ثقافةزوايا

جماليات الأدب العثماني

 

ندوة في المقهى الثقافي لمعرض الكتاب الـ 41

جماليات الأدب العثماني..

أفكار إصلاحية للمجتمع تعرضت للنفي

 

شهد معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ 41 تركيزا كبيرا على الندوات والمحاضرات التي تتطرق إلى الهوية الإسلامية في المجتمعات المختلفة بمناسبة الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية.

وفي هذا الإطار وضمن أنشطة المقهى الثقافي للمعرض أقيمت ندوة «جماليات الأدب العثماني» بحضور مدير إدارة الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عائشة الحمود وأمين عام رابطة الأدباء طلال الرميضي.

قدم الندوة د. عايد الجريد معرفًا بالمتحدثين الرئيسين فيها د.محمد حرب، وهو أكاديمي مصري يحمل الجنسية التركية، ويقيم في تركيا منذ سنوات ود.مصطفى الستيتي من تونس، وهو متخصص في الأدب التركي.

 

وفي كلمته أشار د.حرب إلى أن الشعر التركي بدأ مع جلال الدين الرومي الذي كان يكتب أشعاره بالتركية والفارسية أيضًا وفي المرحلة المبكرة تلك لم تكن اللغة التركية قد تبلورت بعد، حيث كان يتحدث بها الأتراك الذين نزحوا من آسيا الوسطى إلى هضبة الأناضول خوفًا من جنكيز خان واعتبر أن المثقف آنذاك هو من كان يتقن الفارسية والعربية بالدرجة الأولى لكن شيئًا فشيئًا أخذت اللغة التركية مكانتها،

كما تحدث عن ضعف الدولة العثمانية مع نهايات القرن التاسع عشر ولجوء الكثير من الأسر إلى تعليم أبنائهم في الغرب، خصوصًا فرنسا، حيث تأثروا بشعارات الثورة الفرنسية ذات الطابع القومي فكثرت الدعوات المناوئة لسلطة الخلافة وتبني مفاهيم قومية ناقمة على الأوضاع.. مشيرا إلى صعود جماعة الاتحاد والترقي ودور أتاتورك في التغريب وإفساد هوية المجتمع التركي المسلم من قبل التيار الغربي الذي اعتبر أن الشرق رمز للتخلف.

 

الشعر الإسلامي

وخصص د.حرب الجزء الأكبر من ورقته للشاعر نجيب فاضل الذي ينتمي إلى أسرة تركية عريقة أرسلته لدراسة الفرنسية حيث تأثر بذلك التيار الغربي، وأصبح بوهيميا، وعاد للعمل في إحدى الصحف لكنه في إحدى الندوات ذهب للتهكم على شيخ طريقة صوفي هو عبدالحكيم الأرواسي فتأثر به وانقلب من النقيض إلى النقيض وأصبح رمزًا للشعر الإسلامي وترك تأثيرًا كبيرًا على الأتراك وعلى العديد من زعماء الحركة الإسلامية حاليًا، حيث يتغنون بأشعاره.

وكشف حرب أنه أصدر أكثر من 45 كتابًا في التاريخ والثقافة التركية وتقديرًا لجهوده تم تكريمه ومنحه الجنسية التركية ومن أهم أعماله ترجمته لمذكرات السلطان عبد الحميد.

وردًا على سؤال حول الترجمة بين العربية والتركية رأى أنها ضعيفة جدًا؛ لأن الأتراك لا يهتمون بالعربية إلا باعتبارها لغة دينية، وكذلك العرب لا يهتمون أساسا بالثقافة التركية.

وعلى النقيض من اختيار د.حرب لشاعر إسلامي اختار د.الستيتي تجربة مناقضة يمثلها الشاعر محمد نامق كمال الذي كان شاعرًا وصحافيًا ومناضلًا واتخذ موقفًا نقديًا من الثقافة التركية الإسلامية.

تحدث عن حياة نامق الذي ولد في منتصف القرن التاسع عشر وعاش متنقلًا بين أكثر من مدينة، وبسبب ذلك لم يتلق تعليمًا نظاميًا سوى لفترات قصيرة واعتمد على تكوين نفسه بشكل عصامي ثم تطرق إلى نشاطه السياسي وانضمامه إلى جماعة العثمانيين الجدد وهي جماعة إصلاحية دعت إلى وقف التدهورالحاصل في الدولة وتبنت الدعوة لوضع دستور وتشكيل برلمان يقيد صلاحيات الخليفة العثماني.

ثم تحدث فيه عن نماذج من أعماله الإبداعية ومنها مسرحية بعنوان «وطن» كتبها تعبيرًا عن حبه لوطنه وهي تدور في إطار قصة حب بين شاب وفتاة ويصر الشاب على الالتحاق بجيش وطنه في الحرب بينما الفتاة تعارضه لكنه يذهب ومع نهاية الحرب يكتشف أن فتاته هي الأخرى انضمت إلى القتال متنكرة في زي رجل.

وأشار الستيتي إلى أن نامق وبسبب أفكاره الإصلاحية تعرض للنفي أكثر من مرة كما اضطر إلى الكتابة بأسماء مستعارة إلى أن مات في ظروف بائسة في المنفى كما تطرق إلى علاقته بالأمير مصطفى فاضل حفيد محمد علي باشا والذي التقاه في باريس وساعده في تأسيس جريدة للهجوم على السلطان عبد العزيز.

 

السمات الفنية

أما عن السمات الفنية التي تميز نامق فرغم تأثره بالحركة الرومانسية في الغرب لكنه كان مؤمنًا بمفهوم الفن من أجل المجتمع ويرى في الأدب وسيلة لتربية الشباب والدعوة إلى الإصلاح وتعلم قيم جديدة واعتبر أن مسرحيته «وطن» من أفضل أعماله وأكثرها تأثيرًا في الشعب التركي لأنها عالجت قضايا غير مسبوقة ولم يكن مقبولًا التطرق إليها آنذاك.

وختم الستيتي محاضرته بمقاطع من قصيدة له يتغنى فيها نامق بالحرية التي دفعته إلى التخلي عن العديد من المناصب حتى يستطيع أن يخدم وطنه بشجاعة ويقول الحقيقة دون خوف من أحد.

 

ويكشف النموذجان اللذان اختارهما المحاضران: فاضل ونامق عن تلك الازدواجية التي مثلت سمة بارزة في الثقافة العربية والإسلامية بوجه عام أو ما يسمى «صراع الهوية» بين الانتماء إلى الماضي والتقاليد الشرقية والإسلامية كسبيل للنهضة أو الثورة على ذلك وتبني مفاهيم الحداثة الغربية التي تبلورت عقب الثورة الفرنسية.

ولم تركز الندوة على الأبعاد الاجتماعية والسياسية بقدر التركيز على إعطاء لمحة مهمة عن شاعرين يقفان على طرفي النقيض تقريبًا.

 

وعقب انتهاء الندوة فتح باب الحوار والنقاش بمشاركة الجمهور ودارت معظم المداخلات حول الأدب التركي وعلاقتنا نحن العرب به وعبر الحضور عن سعادتهم بندوات كهذه للتلاقح الفكري والتقارب بين الشعوب واسيعاب الثقافات المختلفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق