين كل الأشخاص وعدم الإدراك بهذه الحقيقة يسبب الكثير من المشاكل» هذا جزء من حديث دكتور علم النفس في جامعة الأقصى «درداح الشاعر» ويقول: سعي الرجل لتطبيق انطباع داخلي يراه إيجابيا ويجب على زوجته الالتزام به، إنما يتحول لعلاقة عداوة بينه وبين زوجته، وبين زوجته وحماتها، فهو بهذه الطريقة يشعرها بالنقص، وأنها لا تملك ما يميزها عن بقية النساء، ولاشك أن الرجل يريد زوجة تتوافق معه وليس عيبا أن يوجهها لما هو صحيح، ولكن من الخطأ أن يصرح لها بأن تتمثل بشخصية بعينها، حتى لو كانت هذه الشخصية هي أمه، ينصح الدكتور الشاعر الرجال المتزوجين والمقبلين منهم على الزواج بألا يحرموا الزوجة أن تكون هي نفسها ليتسع لها ميدان الحياة بالإبداع، مشيرا إلى أن المرأة حينما تأتي لبيت الزوج، لا تأتي صفحة بيضاء، إنما تكون في بيئة أخرى، قد تعلمت منها الكثير، فالإنسان يجب أن يشبه نفسه ويهمس الشاعر في آذان الرجال بقوله «المرأة خُلقت من ضلع أعوج، فلو تركه الرجل، أبدعت وتمتع برفقتها ولو قومه كسر، فلا يكون التغيير إلا بالتفاهم والتراضي بين الطرفين دون تدخل طرف ثالث بينهما .

إرضاؤه نصف الحياة
وترى الاخصائية الاجتماعية نسرين خليل ان الزوج المتزن يبتعد عن إقناع زوجته بأن تكون مثل فلانة أو تلك حتى لا تشعر بأنه يحاول سلب شخصيتها وإبعادها عن ملكاتها الشخصية، في المقابل يستطيع الزوج بالكلمة الطيبة أن يصنع من زوجته شخصية ترضيه على الدوام.
وتضيف الاخصائية نسرين خليل: الزوجة التي تطمح لحياة مستقرة هي التي تسعى لإرضاء وإسعاد زوجها وهي التي تحاول إخفاء الفجوة بينها وبين حماتها، بإظهار ودها لها ومجاملتها وألا تختلق المشكلات، فإرضاء الزوج نصف الحياة. وتوضح أن المرأة بطبيعتها ليس من المستحيل أن تتغير، فالكلمة الطيبة والتفاهم بعقلانية ورضا يخلقان المرونة والطيبة والحب بين الزوجين. فليس على الرجل بحكم رجولته أن يتسلط بفرض ما يريد حتى لو كان صاحب الحق.
وتشير الاخصائية نسرين خليل بقولها:
من حنكة الرجل أن يخلق الحب بين زوجته وأمه، سيرى وقتها أنها ودون أن يطلب منها أن تكون مثل أمه، قد فعلت ما يريد لإرضائه، فيمكن أن تتمثل الزوجة بحماتها بتعلم الاقتصاد في المصروفات والتمييز بين ما هو صحيح وعكسه دون توجيه وأن تكون على دراية بالأصول العائلية بعيدا عن القيل والقال.

«أسرتي» في كل مكان
فلسطين – عبدالله عمر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق