ثقافةزوايا

رزان المرشد: مكتبة «صوفيا» كانت حلماً تحول إلى حقيقة

على جدار المكتبة رسمت صورة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، بينما تناثرت كلماته على بياض الجدار، وفي الجدار الآخر جاءت رفوف الكتب التي تجمع بين الفكر والفلسفة والأدب.

إنها مكتبة صوفيا.اي التي أسستها الاستاذة رزان المرشد الحاصلة على ليسانس الحقوق والعاشقة للكتابة.. «أسرتي» التقت بها للتعرف على المزيد عنها:

 

رزان المرشد حاصلة على  ليسانس حقوق ومحامية.. فما الذي أوقعها في عشق الكتب؟

– منذ صغري نشأت في بيئة تحتضن الكتب وتعشقها، والدتي عملت على إمدادي بالروايات والأدبيات، فما أن انتهي من رواية تأتي لي بالأخرى، كما أن والدي يهتم كثيرا بالكتب الفكرية والدينية، لذلك ولدت لدي قناعة أن حب القراءة ليس فطريا في حياة الفرد، بل هو مكتسب من البيئة المحيطة به.

وأضافت:

الكثيرون يندهشون من كوني في مجال المحاماة وهو مجال مردوده المادي وفير، وفي الوقت نفسه انشغل عنه بتأسيس مركز حروف الثقافي ومكتبة صوفيا، ولكني أستطيع أن أزيل عنهم اندهاشهم بقولي  إن الشخص عندما يحب شيء ويتقنه يغض النظر عن الأمور المادية الأخرى ويكتفي بالجانب المعنوي والنفسي.

 

هل أثر اهتمامك بالأدب والفكر على دراستك؟

– بالفعل، لم أكن أرى أن دراسة القانون دراسة إجرائية كما يراها زملائي في نفس المجال، ولكني كنت آخذها على محمل آخر، ولذلك ركزت على الجانب الفكري من القانون، واهتممت أيضا بفكر القانون وروحه وليس القانون بذاته، وأوليت اهتمامي بحقوق الإنسان والمفاهيم الدستورية في دراستي.

 

جاء اختيار اسم «صوفيا» من المعنى اليوناني لكلمة «الحكمة»

 

كيف جاءت فكرة تأسيس مركز حروف الثقافي ومكتبة صوفيا؟

– «حروف» مركز ثقافي غير ربحي تأسس عام 2012 يؤمن بأن المعرفة وسيلة للرقي في المجتمع، وله العديد من الأنشطة المتنوعة التي تعنى بالثقافة، في البداية حقيقة لم أخطط أن يكون مركزا ثقافيا فقط كنا مجموعة نجتمع من أجل أن نقرأ كتاب ونحدد يوم لمناقشته، لكن إيماننا بالفكرة يجعلها كالبذرة التي تنمو وتزهر مع اعتنائنا بها ورعايتها، وهكذا حدث معنا كبرنا ونضجنا وتطورت الفكرة الى مركز في عام 2012 وامتدت أنشطة مركز «حروف» الثقافي فضلا عن ذلك الاهتمام والتفعيل للقراءة إلى إقامة الرحلات الثقافية خارج الكويت لزيارة المعالم الثقافية للعديد من البلدان، وكانت أول رحلة إلى دبي عام2013  وإنتاج أول فيلم وثائقي عن الساحة الثقافية الكويتية بالتعاون مع وزارة الشباب، وإقامة عدة ملتقيات ثقافية متنوعة، من أبرزها: ملتقى «تراتيل» عام 2013 المهتم بالمسائل المعرفية في القرآن الكريم.

ثم كان أول مؤتمر للقراءة في الوطن العربي عام 2015 بعنوان «وألق بصرك» بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وتحت رعاية سمو رئيس مجلس الوزراء.

 

ولماذا اسم صوفيا بالتحديد؟

– مكتبة «صوفيا» كانت حلماً وتحول إلى حقيقة، ففي عام 2014 اقترحت الفكرة على شريكي عبدالعزيز العوضي وأسسنا المكتبة، وجاء اختيار اسم «صوفيا» من المعنى اليوناني لكلمة «الحكمة»، وأنها تجمع بين رفوف الكتب والمقهى في مكان واحد، وأن جزءا من أرباح المكتبة يذهب للإنفاق على «مركز حروف»، كما أن لها جانبا تطوعيا خيريا، وحرصت ان تكون المكتبة ملتقى للمفكرين والأدباء والقراء، وأن يكون هناك برنامج ثقافي طول العام يتضمن العديد من الندوات الثقافية والفكرية.

 

ماذا في مكتبة رزان المرشد الشخصية؟ وما الكتاب الذي لا يفارقها؟

– في مكتبتي الشخصية الكثير من المجالات الكتب القانونية والكتب الأدبية والفكرية والفلسفية وأميل إلى الروايات والكتب المهتمة بحقوق الإنسان والقانون العام بالتحديد.

 

من الشخص الذي وقف بجابنك وكان لك سندا في تحقيق هدفك؟

– أحمد الله أن لدي أسرة ليست فقط تؤيد بل تشجع وتبادر في الوقوف بجانبي ودعمهم كان سبيل لإنجاح مشروعي، ووالدي بعد فضل الله كان الأساس في نجاح مركز حروف وهو داعم الأول لي في تأسيس مكتبة صوفيا وأنصح كل أم وأب أن يهتموا بالبحث عن مهارات وطاقات أبنائهم وتطوير قدراتهم حتى يستطيعوا أن يتعرفوا على مستقبلهم بشكل جيد.

 

تغريدة لك أثارت فضول الكثيرين حول قصيدة «اشرب شراب أهل الصّفا».. هل لنا أن تحدثينا عنها؟

– هذه القصيدة تذكرني بمجموعة من الناس كانت تربطني بهم صداقة في فترة ما، لكني اكتشفت بعد ذلك قيمة مهمة وهي أن الشخص الذي يتبنى فكرة مغايرة لما يتبناه الآخرون.. يصبح شخصا محاربا منكرا منهم، سواء من الأصدقاء أو المحيطين به لمجرد انهم لا يتقبلون فكرة الاختلاف، وذلك اعتبر هذه نقطة الإرتكاز في حياتي وتحولا كبيرا في التعرف على طبيعة الآخرين.

 

المرأة صاحبة قلب وعقل وتفاصيل كثيرة بينهما.. فماذا ينقصها من وجهة نظرك؟

– لا أظن المرأة ينقصها شيء، في جوانب الحياة وهناك نماذج كثيرة لسيدات في الكويت تركن بصمات يشهد لها الجميع في جميع المجالات الاقتصادية والعلمية والسياسية والأدبية، ولكن كل ذلك لم يتحقق سوى بالعمل والجهد، وهذا هو السبيل الوحيد.

 

ما الصعوبات التي واجهت رزان المرشد؟

– لا أظن أن شخصا يستطيع تحقيق حلما أو إنجازا دون مواجهة الصعوبات، ولكن السؤال هنا هل من مواجهة الصعوبات يمكن أن تكون عذرا لأي شخص أن يتوقف عن العمل وبذل الجهد بالتاكيد لا، وهي بالنسبة لي نقطوة تحدي ومعروف عندي انني أحب تحدي نفسي كثيرا لأنجز ما أريده.

وأضافت: لكل عمل صعوبات، بدايةً في تقبل المجتمع لأي فكرة جديدة انتهاء إلى استمرارية العمل، وتكوين فريق يؤمن بالفكرة، وليس العمل من أجلها فقط، ولكني تغلبت على هذه الصعوبات بالإيمان بالفكرة أولا، ثم تقديم الكثير من التضحيات، سواء على المستوى الشخصي أو المهني.

 

وما الكتب التي لا تمتد عيناك شغفا بها؟

– بكل صراحة بعض وليس كل كتب التنمية الذاتية، فمنها كتب أطلق عليها سهلة التحضير، وفيها أرى أن الكاتب لم يراع جهد القارئ في البحث عن الكتاب وما دفعه في هذا الكتاب، حيث لم يقدم له الكاتب جديدا من المعلومات.

 

من خلال المحاضرات والأمسيات التي يحرص مركز حروف على إقامتها.. فماذا وجدت لدى جيل الشباب للاهتمام بالقراءة؟

– السؤال الذي كثيرا ما يوجه لي خاصة في معارض الكتاب «لي الحين الناس تقرأ؟» والإجابة الصادمة «نعم»، والشباب واعي ومثقف وأحيانا يفضل القراءة على أمور أخرى أكثر تسلية ولكنه يفضل صحبة الكتاب، ولكن الأهم هو سؤال ما نتائج هذه القراءة؟ لدى شباب يقرؤون فعلا، ولكني هل حولوا ما قرؤوه من كتب فكرية وفلسفية وأدبية إلى سلوك يفيد المجتمع؟ هذا بالنسبة لي هو الأهم، إذا لم يتم تحويل ما نقرؤوه إلى سلوك.. فما الفائدة إذن التي تعود علينا.

 

الطفل صنيعة بيئته

 

ماذا عن كتب الأطفال وطرق تشجيعهم للقراءة؟

– بالنسبة لكتب الأطفال أعتقد أن لدينا قصورا في جانب بعض الأمهات خاصة الجدد منهن في الاهتمام بقراءة الطفل، حيث لاحظنا أن الأم تهتم منذ اللحظات الأولى للطفل أن يكون مشغولا في أي شيء بحيث لا يسبب لها الازعاج، فتسرع بشراء اخر نسخة من الاجهزة الإلكترونية أو الهواتف الذكية، ولا تهتم بأن يسمك الطفل كتابها، وذكرت البعض لأنني أجد بعض الأمهات يقرأ لابنائهن.

وأضافت: في «مركز حروف الثقافي» لدينا نادي قراءة الأطفال يعلمهم طرق الحوار والمناقشة، وأرى أن هذا لا يجدي اذا ذهب الطفل الى منزله ووجد بيئة حوله لا تشجع على القراءة، ففي النهاية.. الطفل صنيعة بيئته.

 

لا أظن أن كتابي الأول سيرى النور إلا بعد الأربعين

 

لديك أفكار وآراء وخبرات عديدة.. فأين أنت من الكتابة؟

– هذا سؤال كثيرا ما أسأل عنه، وجوابي لا أظن أنني سأكتب كتابي الأول إلا بعد الأربعين من عمري، وإذا استطعت أكثر فسوف أفعل، لأن بالنسبة لي أن تقبل على عمل جديد خاصة كمجال الكتابة فلا يجب ان تخفق في نهاية الطريق، افضل دائما اما ان اقدم عملا جيدا يرضيني دون عيوب.

 

كيف يمكن لأي مشروع أن ينجح؟

– النجاح يرتكز على أمرين: الأول أمر نفسي روحي، والآخر هو الإداري، ومع الأمر النفسي الروحي لابد أن يكون الشخص مستعدا ولديه روح المبادرة، والأهم أن تبادر بالعمل والاجتهاد دون ان يطلب منك، والروحي ينطلق من الإيمان، بأن العمل والاجتهاد من باب التوكل على الله، فلابد ان نؤمن أن كل ما يحدث لنا خير من الله عز وجل.

أما الأمر الإداري، فيتمثل في أن يكون الشخص متمتعًا بالصفة القيادية، وأن يؤمن بأن كل عمل لايمكن أن يتم من خلال شخص واحد، وان النجاح لايتحقق بعمل فردي بل لابد أن يكون هناك فريق عمل، فنجاح «مركز الحروف» كان بفضل الله عز وجل ثم بجهود فريق العمل الذين بذلوا  ويبذلون جهد كبيرًا.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق