حياتنا أحلي

سحر الألوان في نفس الإنسان

للألوان ودرجاتها وتنوعها تأثير كبير على حياتنا سواء في ألوان ملابسنا أو أطعمتنا، أو ديكور بيوتنا أو في إحساسنا بتقدير أحجام وأوزان الأشياء للأشخاص، فما التأثيرات النفسية للألوان في حياة الناس؟! وهل لألوان الزهور تأثيرات على الشفاء للمرضى؟ وهل للألوان والإضاءة أي دور في فتح شهيتنا للطعام؟

وقد أثبت علماء النفس ان الألوان المناسبة للمنازل، المصانع، المطاعم، تلعب دورا مهما، فهل للألوان القاتمة تأثير سيكولوجي في الهدوء النفسي؟!

فالحرارة ليست شيئا ماديا محسوسا لكنها أمر نفسي يرتبط بالمزاج والمشاعر التي تبعثها الألوان.

بعد ظهور إشعاعات ضوئية ملونة، هجر الضيوف المائدة في أحد أكبر الفنادق  الفخمة في مدينة نيويورك. اجتمع الضيوف على مائدة عامرة بأصناف الطعام مما لذ وطاب، لحوم، أسماك، وبدأ الضيوف يأكلون بشهية وسرور ملحوظ، فإذا بأضواء حمراء تشع على المائدة فأخذت الأطعمة ألوانا غير جذابة، حيث تحولت شرائح اللحم اللذيذة إلى اللون الأخضر الغامق وتحولت أكواب الماء إلى اللون الأحمر ولم تمض دقائق حتى هجر الضيوف الطعام.

 

الزهور الملونة علاج للأمراض

أثبتت الدراسات بجامعة جون هوبكنز ولعدة تجارب علمية قام بها بعض العلماء في مراكز البحث العلمية في دول أوروبية كثيرة أن للزهور الملونة تأثيرات نفسية علاجية،  حيث إن اللون الأزرق يؤثر على البشرة، الأغشية المخاطية، الجهاز المركزي للأعصاب. C.N.S واللون الأخضر الفاتح يعمل على تنشيط الغدد الصماء، ويساعد على تخليص الجسم من السموم والفضلات، وإن اللون الأحمر يؤثر على وظائف القلب والأوعية الدموية وان اللون الأصفر – الزهور الصفراء تستخدم لعلاج مرضى النورستانيا Neurostania «الوهن العصبي» وأعراضها التوتر العصبي، القلق، الحزن، ومؤثرات عقلية، الصعوبة في تكوين الأفكار، أوجاع جسدية، آلام بالرأس.

كذلك يؤثر اللون الأصفر على الغدد والجهاز الهضمي والتنفسي عند الإنسان. مصممو  الطائرات.. اختاروا  الأخضر والأزرق لتقليل الدوار للركاب

 

في عالم الصناعة والتجارة للألوان تأثيرات أيضا، حيث اختار مصممو الطائرات الحديثة بناء على البحوث العلمية، اللونين الأخضر والأزرق في ديكورات كبائن الركاب لتقليل الإحساس بالدوار Dizziness التي تحدث لركاب الطائرات بعدما أدركوا أن اللونين  الأصفر والرمادي يساعدان على كثرة حدوث الدوار للركاب.

 

الألوان الباردة تساعد في توسعة أحجام الغرف الضيقة

أدرك الباحثون تأثير الألوان على حجم الغرف، والمكاتب والصالات، حيث ثبت علمياً أنه يمكن زيادة الإحساس باتساع الغرف الصغيرة أو الضيقة باستخدام الألوان الباردة، لما لها من خاصية الارتداد Reflection كما يمكن جعل الغرف الكبيرة الحجم تبدو أضيق في المساحة باستخدام الألوان الدافئة (الأحمر، البرتقالي، الأسود، البني) لما لها من خاصية التقدم،  كذلك يمكن التغلب على عدم تناسب الفراغات الطولية الضيقة بعمل حيل الخداع البصري لبعد الحوائط باستخدام الألوان الباردة (البيضاء – الصفراء) ولون آخر يقرب الحوائط المواجهة باستخدام الألوان الدافئة.

كما ينصح العلماء بضرورة تجنب الألوان الدافئة (الأحمر، الأسود، البني) في مكاتب الإدارة وغرف الاجتماعات التي تجري كل النقاشات والخلافات والتخطيط للمشاريع حيث إنها تؤثر على الأعصاب، كما أنه يستحسن تجنب الألوان الرمادية، الباردة جدا التي تدعو للجمود، الرتابة، الشعور بالملل، الفتور في العمل.

كما تبين أن اللون في مكان العمل له تأثير على نفسية العمال والموظفين وعنصر مساعد لاستمرار العامل في تنفيذ عمله اليومي المرهق بجد ونشاط، فقد لوحظ أن التلوين الزخرفي المتجانس يبعد عن المخ شعور الوهن، القلق، التعب  والملل.

 

بيوت الأزياء وخدعة تحويل العارضات البدينات إلى رشيقات!

من الجدير بالذكر أن بيوت الأزياء العالمية قد فطنت إلى تأثيرات الألوان السيكولوجية في تقدير أحجام العارضات واستغلت عامل اللون في تصميم أزيائها، حيث تحرص على اختيار اللون القاتم للعارضات البدينات فضلا عن تسليط الأضواء ذات الألوان الفاتحة على أرضية صالة العرض ومن ثم تبدو العارضة البدينة أقل حجما من الواقع.

 

تغيير لون جسر لندن الأسود إلى لون أخضر فاتح قلل حوادث الانتحار

 

وللألوان تأثيراتها السيكولوجية على نفسية الأشخاص المكتئبين المقبلين على الانتحار، حيث أثبتت الدراسات أن للألوان القاتمة (السوداء، الزرقاء، البنية) أثرها السيئ في نفوس الأشخاص اليائسين المتشائمين، ومما يروى أن جسرا قديما على نهر لندن ظل موضعا مرعبا للمنتحرين، وعندما أشار أحد المتخصصين السيكولوجيين في علم نفس الألوان الى استبدال لون الجسر وسوره الأسود القاتم بلون أخضر فاتح، قلت حالات الانتحار على هذا الجسر بصورة واضحة.

 

لماذا يختار مصممو الألوان الستائر الخضراء والزرقاء لغرف المرضى؟

 

اللون الفاتح يجعل الصناديق الثقيلة أقل وزناً

من الغريب أن يؤثر اللون الفاتح أو الغامق في توليد الإحساس بالوزن الثقيل أو الوزن الحقيقي للأشياء المحمولة، فقد لوحظ أن صناديق ذات مقاييس متشابهة وذات وزن متماثل تبدو أقل وزنا للعمال الذين يحملونها عندما تكون ملونة باللون الفاتح (الأبيض، الأصفر) حيث تظهر الألوان الفاتحة، الباردة، أخف وأقل وزنا، في حين تظهر الألوان الفاتحة، الباردة، أخف وأقل وزنا – في حين تظهر الصناديق ذات الألوان الغامقة القاتمة الدافئة، أكثر ثقلا ووزنا وكثافة. كما تستطيع الألوان أيضا توليد إحساس بالحجم الكبير والحجم الصغير، فالمساحة الصغيرة ذات اللون الفاتح تضيء الأرض الغامقة فتبدو كأنها يزداد حجمها، الأرض الفاتحة المساحةالغامقة  تبدو كأنها تتناقص.

كما فطن مصممو المستشفيات لتأثيرات الألوان على نفسية المريض، فوضعوا الستائر الزرقاء والخضراء في غرف المرضى لراحة العضلات ولجلب الهدوء والراحة والنوم.

 

الزهور البيضاء تساعد المرضى الذين بحاجة للهدوء والراحة والاسترخاء

 

الألوان ..  والصحة

تختلف ألوان الزهور المقدمة للمرضى على حسب حالاتهم الصحية، إذا كان المريض بحاجة للراحة والهدوء، فيجب أن تقدم له الزهور الفاتحة البيضاء، أما إذا كان المريض يشعر بالتعب والإنهاك وبحاجة لنشاط تختار له الزهور الدافئة (الحمراء، الصفراء ودرجاتها). وأما ألوان الزهور الحمراء فتشعر المرضى بالبهجة، ترفع النبض وهي أفضل الألوان للمرضى، وكذلك تنشط المخ، كما أثبت دراسات معهد سيكانو للألوان.

كذلك ثبت علمياً أن ألوان غرف الطعام والأطباق والمفارش والديكورات المحيطة بالطعام تلعب دورا في الشهية سواء فتح أو سد الشهية.

 

كتب الدكتور : حسني الفار

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق