تحقيقات

الكويتي.. الذي قال للــــــــــــــوظيـفـة الإدارية .. لا!

تعرفون. رغم الغيظ.. والتشاؤم الذي يصل إلى حد اليأس أحيانا.. والله أكو صور جميلة يصادفها الإنسان أحيانا تخليه يتفاءل ويقول: أكو أمل.

كنت رايحة أطل على أم خالد.. ما حصلتها في البيت. استقبلتني بنيتها «شيخة» وقالت تفضلي «يا أم الخير» علي خطيبي موجود .. تعالي اجلسي معنا شوية لحين أمي ما توصل.. جلست معاهم لكن شعرت بأن أكو شيء بينهم.. شعرت بأنهم قبل وصولي كانوا يتهاوشون.. كلمة من هني.. وكلمة من هني.. وايش السالفة «يا شيخة» قالت: تصوري يا يمه علي.. تدرين انه مدرس.. العام الماضي رشحوه وكيل مدرسة.. قاطعتها لأضحكها: لكن يا بنيتي العام الماضي ما كنتم مخطوبين كيف كنت تعرفين أخباره؟!

خجلت وهي تقول: يا أم الخير انت تعرفين كل شيء.. الله يخليك اسمعي.. رشحوه وكيل مدرسة يعني وظيفة إدارية محترمة.. رفض.. هذا العام رشحوه من كام يوم وكيل مدرسة.. أيضا رفض.. وكل واحدة تحب يكون زوجها في منصب محترم.. مو مضبوط؟

استدرت ناحية علي أسأله: ليش يابني ترفض الترقية والوظيفة المحترمة؟

قال: صبري يا خالتي سمعي السالفة وانت تحكمين.. أول دفعة كويتية اتخرجت من المهندسين قعدت على المكاتب.. أول دفعة من رجال وزارة الترية عادوا من البعثات قعدوا على المكاتب.. حتى في التلفزيون كل ما حد يسافر يدرس إخراج أو إعداد أو أي شيء فني يرجع يقعد على المكتب.. حقول العمل نفسها تركناها لإخواننا العرب وهم منا وعلينا، لكن لازم الواحد منا أو بعضنا يكون في حقول العمل نفسها.. ما سمعت النقاش اللي صار في مجلس الأمة على اتفاقية المشاركة.. كل عضو كان يسأل: وين الكوادر الفنية اللي تستخرج النفط وتشرف على تصديره وتسويقه؟

الحين كل كويتي يتخرج يشتغل في المدرسة مشرف. تدرين يعني ايش مشرف؟

يعني خمس ست حصص وقاعدة طول اليوم وسوالف وبعد سنتين يا إما بعثة يهرب بها للخارج يا إما يطلب يبقى وكيل.

طيب والتعليم، وفن التدريس، وفن التربية، واكتشاف المشاكل سواء في المناهج أو في سلوك الطلبة.. و.. و.. الحين أنا أرفض الإشراف، أدرس جدول كامل منذ سنتين، ثماني عشرة حصة، ست عشرة حصة، أحاول أفهم من المدرسين القدامى من إخواننا العرب، كل يوم أشعر بأني أستفيد. أبي أصير مدرس أول، صحيح انها أقل من الوكيل، لكن عن طريقها أستطيع أدرب 100 مدرس كويتي في المستقبل لو صرت بعدها وكيل أو ناظر أو مفتش أستطيع الإصلاح والإفادة.

الحياة يا أم الخير ما هي مناصب، وفي وضعنا حنا ما احنا محتاجين مناصب بقدر ما حنا محتاجين الخبرة.. بكره المهاجرين اللي عندنا يمشوا سواء لأن أمامهم فرص في بلاد ثانية أعظم أو لأنهم يريدون العودة لبلادهم، شنو راح يسوي الوكيل اللي ما يفتهم غير طابور الصباح والإذاعة ووضع الجدول حق المدرسين وتوقيع رسائل الوزارة الصادر والوارد..

كنت أنتظر شيخة تشجعني، تساندني، تفخر بي، خصوصا وهي مدرسة وفاهمة، كفاية مظاهر واستعراض، الخطر حوالينا من كل صوب. أنا غلطان يا أم الخير.. غلطان أنا؟

ونظرت ناحية شيخة بعتاب شديد، وقمت دون أي كلمة، أقبّل علي من وجنتيه وأنا أقول: الله يحفظك يا وليدي.. ومضيت.

وفي المساء كانت شيخة تحدثني بالتلفون لتعتذر لي.. وقبلت اعتذارها!

 

 

 

(أم الخير)

عام 1973

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق