فنلقاء الغلاف

عائشة البوسميط: «أمومة اختيارية».. كتابي وتجربتي

من مجلة «ماجد» للأطفال إلى دكتوراه في الإعلام

هي إنسانة رائعة.. محبة للحياة عشقت القلم والكتابة وبدأت منذ طفولتها مندوبة صحافية بمجلة «ماجد» للأطفال وبعدها كتبت الشعر وهي بالمرحلة الثانوية وشجعتها الصحف بنشر قصائدها.

درست الإعلام وأصبحت دكتورة بالإعلام والاتصال، كما عملت مذيعة بالتلفزيون، بالإضافة الى عملها الصحافي، باختصار هي مبدعة بكل مجال عملت به، وأخيراً قررت أن تبني أسرة جميلة، فاحتضنت طفلتين يتيمتين وأطلقت عليهما اسم ريم وحصة وعاشت أجمل تجربة احتضان وألّفت كتاب «أمومة بالاختيار» الذي لاقى صدى كبيرا، إنها الدكتورة عائشة البوسميط التي فازت مؤخرا بلقب سفيرة بحرية للنوايا الحسنة، نلتقيها في هذا اللقاء لنقترب منها أكثر:

 

أنا «قلم» قبل كل شيء!

 

الدكتورة عائشة البوسميط من أنت؟

– أنا الدكتورة عائشة البوسميط، أم ريم وحصة، إنسانة بسيطة، مُحبة للحياة والعلم والمعرفة والاطلاع.

عصامية تعبت على نفسي ولله الحمد هناك الكثير من العناصر بحياتي ساعدتني ودعمتني مثل إخواني.

بدأت حياتي إنسانة تعشق الكتابة وبدأت مشاركاتي في مجلة «ماجد» للأطفال حين كنت طالبة بالمدرسة ثم بدأت بنشر مقالاتي في مجلة «الأزمنة العربية» وهي مجلة سياسية، ولم أكن أعلم لأن صديق أخي كان يزورنا بالمنزل ويأخذ كتاباتي ورسوماتي وينشرها بالمجلة.

 

أجرّب كل شيء.. لأن التجربة تعطيك المعرفة

 

ماذا عن دراستك؟

– درست الإعلام في جامعة الامارات وكان لي نشاط ملحوظ، حيث كنت رئيسة الجمعيات الاعلامية في الجامعة، كنت أقدم حفلات الجامعة حين كانت تحضر الشيخة فاطمة.

لم يكن للإبداع حدود بحياتي، أحب أجرب كل شيء لأن التجربة تعطيك المعرفة.

وعملت وأنا طالبة لأني كنت أحب أشق طريقي بنفسي بعيدا عن الآخرين وأحب أن أعمل وأكافأ على جهدي، ولله الحمد اشتغلت بالتلفزيون وكان بالجرائد صفحة مخصصة للحرم الجامعي كنت أنا المسؤولة عنها، فقسمت وقتي بين دراستي وعملي بالتلفزيون والصحافة، وكنت أتقاضى مكافأة قدرها 2000 درهم إماراتي،  وكانت المكافأة بالنسبة لي مبلغا كبيرا كطالبة، ثم بدأت مشواري الصحافي الحقيقي في صحف «البيان» و«الخليج» و«الاتحاد»، فأنا قلم قبل كل شيء كوني كاتبة وشاعرة.

وسعيدة أني من خلال عملي بجريدة «البيان» أسست جسر تواصل بين الجامعة والمجتمع.

كنت محظوظة والكل شجعني وربما لأني كنت متوازنة ولم أكن متطرفة بأي جانب فلقيت من يدعمني ويشجعني، وحتى الرسم رسمت وشاركت في معارض.

 

مازالت الكاميرا تغريني.. رغم أن النقال أصبح سيد الموقف

 

حدثينا عن عائشة المصوِّرة.

– بدأت أمارس التصوير حين كنت مُعِدة في تلفزيون الشارقة، وحين كنت أيضا مديرة برامج الأسرة والطفل بتلفزيون الشارقة، عندما بدأنا كان عددنا عشرة أشخاص فقط، وكان معنا الأستاذ أحمد سالم الإعلامي الكبير، وكان لدي برنامج أصوّر فيه المناطق البعيدة وكنت أصوّر الأطفال بعفويتهم وبراءتهم.

وفزت بجوائز كثيرة، أهمها جائزة سنة 1996 بينالي الشارقة مع جمعية الفنون التشكيلية بالشارقة، وكنا نسافر ونعرض أعمالنا بالدول أيضا مثل معرض إيطاليا ومعرض الكويت، سواء عرض لوحاتنا أو صورنا، ومازالت تغريني الكاميرا رغم أن الهاتف النقال أصبح سيد الموقف وأصبح هو الكاميرا، ومازالت تغريني أي لحظة جميلة أقتنصها وأصوّرها، فمازلت مستمرة في التصوير وأحبه.

 

وماذا عن الشاعرة عائشة؟

– الشعر هو حديث القلب، أنا أصدرت ديوانين، الأول «سيدة الرفض الأخير»  كان عمري 18 سنة حين أصدرته، وتشجعت عندما نشرت جريدة الخليج قصائدي بالصفحة الأولى سواء قصيدة «سيدة الرفض الأخير» أو قصيدة «سواحل عشقي»، «كلهم  وطنيات»، وهذا شجعني، وبعد عشر سنوات أصدرت ديواني الثاني

«عودة شهرزاد».

لكن مشاغل الحياة ودراسة الدكتوراه وعملي شغلتني عن الشعر واتجهت الى إصدار كتب علمية، وكان كتابي عن الاتصال الحكومي، وسعيدة بأن مجلس الوزراء اقتنى كمية من كتبي ووزعها على القياديين بالوزارات.

ثم أصدرت كتابي «أمومة اختيارية» عن تجربتي بالاحتضان.

لكن الشعر يبقى بالنسبة لي تعبيرا عن الموقف، والشعر يستشف المستقبل، بالقصيدة أوصل الصوت.

 

طفل الاحتضان يمنحك بالمقابل حياة مُشرقة وبركة وطمأنينة

 

الاحتضان.. ماذا يمثل لك؟

– بمجرد أن تقولي «احتضان» أشعر بالسعادة فقصتي مع الاحتضان قصة جميلة خاصة أنه بمجتمعنا أمر صعب أن يتكلم أحد غير للصحافة والإعلام، لكن بعد أن تحدثت أنا تحدث كثير بعدي وتشجعوا. وخاصة المرأة غير المتزوجة حيث تقوم بدورين، دور الأم ودور الأب معا.

أنا أشعر بأن لي رسالة وهي «الاحتضان» لأنني استطعت أن أكوّن الأسرة التي أحلم بها، وأن أختار أبنائي، فاخترت بنتي «ريم» و«حصة».

واليوم ريم عمرها 9 سنوات وحصة 3 سنوات ونصف السنة، وأنا لدي تجربتي احتضان، لأن «ريم» احتضنتها وعمرها 3 سنوات احتضانا كبيرا، وأما «حصة» فاحتضان صغير لأني احتضنتها وعمرها 40 يوما!

 

كثيرات من الأمهات احتضن أطفالاً من بعدي

 

ولله الحمد من بعدي كثير من السيدات احتضن أطفالا، سواء المحرومات من الأبناء أو حتى الأسر التي لديها أبناء أيضا احتضنت ولله الحمد.

والحمد لله، قوانين الإمارات تشجع وسهلة والاحتضان سعادة لأنك تهب لهذا الطفل حياة أخرى غير الحياة التي كان سيعيشها لو ظل في دار الأيتام.

بنفس الوقت هذا الطفل يمنحك في المقابل حياة مشرقة وجميلة وبركة وطمأنينة، ومهما تكلمت عنها فلن أعطيها حقها بالإحساس الذي بداخلي.

 

في الكويت تجارب جميلة للاحتضان تقودها «أم عبدالله» والأخت «صفا الفيلكاوي»

 

أنا أتمنى لو أي شخص يفكر في الاحتضان وهو صغير، أن يحتضن الآن لأن هذا الطفل طاقة يريد أن يلعب معه ويشاركه حياته، وهناك أمهات لديهن أطفال يخبرنني بأنهن يتعلمن كيف يربين أبناءهن من خلال تجربتي، فأنا ثقفت نفسي وسألت أمي وعملت بالنصائح ونقلت تجربتي لعيالي، وحصلت على جائزتين للأم المثالية المحتضنة، الجائزة الأولى من الشيخة فاطمة (دار زايد الخيرية)، والجائزة الثانية (دار الرعاية الاجتماعية) في الشارقة على سنوات متفرقة وأنا أعتز بهاتين الجائزتين، وأنا أحيانا أنسى أني أم محتضنة لأنه بعد فترة الحياة تصير طبيعية، فالاحتضان نعمة إلهية وطمأنينة ودفء.

جانب آخر، أنا أشتغل عليه وهو توعية الناس بالاحتضان، لأن هناك بعض الناس تقول: حرام، ونسوا أنها تعتبر كفالة يتيم، والرسول يقول «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا»، وأشار بالسبَّابة والوسطى، وفرَّج بينهما شيئًا، هذا هو الأجر.

وفي الكويت تجارب جميلة تقودها الأخت أم عبدالوهاب، تجمع  جميل تتم استضافة نساء من أمهات خليجيات لنقل تجاربهن، كذلك الأخت صفا الفيلكاوي وكثيرات.

 

صديقتي «أم خليفة» أرضعت بناتي

 

ماذا علمت ريم وحصة؟

– حصة صغيرة لكن أعلمها احترام الآخر وأعلمهما الاختلاف سواء بالشكل أو العادات والتقاليد.

كذلك علمتهما الاعتماد على النفس، دائما أتعامل لو كانتا وحدهما تستطيعان أن تعتمدا على نفسيهما وليس على أمهما.

صديقتي أم خليفة هي التي قامت بإرضاع بنتي فأصبح لديهما إخوان بالرضاعة، أم خليفة لم تكن تنجب وحين احتضنت الطفل اليتيم خليفة، الله رزقها بالأبناء.

أعلمهما الوطنية والولاء تجاه أسرتهما وبلدهما والشجاعة.

 

المشاكل التي تواجهني أسميها تحديات

 

الحياة اليوم أصبحت صعبة، فما المشاكل التي تواجهك؟

– أنا أسميها تحديات، وأنا علمت بنتي ألا تقولا عندي مشكلة بل عندي تحد، مثلا في البداية بالاحتضان ليس من السهل أن تجد طفلا مناسبا، مررت بتحديات كثيرة والحمد لله وجدت ريم وحصة.

التحدي الآخر الطفل عندما يكون كبيرا غير الطفل الصغير، فعند خروجه من بيئة الى بيئة أخرى يحتاج للشعور بالأمان وانها بيئة دائمة له، هذا تحد واجهته أنا مع ريم.

التحدي الآخر كيف تتعامل مع المجتمع ككل حين تقدم طفلك المحتضن للمدرسة ويطلبون منك أوراقا ثبوتية، فالأوراق تأخذ وقتا طويلا بالاضافة لقوانين الاحتضان، وما شاء الله الكويت قوانينها مع الطفل اليتيم والمحتضن وقوانينها سلسة.

ثم تحدي كيف تربي طفلك كي يندمج مع المجتمع وكيف يحترمه المجتمع.

فأنا أعمل على جانبين، جانب كيف أربي بنتي وجانب آخر رسالة كبيرة تجاه مجتمعي كأم محتضنة.

 

هل سترسمين حياة لبنتيك أم تتركين لهما حرية الاختيار؟

– أكيد سأعطيهما حرية اختيار حياتهما، لكن أتدخل قليلا لأني أقم بتربيتهما وأغرس فيهما أخلاقا طيبة والمبادئ لأن بالنهاية الأم مدرسة تعلّم أبناءها.

وسأترك لهما بعد ذلك اختيار حياتهما وأتمنى أن يشار لهما بالبنان بالمجتمع وتكونا من القياديات اللاتي يقدمن لمجتمعهن شيئا مفيدا سواء اختراع أو ابتكار ويساهمما في بناء وطنهما.

 

ما أحلامك؟

– نعم لدي أحلام، لكن اليوم أنا لا أفكر بالمنصب، يمكن لشعوري بأن المنصب بالطريق.

وأنا لدي أحلام بالجانب الثقافي والمجتمعي، أمر يكون خيريا ولمساعدة للناس، أحب جانب العطاء للآخر.

وأنت حين تعطي غيرك فأنت تعطي نفسك لأن الخير يرجع لصاحبه مع الأيام.

سبحان الله يرجع بشكل آخر، الحمد لله، الله مبارك لي في عيالي وفي أسرتي وحياتي.

وأنا إنسانة دائماً ما أدعو للايجابية والسعادة والفرح.

حلمي في عيالي أن يجد أبنائي من يدعمهم بالحياة ولتحقيق أحلامهم القادمة.

 

ما سحر الاتصال؟ كيف أتواصل بنجاح مع الآخرين؟

– الاتصال هو سحر الحياة، تبي تكلم شخص بالكلمة بالمسج بالاشارة، سوشيال ميديا، التواصل نبض الحياة وهو العمود الفقري لكل نشاط يقوم به الانسان، فيجب أن تتعلم فنون الاتصال.

كثير منا يواجه عراقيل وتحديات لكي يعديها يجب أن يكون أولا متواصلا مع نفسه صح، يتحكم بعقله وتفكيره وهذا يحتاج لتدريب، تواصل إيجابي مع نفسك، وازن بين عقلك وقلبك لأن القلب عقل آخر.

الاختلاء مع النفس حتى لو لحظات أو ساعة باليوم مهم جدا، فالأوامر التي أعطيها لنفسي وذاتي هي الأساس.

لما أنجح بتواصلي مع نفسي بشكل شحص أستطيع التعامل مع الآخرين.

الابتسامة تكسر الصخر، الانسيابية مع الآخرين وبترفع عن الناس التي تتعمد الاساءة لك ومضايقتك، فأنا وجدت من يدعمني مثل أمي وأسرتي وإعلاميا ماما حصة العسلي الاعلامية الاولى بالإمارات وشخصيات كثيرة دعمتني وأنا كنت محظوظة بهذا الجانب.

 

نصيحة للشباب.

– أتمنى من يقرأ هذا الحوار خاصة أن مجلة «أسرتي» قريبة من كل الأجيال، وخاصة الشباب، أتمنى أن يستمتعوا بحياتهم وأي تحديات تواجههم لا تمنعهم من إكمال المسيرة، فكل العظماء والناجحين فشلوا في بداياتهم، فعلى الشباب أن يضعوا أهدافا أمامهم، ومهما حاول الناس أن يعرقلوا مسيرتك ووضع العصا في العجل أو رمي الحجارة بطريقك، ابتسم وأكمل طريقك، لا تقف وتجادل لأنك بذلك ستفوت فرصة والحياة فرص.

ويجب أن يشاركوا بالأعمال التطوعية ليبنوا مجتمعاتهم وأوطانهم وأن يكونوا متوازين ولا يركبوا الموجة.

 

بعيداً عن السياسة وقريباً من الانسانية والحب، ماذا عن كتابك «أمومة اختيارية»؟

– أصدرت كتابي «أمومة اختيارية» لأتحدث عن تجربتي بالاحتضان لبنتي ريم وحصة.

 

إنها تجربة رائعة.. أليس كذلك؟

– احتضاني لريم وحصة مسؤولية وواجب وأنا اخترت الأمومة وأن أكون أما باختياري، أما الأم التي تنجب فهي مجبورة.

أنا في كل يوم بعد أن أنهي عملي أذهب لبيتي وعيالي أدرسهم وألعب معاهم وأرسم معاهم وأشاركهم بكل شيء.

 

وهل تطبخين لهم؟

– طبعاً أطبح لهم والجميل أن بنتي رغم صغر سنهما تحبان الطبخ وتحبان الكيك حتى أطلقت عليهما «الشيف ريم» والمساعدة حصة.

حوار: فوزية الإبراهيم

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق