تحقيقات

المستشار الثقافي لحكومة دبي جمال بن حويرب

عشق الحرف والكلمة في طفولته فانشغل بطلب العلم، وحفظ الشعر والمتون العلمية، كطفل لم يعرف اللعب.. فأتعب بعلمه معلميه وافتخر به آخرون، يؤمن بأن التاريخ خير معلم للأجيال، مادة غنية من شأنها أن تلعب دورا مهما في تشكل شخصية الشباب.

إنه جمال بن حويرب المستشار الثقافي لحكومة دبي والعضو المنتدب بمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم والمؤرخ والأديب والشاعر.

التقت مجلة «أسرتي» صاحب برنامج «الراوي» المستشار جمال بن حويرب في الكويت أثناء تصويره لحلقة من برنامجه الذي يذاع في شهر رمضان الحالي على قناة دبي عن صاحبة امتياز مجلة أسرتي المغفور لها السيدة غنيمة المرزوق.. وإليكم تفاصيل الحوار:

 

حدثنا عن برنامج «الراوي» وهو في موسمه السادس2015؟

– «الراوي» يقدم تاريخ شخصيات حقيقية، كانت تعيش بيننا وعملت واجتهدت وجدت ولها آثار لا تزال حاضرة حتى يومنا هذا مثلما لها أياد بيضاء على هذه البلاد، وبرنامج الراوي يتحدث عنها بشكل مختصر، لأن تناول هذه الشخصيات يحتاج إلى مزيد من الوقت، والدقائق المعدودة المخصصة لكل منهم في البرنامج تبقى معدودة، لكنها تتكلم عن تاريخ حقيقي، تاريخ مشرف، تاريخ جميل، كان قد وقع على أرض هذه البلاد الطيبة، ونحن فقط نؤرخ ونسجل لأجيال لم تشهد ولم تعرف هؤلاء الأعلام.

ما الهدف من برنامج الراوي؟ وكيف يمكن أن يستفيد منه الشباب؟

– التاريخ خير معلم للأجيال، مادة غنية من شأنها أن تلعب دورا مهما في تشكل شخصية الشباب فمثلا، من توفي في السبعينيات يكون معروفاً لدى من ولد في الستينيات أو الخمسينيات، أما من ولد بعد الثمانينيات، فربما لم يسمع بهم، وهذا البرنامج يتيح لهم فرصة التعرف على شخصيات لم يسمعوا بها من قبل أو حتى لو كانوا قد سمعوا بها، فإنهم سيتعرفون عليهم أكثر، فلقد أصبح باستطاعة جيل هذه الأيام التعرف على جيل الرواد السابقين من خلال هذا البرنامج، الذي عندما تتباعد حلقاته أو تزيد تكون الصورة أكبر وأعم وأشمل، وبهذا نحن نكون قد شكلنا حلقة توصل بين الأجيال

واستطعنا الوصول للشباب عن طريق الشاشة.

ما الصعوبات التي واجهتكم في الإعداد لهذا البرنامج؟

– صعوبات اعتدنا عليها وهي في أمرين، الأول يتمثل في عدم وجود مواد مكتوبة عن الكثير من الشخصيات والأحداث التي مرت في هذه البلاد، أما الأمر الثاني فيتعلق بوفاة كثير من الأشخاص الذين عايشوا تلك الشخصيات، حيث أصبح من الصعوبة بمكان العثور على المعلومة أو الصورة أو الوثيقة بسهولة، لكن الأمور سارت على خير ما يرام والحمد لله، لأن النية التي يقوم عليها البرنامج نية خير وتسعى إلى ضرب مثل للمجتمع بهؤلاء الناس.

حدثنا عن نشأتك ليعرف القارئ كيف ارتبطت بالمعرفة والقراءة إلى هذه الدرجة؟

– تأثرت في طفولتي بوالدي وجدي وكان لهما أثر كبير في شخصيتي، فالطفل عندما ينشأ على حب العلم والمعرفة، يجد الرغبة في الاستزادة من المعرفة عندما يكبر.

وأضاف: ولدت في جميرا، ونشأت في أسرة متعلمة تحفظ الشعر والأدب، والدي شاعر وصاحب تجارة ورجل عصامي، بنى نفسه بنفسه، وأصبح صناعياً في فترة لاحقة، وجدي رحمه الله صاحب علم غزير وحافظ للمتون العلمية، وأول من حثني على العلم والاهتمام باللغة العربية

هل نشأتك في بيت وثيق الصلة بالمعرفة هو ما جعلك تختار المجال الثقافي والأدبي؟

– ألفت الكتب والأوراق في بيتنا، وكذلك أختي الكبيرة أيضا، وهذا أثر فيّ بشكل كبير، وجعلني أتعلق بالأدب والشعر، فهذا الطريق الذي وجدت نفسي فيه رغم ان والدي كان يرغب كأي أب ان يكمل ولده مسيرته في التجارة، ولكني لم أستطع تحقيق رغبته، وجميع إخوتي متميزون بمجالهم وفي أعمالهم وفي جانب من حياتهم، ولكن أنا وأختي الكبرى الأقرب إلى الاهتمام باللغة العربية وشديدا الاهتمام بالفصحى.

كتابة وقراءة.. علم ومعرفة.. فمتى عرفت اللعب في صغرك؟

– لا أذكر أني لعبت مع الأطفال إلا قليلاً، ولا أذكر أني اهتممت بالأطفال أساساً، فكنت اقرأ أكثر من كتاب في اليوم الواحد، وتعرضت لمواقف مع أساتذتي الذين درسوني فكنت أعبر عن رأيي النابع من علمي مما سبب لي متاعب مع بعضهم والبعض الآخر كان يفتخر بي، وأذكر في سنة دراسية كنا في رحلة مدرسية، وكنت أجلس مع الناظر والمدرسين، فيقول الناظر لي اذهب والعب مع أصدقائك، وكنت أقول هؤلاء أطفال، وكان يضحك ويقول لي أنت أيضاً طفل، فطفولتي كانت عاقلة واستمتعت بها في تعلم اللغة العربية وحفظ المتون، وأرى أن العربية تزيد في العقل، واتقانها له أثر كبير في زيادة عقلي وجعلتني متقدماً على كثير من أبناء عمري، فالجميع كان ينظر لي على أني أكبر من عمري، وأرى أن الاهتمام بالعربية في المدارس سيجعل من الطالب أكثر وعياً وعقلاً لأنها لغة ساحرة، ولها تأثير كبير في تنمية مهارات الطفل.

رغم عشقك للغة العربية فقد ذكرت أن خطك ليس جميلًا.. فهل هذا صحيح؟

– نعم فضلت القراءة والتعلم على اتقان تعلم فنون الخط العربي، وحاولت تعلم أصول الخط العربي، ولكني سئمت ذلك، ومازال خطي غير منظم إلى اليوم، ولا يقرؤه غيري، ربما لان معلمي الأول كان خطه غير جميل وقلدته ليبقى خطي كذلك إلى اليوم.

ماذا عن أبنائك واهتمامهم بالأدب والقراءة؟

– أبنائي نشأوا بين الكتب، ولكن لا أستطيع إجبار أحدهم على العلم والقراءة، ابني البكر لا يقرأ كثيراً ولكنه يستقي العلم والمعرفة من خلال المشاهدة، فهذا الجيل قد ينظر إلى أن العلم المشاهد أفضل من العلم المقروء، ولكني أرى أن القراءة الوسيلة الناجحة للوصول للعلم، وابن أخي يمشي على نهجي في حبه الكبير للقراءة، وإحدى بناتي مهتمة كثيراً بمجال التاريخ وتحب القراءة، وأخرى مهتمة بمجال الأنساب، فالرغبة الداخلية تدفع للإقبال على القراءة.

هل تتدخل في قرارات أبنائك؟

– لا أتدخل في قراراتهم الشخصية رغم صداقتي معهم، ولكني أوجههم وأدعوهم للنظر إلى الأمور بزاوية عقلانية.

ماذا عن أهم الشخصيات التي تأثرت بها؟

أول شخصية تأثرت بها جدي رحمه الله، التواضع والعلم سماته، ووالدي الشخصية العصامية أثرت فيّ بشكل كبير، ووالدتي التي تميزت شخصيتها بمساعدة الآخرين وكرمها الكبير، وفي حياتي العملية تأثرت بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، علمنا ووجهنا وغرس فينا الروح الإيجابية وحب الوطن والتفاني في خدمته، أما الشخصيات التاريخية فقد تأثرت بالشاعر حمد خليفة بوشهاب الذي أعطانا من وقته وعلمه، إضافة إلى عدد كبير من الأساتذة الذين تعلمت عندهم، فهم أكثر من 50 عالماً، وأفكر في إصدار كتاب في سيرة هؤلاء العظماء سواء في مجال الفقه أو الحديث أو التاريخ أو اللغة العربية أو القرآن، وأكثر شخص تأثرت به في كتابة المقالات أنيس منصور حيث كنت أقرأ المقالة كاملة.

ماذا عن حال اللغة العربية الآن من وجهة نظرك؟

– اللغة العربية تعاني بشدة وبكل حزنٍ أقول هذا، حتى انّي أبكي في بعض المرّات حسرةً عليها، لأنّها تعاني الأمرّين من أهلها، فهم أكثر الناس عقوقاً لها واستخفافاً بها ونفوراً منها، مع هذا كله فهناك أبواب للأمل مفتوحة، وإنّي أثني على جهود سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم ولي عهد دبي حفظه الله على جميع ما يقدمه من خدمةٍ لحفظ التراث واهتمامه به.

 

محمد بن راشد حاكم ألغى «المستحيل» من قاموسه

 

حدثنا عن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بحكم عملك معه؟

حاكم ألغى مفردة المستحيل من قاموسه، وما يهم بشيء ويعود عنه، بل يكمله ويصر على إكماله بجودة وإتقان لا يمكن أن يشابهه أحد فيهما ممن عرفناه من الحكام والملوك في العصر الحديث، ومع هذا فهو كثير الاطلاع كثير القراءة يحب المختصر المفيد، لا يترك فرصة إلا وانتهزها لعملٍ ما حتى في رياضته القاسية الطويلة ركوب الخيل التي يمتطي فيها صهوة جواده بعد صلاة الفجر لعدة ساعات في صحراء دبي الملهمة، ولا تمضي الساعات سدى، بل يخطط ويفكر ويكتب الشعر، وقد قال لي: أجمل ما قلتُ من الشعر ما أنشدته وأنا على سرج حصاني!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق