ناخبة مشاكسة

Cartierنشأ بين أب حدّاد وأم تعمل في غسيل الملابس…. حلم صانع مجوهرات الملوك بدأ بشراء ورشة! ‏

من عائلة متواضعة جداً يعمل فيها الأب في الحدادة وأم في غسيل الملابس نشأ الطفل الصغير لويس فرانسوا كارتييه مؤسس واحدة من كبرى امبراطوريات تصميم المجوهرات في العالم، نعم إنه ذلك الطفل النابغة الذي اضطرته ظروف عائلته الاقتصادية الصعبة إلى ترك المدرسة والعمل عاملا بسيطا لدى إحدى ورش صياغة المجوهرات الشهيرة بباريس آنذاك.
وتبدأ حكاية علامة كارتييه التجارية صانعة مجوهرات الملوك، كما وصفها ملك بريطانيا العظمى ادوارد السابع من اللحظة التي قرر فيها لويس ألا يكون مجرد عامل بالورشة التي يعمل بها بل مالكها.
ذلك الحلم الكبير دفعه للعمل ليل نهار ليس فقط لتجميع المال المطلوب لذلك، بل ليتعلم فن صياغة المجوهرات التي أتقنها ليحول حلمه إلى حقيقة، وليترك اسما لا يزال يلمع في سماء عالم مصممي المجوهرات العالميين، رغم مرور ما يزيد على 150 عاما على بداية قصة كفاحه هو وأسرته.

من شارع 29 رومونتورغوي بقلب باريس، وتحديدا بالعام 1847 بدأت قصة امبراطورية كارتييه حينما اشترى لويس (1819-1904) الورشة التي كانت ملكا للصائغ أدولف بيكار صاحب الفضل الاول على مؤسس كارتييه بدءا بتشغيله معه وصولا إلى تعليمه فنون الحرفة وكيفية اتقانها وانتهاء بشراءها والعمل منفردا بها.
فبعد أقل من عشر سنوات على العمل المتواصل في ورشته استطاع لويس أن يتوسع في عمله ويجمع حوله قاعدة من الزبائن تزيد في حجمها عن إمكانيات تلك الورشة الصغيرة، الأمر الذي اضطره للانتقال إلى ورشة أكبر بشارع (5 رو نوف في بتي شان)، حيث بدأ بشكل فعلي في تصميم وصياغة مجوهراته لعدد محدود من زبائنه الخاصين من الطبقة الفرنسية ميسورة الحال، وهو ما زاد من شهرته ووسع من قاعدة زبائنه سواء من داخل فرنسا أو خارجها، حيث استقبل أول زبون أميركي في بدايات عام 1854.
فى تلك الأثناء ذاع صيت تصميمات لويس كارتييه بشكل كبير لتصل إلى مسامع قريبة الامبراطور وابنة أخ نابليون الاول الاميرة ماتيلدا التي فتحت له طريق الشهرة الحقيقية وأوصلته إلى عالم أغنى حكام العالم وملوكها.
في العام 1859 انتقل لويس للمرة الثانية إلى شارع (9 بوليفارد ديه إيتالين).
ولم يكن أحفاد لويس الثلاثة وهم لويس جوزيف (1875-1942)، وبيير كاميل (1878-1964) وجاك ثيودول (1884-1941) أقل طموحا من جدهم أو والدهم الذي أصر على توريثهم أصول المهنة وحرفيتها، ودربهم بنفسه عليها كما فعل والده معه حتى استكملوا مسيرته فيما بعد وحولوا المتجر الصغير إلى امبراطورية تزين رؤوس الملوك والملكات بأجمل التيجان وصدور ومعاصم المشاهير بأروع المجوهرات التي تحلم أي امرأة في العالم بأن تمتلك أيا من تصميماتها الفريدة.

وصف «كارتييه» الملك إدوارد السابع بـ«صائغ الملوك وملك المجوهرات»

قرر الوالد نقل إدارة كارتييه العالمية لأولاده الثلاثة، فتولى الابن البكر لويس جوزيف مسؤولية باريس التي أبدع فيها وصمم أفضل المجوهرات ومنها مجموعة توتي فروتي المذهلة وأبدع الساعات التي لاقت إعجابا عالميا. فيما انتقل بيير كاميل إلى بوتيك نيويورك لإدارته بنفسه وحقق أيضا نجاحات لا تقل عن أخيه بباريس، بينما استقر جاك ثيودول في لندن لينقلوا الماركة إلى العالمية بفضل إبداعاتهم الاستثنائية التي وصفها الملك إدوارد السابع قبل توليه العرش: “صائغ الملوك وملك المجوهرات”.
وبمناسبة تتويجه ملكا طلب إدوارد السابع في العام 1902 من كارتييه تصميم 27 تاجًا مرصعًا بالجواهر وبعدها بعامين كرم الملك علامة كارتييه التجارية من خلال تفويض من الديوان الملكى البريطانى تلاه عدد من التفويضات الملكية والرسمية المماثلة من ملوك أوروبا.

من المحيط إلى الخليج بحثاً عن الإلهام
ولم يتوقف إبداع الاخوة الثلاثة عند حدود أوروبا وأميركا، بل تجاوزوا ذلك بكثير، فبناء على طلب أخيهم الأكبر لويس، ذهب جاك إلى الخليج العربي وتحديدا البحرين المشهورة بما لديها من أنقى وأكبر حبات اللؤلؤ النادرة ومنها إلى الهند، حيث استطاع إقناع عدد من المهراجات الأثرياء لتحويل مجوهراتهم الملوّنة إلى قطع من المجوهرات الفريدة التي تمّ صناعتها لدى كارتييه لندن وباريس.
أما بيير فقد اختيرت له روسيا لتكون الموقع الأفضل لاختيار أنواع نادرة من المعادن والخامات التي تصلح للاستخدام كمينا أنيقة للساعات التي كان يصممها لويس من أجل منافسة بيير كارل فابيرجيه، وكان من أهم مصممي الساعات في ذلك الوقت.
ولم يتوقف لويس الاكثر عبقرية من أخويه عن جذب المزيد والمزيد من الزبائن من علية القوم وعلى الأخص أثرياء روسيا، وذلك من خلال الزيارات والمعارض التي كان يقيمها في سانت بطرسبرغ حتى تضاعفت أعدادهم خلال فترة وجيزة.

ساعات كارتييه وعالم من السحر والغموض
بدأ لويس كارتييه بمشاركة صانع الساعات العبقري “موريس كويت” في تصميم ما عرف بالساعات الغامضة وهي (نوع من الساعات ذات قرص شفاف) وسميت بهذا الاسم لأن آليتها كانت مخفية إلى جانب ما قدمته الدار من ساعات اليد العصرية التي أذهلت العالم من فرط أناقتها وفخامتها.

ساعة تانك الشهيرة لكارتييه أثناء الحرب العالمية الأولى تقديراً لطواقم دبابات الحلفاء في الحرب

شكوى سانتوس وأول ساعة يد رجالية من كارتييه
ويعتبر عام 1904 عاما فاصلا في تاريخ ساعات اليد، حيث كانت ساعة الجيب هي الوحيدة المحمولة والمستخدمة في ذلك الوقت وفى نفس العام اشتكى الطيار البرازيلي ألبرتو سانتوس لصديقه لويس من عدم جدوى استخدام تلك الساعات أثناء الطيران، وهو ما دفع الأخير إلى تصميم أول ساعة يد رجالية بحزام من الجلد وإطار مربع ومسطح يمكن استخدامها كبديل عن ساعة الجيب التي اختفت مع مرور الوقت.
ومن بين فريق كارتييه ومصممة المجوهرات جين توسان وكانت من أهم مصممي الدار سواء من الناحية الفنية لما لها من ذوق رفيع أو من الناحية الإدارية لما تمتلكه من شخصية إدارية قوية.

أجمل تصميمات الساعات مجموعة بورتيك (بورتيكو) و12 ساعة باسم «شينواز» الكيميرا

أجمل تصميمات الدار من الساعات كانت 6 ساعات أطلق عليها اسم مجموعة بورتيك (بورتيكو) و12 ساعة حملت اسم (شينواز) الكيميرا.
وتوالت نجاحات كارتييه في تصميم الساعات الاستثنائية، خصوصا بعد انضمام مصمم الساعات ايدموند جيجر إلى الدار كشريك، حيث فاجأوا العالم باستخدام الابزميم أو البكلة المثنية التي تم تسجيلها رسميا باسم الدار عام 1907.
أما ساعة تانك الشهيرة فقد صمّمت اثناء الحرب العالمية الاولى وكان أول رسم لها في عام 1917، تقديراً لمجهودات طواقم دبابات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى فيما تم اطلاقها رسميا وبيعها للمرة الاولى في عام 1919 وسرعان ما أصبحت ساعة كلاسيكية بفضل شكلها المتناغم.
زادت الدار من تنوع إصداراتها وتصميماتها المتتالية التي كانت تبهر العالم يوما بعد يوم وتزيد امبراطورية كارتييه تحت إدارة الاخوان الثلاثة.

بعد وفاة آخر أبناء كارتييه قرر الأحفاد بيع إرثهم لتصل فيما بعد إلى شركة سويس ريتشمونت جروب السويسرية!

بعد وفاة آخر أبناء كارتييه (بيير) قرر الاحفاد جميعا الذين ترأسوا إدارة فروع كارتييه بيع ارثهم من العلامة التجارية الاشهر منذ ذلك الوقت لتصل فيما بعد إلى شركة سويس ريتشمونت جروب السويسرية التي نوعت من إصداراتها بشكل كبير.

من أشهر تصميمات كارتييه
اسوار love
من ابتكار مصمم المجوهرات الإيطالي ألدو سيبولو وقد أثارت الجدل الواسع بسبب تصميمها المستوحى من حزام العفة الذي كان دارجا في العصور الوسطى.

خاتم خطوبة الأميرة Grace Kelly
ويعد خاتم الخطبة الذي قدمه امير موناكو رينيه الثالث لنجمة هوليوود الجميلة جريس كيلي من أجمل التصميمات التي قدمتها الدار وكان من الروبي والزمرد، لكن كيلي قامت بتحديث الخاتم إلى خاتم خطوبة أكثر رواجاً من الماس بحجم 10.47 قراريط من قطع كارتييه بعد الخطبة، لم تزل كيلي الماس من أصبعها أبداً حتى وفاتها.

قلادة توتي فروتي
للملكة الكسندرا وكان لقلادة مستوحاة من الهند لتتناسب مع ثوب هندي قدم لها من ماري كرزون زوجة نائب الملك في الهند، وتتميز بحبات من الزمرد والياقوت والماس.

قلادة ماريا فيليكس بتصميم التمساح
انه نفس التمساح الذي تعرضه كارتييه حاليا، وهو عقد التمساح المُفصّل للنجمة السينمائية المكسيكية ماريا فيليكس والذي تم تصميمه لها في عام 1975.

ساعات Cartier Crash
قلادة مارجوري ميريويذر
كانت تقتني مجموعة من المجوهرات الفخمة التي شملت تاج نابليون الأول وزوجا من الأقراط المرصعة بالماس كانت تملكها ماري أنطوانيت وقد كانت ميريويذر راعية مخلصة لكارتييه.

قلادة هوتون مديفاني الجاديت
تلقت باربرا هوتون قلادة الجاديت البديعة من والدها للاحتفال بزواج هوتون من الأمير مديفاني وكانت مكونة من 27 حبة من الجاديت المتدرجة والتي تعد من بين أفضل خرز العالم، شفافة للغاية مع تدرج اللون الأخضر الزمردي المشرق.
وقد بيعت القلادة في مزاد علني بمبلغ 24.7 مليون دولار لمجموعة كارتييه في عام 2014.

بروش نمر Panthere Brooch
قلادة مهراجا الهند باتيالا التي صنعت في عام 1928، بتكليف من مهراجا الهند باتيالا، وتضمنت 2930 ماسة مذهلة يتراوح وزنها بين 18 و73 قيراطاً وعدة ياقوتات بورمية وسابع أكبر الماس في العالم.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق