تحقيقات
أخر الأخبار

ومازال القتل والضرب والتعذيب مستمراً العنف ضد المرأة.. بلا رقيب أو حسيب

 

لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع بحالة عنف جديدة ضد المرأة، فكلما جف الحبر قليلاً في سجل الجرائم المتتالية ظهرت حالة جديدة لتتكرر معها دعوات الشجب والتنديد دون أي حلول.

الحديث حول العنف الأسري وجرائم الشرف في كثير من الدول العربية، ليس وليد واقعة واحدة، فالحوادث متكررة ولا تزال تحصد أرواح نساء كثيرات في منطقتنا، التي يعتبر أغلب أفراد مجتمعاتها أن المرأة عليها أن تصبر ويطول صبرها حتى وإن وصل الأمر إلى موتها.. العنف ضد المرأة.. جريمة، والمشارك بتسهيل الجريمة مُدان، كما الساكت عن الجريمة مُجرم.

 

فتـاة مستشفـى الجـامعـة.. تـلـخـص

مآسي الفتيات

انتشر هاشتاغ (#فتاةمستشفىالجامعة) على (تويتر)، للتضامن مع الفتاة العشرينية (آية) التي تصارع الموت في المستشفى منذ نحو شهرين، قبل أن تتكشف قصتها المؤلمة للأردنيين.

فهي فتاة أردنية تعرضت لضرب وحشي من قبل أخيها إثر خلاف بينها، وأصر بعدها على ربطها وحبسها في حمام المنزل حتى لا تتمكن من الهرب.

ولم تجد توسلات شقيقتها ووالدتها نفعاً في إقناع الأخ المعنف بإسعافها، بل إن عنفه طالهما أيضا، وبعد أيام على حبسها (بطريقة وحشية)، وافق شقيق الضحية على نقلها إلى المستشفى، شريطة أن تتفق الأسرة على رواية واحدة، وهي أنها سقطت في الحمام.

الفتاة وصلت المستشفى في حالة إغماء تام، وهبوط في مستوى الوعي، ليتم وضعها مباشرة على أجهزة التنفس الاصطناعي، ليتبين لاحقا وجود إصابة دماغية شديدة، وإصابات في الرئة، ما استدعى إجراء عملية جراحية فورية، ونقلها بعد ذلك إلى قسم العناية المركزة.

العنود يمنية.. طليقها شوه وجهها وهو يضحك

 

هذه المرة، شغلت قصة الشابة اليمنية (العنود) رواد مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن بهاشتاغ (#كلنا_العنود)، وهي شابة بالغة من العمر 19 عاما، تعرضت لاعتداء نفذه طليقها بسكب مادة حارقة عليها، شوهت وجهها وعانت من حروق من الدرجتين الثالثة والرابعة وأفقدتها عينها اليسرى.

في قصة “العنود” تفاصيل وأبعاد كثيرة، حيث قررت أمها تزويجها في سن الثانية عشرة بهدف حمايتها لتتعرض للعنف المتواصل، وتحاول بعدها الطلاق وتنجح في الحصول عليه بعد أربع سنوات من الإهانات، إلا أن ذلك لم يقها من عنف طليقها الذي ظل يلاحقها ويتوعدها بعد أن رفضت العودة إليه، وتُشبه الشابة اليمنية حياتها مع طليقها بـ “الجحيم” ، مضيفة أنه كان يضربها ويقيدها مثل “العبيد”.

 

ما زلنا في دائرة مفرغة

أعادت الواقعة إلى الأذهان قضية الفتاة الأردنية أحلام التي “قتلها والدها أمام الملأ”.

وقصة الفتاة الفلسطينية إسراء غريب، التي توفيت بعد “تعرضها للضرب على أيدي أشقائها”، وصدر قرار بالإفراج عن المتهمين بكفالة تبلغ 10 آلاف دينار أردني لكل واحد، لتستكمل جلسات المحكمة والمتهمون خارج السجن.

زينة كنجو كتم نفسها.. عادي مثل أي رجال بسكت مرتو!

 

ومازالت قوافل هاشتاغات تتوالى وها نحن أمام هاشتاغ (#اسمها_ جريمة) الذي انتشر بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بما حدث لعارضة الأزياء اللبنانية زينة كنجو التي وجدت مقتولة خنقا في منزلها الزوجي في بيروت حسب تقرير الطب الشرعي الذي قال إن الوفاة تمت “بكتم النفس”.

وتداولت وسائل الإعلام اللبنانية تسجيلا هاتفيا نسب لزوج الضحية وأختها، يقول فيه زوج زينة: إنه لم يقصد قتلها (عادي مثل أي رجال بسكت مرتو!) ويلمح إلى أن الدافع وراء ما حدث “حماية شرفه” وانه “لم يقصد قتلها”.

محامي المجني عليها زينة كنجو صرح لوسائل الإعلام قائلا: إن الضحية كانت تتعرض للعنف من زوجها وإنها قدمت شكوى رسمية في تعرضها للعنف قبل فترة وكانت بصدد تقديم دعوى طلاق لكنها ماتت قبل أن يتم ذلك.

 

ما السبيل للحد من هذه الجرائم؟

التعليقات المتضامنة مع السيدات والفتيات المعنفات كانت طاغية على حملات التبرير، لكن تكرار مثل تلك القضايا قد يشير إلى أن حملات التضامن الإلكترونية، والجهود التوعوية التي بذلت خلال السنوات الماضية لوقف العنف ضد المرأة لم تحقق أهدافها بعد.

فما السبيل للحد منها؟ وهل العقوبات الحالية كافية لردع الجناة؟ ففي الوقت الذي يرى البعض أن الحل يكمن في “زيادة الوعي المجتمعي”، ينحي عديد من الناشطين باللائمة على النواب في مجالس الدولة التي لا بد أن تعلو٩ أصواتهم في قاعاتها، باعتبار هذه المجالس هي الجهة المنوط بها تعديل القوانين، والتي تخفف العقوبات عن الجاني في جرائم قتل وتعنيف النساء.

 

«مش عادي».. مبادرة رفض العنف ضد المرأة

كما انطلقت في مصر مبادرة “مش عادي” لمواجهة كل أشكال العنف ضد المرأة سواء اللفظية أو الجسدية، واستقطبت الحملة عددا كبيرا من مشاهير الفن والمجتمع،

حيث تسعى المبادرة لتسليط الضوء على قضايا العنف ضد المرأة من خلال أفلام قصيرة تعرض بالمجان لمناقشة الظاهرة، فضلًا عن إقامة عدة أوراش عمل داخل المستشفيات لمقدمي الرعاية الصحية من أطباء وممرضين وطلبة، يتم خلالها عرض فيلم قصير يعقبه نقاش لشرح كيفية استخدام الأفلام والدراما في تغيير القناعات المرتبطة بالعنف ضد المرأة من واقع الحالات التي تعامل معها الأطباء بالفعل.

وتهدف المبادرة التي أطلقها أصحابها بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، إلى توعية المعنفات وتشجيعهن على اتخاذ موقف واضح لوقف التعدي عليهن، وعدم الصمت ضد الممارسات العنيفة التي يتعرضن لها.

 

الأمم المتحدة:

ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة في الجائحة

 

كشف تقرير نشرته منظمة الأمم المتحدة للمرأة عن أن وباء كورونا والحجر الذي رافقه أديا إلى ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة في المنطقة العربية.

وأجرى المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية مسحًا عبر الإنترنت لعدد من الدول العربية، شارك فيه أكثر من 16 ألف شخص من الجنسين، وبحسب الدراسة، فإن نصف المشاركات في الدراسة تعرضن للعنف من أزواجهن أثناء الوباء، وأن أقل من 40% منهن طلبن المساعدة أو أبلغن عن الجريمة، كما يعتقد واحد من كل ثلاثة مشاركين (رجالًا ونساءً) أنه يجب على النساء تحمل العنف أثناء الجائحة للحفاظ على التماسك الأسري.

وكان تقرير لمنظمة الصحة العالمية أفاد بأن الإقليم يأتي في المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث انتشار العنف ضد المرأة (37%)، وأن هناك زيادةً في حالات العنف خلال الجائحة بنسبة تتراوح بين 50% و60% بناءً على مكالمات الاستغاثة التي تجريها النساء عبر الخطوط الساخنة لمنظمات المرأة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس:

إن النساء والفتيات يجب أن يكن أكثر أمانًا في منازلهن. وأضاف: إننا نعلم أن أوامر عدم الخروج والحجر الصحي ضروريان لكبح جماح كوفيد-19، ولكن في ظل هذه الظروف، تجد النساء أنفسهن حبيسات المنازل مع شركاء مسيئين.

رغم تحسن القوانين الخاصة بالعنف الأسري في كثير من الدول العربية، لكنها تبقى غير كافية لتوفير الحماية اللازمة للمرأة، إذ تقول المنظمة الحقوقية الدولية هيومان رايتس ووتش إن “قوانين العنف الأسري ستعزز حقوق المرأة وسلامتها، إلا أنها مازالت تتسم بالقصور في جوانب محورية، حيث هناك نصوصا في القوانين تترك المرأة معرضة لخطر الاغتصاب الزوجي وانتهاكات أخرى”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق