صحة اسرتيصحة وتغذية

بعد تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2015

سارة الكندري: فكرْ كثيرا قبل تناول اللحوم المصنعة

 

«منظمة الصحة العالمية: تناول اللحوم المصنعة يسبب فعلا السرطان».. تصدر هذا العنوان الكثير من الصحف في الشهر الماضي.. وهو الأمر الذي أثار غضب مصنعي هذه اللحوم، ومن جانب آخر اعتبره أخصائيو التغذية أمرا مهما لسلامة صحة الانسان؛ لأن اللحوم المصنعة تعتبر من الاطعمة السهلة والسريعة في التحضير وتدخل في مكونات الكثير من الوجبات الغذائية .. ولكن اذا كنت ترغب في تناولها فعليك التفكير مرات عديدة قبل تناولها.

وأكدت منظمة الصحة العالمية أن تناول شريحة من اللحوم المصنعة تزن خمسين غراما – لحوم الأبقار التي يجري حفظها عادة بطريقة التمليح أو التدخين- تزيد خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 18%.

كما أن هناك إحصاءات أكدت أنه خلال آخر 33 عام ارتفعت نسبة الإصابة بسرطان القولون و المستقيم 5 أضعاف عند الرجال و4 أضعاف عند الإناث في الكويت.

التقت «أسرتي» أخصائية التغذية «سارة الكندري» للتعرف على أضرار اللحوم المصنعة وعلاقتها بأمراض السرطان وكيف يمكن استبدالها بمنتجات اخرى توفر لنا القيمة الغذائية الأفضل.

 

هناك أدلة علمية قوية تربط اللحوم المصنعة بالسرطان

 

ممَ تتكون اللحوم المصنعة؟ وهل المقصود باللحوم لحوم البقر أم الغنم أم لحوم الطيور؟

يجب في البداية ان نفرق بين نوعين من اللحوم: اللحوم الحمراء و التي تشمل لحم البقر والغنم، لحم العجل، لحم الضأن، والحصان، والماعز، و هي لحوم طبيعية في الغالب، ولا تشمل اضافات صناعية ويجب تناولها باعتدال.. واللحوم المصنعة التي شمل جميع اللحوم التي تم معالجتها وتحويلها من خلال التدخين او التمليح او التخميير واضافة مواد من شأنها تغيير قيمتها الغذائية لتعزيز النكهة وزيادة مدة صلاحيتها أو تحسين حفظها.

اللحوم المصنعة غالبا تأتي من اللحوم الحمراء كاللحم البقري، ويمكن ان تكون من اللحوم البيضاء كالدواجن، وقد تحتوي على مخلفات بعض اللحوم مثل الدم، الغضاريف، الشحوم.

أمثلة على اللحوم المصنعة هي الهوت دوج والمرتديلا والنقانق والببروني والسلامي واللانشون التي ننصح بتجنب تناولها.

 

هل هناك قيمة غذائية في اللحوم المصنعة كما يكتب على العبوة من الخارج؟

في الغالب هناك موضعان يمكن الحصول منهما على المعلومات الغذائية عن المنتج: الأول هو قائمة المكونات التي تشمل جميع المكونات الداخلة في تصنيع المنتج مرتبة تنازليا من أكثر عنصر تواجدا الى اقل عنصر.

ويفضل ان تكون المكونات طبيعية وقليلة لضمان ان المنتج طبيعي أكثر وطازج أكثر.. وهناك جدول المعلومات الغذائية والذي يشمل نسبة السعرات الحرارية والكربوهيدرات والدهون والبروتينات والصوديوم في المنتج.

وهنا يجب الحرص على الا تتعدى نسبة الدهون و الصوديوم 20% من قيمة الاحتياج اليومي للشخص، وإلا اعتبر المنتج ضارا لكثرة هذه العناصر الضارة به وعادة في اللحوم المصنعة تكون نسبة اللحوم الصافية قليلة ونسبة الصوديوم والدهون عالية مما يجعلها ضارة.

 

ثبات اللون الأحمر في اللحوم المصنعة بسبب مادة «النيتريت»

 

ما العلاقة بين اللحوم المصنعة وسرطان القولون و المستقيم؟

تحتوي اللحوم المصنعة على نسبة عالية من الدهون المشبعة، وتحتوي على مادة النيتريت الحافظة، والتي مهمتها تثبيت اللون الأحمر لهذه اللحوم والمحافظة عليها من البكتيريا، هذه العناصر تزيد احتمالات الاصابة بالسرطان.

كما ان زيادة تناول الحديد الهيمي في اللحوم الحمراء و الذي تتكون منه اللحوم المصنعة وجد انه مرتبط بزيادة فرصة الاصابة بالسرطان.. بالإضافة الى ان تعريض هذه اللحوم للحرارة العالية المباشرة في التصنيع يكون بعض المواد المرتبطة بزيادة فرصة الاصابة بالسرطان polycyclic aromatic hydrocarbons and heterocyclic aromatic amines

 

سرطان القولون

والمستقيم أكثر انتشارًا عند الرجال  في الكويت

 

وهل هناك إحصاءات حديثة عن نسبة الإصابة بهذه السرطانات في الكويت؟

خلال آخر 33 عامًا ارتفعت نسبة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم 5 أضعاف عند الرجال و 4 اضعاف عند الإناث ويعتبر أكثر سرطان منتشر عند الرجال وثاني أكثر سرطان انتشارا عند الإناث في الكويت بعد سرطان الثدي.

 

هناك طرق مختلفة لتصنيع وحفظ اللحوم.. فهل هناك طريقة تصنيع أفضل من الأخرى أم أن الضرر واحد؟

نحن نستهلك اللحوم كثيرا في نظامنا الغذائي حاليا، واللحوم تحتوي على عناصر غذائية مفيدة كالبروتينات وبعض المعادن كالحديد والزنك وبعض الفيتامينات كفيتامينات، لكنها عالية بالدهون خاصة الدهون المشبعة والكوليسترول وفقيرة بالألياف ومضادات الأكسدة.

في البداية نحتاج إلى مزيد من التوازن في تناولنا للحوم، ومن ثم تصنيعها بطريقة صحية بتجنب إضافة المزيد من الدهون اليها كالشحوم والزبدة واستخدام البهارات والتوابل والأعشاب في تنكيهها.

كما ينبغي تجنب حرق اللحوم وتكون المادة السوداء عليها عند شوائها والتي تحتوي على مركبات تدعى HCA Hetrocyclic amines التي من شأنها زيادة فرصة الاصابة بالسرطان.

 

هل هناك فرق اذا كان بروتين الصويا مضافا على المكونات ام لا؟ وهل النسبة المستخدمة منه تفيد الجسم فعلا؟

عادة تضيف المصانع و المطاعم بروتين الصويا للحوم المصنعة كالبرغر مثلا لانها ارخص ثمنا من اللحم مما يحقق الربح المادي للمصنع أو المطعم. بروتين الصويا مفيد باعتدال على ألا تتعدى كميته حصتين في اليوم ولكن هناك ايضا مكونات أخرى مضافة تسبب ضررا أكبر، ولذلك نقول: فكر كثيرا قبل تناول اللحوم المصنعة.

 

«صنع من لحم بقري ممتاز».. عبارة تسويقية.. ولكن!

 

«صنع من اللحم البقري الممتاز المحلي أو المستورد».. هذه العبارة على العبوة تعتبر مصدر ثقة عند الكثيرين.. فماذا تعني؟

الادعاءات التي تكتب على وجه المنتج غير مراقبة من قبل هيئة الغذاء و الدواء سواء عالميا او محليا، وتعتبر عبارات تسويقية لا أكثر، لأن نسبة اللحم البقري الموجود في المنتج تعد ضئيلة، كما أن هذه النسبة تعرضت لكثير من المواد الحافظة أثناء التصنيع مما  غير من قيمتها الغذائية.

وأضافت:

فاذا لم تحتو المنتجات على بروتين الصويا او مضافات دهنية في قائمة المكونات وكتب عليها 100% لحم بقري فهي أفضل.

وأفضل دائما اللجوء الى اللحام والحصول على اللحوم طازجة،  وليست مثلجة لامكانية التحكم بنوع اللحم،  قطعية اللحم وبالتالي كمية الدهون، وضمان عدم وجود مواد حافظة.

 

منظمة الصحة العالمية نشرت بياناً أكدت فيه أن تقرير «الوكالة الدولية لبحوث السرطان» التابعة لها، لا يطلب من الناس الامتناع عن أكل اللحوم المصنعة، لكنه يشير فقط إلى أن خفض الاستهلاك من شأنه خفض خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.. وهناك آراء لمختصين يؤكدون منع تناول اللحوم المصنعة لاننا لا نأمن ان يكون كل ما نتناوله صحيا.. فما وجهة نظرك؟

تقسم الوكالة الدولية لبحوث السرطان المواد المسرطنة الى اربعة أقسام حسب قوة الدليل العلمي لربطها بالاصابة بالسرطان، وقد صنفت اللحوم المصنعة في القسم الأول، وهذا يعني أن هناك أدلة علمية قوية بربط استهلاك اللحوم المصنعة بالسرطان وبصورة خاصة سرطان القولون والمستقيم.

وحسب الدراسات، فإن استهلاك 50 غراما من اللحوم المصنعة يوميا يزيد فرصة الاصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 18%، وتعتبر العلاقة بينهما طردية فكلما زاد استهلاك هذه اللحوم زادت فرصة الإصابة.

وتابعت:

على الجانب الآخر صنفت اللحوم الحمراء بالدرجة الثانية من حيث ربطها بالاصابة بالسرطان، حيث ان بعض الدراسات وجدت ان زيادة تناول 100 غراما يوميا من اللحوم الحمراء يزيد فرصة الاصابة بالسرطان 17% .

بكل بساطة أنصح بتجنب اللحوم المصنعة تماما و التقليل من استهلاك اللحوم الحمراء.

 

هناك البعض يقول ان أضرار اللحوم المصنعة تكون في المصانع التي خارج الكويت اما الكويت فطريقة التصنيع مختلفة وآمنة.. فهل هذا صحيح؟

جزء أساسي من طبيعة هذه اللحوم وجود ما يسمى بالـ trimmings أو بقايا دهنية من الذبيحة تخلط مع نسبة من اللحم، المواد الحافظة جزء لا يتجزأ من طبيعة تكوين اللحوم المصنعة لان اللحوم تعتبر وسطا لنمو البكتيريا فوجود كمية من المواد الحافظة هو لغرضين: قتل البكتيريا و تثبيت اللون الأحمر و الذي لولاه لكان لون المنتج غير مقبول . كما انه يستخدم كميات كبيرة من الصوديوم (الملح) للحفظ. هذه الخلطة توضع للمحافظة على سلامة المنتج من التلوث البكتيري و ايضا جعل شكله مقبولا للاستهلاك و مشوقا للمشتري، انها طبيعة التصنيع نفسها يمكن ان يختلف مستوى النظافة والمراقبة هنا لكن طريقة تصنيع هذه اللحوم تبقى أنها تفرض وجود كميات كبيرة من الدهون و المواد الحافظة.

 

يتساءل الكثيرون: كيف يمكننا تجنب اللحوم المصنعة وإبدالها بأخرى صحية خاصة انها محببة للأطفال؟

لابد من الاعتماد على البقوليات و المكسرات كالفول والحمص وزبدة المكسرات بالإضافة الى الأجبان واللبنة الطبيعية القليلة الدسم كمصدر بروتين يعتبر خيارا ممتازا، والتنويع في الخضراوات والفواكه خاصة للأطفال، لنجنبهم مخاطر صحية مستقبلية لابد ان نبتعد عن اللحوم المصنعة  ويكون اتجاهنا للخيارات الطبيعية أكثر، فإنها تقدم لنا فوائد صحية اكثر لنا ولأبنائنا.

 

الكويت أول دولة عربية تشارك في حملة «إيدامي نباتي» العالمية

 

ماذا عن حملة «إيدامي نباتي»؟ وما أهدافها ومدى تفاعل الناس معها؟

حملة «إيدامي نباتي» جزء من حملة عالمية تدعى meatless Monday، وهي حملة انطلقت عام 2003 من جامعة جون هوبكنز للصحة العامة و تعتبر الكويت اول دولة عربية تشارك ضمن هذه الحملة.

هذه الحملة لديها رسالة بسيطة ذات اهداف وإبعاد صحية كبيرة.. وهي تناول اللحوم لمرة واحدة في الأسبوع، وذلك لتحقيق أهداف صحية و بيئية عدة.

من الناحية الصحية، فإن زيادة تناول اللحوم الحمراء  و المصنعة مرتبط بارتفاع نسبة الوفاة المبكرة بشكل عام، وتزيد من فرصة الإصابة بأمراض القلب والجلطات الدماغية وبعض أنواع السرطان، كما انها تزيد من فرصة الاصابة بالسكري وتساهم في زيادة الوزن، على الجانب الآخر، فإن الطعام النباتي أقل بالسعرات الحرارية والدهون وخال من الكوليسترول وغني بالألياف ومضادات الأكسدة التي تفيد الصحة بشكل إيجابي.

وأضافت:

وللحملة أبعاد بيئية مهمة، حيث إن تقليل استهلاك اللحوم يقلل من نسبة الكربون والاحتباس الحراري، ويقلل من نسبة استهلاك الماء، ويقلل من استهلاك الوقود مما يؤثر إيجابيا على البيئة.

وقد  وجدت الحملة صدى إيجابيا في المجتمع ويمكن التواصل معنا عبر الانستغرام على حسابيّ:

balancewithsara@

meatlessmondaykw@

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق