فنلقاء الغلاف

فنانة بلقب «امرأة» إنجي المقدم: للزوجة والأم.. لا تتنازلي عن حُلمك أبداً!

إنجي المقدم واحدة من بنات جيل جديد نسبياً في الوسط الفني المصري والعربي، لكنها تتميز بالعديد من المميزات والصفات التي جعلتها بلا شبيهة لها! فيه تمزج بين العلم (علم النفس بشكل خاص) والفن والنزعة الإنسانية الاجتماعية.. فهي ليست مجرد (ممثلة) على الشاشة بل (ممثلة) لجيل كامل من النساء بمصر والعالم العربي، جيل يفكر ويسلك بوعي عال ورؤية اوسع لدور الفن.. كما أنها كوّنت علاقة فريدة بين فنها وبين قناعاتها وقيمها الخاصة، فجاءت النتيجة (فنانة) بلقب (امرأة) وليست امرأة بلقب (فنانة).

 

أحسست جداً بشخصية «بهيرة» ومعاناتها مع زوجها المقامر!

 

أولا نحب أن نهنئك على الجائزة الأخيرة التي حصلت عليها كأفضل ممثلة دور ثان عن دور “بهيرة” في مسلسل (لعبة النسيان) من مهرجان نجم العرب وهو دور مهم.. فماذا عنه من وجهة نظرك؟

أشكرك على التهنئة.. هو دور يتناول طبيبة نفسية تعالج المشكلات النفسية لدى الآخرين. وبرغم دورها الإنساني هذا فإنها تتعرض لاستغلال شخص ما.

 

المرأة لن تقدر أن تكمل حياتها مستغلَّة!

 

إذن.. كيف ترين استغلال النساء بالوطن العربي؟ وكيف نساعدهن على أن يقلن (لا) للاستغلال؟

– هذا سؤال صعب حقيقة.. مع الأسف الشديد نحن نعيش في مجتمعات ذكورية.. وتمت تربيتنا على ضرورة أن تتنازل المرأة وتضحي وتتحامل على نفسها وتقلل من شأن نفسها كي تكون متوافقة ومتعايشة مع هذا المجتمع الذكوري!! هذا الأمر أصبح متراكماً على مر السنين.

وقد حان الوقت أن نتخلص من هذه الأمور التي نشأنا عليها والتي حطت من منزلة المرأة ونعيد تقييمها! ولكن هذا ليس معناه أنني مع المساواة التامة وان المرأة مثل الرجل تماما في كل شيء، ولكننا بالفعل إن نظرنا إلى هذه الموضوع بشكل عادل فسنكتشف أننا جميعا رجالاً ونساء كائنات إنسانية مثل بعضها بعضا، فنحن (بني آدم) متشابهون.. فنحن جميعاً لنا مشاعر واحتياجات وواجبات، ومن المهم جدا أن كل شخص يعرف دوره ويقوم به على أحسن وجه.. فليس بالضرورة كونها امرأة أن تظل في البيت وأن تضحي فوق طاقتها لحساب الرجل، وأن يكون همها الأكبر مسؤولية الأولاد بمفردها فقط بمعزل عن الرجل! فمسؤوليات الأبناء شركة بين المرأة والرجل وليست المرأة فقط! وبالتالي يتعامل الرجال والنساء على أساس (نحن شركاء) في الحياة والمسؤوليات، ونحن الطرفين عمودا البيت، فالبيت لا يقوم على عمود واحد وإلا وقع مع الزمن!

 

ولعل الدور الذي لعبته والذي نلت عنه الجائزة يعبر عما ذكرته كطبيبة نفسية لكنها أيضا تعاني من الآخرين.. فكيف أثر هذا الدور فيك انت وكيف أثرت به؟

– أي دور أقوم به لا بد أن (أحسه).. فتلك الشخصية أو (بهيرة) كانت امرأة وزوجة لزوج مدمن قمار! وهو دائما ما يلجأ إليها في حل مشاكله كي تنقذه، وكم من المرات التي فيها أنقذته، إلى أن وصلت إلى الحد الذي لم تعد تستطيع انقاذه، فقد استنزفت تماماً، وكان عليها أن تحمي نفسها وابنها من ذلك الزوج المقامر وأن تتوقف عن دور “المنقذ”.. وهذا ما احسسته جداً في شخصية (بهيرة) ومعاناتها، وكنت مقتنعة جداً بالدور والشخصية.

 

لن تستطيع المرأة أن تعطي لمجتمعها أو لأولادها أو حتى لنفسها إن لم تقف لأجل نفسها وقفة جادة!

 

وكيف تحمي المرأة العربية نفسها من الاستغلال بشكل عام؟

– لا بد أن يكون متاحا لها (نظام دعم) في محنة الاستغلال، مجتمع معين، عائلة، لديها وعي معين بقدراتها وما تستطيع فعله تجاه هذا الاستغلال وهذا حقها الطبيعي في الحياة، ولأجل نفسها، فهي لن تستطيع أن تعطي لمجتمعها أو أولادها أو حتى لنفسها، إن لم تقف لأجل نفسها وقفة جادة! فالمرأة لن تستطيع أن تكمل حياتها مستغلة!

 

من دور الزوجة (بهيرة) إلى أنجي المقدم كزوجة.. كيف ترين الزوجات حالياً؟

– للأسف الشديد أرى ان الزوجات حاليا لديهن اتجاه أو ميل وكأنهن تربين (كتابعات) للرجل! بينما المرأة شريكة وليست تابعاً، حيث عليها بالضرورة واجبات ومسؤوليات مع الرجل.. فإن توقفت المرأة عن أن ترى نفسها تابعاً للرجل فستتغير الحياة. فتعرف أين تقف تحديداً وماذا تريد.

 

«الزوج المثالي» هو من ينظر إلى زوجته على أنها «شريكته» وليست «تابعة» له

 

وما الزوج المثالي من وجهة نظرك بشكل عام؟

– من وجهة نظري (الزوج المثالي) هو من ينظر إلى زوجته على أنها (شريكته) وليست (تابعة) له.. فلا يقلل من شأنها أو قدراتها.. فهي لها شخصيتها بكل أحلامها وطموحاتها.. ولا يرى لنفسه كل الأولويات لمجرد انه (رجل).

 

هل من الممكن أن تحدثينا عن تجربتك الشخصية مع الزوج، خاصة انه معك في مجال العمل؟

– لقد رزقني الله بزوجي ووفقني فيه.. وهو من الشخصيات التي تمتلك ثقة كافية في نفسها، فلا ينزعج من نجاحي في عملي واهتماماتي وتخصيص وقت خاص لأجلها.. فنجاحي يضيف لنجاحه، وهو بذلك يقدر أن يدعمني بشكل كاف، وهذا الوضع بيني وبين زوجي لو تحقق في بيوت كثيرة، فأعتقد أن المجتمع سيكون أفضل كثيراً.

 

فترة «كورونا» نستغلها كأسرة في كل ما هو مشترك ونمارسه معاً.. نلعب معاً.. نرسم معاً.. ونلعب رياضة معاً

 

 

نمر جميعا مع العالم كله بأزمة كورونا.. فماذا عن تعاملك مع هذه الفترة مع أسرتك؟

– هذه الفترة بالنسبة لي فترة إيجابية.. فنحن كأسرة نستغلها في كل ما هو مشترك ونمارسه معا.. نلعب معاً.. نرسم معاً.. نلعب رياضة معاً.. فقد خرجنا من السباق اليومي المعتاد وتوقفنا ومارسنا الكثير مما نحب.. فهذه الفترة أصبحت مثمرة جدا بالنسبة لي، فقد ارتحت من السباق اليومي المرهق وانتبهت لأمور ونشاطات مهمة ومفيدة.

 

من الواضح أنك في توازن بين عملك كفنانة ودورك كأم.. كيف نجحت في ذلك؟

-أستطيع أن أقول إنني محظوظة بعائلتي التي دعمتني جداً، فلولا عائلتي وزوجي ما استطعت أن احقق هذا التوازن بين الفن والبيت.. زوجي يساعدني حتى في أمور البيت والأولاد.. حماتي تساعدني.. أخت زوجي مسؤولة عن ملف تعليم أبنائي.. وفي وقت غيابي عن العمل، أعطي كل طاقتي لبيتي وأتواجد مع أبنائي في كل وقت وفي المذاكرة، بل وفي حل المشكلات أيضا.

 

هل هناك من أولادك لديه موهبة فنية؟

– لا.. اللهم ابني الذي يهوى الموسيقى والرسم والرقص.

 

وإن أراد أحد منهم الدخول في مجال الفن فيما بعد، هل ستشجعينه على ذلك؟

-بالطبع نعم، ولكن بعد الانتهاء أولا من دراسته العادية بالكامل، ثم يكون موهوباً موهبة حقيقية في الفن.. ثم يكون لديه الدافع القوي لذلك، وليس مجرد رغبة في الأضواء أو الشهرة أو المال.

 

دورك في مسلسل (حواديت الشانزليزيه) كان دوراً مركباً وصعباً وشخصية تعرضت لتقلبات كثيرة.. فكيف قمت بهذا الدور؟

– أي دور أقوم به لا بد أن احضّر له كثيراً.. ولهذا الدور كانت هناك تحضيرات كثيرة بالبروفات المتعددة مع المخرج مرقس عادل والنجم زياد نصار، كما قرأت كثيرا عن فتيات الليل من الناحية النفسية.. كذلك عن الشخصية (النصابة) كيف تكون نفسيتها.

 

وربما استفدت من تخصصك العلمي الأساسي وهو علم النفس؟

– صحيح.. لقد أفادني في فهم الشخصيات التي أقوم بأدائها وفي هذه الشخصية، خاصة أنني أحب ذلك، حيث أحب أن أدرس الشخصية جيداً، وبعد ذلك أنطلق في أدائها.

 

ألم تترددي في قبول هذا الدور خوفاً على صورتك مثلا كفنانة أو على إنجازاتك الفنية كممثلة؟

– على العكس تماماً، اعتبرت هذه الشخصية تحدياً فنياً لي.. فأنا أحب جدا الشخصيات المركبة على الشاشة.. فكانت فرصة لي.

 

مثل هذه الشخصية المركبة في (حواديت الشانزليزيه) كفتاة ليل.. كيف يتحول المجتمع إلى علاج لمشكلاتها وليس مجرد النقد لها؟

– مثل هذه الشخصية تلجأ إلى ذلك ربما قسرا لأسباب نفسية صعبة واجتماعية أصعب.. لذلك تحتاج إلى حل مشكلاتها من المجتمع وتفهم ظروفها.

 

مشوارك الفني بدأت ببرنامج تلفزيوني.. ألا تفكرين في القيام ببرنامج تلفزيوني مرة أخرى بعد مشوارك الفني التمثيلي مثل بقية الفنانات؟

– بالشكل التقليدي التلفزيوني.. بالطبع لن أقوم بذلك، لكن هناك مشروع برنامج.. وهو مشروع إنساني أكثر من مجرد برنامج تلفزيوني للترفيه.. والفكرة عن النساء ومخاوفهن وتحدياتهن وكيف يواجهن مخاوفهن، وهي فكرة تخص جميع النساء ليس في الوطن العربي فقط بل في العالم.. وبالتالي حتى (ستات البيوت) يستطعن الحصول على الامل من جديد من خلال هذا البرنامج إن تم.

 

التحرش ظاهرة عالمية.. لكن ما يزيدها سوءاً

لدينا صمت وخوف النساء الضحايا!

 

 

تعرفين ظاهرة التحرش المتزايد.. فما رأيك فيها؟

– التحرش ظاهرة عالمية وليست في بلادنا فقط.. لكن ما يزيدها سوءاً لدينا صمت وخوف النساء الضحايا! فلا بد أن (تتكلم) الضحية وان تخبر عن الشخص المذنب، ولا تشعر بأنها هي المذنبة! وذلك لأنه إذا تكلمت الضحية يُساء إليها ويعتبرونها هي المذنبة! لكن إن تكلمت جميع ضحايا التحرش، فسوف تتغير الأوضاع والأحكام.

 

وماذا لو فرضنا أنك شخصياً تعرضت للتحرش.. هل ستتكلمين؟

– بالطبع سأتكلم.. لأن هذا هو دوري. فلا بد أن (أقول) كي أشجع بقية الضحايا على التكلم.

 

وهل تفكرين في القيام بعمل فني حول التحرش الجنسي؟

– السوشيال ميديا والإعلام تحدثوا كثيراً عن الظاهرة.. لكني أتمنى أن أقوم بعمل فني يتحدث عن التحرش الجنسي (الأسري)! أي ما يحدث داخل الأسرة نفسها من تحرش بالمرأة! فهذا أمر مسكوت عنه ولا أحد يتناوله أبداً!

 

ما الأعمال التي تحضرين لها في 2021؟

– أصور حالياً مسلسل (الاختيار) الجزء الثاني لرمضان.. وضيفة شرف في مسلسل (هجمة مرتدة).

 

لو لديك نصيحة لأم وزوجة ومازال لديها (حلم).. ماذا تقولين لها؟

– أقول لها: “لا تننازلي عن حلمك أبداً.. فعندما تكونين الإنسانة التي تريدينها وسعيدة، لن يؤثر ذلك أبداً على بيتك وأولادك وزوجك.. ربما من الصعب أحيانا تحقيق ذلك، لكن بشيء من التضحية والحوار والعزيمة تستطيعين تحقيق حلمك.. والله سيساعدك.. فطاقتك الجديدة الإيجابية ستنعكس على بيتك وأسرتك وحياتك بالكامل”.

 

أسرتي في كل مكان

تينا نصر – مصر

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق