تحقيقات

تحولن‭ ‬من‭ ‬الحلم‭ ‬إلى‭ ‬الكابوس الداعشيات‭ ‬الأجانب‭.. ‬سجون‭ ‬وعراك‭ ‬مخيمات‭ ‬وسحب‭ ‬جنسيات

المعارك‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬ساحة‭ ‬القتال‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬مخيمات‭ ‬الداعشيات‭.. ‬العربيات‭ ‬يكفّرن‭ ‬الأجنبيات‭!‬

فجأة تشعر وأنت تقرأ أو تسمع قصص المنتمين لتنظيم داعش الإرهابي بأنك تسقط من القرن الواحد والعشرين إلى غياهب القرون الوسطى، حيث تباع الجواري في اسواق النخاسة على يد بشر لا يمتلكون أدنى مبادئ الانسانية، بشر غسلت أدمغتهم فأصبحوا يجدون في القتل والتعذيب والعودة لزمن الجاهلية ملاذا آمنا من العالم الذي يعيشونه.
فمع إعلان قوات سوريا الديمقراطية هزيمة تنظيم ∩داعش∪ الإرهابي في معركة الباجوز في فبراير من العام الماضي ظهرت على السطح مآس انسانية أبطالها مئات الاطفال الابرياء الذين يملأون مخيمات اللاجئين المحاصرة وأمهاتهن الغربيات ممن ترفض دولهن عودتهن بعد ارتمين بكامل ارادتهن في احضان ذلك التنظيم الدموي بل ان بعضهن ارتكبن أعمال عنف لصالحه.
وقد تضاربت المواقف الدولية تجاه قضية استقبال الدول لمواطنيها من الدواعش بعد ان هددت كل من سوريا والعراق بترحيلهم لبلادهم، ففي حين وافقت ألمانيا وفرنسا على العفو عن مواطنيهما وإعادة تأهيلهم بعد محاكمتهم،
رفضت دول أخرى كبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية استقبال دواعشهم خشية أن يصبحوا نواة لتنظيمات متطرفة داخل أراضيها.
ورغم اختلاف القصص والخلفيات الاجتماعية لكل ضحية من ضحايا ذلك التنظيم، الا أنهن يجتمعن جميعا على نقطة واحدة وهي الخواء النفسي سواء بسبب الوقوع في فخ المخدرات أو التمييز العنصري أو النشأة المنغلقة في مجتمع شديد الانفتاح. أمراض اجتماعية قاسية عانت منها الفتيات فاستغلتها شبكات التنظيم العنكبوتية لتجندهن وسحبهن إلى مصير لايزال مجهولا. فمئات الداعشيات اصبحن مشردات مطاردات هن وأطفالهن لتصبح العودة للوطن حلما بعيد المنال.

تختلف‭ ‬القصص‭ ‬والخلفيات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لضحايا‭ ‬نساء‭ ‬داعش‭ ‬وتجتمع‭ ‬على‭ ‬نقطة‭ ‬واحدة‭: ‬الخواء‭ ‬النفسي

حكاية‭ ‬أغرب‭ ‬من‭ ‬الخيال‭ ‬ لـ‭ ‬اليزا‭ ‬سميثب‭ ‬الإيرلندية‭.. ‬من‭ ‬مجندة‭ ‬مرموقة‭ ‬إلى‭ ‬إرهابية‭ ‬بداعش‭ ‬وسجينة‭!‬

قد تكون ليزا سميث الايرلندية (38 عاما) هي الاوفر حظا من بين الأمهات الداعشيات بعد أن وافقت دولتها على عودتها إلى أرض الوطن مع طفلتها ذات العامين بعد ترحيل تركيا لها في بداية ديسمبر الماضي.
ولسميث حكاية أغرب من الخيال، حيث تحولت بين ليلية وضحاها من مجندة مرموقة بالجيش الايرلندي تصاحب كبار الشخصيات في رحلاتهم الجوية إلى إرهابية في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، فمن جندية تعمل في وظيفتها بكل حب واخلاص حسب ما قاله رئيس الوزراء الإيرلندي السابق، بيرتي أهيرن الذي وصفها بأنها كانت ∩سيدة محبوبة وتحب عملها∪، إلى إرهابية سجينة ممنوعة من رعاية ابنتها على الاقل حتى تنتهي محاكمتها التي بدأت فور وصولها إلى مطار دوبلن قادمة من تركيا برفقة عدد من رجال شرطة بلدها.
وترجع أصول سميث لبلدة دوندالك في مقاطعة لاوث بإيرلندا، حيث انضمت إلى جيش بلادها وسلاح الطيران فور انتهاء تعليمها المدرسي في عام 2000 ولم يمنعها ذلك من حياة السهر والحفلات والإفراط في تناول المشروبات الكحولية التي كانت تعيشها، إلى جانب تدخين الحشيش وتعاطي ما يعرف بحبوب السعادة (إكستاسي) حسب ما قالت عن نفسها في حوار أجرته معها صحيفة آيرش إندبندنت قبل ثمانية أعوام، وهو ما أدخلها في حالة من الانعزال والاكتئاب زادت بعد زيجة فاشلة لم يستمر لأكثر عدة أشهر.
وأضاف سميث ان اعتناقها الإسلام بدّل حياتها، وكان دافعا لتقديم استقالتها من عملها، سفرت في العام 2015 إلى سوريا للانضمام لصفوف داعش الإرهابي.
تعرفت سميث في سوريا على المقاتل الافغاني إسلام ساجد الذي تزوجته وانجبت منه ابنتها الوحيدة قبل مقتله في احدى المعارك الضارية، وقالت إنها عاشت مع ابنتها حياة صعبة تحت القصف الجوي مما اضطرها للجوء إلى احد معسكرات اللاجئين الذي تسيطر عليه القوات الكردية في شمال سوريا وذلك قبل القاء القبض عليها من قبل القوات التركية وترحيلها إلى بلادها.
وتواجه سميث عدة تهم من بينها الانضمام إلى تنظيمات غير قانونية وتمويل الجماعات الإرهابية والتدريب على حمل السلاح والقتال إلى جانب مجموعة أخرى من التهم التي لا تزال قيد التحقيق ولكنها نفت جميع التهم الموجهة اليها، وقالت إنها لم تشارك أبدا في أي من أعمال العنف، بل انها رفضت عرض زوجها لها بشراء سلاح تحمله معها ولو من باب الدفاع عن النفس.
في نفس الوقت اكد بيتر كوريغان محامي سميث براءتها من جميع التهم الموجهة لها، وقال انه لا يوجد دليل واحد فقط ضد موكلته، مؤكدا في دفاعه أنها ∩جندت في مرحلة حساسة من حياتها، حيث كانت امرأة ضعيفة ولديها ميول انتحارية وإن الشخص الذي جندها استغل حالتها تلك∪.
وأضاف انه في العام 2014 ، مشددا على أنها سلمت نفسها للمقاتلين الأكراد عام 2019، الذين اقتادوها وابنتها لمعسكر اللاجئين، حيث ∩عاشت في ظروف شديدة القسوة∪.
وتبقى الضحية الحقيقية في تلك القصة هي ابنتها التي تم اعطاؤها إلى أحد الأقرباء لرعايتها لحين البت في قضية امها.

شميمة‭ ‬بيجوم‭ ‬الأفغانية‭ ‬تهرب‭ ‬خارج‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمرها‭ ‬مع‭ ‬زميلتين‭ ‬بالمدرسة‭ ‬للالتحاق‭ ‬بداعش‭ ‬في‭ ‬سوريا‭.. ‬ففقدت‭ ‬أطفالها‭ ‬وجنسيتها‭ ‬وأهلها

أما شميمة بيجوم (19 عاما) فهي قصة أخرى لا تقل مأساوية وإثارة للجدل عن قصة سميث فتلك الفتاة الافغانية استطاعت أن تهرب خارج البلاد وبدون علم والديها وهي في الرابعة عشرة من عمرها مع اثنتين من زميلاتها بالمدرسة للالتحاق بتنظيم داعش الإرهابي بسوريا،

بيجوم‭ ‬ناشدت‭ ‬العالم‭ ‬وبريطانيا‭ ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬شهور‭ ‬الرأفة‭ ‬بها‭ ‬وبطفلها‭ ‬الرضيع‭ ‬الذي‭ ‬توفي‭ ‬لاحقاً‭ ‬لإعادتها‭ ‬لبلادها

تلك الفتاة التي فقدت بعد سنوات من خدمة التنظيم ثلاثة من أطفالها بسبب المرض والجوع ونقص الدواء لتتحول قصتها إلى مادة ساخنة في الاعلام البريطاني، حيث انقسمت الآراء ما بين مؤيد لقرار الدولة بتجريدها من جنسيتها البريطانية خوفا منها على أمن البلاد القومي خصوصا بعد المعلومات المؤكدة عن تورطها بالقيام بأعمال إرهابية، وبين معارضين يطالبون بمنحها فرصة جديدة.
وكانت بيجوم قد ناشدت العالم وبريطانيا قبل عدة شهور الرأفة بها وبطفلها الرضيع الذي توفي لاحقا، لإعادتها لبلادها، إلا أن مفاجآت جديدة طرأت على قصتها، حيث نقلت صحيفة ∩تلغراف∪ البريطانية عن شهود عيان سوريين قولهم إنها كانت تعمل في ∩شرطة الأخلاق∪ لداعش، وانها كانت جندية قاسية وشريرة وكانت تحمل الكلاشينكوف وتحاول تجنيد فتيات أخريات للانضمام للتنظيم.
ونشرت الصحيفة شهادة إحدى السيدات التي أكدت أن شميمة كانت قد وبختها أشد توبيخ، لأنها كانت تنتعل حذاء ملوناً، في حين كانت هي نفسها أيضاً تنتعل حذاء ملوناً. فيما أكدت شهادات أخرى أنها كانت تحيك بنفسها بذلات المقاتلين الانتحاريين.
ولكن بيجوم نفت كل تلك التهم وقالت إنها كرست كل حياتها التي عاشتها في سوريا في خدمة زوجها المقاتل الهولندي الداعشي الذي أغرمت به وتزوجته فور وصولها إلى هناك وحتى تم أسره من قبل قوات سوريا الديموقراطية وكانت حاملا آنذاك في طفلها الثالث.
وتروي شميمة تفاصيل حياتها في مدينة الرقة التي احتلها الدواعش ∩كنا نعيش حياة طبيعة في البداية، ولكن بعد فترة من الاستقرار بدأت عمليات القصف والمعارك تزداد حدة في المدينة…لقد رأيت رؤوسا مفصولة عن أجسادها، ولكن هذا المنظر لم يخفني على الاطلاق∪. وأضافت ∩كان هناك الكثير من الاضطهاد والفساد∪، ومع ذلك ∩أنا لست نادمة على المجيء إلى هنا∪.

عدم‭ ‬إبداء‭ ‬بيجوم‭ ‬للندم‭ ‬على‭ ‬هروبها‭ ‬والتحاقها‭ ‬بالتنظيم‭ ‬الإرهابي‭ ‬استفز‭ ‬الإعلام‭ ‬البريطاني‭ ‬ووالدها‭ ‬الستيني‭!‬

وأوضحت أن احتدام المعارك وضرب ما تبقى من معاقل التنظيم، جعلت الأوضاع صعبة للغاية ويستحيل العيش فيها وهو ما دفعها للهرب وهي حامل خصوصا بعد موت طفليها بسبب المرض والجوع.
وقد يكون عدم إبداء بيجوم للندم على هروبها والتحاقها بالتنظيم الإرهابي هو ما استفز ليس فقط الاعلام البريطاني، بل ووالدها الستيني الذي أيد موقف حكومة بلاده من سحب جنسيتها لتبقى أسيرة في مخيم الباجوز شرق سوريا مع عشرات الداعشيات.

تانيا‭ ‬جورجيلاس‭ ‬أفغانية‭ ‬مسلمة‭ ‬عانت‭ ‬الأمرين‭ ‬بسبب‭ ‬التمييز‭ ‬العنصري‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬فكان‭ ‬الانتماء‭ ‬لداعش‭ ‬هو‭ ‬حلها‭ ‬الوحيد‭!‬

تانيا جورجيلاس قصة أخرى لشابة أفغانية مسلمة عانت الأمرين بسبب التمييز العنصري في عاصمة الضباب لندن فكان الانتماء لداعش هو حلها الوحيد.
ولدت تانيا (33 عاما) في لندن لأبوين بريطانيين أصلهما من بنغلاديش، وقالت إنها تعرضت لتمييز عنصري في طفولتها جعلها تشعر بالغربة في مجتمع باتت راغبة في الانتقام منه بأي شكل.

‏‭ ‬تزوجت‭ ‬تانيا‭ ‬جون‭ ‬الأميركي‭ ‬مدمن‭ ‬المخدرات‭ ‬قبل‭ ‬إسلامه‭ ‬بعد‭ ‬هجمات‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬

تعرفت الفتاة التي كانت تعاني من ازدواجية معايير أبويها الدينية على الشاب الاميركي جون جورجيلاس وهو الابن الاصغر لطبيب في الجيش الاميركي وذلك عن طريق احد المواقع الالكترونية بعد مشاركتها في وقفة احتجاجية ضد حرب العراق.
تزوجت تانيا في عام 2004 من جون الذي سبق ان ادمن المخدرات قبل أن يعلن إسلامه بعد فترة قصيرة من هجمات 11 سبتمبر 2001 حيث رزقا بثلاثة أطفال وقالت الفتاة إن زوجها بدأ في الحديث عن إمكانية انضمامهما إلى تنظيم داعش والرحيل إلى سوريا في العام 2013 بينما كانت هي حاملا في طفلها الرابع. واستطردت قائلة إنهما وصلا إلى سوريا عبر الاراضي التركية، استقرا مع أطفالهما في مدينة أعزاز التابعة لمحافظة حلب، حيث سكنا في منزل قديم غير صحي فقد كان بلا نوافذ ولا مياه جارية. وأضافت أنهما عاشا على كميات صغيرة من الغذاء مما تسبب في تدهورت صحتها وصحة أطفالها وأصابتهم بأعراض مرضية عديدة.
وقالت إنها اتفقت مع زوجها إلى السفر للولايات المتحدة حيث عاشت مع والديه الثريين في مدينة دالاس، اذ حصلت على الطلاق بناء على رغبتها، وهناك تغيرت نظرة تانيا للحياة وتابت عن أفكارها المتطرفة حتى انها أصبحت تكفر عن غلطتها بالعمل في برامج إعادة تأهيل المتطرفين الراغبين في التوبة، بينما استمر جون في سوريا حتى أصبح القيادي الأعلى منصبا بين الأميركيين الدواعش.
ومن المفارقات أن طلبت تانيا الارتباط بزوج جديد عبر موقعها على الانترنت وكتبت: لدي 4 أطفال، وزوجي هجرني وخلال 24 تلقت مئات العروض حتى استقرت على زوجها الجديد كريغ.

في‭ ‬مدينة‭ ‬دالاس‭ ‬حصلت‭ ‬تانيا‭ ‬على‭ ‬الطلاق‭ ‬وتابت‭ ‬عن‭ ‬أفكارها‭ ‬المتطرفة‭ ‬فعملت‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬المتطرفين‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬التوبة

الأجنبيات‭ ‬يكفرن‭ ‬العربيات

ولا يقف الأمر عند إيمان بعض الداعشيات الاجانب بافكار التنظيم المتطرفة، بل يتعدى ذلك بكثير فالمعارك الضارية انتقلت من ساحة القتال إلى داخل المخيمات، حيث يؤكد مراسلو وكالة رويترز للانباء أنهم شهدوا إحدى المعارك الحامية بين أجنبيات وبين سوريات أثناء زيارتهم لمخيم للنازحين بشمال شرق سوريا، وقالوا إنهن كن يحاولن الاعتداء عليهن ويعتبرهن من ∩الكفار∪ في محاولة لفرض آرائهن المتطرفة عليهن.
وقد أكدت سيدة سورية في مخيم الهول الذي نقل إليه نساء وأطفال من آخر جيب لداعش أنهن ∩يصرخن علينا بأننا كافرات لأننا لا نغطي وجوهنا… وحاولن ضربنا∪.

وقال مسؤول أمني في المخيم إن ∩الأجنبيات يلقين الحجارة على السوريات والعراقيات ومسؤولي المخيم، حتى الأطفال يواجهون التهديدات∪.
ولا تزال السجون العراقية والسورية ومخيمات اللاجئين مكتظة بالمئات من ضحايا التنظيم الذي استغل ضعفهن وسرق أحلامهن الوردية ولم يكتف بذلك، بل دمر مستقبل أطفالهن الأبرياء وحرمهن من أجمل أيام حياتهم.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق