مصممة الأزياء العالمية د.شهيرة فوزي: وجدتُ راحتي في الصحراء وفيها قابلت زوجي
هي مثال للمرأة العربية المتميزة بفكرها وحرفيتها.. حصدت العديد من الجوائز.. منها جائزة أسبوع الموضة بإيطاليا كأفضل عارضة في الصحراء وجائزة سيدة العالم من أمريكا ومن كندا.
أفلام عديدة رصدت حياتها التنموية الصحراوية.. واشتهرت بحكاياتها التي ترسمها على جلاليب الملوك والأمراء ونجوم الفن.. عشقت الصحراء فوهبتها حياتها لأعوام عديدة.. ومنها استوحت مجموعتها الخاصة بالفنانة أم كلثوم عندما كانت تستمع لأغانيها في جو الصحراء الملهم.
اأسرتيب التقت مصممة الأزياء العالمية الدكتورة شهيرة فوزي، وكان معها هذا الحوار:
في الصحراء تعلمت كيف أصنع الحلي والنسيج اليدوي والألوان من الأعشاب والنباتات
منْ شهيرة فوزي؟ وما هي حكايتك مع الصحراء؟
تخصصت في مجال الاقتصاد وعلم الانسان، وكأي فتاة تمت خطبتي وقبل الفرح بفترة بسيطة كان هناك رحلة جامعية لبحيرة ناصر، كنت أقوم بعمل دراسات في تدوير القمامة، وكانت هيئة الحفاظ على البيئة ترى أنه إذا سكن الناس بجوار بحيرة السد العالي، فإن فضلات الناس التي تعيش هناك ستؤثر على النيل، وكان معنا كيميائي من أمريكا، فطلبت منه عمل دراسات عن الشق الاجتماعي للمنطقة، ذهبت هناك، وقابلت أشخاص غرباء لا يتحدثون العربية، حاولت أن أتفاهم معهم، وفي النهاية تفاهمنا بلغة الخرائط.
عرفت أنهم يقطنون وسط الجبال رغم أن المعلومات التي أعرفها تؤكد أنه لا يوجد بشر يقطنون هذه المنطقة.
وأضافت:
وعندما عدت أخبرت الحكومة أن هناك أشخاصا يعيشون في تلك المنطقة، وكان الرد أكيد حدث خطأ جغرافي في حركة المركب، وبعد جدال كبير تحرك معي أساتذة كبار وتأكدوا أنه لا يوجد خطأ جغرافي، وأن هناك بشرا يعيشون في هذا المكان.
وعرفنا أنهم سيدفنون نفايات ذرية في المنطقة، والاتفاقية ستنفذ، فاتفقنا أنا والأساتذة المصاحبون لي أن نحاول تعطيل تنفيذ تلك الاتفاقية، وبالفعل استمررت في عمل الأبحاث والدراسات إلى أن تم إلغاء الاتفاقية، وهنا بدأ التحول في حياتي.
وتواصل: بينما كنت أضع ملابسي في الحقيبة لأعود للقاهرة، رحت أفكر وأحدث نفسي: لماذا سأعود؟ أشعر بالراحة هنا، أشعر بالحرية، وبنفس اليد التي كانت تضع الملابس في الحقيبة، أعدتها مكانها وقررت أنني لن أعود.
وتستدرك:
هؤلاء الأشخاص كانوا يعيشون في جحور، ولم يكن لديهم تعامل بالعملات نهائيا، وكانوا يتبادلون الأشياء، ويجمعون النباتات الطبية، تعلمت منهم كثيرا من الأشياء، تعلمت كيف أصنع المجوهرات من الذهب والفضة، وعشت كواحدة منهم واستمتعت بكل معاني الحياة البسيطة.
حدثينا عن قصة زواجك.
مرت 15 سنه ونسيت فكرة الزواج إلى أن قابلت شخص في الصحراء وتزوجنا ورزقنا بولد وبنت، وبعد سنوات رغبت في العودة للصحراء مع أبنائي، لكنني واجهت الرفض من والدتي وزوجي، ورغم عودتي واستقراري في المدينة، فمازال هؤلاء الأشخاص أصدقائي.
قمنا بمشاريع عديدة أهمها إنقاذ الحرف اليدوية
كيف بدأت رحلتك مع تصميم الأزياء والإكسسوارات؟ وهل هي عن دراسة أم موهبة؟
بدأت الرسم في سن عشر سنوات، وعندما ذهبت للصحراء تعلمت كيف أصنع الحلي والنسيج اليدوي والألوان من الأعشاب والنباتات، ثم عملت مع الأمم المتحدة، وقمنا بمشاريع عديدة،
أهمها إنقاذ الحرف اليدوية، وقمنا بتدريب عشرين فتاة على يد سيدة سبعينية على الغرز والرسومات القديمة، واستطعت أن أبيع كل ما تم تصنيعه بمبلغ جيد.. فرحت كثيرا ووزعت النقود على الفتيات واستمررنا في هذا العمل، ثم بدأنا نعمل في الفاشن ورحت أسوق لها خارج مصر، وبدأت أطور في هذه الحرف وأعلم الفتيات، والفتيات يدربن فتيات أخريات، واستمررت في استخدام الحرف اليدوية لتطوير منتج تستخدمه سيدات المدينة، وقمت باستغلال الحرف اليدوية التي أعتبرها كنزا في أيدي الرجال والنساء؛ لما يتناسب مع المدينة.
من كان مصدر إلهامك عندما بدأت بتصميم أول تصميماتك؟
الفن وإنقاذ الحرف وجمع مال لمجتمع منتج، حاجة هؤلاء الأشخاص للنقود جعلتني أفكر في دخول المعارض لمساعدتهم، وبالفعل من المعارض تم تسويق المنتجات للخارج مكتوبا عليها اسم الشخص الذي صنعها وصنع في مصر، وبدأ يطلب منا منتجات كثيرة من جهات عديدة، بعدها قررت أن أبدأ عملي الخاص، ولم أعمل في أي من المنتجات التي تخص هؤلاء الأشخاص؛ لأنها تعتبر مصدر رزق لهم، فبدأت الرسم والطباعة، وكل سنة كنت أحكي حكاية من مصر على أعمالي.
تنحصر أزياء شهيرة فوزي في العباءات.. فكيف استطعت أن تستمري في هذا الخط كل تلك السنوات دون أن ينضب خيالك الخصب؟
لقد صممت الفستان العربي، منه الطويل ومنه القصير، وهو يشبه العباءة لكنه ليس عباءة، قماشه لا يلمس الجسد.
في الصحراء كنت أستمع لأغاني أم كلثوم كثيرا، ومن حبي وعشقي فيها قمت بعمل مجموعة أم كلثوم، فيها الأغاني والكتابة العربية واستخدام قصائد أم كلثوم، أنا أحكي حكاية بلدنا لذلك أقول دائما: ∩صحراء شهيرة∪.
كيف استطعت أن تصلي للعالمية بعباءات مستوحاة من الصحراء العربية؟
كنت أقوم بعمل معارض في الصحراء لبعض المنتجات، وكان يحضرها أناس كثيرون جدا من دول مختلفة، فدعتني حكومة ايطاليا لعرض بعض أعمالي مع آخرين من المغرب وليبيا، لكني تميزت بأعمالي التي تحكي حكايات متنوعة جذبت الغرب.
كيف استطعت إقناع سيدات المجتمع والفنانات باستبدال الفساتين الراقية بالعباءات؟
بدأ الموضوع ببعض الملكات والعائلات الملكية، حرم الشيخ زايد وبناتها وبنات الملك فيصل والعائلة الملكية بالأردن، وفرح ديبة التي سمحت لنا بعرض صورها مرتدية عباءاتي، هذا شجع الكثير من سيدات المجتمع من مختلف الدول العربية، وبعد ذلك نجوم التمثيل والإعلام، كرجاء الجداوي وعلا غانم وسمية الخشاب وبوسي شلبي وغيرهن من نجومنا.
لماذا اخترت القطن طويل التيلة؟ ما مميزاته؟ ولماذا لا تستخدمين خامات أخرى؟
أكيد لأن القطن المصري أفضل الأقطان، ناعم وشفاف ولا يتفتل، فأنا أستعمل خامات أصلية لأنني أرسم عليها، ويجب أن يكون القطن قويا، والقطن المصري مميز جدا.
ما رأيك في صناعة الأزياء في منطقة الشرق الأوسط؟ وهل تعتقدين أن دور الأزياء المحلية قادرة على منافسة دور الأزياء العالمية؟
بالتأكيد.. أي شخص يقوم بعمل شيء جيد يستطيع أن ينافس، خاصة إذا ما تميز وكان ما يقدمه جديدا، وأرى أن الكويت والسعودية في السنوات الأخيرة حدث بهما طفرة بالأفكار الجديدة والمميزة بالنسبة للفتيات المصممات.
نصيحة تقدمينها لمصممات الأزياء الشابات لتجربة ناجحة تحاكي تجربتك.
على الرغم من التطور الكبير للمصممات العرب، لكن نرى حاجة ملحة هي أن يستوحين أعمالهن من الكنوز الموجودة في تراثنا العربي، فبتلك الكنوز لن يجدن لهن منافسا.
المرأة العربية تشارك وتنافس الرجل بفكرها الجديد والمتميز
ما رأيك في المرأة العربية؟ وهل هي قادرة على مواجهة التحديات في مجال العمل؟
بالطبع.. المرأة العربية أثبتت أنها قادرة على المنافسة، وأصبحت تشارك بل وتنافس الرجال في أوروبا بفكرها الجديد المتميز.
ما الصعوبات التي واجهتك خلال رحلتك في عالم الأزياء؟ وكيف تجاوزتها؟
سرقة الأفكار من أهم وأكبر الصعوبات التي كنت أواجهها، حيث كنت أعمل على حكاية معينة طوال السنة ويأتي أحد أصحاب البازارات ويقوم بتصويرها وتقليدها بخامات سيئة جدا، وهذا أكثر شيء قد يتضرر منه المصمم.
وتواصل: من تجربتي أن الصعوبات التي تخيلت أنها مميتة في حياتي على مدار سنوات، لم تكن كذلك إنما كانت تحتاج الى إنسان يبحث عن طريق للخروج منها، وهذا الطريق وجدته في الابتكار وتغيير الألوان والأشكال دائما، وأشياء بديله كل عام تضفي قيمه جديدة مختلفة تحكي عنا.
من الذي دعمك؟
كثير من الأشخاص أحبوا تصميماتي واشتروها وتحدثوا عنها، وساهموا في نشرها، دعمني كثير من الملوك والأمراء في بداياتي مثل فرح ديبة التي نشرت صورها وهي ترتدي تصميماتي، والشيخة شمة بنت زايد التي أخذت كما كبيرا من الجلاليب وأعطتها لكل السيدات، أيضا بنات الملك فيصل أخذن كثيرا من تصميماتي وبعثن لي بكثير من الزبائن ودعمن الفكرة جدا.. كما دعمتني هيئة تحديث الصناعات ووزارة الصناعة في معارض فرنسا، وكان لهم دور كبير في انتشاري.
حدثينا عن الجوائز التي حصدتها.
حصلت على 6 جوائز من ايطاليا، منها جائزة اسبوع الموضة كأفضل عارضه في الصحراء، وجائزة سيدة العالم من أمريكا ومن كندا، وهناك افلام عديدة ترصد حياتي التنموية الصحراوية.
ما هي خططك ومشاريعك المستقبلية؟
فيما يخص تصميمات أغراض المنزل، بدأنا في تصميم مفارش الطاولات والأسرة والمخدات، كما أرغب في إنتاج خط فرعوني بشكل غير تقليدي، والجديد سيكون حكاية مصر القديمة بشكل راق.. دائما هناك طموحات وأشكال جديدة ومتنوعة ذات معنى وقصة مختلفة.
