عزيزتي غنيمةمقالات

عزيزتي غنيمة.. ما الحل؟

 

بقلـم: غنيمـة فهـد المـرزوق (رحمها الله)

عزيزتي غنيمة.. ما الحل؟

تحية طيبة وبعد..

ها أنا اعود اليك مرة ثانية ولي نفس المشكلة أشكو منها بعد ان فتحت المدارس مرة اخرى، وعودة الى التهديد،

قد تسألين اي مشكلة تلك؟ اقول لك يا سيدتي هي مشكلة المدرسة وابي المتعصب فأنا لم يمر علي اسبوع في الكلية وابي يرعد ويزفر..

واليوم اكتب اليك وانا في المنزل انتظر رحمة الله وانتظر منه ان يخلصني من هذه الحياة.. انتظر في المنزل بعدما سمعت ابي يتشاجر مع امي لسبب أجهله

وعندما اسرعت اسأل ما الخبر قال لي ابي بلهجته الشديدة «ألست ابنتي» قلت «بلى» اذن لا تذهبي الى المدرسة بعد الآن.

أجبته: ولكن يا ابي؟ اجاب ابي قائلا «لأثبت ان لي مكانة في البيت ولي سيطرة»..

فرددت بغيظ وقد اخذ مني الغضب ما أخذ.. «ولكن ما شأني انا بهذا انا لا اتعلم من أجلك ولا من اجل امي انما من أجلي انا، ومستقبلي انا وبلدي..».

واستمر النقاش وتطور الى شجار أفرغت فيه كل ما في جعبتي من غضب وكأن هذا الذي يقف امامي ليس بأبي وانما هو انسان يكره سعادتي ويحسب نفسه انه بطل الابطال عندما يقتلني ويظل بالسجن ستة اشهر،

هل لهذا السبب.. هذا ما يردده دائما.

سيدتي: انني لا اريد تحليلا لمشكلتي فأنا اعرف سبب الشجار الدائم وأفهم من المخطئ، ولكن لا ادري كيف  أحل المشكلة..

ان مشكلة الشجار هذه لا تنحل ابدا ولكن الذي لا افهمه ابدا هو ابي الذي لا ينتقم من امي الا عن طريقي،

ولا يفرض عصبيته الا بحرماني من المدرسة وقد تتساءلين: لماذا انت بالذات دون اخوتك يهددك بالحرمان من المدرسة؟

أقول  لك يا عزيزتي لأنني احب مدرستي حتى العبادة، انا لا يهمني اي شيء يمكن ان يحدث لي الا المدرسة وحرماني منها فلا يمكن ان أتحمل ذلك.

حاولت مع ابي بكل الطرق، نصحته بان يذهب للمدرسة الليلية لكي يتعلم ويعرف قدر التعليم بل وجماله ولكنه رفض ساخرا مني ومن امي ايضا وحتى عندما جاءت حملة محو الامية

كنت اقول لأبي «اسمع يا ابي ما يقولون عن التعليم» ولكنه كان يجيب دائما متهكما «خرابيط خرابيط».

لقد سئمت كل شيء وكرهته في ابي الذي يهددني بحرماني من المدرسة، انه لا يهمه شيء انني اسكت عنه احيانا واجيبه غالبا بأن الوزارة لا تسمح له بفصلي

وانا طالبة مجتهدة وصغيرة ولكنه كان يسب ويلعن ويقول لي

«هاتي الوزير وابو الوزير وهاتي الوزارة كلها اذا انا لم أسمح لك فلن تذهبي لن تذهبي وسأذهب الى الكلية لأقول لهم انك سرقت جنسيتي».

هذا هو منطقه دائما، لقد حاولت ان اكتب للوزير ولكني خشيت ان لا تصل له شكواي،

وان وصلت فسيقول الناس انها شكت اباها، لقد صبرت في المدرسة، بل قولي سيدتي انهم صبروا عليّ ولم يفصلوني فكيف في الكلية ما ادراني انهم

لن يفصلوني خصوصا ان في الكلية خامات ممتازة من النوع الذي لا يقدر ظروف الطالبة في المنزل.

وتأكدي يا من اكتب لها انني دائما صابرة لأن ابي يرجع لعقله وصوابه بسرعة ولكن بعد ان يغيبني عن المدرسة اياما كثيرة لا تعوض،

انني صابرة وطموحة ومهما هددني ابي فإني لن أحيد عن الدراسة ابدا واني بانتظار ردك وطالبة مشورتك ولك مني مليون تحية والسلام.

«حائرة»

الاحمدي

انت تعرفين سبب الشجار الدائم وتفهمين من المخطئ وانت تبحثين عن حل للمشكلة، لأنك تدفعين وحدك ثمن كل الاخطاء..

اذن دعيني احدث والدك، واحدث فيه كل والد يحاول تحت دافع الغضب ان يحرم بناته من اعز سلاح في هذا العصر،

وهو سلاح العلم، اخي دعني احدثك عن قريب كأخت لك، وكأم تحب لابنتك نفس المستقبل الذي ترجوه لابنتها،

اننا عندما نترك لأبنائنا الاموال بلا علم ولا ثقافة، نكون كمن يترك السلاح في يد جندي يجهل كيف يستخدمه،

او السيارة لمن يجهل قيادتها، وهنا سنجد ان السلاح سيستخدم ضد صاحبه، وان السيارة ستصل براكبها الى الموت،

لا الى هدفه المقصود.. هذا اذا تركنا لهم المال بلا علم «على افتراض ان المال موجود» اما اذا تركنا لهم العلم ولو بلا مال،

فالعلم وحده سيفتح امامهم كنوز الخير والمعرفة، وطريق العمل المثمر المفيد.. فالعلم سند كبير، وسلاح لا غنى عنه،

وقوة لا يستهان بها.. كل الوظائف تحتاج الى كفاءات علمية، تربية الاطفال تحتاج الى ثقافة تربوية،

مسايرة العالم المتطور الذي يزدحم كل يوم بمخترعات جديدة، يحتاج الى عقليات علمية..

الزوج اليوم عندما يختار شريكة حياته يسأل عن شهادتها قبل ان يسأل عن ثروتها، انه يهتم بعقلها قبل جمالها،

لأنها ستربي اولاده، وهو يريد ان يضمن لأولاده رعاية علمية وصحبة سليمة وعصرية، لأن الزمن تغير والاخلاق تغيرت،

ومطالب الحياة تغيرت، ولن ينفعنا في المستقبل سوى العلم والعلم والعلم..

ستتزوج ابنتك ولكن هل الزواج ضمان كاف لها ولأولادها؟..

قد يكون كافيا ولكن اتضمن لها انها لن تحتاج يوما الى عملها لتعمل به وتكسب بشرف من اجل بيتها واولادها،

واذا من الله عليها بالثروة الوفيرة، أليس البلد الذي منحنا كل هذا الخير له حق علينا ان نؤديه له؟..

أليس العمل لخدمة الناس ضريبة ضرورية؟ أليس من واجب التي تعلمت ان تعمل لتعلم غيرها، وتخدمهم بعلمها؟

أليست الكويت اليوم «بل والأمة العربية كلها» في امس الحاجة الى علم كل عالم وجهده؟..

اتركها يا سيدي لجامعتها ومستقبلها، اتركها من اجل بلدها واولادها، واعزلها عن غضبك وثورتك، لأنها فتاة، اتمنى ان تكون كل فتيات الكويت على مستواها من الحماس والارادة.. وحب العلم.

 

1976

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق