ثقافةزوايا

الباحثة التونسية في أدب وثقافة الطفل وفاء المزغني

متوسط قراءة الطفـل العربـي ســـــــــــت دقائق في العام.. وهذه كارثة!

 

الباحثة التونسية وفاء المزغني هي واحدة من أهم الباحثين المهتمين بأدب وثقافة الطفل حاصلة على ماجستير في اللسانيات التطبيقية والنظرية في اللغة والآداب وهي رئيس المجلس العالمي لكتب اليافعين في تونس.. قدمت الكثير من الورش في الكتابة الإبداعية في كثير من دول العالم، المزغني أكدت في لقائها مع «أسرتي» أن متوسط قراءة الطفل العربي لا تتجاوز ست دقائق في العام وأن بعض المواقع الالكترونية تتضمن أفكارا مسمومة وملغومة وقد تنتج لنا في النهاية مجموعة من المتطرفين والإرهابيين.

وأشارت المزغني الى أن الطفل العربي مظلوم مقارنة بالطفل الاوروبي وتحدثت عن الكثير من الأفكار  التي يمكن أن تساهم في النهوض بمجتمعاتنا العربية عبر بوابة الطفل العربي وطالبت الوالدين بتجنب الرقابة المشددة والمباشرة على أطفالهم.. وهذه تفاصيل اللقاء:

 

بداية كيف وجدت الكويت في زيارتك الأولى لها؟

– حقيقة سعيدة جدا بها طالما سمعنا عن الكويت وقرأنا عنها ومطبوعاتها الثقافية غزت كل بيت عربي فقد لعبت دورا مهما في حياة كل مثقف عربي فشكرا للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على استضافتي والحفاوة والاستقبال الرائع وهذا ليس غريبا على الكويت وأهلها.

أنت متخصصة في ثقافة الطفل فكيف تقيِّمين علاقة الطفل العربي بالثقافة مقارنة بالدول الأوروبية والغربية عموما؟

– هل تعلم أن متوسط قراءة الطفل العربي خارج المنهج الدراسي لا تتجاوز ست دقائق سنويا؟! وهذه إحصاءات وربما تكون هذه النسبة قديمة إلى حد ما لكن حتى لو تحسنت قليلا حاليا فعن ماذا نتحدث هذه كارثة بكل المقاييس وهذا ليس غريبا، فالطفل العربي لا يرى والديه أو أيا من عائلته وهو يقرأ أو حريصا على القراءة فمن سيكون مثالا أو قدوة له حتى يخرج للحياة محبا للقراءة؟!

إذا كان هذا هو الحال فما قيمة الندوات والحلقات النقاشية التي تعنى بثقافة الطفل؟

– المفترض أن نخرج بمشاريع من مثل هذه اللقاءات تكون متواصلة ومستمرة فمثلا تكون هناك ورشة تعتمد أساسا على إشراك جميع المتداخلين في الحلقات النقاشية والمتخصصين في مجال الطفل من أسفل السلم إلى أعلاه بمعنى أن تضم الورشة الطفل والأسرة والكاتب والرسام والموزع والناشر والصحفي والمشرع في البرلمان حتى نستطيع أن نضع أصبعنا على الداء ومن ثم نقرر العلاج الصحيح.

 

الإبداع والابتكار

كيف يمكن تشجيع الأطفال على الإبداع والابتكار وصقل مهاراتهم؟ وما الآليات؟

– لصقل مهارات أطفالنا وتشجيعهم على الإبداع من منطلقي كمتخصصة في التدريب على القراءات اعتبر أن تقديم الكتاب الجيد الذي يشجع على التفكير الناقد والعلمي والإبداعي وطريقة تقديمه وقراءته وإخراجه بشكل جمالي كل هذه العناصر مهمة وتلعب دورا فاعلا في تنمية قدرات ومواهب الأطفال أيضا طريقة مسرحة القصة والقراءة التفاعلية معها كل هذه الأنشطة المصاحبة ممكن أن تجعل من الطفل عنصرا فاعلا وليس مجرد مستهلك أو متلق للمادة التي يأخذها فيتعود على الابتكار.

طفل القرن الواحد والعشرين يحتاج إلى نوعية مميزة من الكتابة تحتوي على الأفكار الخلاقة وتكسبه آليات التعليم المتطور بأسلوب ذكي يخلو من المباشرة ليحفز خياله كيف يمكن الوصول لهذا؟

– طبعا طفل القرن الواحد والعشرين يحتاج إلى كتابة تحتوي على الأفكار الخلاقة فالنص بطريقته التقليدية الذي يعتمد على التلقين المباشر غير منصوح به وهذا يقع على عاتق المبدعين الذين يجب أن يقدموا نصوصا خلاقة متطورة ذكية بآليات وأساليب جديدة لأنه في النهاية النص يجب أن يكون تفاعليا ويتضمن إشارات وأفكارا ومدلولات تلبي الفكر الناقد لدى الطفل وتحفز خياله بحيث عندما يقرأ النص ويتلقاه يكون في ذهنه ماذا سيفعل به، وعندما أقول هنا النص ليس بالضرورة أقصد الكتاب الورقي فمن الممكن أن يكون الكتاب الكترونيا فإذا كان طفلنا لا يلتفت إلى النصوص الورقية فيجب أن نشجع فيه عادة القراءة حتى لو كانت عبر الشاشات والأجهزة الالكترونية فأنا لا أرى تعارضا بين الكتاب الورقي أو الالكتروني أو المواقع والمنتديات.. المهم أن يقبل الطفل على القراءة والاستفادة منها والتكنولوجيا يمكن تطويعها لخدمة أهداف الكاتب.

 

بعض المواقع الإلكترونية بها أفكار مسمومة وقد تنتج لنا متطرفين

 

ولكن بعض هذه المواقع قد تقدم فكرا منحرفا أو متطرفا مما يؤثر سلبا على شخصية الطفل وقد تنتج لنا في النهاية إرهابيا أو متطرفا؟

– أنا لا أقول علينا أن نترك الحبل على الغارب لأطفالنا يدخلون المواقع كما يشاؤون بالطبع قد يكون فيها أفكار  مسمومة تشكل عقلية الطفل، ولذلك لابد من ممارسة المراقبة غير المباشرة من الوالدين بالتحاور معه ومناقشته فيما يتابع من مواقع ومنتديات وهذا هو دور الأسرة لأنه من المهم جدا أن نعرف ماذا يقرأ طفلنا، على الأقل في المراحل الأولى نتأكد أنه يسير على الطريق الصحيح ثم نمنحه بعد ذلك الحرية المتدرجة لكن من الخطأ أن تكون المراقبة مباشرة بمعنى طلب الوالدين رؤية ما يقرؤه الطفل أو الضغط عليه فهذا قد يؤدي إلى نتائج عكسية فيخفي الطفل ما يقرؤه أو ما يشاهده من مواقع قد تسيء إليه والى المجتمع فيما بعد وتنتج لنا كما تقول متطرفين، لكن الأسلوب الأمثل هو أن نقول لطفلنا تعال نقرأ معاً أو نتشارك ونتبادل الآراء بحيث يشعر الطفل بأنه يتحدث مع صديقه وليس والديه حتى لا يشعر بأننا نراقبه بشدة.

 

الورش تُعلِّم أطفالنا أهمية العمل الجماعي واحترام الرأي الآخر

 

القراءة من أجل المتعة

نظمت العديد من الورش في القراءة من أجل المتعة والكتابة الإبداعية فما أهم المعطيات التي خرجت بها وهل كان التفاعل على مستوى الطموح والتوقعات وحققت أهدافها؟

– نظمت العديد من الورش للقراءة من أجل المتعة واستفدت من العديد من التجارب العربية والأجنبية وقدمت هذه الورش مع متخصصين من العرب والأجانب في ألمانيا والسويد وفرنسا وبالفعل حققت هذه التجارب أهدافها لأنني لم أكن أقدم التجربة بفكر مسبق على مجتمع معين كنت أقدمها بما يتماشى مع احتياجات طفلنا العربي وكانت هذه الورش تعتمد على القراءة التفاعلية والجماعية ومسرحة القصة وتمثيلها كان هناك أيضا ورش لنقد القصة هذه التجارب كان لها آثارها الايجابية لكن أحيانا في بعض المؤسسات التعليمية أو المعارض الفنية أو المهرجانات نقوم بهذه الورش لكن تأتي النتائج غير مرضية بسبب الضجيج أو تقديم الرقصات من الفرق الموسيقية فمن الصعب أن تحتوي هذا الطفل الذي يميل بطبعه إلى اللعب والرقص ويفقد التركيز معك ومن الصعب عليك في نفس الوقت السيطرة على الوضع لكن عندما تتوافر الظروف يستمتع الطفل بهذه الورش لأنه يجد نفسه فيها ويطلق جناحيه ليحلق بعيدا معنا وتكون لديه القدرة على تعلم مهارات القيادة لأننا نشعره بقيمة وأهمية العمل الجماعي وأن كل إضافة من أي فرد لها قيمة ونعلمه احترام الرأي الآخر فكل هذه القيم يخرج بها من هذه الورش.

تستعدين لتقديم دورة تدريبية حول الكتابة الإبداعية في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بعد تقديمها في سلطنة عمان والمجلس الإماراتي.. فهل لديك خطة لانتشار هذه الدورات في عالمنا العربي بهدف الارتقاء بأساليب الكتابة الإبداعية واكتشاف المواهب؟

– ستنطلق دورة راشد بن مكتوم في الكتابة الإبداعية في مطلع العام الجديد والحقيقة ليست هذه أول تجربة نقوم بها في هذا المجال وقدمت هذه التجارب مع «جيمس برس»، وكذلك بالمجلس الإماراتي لكتب اليافعين وسلطنة عمان وأقوم الآن بهذه التجربة على مستوى أكبر في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم التي تهتم ببرنامج دبي للكتابة وأنا سعيدة بهذه التجربة لأنها ستظهر لنا مزيدا من الإبداعات واكتشاف المواهب وذوي القدرات في داخل دولة الإمارات وبالطبع أتمنى تقديم المزيد منها في أنحاء الوطن العربي لكن لا أستطيع أن أقول ان لدى خطة محددة لنشرها عربيا.

كنت عضوا في لجان تحكيم مسابقات كتب الأطفال ألا ترين أن هذا اللفظ مطاطي ولا يحدد المرحلة العمرية وهل بالضرورة أن يخاطب الكاتب مرحلة عمرية معينة؟

– نعم، شاركت في لجان تحكيم مسابقات كتاب الطفل.. كانت هناك فئات للمسابقات بحسب المرحلة العمرية على الرغم من أن هناك من يرفضون هذا التقسيم الآن لكن المسابقات  التي شاركت فيها تعتمد على الطفولة المبكرة والمتوسطة واليافعين.

لكن في كتاباتك وصل الطفل عندك 18 سنة.. فهل هذا طفل؟

– هذا التحديد ليس من خيالي أو ابتكاري لكن هذا ما تحدده اللوائح العالمية نعم فهو طفل يافع.

 

الطفل العربي مظلوم مقارنة بالطفل في أوروبا والعالم

 

سفيرة القرية العالمية

زرت كثيرا من دول العالم وتم اختيارك سفيرة القرية العالمية بمهرجان مسقط العالمي فأين يقف الطفل العربي وما هو موقعه بين أطفال العالم وهل حظي بذات الاهتمام الذي يحظى به الطفل في العالم؟

– هناك عوامل كثيرة تؤثر في تكوين الطفل وثقافته فالطفل يختلف موقعه من فئة اجتماعية إلى فئة أخرى فالطفل الموجود في أسرة ثرية بالطبع يختلف عن طفل الأسرة الفقيرة، وقد يكون والده غنيا لكنه ليس مثقفا فطريقة التعامل مع أطفالنا مهمة، أيضا اختلاف المنتج الثقافي في كل دولة ومدى اهتمام السلطات بالثقافة أكيد الطفل العربي مظلوم مقارنة بالطفل في أوروبا أو العالم.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. سابقا مصر و لبنان مغروفتان بنشر كل ما هو جديد و جيد ثقافيا و انمائيا و تحضرا و الان تونس و الكويت نار على علم بريادة العرب

    على العموم كله خير لان كل الطرق تؤدي الى روما .. !! المغزى هو تطوير و تحضر مجتمعاتنا فالدول العربية او ما تبقى من دولنا العربية ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق