تحقيقات
أخر الأخبار

التعليم عن بُعد.. نظرة من قُرب

الدكتورة «إقبال الشمري»:
التعليم عن بُعد.. رُبَّ ضارةٍ نافعة

“رب ضارة نافعة”.. هكذا تفتتح الدكتورة “إقبال الشمري” – الأستاذ المساعد في التربية بجامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا – اللقاء عند سؤالها عن رأيها في التعليم عن بعد.. وقالت:
من الخطأ الاعتقاد بأن الأزمات وخصوصا أزمة عالمية مثل كورونا تعيق النجاح.. بل على العكس، فقد أثبتت دولة الكويت نجاحها أثناء المحن، وأزمة كورونا خير دليل على تلاحم المجتمع الكويتي من مواطنين ومقيمين في التصدي لهذه الجائحة، وقطاع التعليم كأي قطاع في الدولة سعى ويسعى لتجاوز تبعات الجائحة من خلال تجربة التعليم عن بعد، وإن كانت التجربة ليست بجديدة إلا أن التحول تماما من التعليم المباشر التقليدي إلى التعليم عن بعد هو الجديد.. ففي ظل انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)، اعتمدت جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا (جست) وبموافقة مجلس الجامعات الخاصة بتاريخ 12 إبريل 2020 بداية العودة إلى الدراسة واستكمال الفصل الدراسي الثاني عن طريق التعليم عن بعد، باعتباره أحد السبل الرامية إلى استمرار الحياة التعليمية من جهة، ومن جهة أخرى للتأكيد على قوة المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة في مواجهتها للأزمات.

«إدارة بلا ورق».. التحول إلى الإدارة الالكترونية منذ ثلاث سنوات بجامعة (جست)
اعتمدت جامعة (جست) العودة إلى الدراسة واستكمال الفصل الدراسي الثاني بالتعليم عن بعد

وعن تجربة جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا (جست)، تقول د. إقبال:
لم تكن تجربة (جست) وليدة اللحظة، بل هي تراكم تجارب عديدة، تسعى الجامعة من خلالها إلى توفير أكفأ الفرص التعليمية المسايرة لأحدث الأساليب العلمية والتعليمية في العالم، فقد اعتمدت الجامعة منذ سنوات عديدة التعليم المدمج الذي يجمع بين التعليم التقليدي في الصف الدراسي والتعليم الإلكتروني عن طريق الإنترنت من خلال اعتماد منصة تعليم إلكترونية Teams ومنصة التعلم عن بعد MyGUST LMS.
وقبل أكثر من ثلاثة أعوام، توجهت الجامعة إلى التحول إلى الإدارة الإلكترونية أو ما تعرف بـ “إدارة بلا ورق”، مما أستدعى التوجه إلى تحويل كل ما يحتاج إليه الطالب من خطة الدراسة وتوصيف المقرر والواجبات الدراسية والأنشطة الصفية والاستمارات المختلفة إلى رقمية من خلال منصة الجامعة الإلكترونية.. وعليه، كان لزاما تفعيل التعليم الإلكتروني في المقررات الدراسية لتشمل تقديم الواجبات إلكترونيا، عقبها حل الأنشطة الصفية أونلاين وتقديم الاختبارات بالحاسوب، وكذلك التعليم التفاعلي من خلال فتح المناقشات بين الطالب والمدرس.

في ظل انتشار فيروس كورونا ومسايرة لركب التعلم عن بُعد، اعتمدت الجامعة منصة Big Blue Button- BBB

الطالب والمدرس معًا.. عن بُعد

وعن تجارب الجامعة العملية في مجال التعليم عن بعد، تستطرد الدكتورة الشمري وتقول:
في ظل انتشار فيروس كورونا ومسايرة لركب التعلم عن بعد اعتمدت الجامعة منصةBig Blue Button- BBB كبيئة تعليمية افتراضية يلتقي فيها الطالب والمدرس معا، وتمارس فيها مختلف الأساليب التعليمية الحديثة التي تعتمد على التفاعل بين الطالب والمعلم، لذا.. يمكن القول بأن الجامعة كمؤسسة تعليمية خاصة لم تواجه بذلك صعوبة في الانتقال إلى التعليم عن بُعد.

حاليًا.. التعليم عن بُعد أفضل حل يمكن أن تقدمه وزارة التربية لحين استكمال المدارس

وعما إذا كانت تجربة التعليم الإلكتروني تعتبر الحل الأمثل للعام الدراسي الجديد في ظل كورونا، تجيب الدكتورة الشمري:
حاليا التعليم عن بعد أفضل حل يمكن أن تقدمه وزارة التربية لحين استكمال تجهيز المدارس لاستقبال الطالب والمعلم وفقا لشروط وزارة الصحة، فهناك أمور ينبغي التحضير لها لضمان سلامة كل من الطالب والمعلم، قبل أن يتم استقبال الطلاب في المدارس، والتي يجب أن يتم فتحها في حال استمرت أزمة كورونا، وذلك للتقليل من الآثار النفسية والاجتماعية التي خلفتها الأزمة على الطالب من جراء البقاء في المنازل وعزلته اجتماعيا عن أقرانه وأصدقائه.. ولكي نضمن ذلك ينبغي على المؤسسات التعليمية التفكير في خطط بديلة مرنة قد تتضمن فتح فصول متناوبة في الصباح وبعد الظهر، أو التعليم عن بعد جزئيا لبعض الطلاب ووجها لوجه بالنسبة للطلاب من ذوي الهمم.

تقديم الدعم اللازم لأولياء الأمور للإشراف بأنفسهم على أنشطة أبنائهم التعليمية في التعليم عن بُعد

شراكة بين الجميع
كما ينبغي على وزارة التربية والتعليم إقامة شراكات تجمع بين الهيئات الحكومية على الصعيدين الوطني والمحلي والقطاع الخاص والمجتمع المدني كي يتسنى للوزارة تعزيز قدرتها على تقديم خدمات تعليمية ذات جودة عالية في ظل كورونا، وذلك من خلال توفير المزيد من الموارد التعليمية على غرار مواقع التواصل الاجتماعي والبث التلفزيوني على سبيل المثال وفتح قنوات تواصل مع ولي الأمر وفئات المجتمع المختلفة للتعريف بخطط الوزارة وللحصول على التغذية الراجعة لضمان تكاتف جهود الجميع، ففي ظل ضعف الاتصال وغياب الوعي يبدأ الجميع في مقاومة التغيير.
وبطبيعة الحال، فمن الأفضل عدم التوقف عند هذا الحد، بل العمل على جبهات مختلفة مثل تقديم الدعم اللازم لأولياء الأمور كي يتسنى لهم الإشراف بأنفسهم وعلى نحو فعال على أنشطة أطفالهم التعليمية وتعزيز إمكانية انتفاع الأشخاص ذوي الهمم بالحلول البديلة في هذه الظروف، وتحسين الاتصال بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطوير مهارات المعلمين من خلال التدريب الافتراضي، وتعزيز السلامة وحماية خصوصية الأطفال أثناء اتصالهم بالإنترنت.

إذا استمرت أزمة كورونا، فيجب أن تفتح المدارس لتقليل الآثار النفسية والاجتماعية التي خلفتها الأزمة على الطالب

و”أنا متأكدة من أنه طالما تبذل دولة الكويت الجهود الصحيحة في سبيل تحسين التعلم عن بعد، فلن تذهب هذه الجهود هباء.. بل سينتفع بها المجتمع الكويتي حتى بعد انتهاء أزمة كورونا”.
ولا شك في أن هذه الجهود تشمل أيضا آلية رصد وتقييم لمتابعة تعلم الطلبة وتقييم نتائجهم التعليمية.. وعندما تفتح المدارس أبوابها من جديد، سيجري تعديل البرامج والخطط التعليمية وفقا لنتائج هذا التقييم.

كويت جديدة بإصلاح النظام التعليمي
وأخيرا.. تشدد الدكتورة الشمري على ضرورة إدخال التعليم عن بعد في نظام التعليم العام كخطوة نحو التطوير وتماشيا مع رؤية قائدنا الشيخ صباح الأحمد (حفظه الله ورعاه) في “كويت جديدة” ترتكز على إصلاح النظام التعليمي من خلال تعزيز استخدامات التكنولوجيا المساندة للعملية التعليمية، ومن ضمنها تكنولوجيا التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد.
وفي النهاية “أتمنى ومن كل قلبي أن تعتمد وزارة التربية والتعليم التعليم عن بُعد كجزء من المتطلبات الدراسية إلى جانب الحضور الصفي، بعد انفراج أزمة كورونا لينتهي بذلك التعليم التقليدي وتدخل الكويت في مصاف الأنظمة التعليمية المتقدمة”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق