تحقيقات
أخر الأخبار

يعانق عروس البحر المتوسط منذ مائة عام «ديليس».. مقهى البهجة بمذاق ملكي

يعانق عروس البحر المتوسط منذ مائة عام
«ديليس».. مقهى البهجة بمذاق ملكي

«ديليس» صانع
كعك الزفاف الملكي للملك فاروق

على مقربة من كورنيش الإسكندرية في منطقة محطة الرمل يتخذ مقهى وحلواني ديليس ناصية في شارع 26 يوليو هو موقعه منذ ما يقرب من مائة عام.. ديليس مقهى وحلواني يوناني من أقدم المقاهي في الإسكندرية مازال يحتفظ بروحه وأجوائه اليونانية، وحتى اليوم مازالت حفيدة المؤسس تدير المكان، وهي من أبناء الجالية اليونانية القلائل الذين تمسكوا بالعيش على أرض الإسكندرية، ولم يعودوا مجددًا إلى اليونان.
في موضوعنا، نلقي نظرة عن قرب على ديليس صانع كعكة الزفاف الملكي للملك فاروق وأقدم مقهى يوناني بالإسكندرية.

«ديليس» كلمة فرنسية تعني البهجة

تعود حكاية ديليس إلى عام 1907، ولكن التأسيس الرسمي الذي تراه مكتوبًا على واجهات المكان هو عام 1922.. واسم ديليس ليس يونانيًا ولكنه فرنسي، ويعني البهجة والسعادة، اسْتُوحِي من قول لسيدة فرنسية أدهشها المكان وما يقدمه فقالت عن مخبوزاته: مدهشة ومبهجة.
أسس كليوفولوس موستاكاس المكان وهو خباز يوناني عاش بالإسكندرية، وكان محبًا لعروس البحر المتوسط وأهلها، فأدخل إليها كثيرا من الحلويات الغربية الجديدة.
واهتم المكان إلى جانب ما يقدمه من منتجات ببعث البهجة في نفوس ومرتاديه، حيث أدخل موستكاس إلى الإسكندرية عددًا من أصناف الحلوى مثل البسكويت والآيس كريم والميلفيه والبابا والشو والإكلير وكعك الأفراح.. ولأنه حرص على كسب ودّ الإسكندريين وزوار الإسكندرية، فقد خلق فلسفة في المكان قائمة على اختيار الزبون ما يشاء من حلوى ودفع المبلغ الذي يريده ويمكنه دفعه.
واكتسب ديليس شهرة ومكانة منذ البداية، حيث قدم طائفة واسعة من الحلويات والمشروبات إلى جانب امتلاكه ماكينات لصناعة حلوى الملبس (السكاكر).. وظل ديليس محطة مفضلة لدى سكان الإسكندرية وزوارها لتذوق حلويات يونانية كالبابا والكاساتا والميرانغ.

ديليس في مناسبات الملوك والرؤساء والأدباء والفنانين

ولم يتوقف تاريخ ديليس عند تأسيسه بل شارك في أحداث بارزة وحفلات جماهيرية قديمًا.. فهو حسبما تقول أليكي أنطونيو مديرة المكان حاليًا كان “حلواني العائلة المالكة والقصر الملكي”؛ ولذلك في حفل تتويج الملك فاروق عام 1937 كان ديليس هو صانع كعكة التتويج.. وفي الزفاف الملكي للملك فاروق والملكة فريدة عام 1938 حضر ديليس مرة أخرى، فكان صانع كعك العرس الملكي.. حتى بعد ثورة 1952 حرصت عائلة الرئيس جمال عبد الناصر على اشتراك ديليس في جميع حفلاتهم، وعهدوا إليه تنظيم حفلات الزفاف.
وبوصفه مكانًا خاصًا في الإسكندرية ارتاده كثير من الكتاب والمشاهير، فالأديب نجيب محفوظ حين كان يزور الإسكندرية كان يمر باستمرار على مقهى ديليس لاحتساء القهوة، وكذلك مشاهير الممثلين مثل فاروق الفيشاوي وعادل إمام والفنانين الذين كانوا يعرضون مسرحياتهم بالصيف في مدينة الإسكندرية.

متحف صغير يروي حكاية قديمة

ويأتي كثير من السائحين لهذا المقهى الذي ما زال يحتفظ حتى الآن بطابعه اليوناني ويقدم الحلوى اليونانية، فبمجرد دخولك للمكان تصل إليك أصوات الموسيقى اليونانية، وعلى جدرانه وضعت صور تعود بك عددًا من السنوات إلى الوراء، حيث بدايات ديليس وزمن المجتمع الإسكندري الذي ضم بين أهله جنسيات متعددة.. وتأخذك الصور في رحلة سريعة إلى طريقة صنع الحلويات قديمًا والعاملين في المكان على مر السنوات.
وفي ركن صغير بعيد عن طاولات المقهى يطالعك تاريخ المكان ومعداته، حيث أنشأ القائمون على المكان متحفًا صغيرًا اسموه (متحف ديليس).. وفيه يرى الزائر الماكينات الحديدية القديمة ذات الوزن الثقيل التي استخدمت في الثلاثينيات لدفع الحساب، وماكينة صناعة الملبس وأجهزة راديو مستخدمة في الماضي وقائمة أسعار تعود لبدايات إنشاء المكان لتستعيد ماضي ديليس العائد إلى عام 1922.
وتدير ديليس حاليًا السيدة أليكي أنطونيو حفيدة المؤسس الأول، وتخرجت في كلية الآداب جامعة الإسكندرية، وتعد واحدة من أبرز السيدات اليونانيات في مصر.
وتقول أليكي في حديث سابق لها مع موقع مصراوي: إن مصر أثرت كثيرًا على اليونانيين.
وتصف الإسكندرية ببيتها: أنا لا أعرف اليونان، وبيتي هنا في مصر، وهي بلدي.

أسرتي في كل مكان
مصر – داليا شافعي

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق