حياتنا أحلي

لا تسمحوا للقرد أن يلعب في رؤوسكم!

«عش اللحظة».. كلمتان بتنا نسمعها كثيرا في الآونة الاخيرة من أغلب مدربي التنمية البشرية.. كلمتان قد تبدوان في ظاهرهما بسيطتين وسهلتي التحقيق ولكن في واقع الامر هما أصعب كثيرا مما نظن، ويحتاج تحقيقهما الى الكثير من المهارات والادوات حتى تتحولا من مجرد قول إلى فعل،

فنحن نعتقد أننا نعيش الحاضر بكل مفرداته غير مدركين أننا نعيش ذلك بأجسادنا فقط بينما عقولنا تعيش إما في ماض نبكي على انقضائه أو مستقبل نقلق عليه.. نحن نعيش إما في ماض مر علينا وكأنه حلم أو مستقبل نعد له ونفقد الإحساس باللحظة

ومعها جزء كبير من سعادتنا واستمتاعنا بكل ما يدور حولنا أو بين أيادينا.

يقول مدرب التنمية البشرية «جاويد فينود»:

إننا نحتاج إلى تهدئة القرد الذي يقفز في كل اتجاه داخل عقولنا يوميا، فتارة ينط الى الماضي ويقلّب في أحداثه ويعود بنا الى مشاعر إما حزينة تعكر صفو اللحظة التي نعيشها حاليا أو سعيدة نبكي على ضياعها، وتارة أخرى يقفز الى مستقبل مجهول نخاف منه وعليه، ويبقى السؤال: كيف لنا أن نهدأ من حركة هذا القرد وندفعه كي يهدئ ويعيش اللحظة الحالية أو بمعنى اصح يعيش الحاضر.

ويؤكد «فينود» أن هناك أدوات كثيرة من شأنها أن تعيد لنا هدوءنا الداخلي وقدرتنا على التركيز في الحاضر والاستمتاع به والاستفادة من كل الفرص التي نراها في ظل زحمة العقل وانشغاله بأمور أخرى غير مجدية.

1 الاسترخاء والتأمل

ليس هناك أفضل من اتباع تمرينات الاسترخاء والتأمل لتهدئة العقل كي يكون أكثر تركيزا ووضوحا وقدرة على رؤية الحاضر والتفاعل معه، فعندما نقوم بتهدئة العقل فنحن نخلق حالة ذهنية نقية للغاية ومتنبهة، حالة نتمكن من خلالها من الشعور بالهدوء والسكينة،

وكذلك الفهم لكل ما يدور من حولنا، وهذا يتطلب منا استرخاءً عميقًا جدًّا ليس فقط على مستوى العضلات الجسدية – وهو أمر ضروري – بل استرخاء من كل الضغوط والتوترات الذهنية والشعورية التي تمنعنا من الاحساس بأي شيء حولنا.

والتأمل هنا لا يعني بأي حال من الأحوال التوقف عن التفكير، فهذا سوء فهم للأمر وإنما هو حالة يصل فيها العقل أو الذهن الى حالة من الصفاء والقدرة على فرز الافكار المتضاربة والتركيز على كل ما هو إيجابي ونافع وطرد كل ما هو غير ضروري

ولا ينتج عنه إلا فقد لطاقتنا سواء بالعودة لماض لن يعود اومستقبل لا نملكه فكل تلك الأفكار تندرج تحت تصنيف الذهن الشارد والأفكار المزعجة.

ويضيف فينود:

إن صفاء الذهن سيمكننا بالضرورة من التواصل مع الذات من ناحية ومن التركيز على الواقع الذي نعيشة وبالتالي الاستفادة من كل ما يدور حولنا في الحاضر والاستمتاع بكل ما فيه للوصول الى لحظات من السعادة التي تضيع منا وسط أفكار مشتتة حزينة أو قلقة من ناحية أخرى.

وهناك تدريبات متنوعة ومختلفة للتأمل، فإذا كنت من المبتدئين، فعليك إما اللجوء الى أحد مراكز التأمل أو استخدام مواقع التدريب على اليوتيوب على أن تحدد أي نوع من التأمل تريد، والافضل أن تكون للمبتدئين في البداية،

أو القيام بذلك بنفسك وبخطوات بسيطة أهمها الجلوس بشكل مستقيم ومريح جدا في مكان هادئ خافت الاضواء بعيدا عن أي مصدر من مصادر الازعاج وخصوصا التليفون المحمول.

تنفس بشكل عميق ومنتظم بدون إجهاد لنفسك.. قم بالتنفس من الأنف «الشهيق» بالعد لخمس وببطء شديد ومن ثم الزفير وإخراج النفس من الأنف أيضا بالعد لسبع، استمري في ذلك لمدة 20 دقيقة الى تشعر بالهدوء التام في كامل الجسم والذهن، في تلك الاثناء حاول طرد كل الافكار السلبية التي تجوب في الذهن.

كرر جلسات التأمل مرتين يوميا اذا امكن وحولها الى عادة لتهدئة العقل والجسد.

2 التنفس

حياة الانسان تبدأ عند الولادة بنفس وتنتهي بانقطاعه ما بين الميلاد والموت حياة كاملة من الأنفاس التي نتنفسها في كل ثانية ودقيقة من العمر، ولكن تبقى طريقة التنفس هي الفاصلة بين نوع حياة وأخرى، فطريقة التنفس إما أن تفقدنا طاقتنا الحيوية وبالتالي هدوءنا النفسي والذهني،

ومن ثم تزيد من لياقتهما، فالتنفس من الصدر يتحكم في الحالة الأولى حيث لا يستفيد الجسم الا بـ 30% من الاوكسجين الذي نتنفسه بالجزء العلوي فقط من الجسم بينما يتحكم التنفس البطنى بالحالة الثانية، حيث تمتلأ كل خلايا الجسم بالاكسجين المطلوب.

والمحزن في الأمر أن أغلب البشر يتنفسون من صدورهم فقط وهو ما يتسبب في الكثير من مشاكلهم الصحية والذهنية.

 3 لا تقم بأكثر من عمل واحد في اللحظة الواحدة

التركيز على عمل واحد فقط في اللحظة الواحدة هو أفضل وسيلة لعيش اللحظة وعدم تشتيت الافكار والمشاعر بحيث يكون الاستمتاع بما نقوم به هو الأساس، فعندما نتناول الطعام – على سبيل المثال – فلنحاول أن نقوم بذلك ببطء وتركيز على ما نأكل،

فلنترك الموبايل أو الجريدة أو كل ما يمكن أن يشتت الذهن، الحال ذاته عند القراءة أو ممارسة الرياضة، الفكرة هي التركيز على ما نقوم به من مهمة واحدة فقط تجعلنا نعيش الحاضر فقط.

وهنا ينصح فينود بممارسة ألعاب بدنية أو ذهنية تسلط كل الانتباه عليها كالشطرنج أو حتى ألعاب الجري التي كنا نمارسها ونحن أطفال، فهذه الالعاب تفرغ الذهن من كل الأفكار المقلقة وتجعله رهين الحاضر فقط وهو المطلوب، ويعيدنا الى حالة من السعادة التي نصبو اليها.

أعط كل فعل حقّه، واندمج فيه تماما بكل حواسك ومشاعرك.

4 الفصل بين المهام المختلفة

ينصح مدربو التنمية البشرية بضرورة الفصل بين المهام المختلفة وأخذ قسط من الراحة والوقت بين كل منها، فهذا من شأنه أولا الدقة والإتقان في الاداء وثانيا وهو الاهم التركيز على العمل الواحد دون تشتيت، وهو ما يعني أن نعيش اللحظة دون تداخلات لافكار من شأنها ان تربكنا وتضعنا في حالة من التوتر غير المرغوب فيه.

5 اجلس مع نفسك لو لخمس دقائق

نحن نجلس مع الآخرين أو أمام التلفاز أو مع التلفون المحمول الجزء الاكبر من اليوم، ولكن.. هل جربنا الجلوس في هدوء وصمت مع النفس؟ هل استمعنا الى ما يدور بداخلنا ولو لخمس دقائق فقط كما نستمع للآخرين؟

في الغالب الاجابة ستكون بالنفي فنحن نعطي الاولوية لكل ما هو خارج دائرة النفس والذات، والآن يجب ان نتغير لنغير واقعنا للأفضل وليس أهم من أن نفهم أنفسنا ونستمع الى أفكارنا على الأقل لنتعرف الى ماهيتها وطبيعتها وكيف يمكن التعامل معها.

والخلوة الذاتية لا تعني الجلوس فقط بل يمكن أن تكون أثناء تأدية واجب من الواجبات اليومية كالتنظيف مثلا أو الطبخ أو قيادة السيارة أو رياضة الجري، فهذه التقنية تشتت الافكار الخاصة بالماضى وتبعد التفكير بالمستقبل ويكون التركيز على الحاضر فقط.

6 لولا الأصدقاء لفقعت مرارتي

نعم.. الجلوس مع الذات مهم ولكن أيضا الاصدقاء الإيجابيون لهم نفس القدر من الأهمية في حياتنا فنحن معهم نعيش الحاضر ونستمتع بكل لحظة فيه، بل انه يرفع من الأداء الوظيفي للجسم وايضا الذهن والروح.

وتشير دراسة بجامعة ستانفورد الاميركية الى أن تواصل النساء مع بعضهن البعض يوفر الدعم المعنوي والقدرة على تخطي ظروف الحياة الصعبة، فهذه اللقاءات تزيد من انتاج مادة السيروتين في الدم وهو الناقل العصبي الذي يقاوم الاكتئاب ويخلق شعورا عاما بالسعادة،

بينما تكون علاقة الرجال بشكل مختلف، حيث تكون منصبة بالاكثر على النشاطات البدنية بينما تأخذ شكلا آخر في منطقة الخليج، حيث الديوانيات التي تتولد فيها نفس المشاعر الايجابية التي تتولد في مجالس النساء.

7 تخلّص من الافكار المتضاربة

لا تسمحوا للقرد بأن يلعب في رؤوسكم، حاولوا التحكم به وذلك بتدوين أي فكرة غريبة أو ليست في وقتها على قطعة من الورق ومن ثم حرقها أو طيها ورميها بعيدا، فهذه التقنية تزيد من تفريع الذهن من كل ما يخطر عليه من أفكار بلا أهمية، ومن ثم خلق حالة من الصفاء الذهني والراحة النفسية.

التنفس من البطن طريقك الأمثل للاسترخاء والطاقة

يعد التنفس البطني مثالياً للحفاظ على اللياقة الصحية والذهنية للانسان، فالتنفس من البطن له من المنافع الصحية والنفسية مالا يعد أو يحصى، ومنها التخلص من الغازات في الجسم، التخلص من التوتر والقلق، الاسترخاء الجسدي والنفسي، تنظيم النبض وضربات القلب ويحفز انتاج «الأندورفين».

كيف تمارس التنفس عبر البطن؟

على عكس ما قد يظن البعض فالتنفس البطني لا يعني عدم التنفس من الصدر ولكن الفارق هو في الترتيب، حيث يجب الجمع بين الطريقتين للحصول على التنفس بشكل صحيح، إذ يجب ملأ البطن بالهواء أولا ثم الصدر بعدها وهو ما يمكن التعود عليه بالتمارين والتركيز، حيث ستكون النتيجة رائعة بشكل فوري اذ سيتلاشى القلق ويحل محله شعور بالاسترخاء والهدوء.

ولزيادة فعالية التنفس البطني يمكن القيام بتمرين بسيط بشكل منتظم، ويتمثل ذلك في وضع اليد على البطن مع أخذ نفس عميق من الانف مع العد حتى 5 ثم بعدها يأتي الوقت للزفير بشكل بطيئ من الانف ايضا مع العد حتى 10.

عملية الشهيق والزفير هذه يمكن تكييفها حسب الحاجة والرغبة طبعاً، وبعد إتقان هذه الطريقة يمكن ممارستها في كل فرصة ومناسبة على الخصوص عند الشعور بالقلق والتوتر، ويمكن أيضاً القيام بهذا التمرين في اي موقف يمكن ان يتسبب في حالة من التوتر والقلق.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق