Site icon مجلة أسرتي – تدخل كل بيت

في‭ ‬لقاء‭ ‬خاص‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬أسرتي‮»‬ د‭. ‬رشـا‭ ‬سمير‭: ‬

الرواية‭ ‬دنيا‭ ‬متخيّلة‭ ‬ورحلة‭ ‬نرتحل‭ ‬فيها‭ ‬لنبحث‭ ‬عن‭ ‬وجوه‭ ‬تشبهنا

جمعت‭ ‬بين‭ ‬الطب‭ ‬والأدب‭ ‬والصحافة،‭ ‬إنها‭ ‬د‭.‬رشا‭ ‬سمير‭ ‬طبيبة‭ ‬الأسنان‭ ‬التي‭ ‬طافت‭ ‬بقرائها‭ ‬بين‭ ‬عوالم‭ ‬الأساطير‭ ‬والتاريخ‭ ‬والخيال،‭ ‬وربطت‭ ‬بين‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إصدار‭ ‬رواياتها،‭ ‬لتتعمق‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬المكان‭ ‬وشخوصه،‭ ‬‮«‬أسرتي‮»‬‭ ‬التقت‭ ‬الروائية‭ ‬د‭.‬رشا‭ ‬سمير‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬المعرفة‭ ‬لنفتح‭ ‬معها‭ ‬أبواب‭ ‬التأمل‭ ‬على‭ ‬مسيرتها‭ ‬الإبداعية،‭ ‬وإليكم‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحوار‭:‬

في‭ ‬البداية،‭ ‬نود‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬انطلاقك‭ ‬من‭ ‬توقيع‭ ‬‮«‬الطبيبة‭ ‬الأديبة‮»‬‭ ‬من‭ ‬الطفولة؟
‏‭- ‬هي‭ ‬قصة‭ ‬قديمة‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬الدراسة،‭ ‬كنت‭ ‬أكتب‭ ‬لزملائي‭ ‬في‭ “‬الأوتوجراف‭” ‬كلمات‭ ‬أذيلها‭ ‬بتوقيع‭ (‬الطبيبة‭ ‬الأديبة‭) ‬وكانوا‭ ‬يضحكون‭ ‬وأضحك‭ ‬معهم،‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬يقين‭ ‬بداخلي‭ ‬أنني‭ ‬سأحقق‭ ‬الحلمين‭ ‬معًا،‭ ‬كنت‭ ‬أحلم‭ ‬بأن‭ ‬أصبح‭ ‬طبيبة‭ ‬أسنان،‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬تأثرت‭ ‬كثيرًا‭ ‬بالروائيين‭ ‬والكُتّاب‭ ‬الذين‭ ‬كنت‭ ‬أقرأ‭ ‬لهم‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظفاري،‭ ‬مثل‭ ‬أستاذنا‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬وإحسان‭ ‬عبد‭ ‬القدوس‭ ‬ويوسف‭ ‬السباعي،‭ ‬وكنت‭ ‬أتمنى‭ ‬لو‭ ‬أصبحت‭ ‬يوما‭ ‬ما‭ ‬مثلهم،‭ ‬فأنا‭ ‬عاشقة‭ ‬للقراءة‭ ‬منذ‭ ‬الصغر،‭ ‬وترعرعت‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬كان‭ ‬بمنزلة‭ ‬متحف‭ ‬للكتب،‭ ‬أمي‭ ‬عاشقة‭ ‬القراءة‭ ‬تضع‭ ‬الكتب‭ ‬فوق‭ ‬الأرفف‭ ‬ليزدان‭ ‬بها‭ ‬البيت‭ ‬جمالا،‭ ‬هكذا‭ ‬كنت‭ ‬أتسلل‭ ‬إلى‭ ‬حيوات‭ ‬أبطالها‭ ‬وحكاياتهم،‭ ‬هكذا‭ ‬قدر‭ ‬لي‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬أحقق‭ ‬الحلمين‭ ‬معا،‭ ‬فأصبحت‭ ‬طبيبة‭ ‬وأديبة،‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬وبفضله‭ ‬تحقق‭ ‬لي‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬المجالين‭.‬

بنتاي‭ ‬فرح‭ ‬ونور‭ ‬لهما‭ ‬نصيب‭ ‬مؤكد‭ ‬من‭ ‬العرفان‭ ‬فهما‭ ‬كل‭ ‬حياتي‭ ‬وأهم‭ ‬إنجازاتي

‮«‬كاتبة‭ ‬تتحرى‭ ‬الدقة،‭ ‬وتبحث‭ ‬عن‭ ‬التفاصيل‮»‬‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬النجاح؟
‏‭- ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬نجاحي‭ ‬كان‭ ‬أولًا‭ ‬وأخيرًا‭ ‬لله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬التوفيق‭ ‬رفيقي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الخطوات،‭ ‬وسهل‭ ‬لي‭ ‬الصعب‭ ‬كلما‭ ‬تصورت‭ ‬أن‭ ‬الطريق‭ ‬وعر‭ ‬بلا‭ ‬نهاية،‭ ‬ومن‭ ‬بعده‭ ‬كان‭ ‬الفضل‭ ‬الأكبر‭ ‬لأمي،‭ ‬السيدة‭ ‬الفاضلة‭ ‬المثقفة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬قدوة‭ ‬ومثلا‭ ‬أعلى،‭ ‬تعلمت‭ ‬منها‭ ‬القراءة،‭ ‬وشجعتني‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظفاري،‭ ‬فكانت‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬قرأ‭ ‬محاولاتي‭ ‬الأولى‭ ‬وأنا‭ ‬في‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمري،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬تهدهدني‭ ‬بكلمات‭ ‬التشجيع‭ ‬كلما‭ ‬قرأت‭ ‬لي‭ ‬مقالا‭ ‬أو‭ ‬عملا‭ ‬أدبيا،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬أول‭ ‬إنسان‭ ‬يطلع‭ ‬على‭ ‬مسودة‭ ‬أي‭ ‬رواية‭ ‬جديدة،‭ ‬وأثق‭ ‬في‭ ‬رأيها‭ ‬وعيني‭ ‬مغمضة،‭ ‬كما‭ ‬أثق‭ ‬بنصائحها‭ ‬كقارئة؛‭ ‬لأنها‭ ‬بالفعل‭ ‬قارئة‭ ‬نهمة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬نقد‭ ‬وتحليل‭ ‬الروايات‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بنتي‭ (‬فرح‭) ‬و‭(‬نور‭) ‬لهما‭ ‬نصيب‭ ‬مؤكد‭ ‬من‭ ‬العرفان‭ ‬فهما‭ ‬كل‭ ‬حياتي‭ ‬وأهم‭ ‬إنجازاتي،‭ ‬ودومًا‭ ‬داعمتان‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬أقوم‭ ‬بعمله،‭ ‬حتى‭ ‬أنهما‭ ‬تهتمان‭ ‬بتفاصيل‭ ‬مبادرة‭ “‬كاتبان‭ ‬وكتاب‭” ‬التي‭ ‬أقوم‭ ‬بها،‭ ‬وتتابعان‭ ‬معي‭ ‬كل‭ ‬التفاصيل‭ ‬التقنية‭ ‬لبث‭ ‬الندوة‭ ‬على‭ ‬الفيسبوك؛‭ ‬لأنني‭ ‬لست‭ ‬بارعة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كثيرا‭.‬

حدثينا‭ ‬عن‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬واجهتك‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬رواية‭ ‬عن‭ ‬الحضارة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬التي‭ ‬تملؤها‭ ‬الأساطير‭.. ‬ولماذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬اختيارك‭ ‬بالتحديد؟
دعيني‭ ‬أسميها‭ “‬تحديات‭” ‬وليست‭ “‬صعوبات‭” ‬لأن‭ ‬الكتابة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬شغف،‭ ‬والشغف‭ ‬ليس‭ ‬صعبًا‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬تحد‭ ‬كبير‭ ‬ينتهي‭ ‬بابتسامة‭ ‬وسعادة‭ ‬عندما‭ ‬يخرج‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬النور،‭ ‬رحلة‭ ‬بطل‭ ‬الرواية‭ (‬ليوناردو‭) ‬مرتبطة‭ ‬بالأساطير،‭ ‬لذا‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الأساطير‭ ‬المختلفة،‭ ‬وجمعها‭ ‬لكي‭ ‬تضفي‭ ‬كل‭ ‬أسطورة‭ ‬على‭ ‬فصول‭ ‬الرواية‭ ‬سحرا‭ ‬خاصا‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬التحديات‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬جابهتها‭ ‬حتى‭ ‬تصبح‭ ‬كل‭ ‬أسطورة‭ ‬جزءا‭ ‬مستساغا‭ ‬من‭ ‬الحبكة‭ ‬القصصية،‭ ‬ولا‭ ‬تخل‭ ‬بها،‭ ‬وبفضل‭ ‬الله‭ ‬نجحت‭ ‬الأسطورة‭ ‬في‭ ‬ربط‭ ‬أحداث‭ ‬الرواية‭ ‬والتعريف‭ ‬بحضارات‭ ‬عدة،‭ ‬التحدي‭ ‬الأكبر‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬أهل‭ ‬سيوة‭ ‬وإقناعهم‭ ‬بأنني‭ ‬بصدد‭ ‬كتابة‭ ‬رواية‭ ‬عنهم‭ ‬تحفظ‭ ‬تاريخهم،‭ ‬دخولي‭ ‬بيوتهم‭ ‬وإخلاصهم‭ ‬في‭ ‬إمدادي‭ ‬بالمعلومات‭ ‬كان‭ ‬سببا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬نجاح‭ ‬الرواية‭.‬
أما‭ ‬عن‭ ‬اختيار‭ ‬الأمازيغ،‭ ‬فالسبب‭ ‬رحلاتي‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬وتعرفي‭ ‬على‭ ‬الحضارة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬عن‭ ‬قرب،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬أن‭ ‬لديّ‭ ‬بعض‭ ‬الأصدقاء‭ ‬من‭ ‬المغاربة‭ ‬الأمازيغ،‭ ‬وبقدر‭ ‬حبي‭ ‬للمغرب‭ ‬جاءت‭ ‬فكرة‭ ‬ربط‭ ‬مصر‭ ‬بالمغرب‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬وجود‭ ‬أمازيغ‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬سيوة،‭ ‬هي‭ ‬فكرة‭ “‬الاختلاف‭” ‬فأنا‭ ‬أول‭ ‬روائية‭ ‬مصرية‭ ‬تكتب‭ ‬عن‭ ‬الحضارة‭ ‬الأمازيغية،‭ ‬وفخورة‭ ‬بذلك‭ ‬لأنني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬أقدمه‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬مختلفة‭ ‬وموضوع‭ ‬جديد‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬التكرار‭.‬

الجميع‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬المسحورة‮»‬‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬كواليس‭ ‬وأسرار‭ ‬رحلتك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرواية؟
‏‭- ‬رحلتي‭ ‬مع‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬دامت‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬وتخللتها‭ ‬أربع‭ ‬رحلات‭ ‬إلى‭ ‬سيوة،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬الرحلة‭ ‬في‭ ‬المخطط،‭ ‬بل‭ ‬بدأت‭ ‬الكتابة،‭ ‬وكنت‭ ‬بالفعل‭ ‬قد‭ ‬انتهيت‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬وخمسين‭ ‬صفحة،‭ ‬ثم‭ ‬عندما‭ ‬جاءتني‭ ‬دعوة‭ ‬من‭ ‬صديق‭ ‬مهتم‭ ‬بسيوة،‭ ‬ويمتلك‭ ‬عدة‭ ‬فنادق‭ ‬هناك‭ ‬لزيارة‭ ‬كرج‭ ‬سيوة،‭ ‬تبدل‭ ‬الأمر،‭ ‬لأن‭ ‬رؤية‭ ‬العين‭ ‬جعلتني‭ ‬أرى‭ ‬الأمور‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف،‭ ‬وأتفاعل‭ ‬مع‭ ‬أحداث‭ ‬الرواية‭ ‬بمنظور‭ ‬التحليل‭ ‬البصري‭ ‬للأشياء،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬البحث،‭ ‬كنت‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬أشياء‭ ‬بدت‭ ‬لي‭ ‬غريبة‭ ‬وساحرة،‭ ‬وأنا‭ ‬أقرأ‭ ‬ما‭ ‬كتب‭ ‬عن‭ ‬سيوة‭ ‬في‭ ‬المراجع،‭ ‬فهناك‭ ‬أساطير‭ ‬وحواديت‭ ‬وأماكن‭ ‬لم‭ ‬يعرفها‭ ‬أحد،‭ ‬ما‭ ‬عرفته‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الواحة‭ ‬أضاف‭ ‬كثيرًا‭ ‬لما‭ ‬قرأته‭ ‬عنها،‭ ‬وفي‭ ‬المجمل‭ ‬استطعت‭ ‬تضفير‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المعلومات‭ ‬إلى‭ ‬رحلة‭ ‬طويلة‭ ‬خاضها‭ ‬أبطال‭ ‬الرواية‭ “‬تاليس‭”‬،‭ “‬ليوناردو‭”‬،‭ “‬رُحيم‭” ‬و‭”‬مبروكة‭” ‬بشغف‭ ‬وبحذر‭ ‬جعل‭ ‬القراء‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬وصلني‭ ‬منهم‭ ‬يهيمون‭ ‬وراء‭ ‬الأحداث،‭ ‬ويشعرون‭ ‬بسخونة‭ ‬رمال‭ ‬الصحراء،‭ ‬ويلهثون‭ ‬وراء‭ ‬السر‭ ‬الذي‭ ‬يخفيه‭ ‬ليوناردو‭.‬

حدثينا‭ ‬عن‭ ‬أهل‭ ‬سيوة،‭ ‬وخاصة‭ ‬المرأة‭ ‬وحياتها،‭ ‬ولماذا‭ ‬يحيطها‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الغموض؟
‏‭- ‬الرواية‭ ‬أحداثها‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1926،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بعام‭ “‬المطر‭ ‬الكبير‭” ‬في‭ ‬سيوة؛‭ ‬لأنه‭ ‬عام‭ ‬تعرضت‭ ‬سيوة‭ ‬فيه‭ ‬لسيول‭ ‬جعلت‭ ‬قلعة‭ “‬شالي‭” ‬تتهدم،‭ ‬وهو‭ ‬الحال‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬اليوم،‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحقبة‭ ‬الزمنية‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬وجود‭ ‬تقريبًا،‭ ‬كانت‭ ‬نموذجا‭ ‬يحاكي‭ ‬نموذج‭ “‬مبروكة‭” ‬كامرأة،‭ ‬المرأة‭ ‬المنكسرة‭ ‬المغلوبة‭ ‬على‭ ‬أمرها‭ ‬التي‭ ‬سلبها‭ ‬الواقع‭ ‬كيانها،‭ ‬وأبدلها‭ ‬خضوعا‭ ‬وانكسارا،‭ ‬فهي‭ ‬تتزوج‭ ‬رغم‭ ‬أنفها،‭ ‬وتصبح‭ “‬غولة‭” ‬حين‭ ‬يموت‭ ‬زوجها،‭ ‬وحين‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬الحب‭ ‬تصبح‭ ‬مذنبة‭ ‬تستحق‭ ‬القتل‭.‬
أما‭ ‬اليوم‭ ‬فالوضع‭ ‬تغير‭ ‬لحد‭ ‬ما،‭ ‬فهناك‭ ‬سيدة‭ ‬فاضلة‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تمثل‭ ‬سيوة‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬المصري،‭ ‬هناك‭ ‬فتيات‭ ‬متعلمات‭ ‬وأسر‭ ‬تهتم‭ ‬بتعليمهن،‭ ‬المرأة‭ ‬السيوية‭ ‬أصبحت‭ ‬تشارك‭ ‬وتتفاعل‭ ‬مع‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬استحياء‭ ‬أيضًا،‭ ‬فهي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬لا‭ ‬توجَد‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬تجمعات‭ ‬عائلية،‭ ‬ولا‭ ‬تخرج‭ ‬للشارع‭ ‬بمفردها،‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬مطلوب‭ ‬لهن،‭ ‬ولكن‭ ‬أحيانًا‭ ‬أقول‭ ‬لنفسي‭ ‬ربما‭ ‬أن‭ ‬حكمنا‭ ‬ونحن‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الدائرة‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬من‭ ‬بداخلها،‭ ‬عساهن‭ ‬راضيات‭ ‬بحياتهن،‭ ‬ولا‭ ‬يبغين‭ ‬التغيير‭.‬

‮«‬حب‭ ‬خلف‭ ‬المشربية‮»‬،‭ ‬‮«‬معبد‭ ‬الحب‮»‬‭.. ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬رواياتك‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬الحب‭ ‬مفهوم‭ ‬حاضر‭ ‬منسجم‭ ‬مع‭ ‬نسيج‭ ‬الرواية‭ ‬فما‭ ‬رسالتك‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ذلك؟
‏‭”‬الحب‭” ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬فالأسرة‭ ‬تستقيم‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬حب‭ ‬وتفاهم‭ ‬بين‭ ‬الأب‭ ‬والأم،‭ ‬المؤسسات‭ ‬ترتقي‭ ‬لو‭ ‬أحب‭ ‬العاملون‭ ‬بها‭ ‬ما‭ ‬يقومون‭ ‬به‭ ‬وأتقنوه،‭ ‬الدول‭ ‬تتقدم‭ ‬بحب‭ ‬شعوبها‭ ‬وإيمانهم‭ ‬بقيمة‭ ‬الأرض‭.‬
إذن‭ ‬هو‭ “‬الحب‭”..‬الحب‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يدفع‭ ‬البشر‭ ‬للنجاح،‭ ‬دعيني‭ ‬أعترف‭ ‬أيضًا‭ ‬بأن‭ ‬هذين‭ ‬الكتابين‭ ‬بالتحديد‭ “‬حب‭ ‬خلف‭ ‬المشربية‭” ‬و‭”‬معبد‭ ‬الحب‭” ‬كانا‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬إصداراتي‭ ‬وتزامنا‭ ‬مع‭ ‬تخرجي‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬وفترة‭ ‬الشباب،‭ ‬حين‭ ‬كان‭ “‬الحب‭” ‬هو‭ ‬كل‭ ‬دنيانا‭ ‬ومرسانا،‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬أبغي‭ ‬دائمًا‭ ‬أن‭ ‬أرسلها‭ ‬إلى‭ ‬قراء‭ ‬رواياتي‭ ‬أن‭ ‬الحب‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬نتنفسه‭ ‬لنحيا،‭ ‬قيمة‭ ‬مهمة‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬هجوم‭ ‬البعض‭ ‬عليه،‭ ‬ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬شأنه،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬القراء‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الأعمار‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬القصص‭ ‬العاطفية‭ ‬المغلفة‭ ‬بالرومانسية‭ ‬الحالمة،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الروايات‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬أعشق‭ ‬قراءتها‭ ‬وكتابتها‭ ‬تأتي‭ ‬قصص‭ ‬الحب‭ ‬لتجعل‭ ‬المعلومة‭ ‬الجافة‭ ‬أسهل‭ ‬في‭ ‬الهضم‭ ‬وتأثيرها‭ ‬أكثر‭ ‬رسوخًا‭.‬

الرواية‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الإبداع‭ ‬ولها‭ ‬سحر‭ ‬خاص

‮«‬هذا‭ ‬زمن‭ ‬الرواية‮»‬‭ ‬مقولة‭ ‬تردد‭ ‬بين‭ ‬الأدباء،‭ ‬فهل‭ ‬مازال‭ ‬صداها‭ ‬متواجدًا‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الأدبية،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أشكالا‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬حلت‭ ‬محل‭ ‬الرواية؟
‏‭- ‬اعتقادي‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الأزمنة‭ ‬هي‭ ‬زمن‭ ‬للرواية‭.. ‬فالرواية‭ ‬شكل‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الإبداع،‭ ‬ولها‭ ‬سحر‭ ‬خاص‭ ‬لا‭ ‬يفهمه‭ ‬إلا‭ ‬قارئ‭ ‬الرواية،‭ ‬عن‭ ‬نفسي‭ ‬أهوى‭ ‬قراءة‭ ‬الروايات‭ ‬بشدة،‭ ‬وهي‭ ‬اللون‭ ‬الأدبي‭ ‬المحبب‭ ‬إلى‭ ‬نفسي،‭ ‬تتلمذت‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬الروائيين‭ ‬الكبار‭ ‬أساتذتنا‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬وكانوا‭ ‬قدوتي‭ ‬منذ‭ ‬الصغر،‭ ‬ومنهم‭ ‬امتد‭ ‬عشقي‭ ‬إلى‭ ‬الروائيين‭ ‬الأجانب‭ ‬مثل‭ ‬تشارلز‭ ‬ديكنز،‭ ‬تولستوي،‭ ‬لويزا‭ ‬ماي‭ ‬ألكوت،‭ ‬وحتى‭ ‬مسرحيات‭ ‬شكسبير‭ ‬نظرا‭ ‬لكوني‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬خاصة‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬وكان‭ ‬مقررًا‭ ‬علينا‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬قصة‭ ‬لأحد‭ ‬هؤلاء‭ ‬العمالقة‭.. ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬مبدعي‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬روائيين‭ ‬وروائيات‭ ‬لهم‭ ‬بصمة‭ ‬على‭ ‬الأدب‭ ‬بقوة‭ ‬مثل‭ ‬إليف‭ ‬شافاق‭ ‬وباولو‭ ‬كويلو‭ ‬وإيزابيل‭ ‬اللندي‭ ‬ونادية‭ ‬هاشمي‭ ‬وخالد‭ ‬الحسيني‭ ‬وغيرهم‭ ‬كثر‭.‬
الرواية‭ ‬دنيا‭ ‬متخيلة‭ ‬ورحلة‭ ‬نرتحل‭ ‬فيها‭ ‬عبر‭ ‬الصفحات‭ ‬لنبحث‭ ‬عن‭ ‬وجوه‭ ‬تشبهنا‭ ‬وأحداث‭ ‬لم‭ ‬نعشها‭ ‬ونتمنى‭ ‬لو‭ ‬عشناها‭ ‬في‭ ‬خُطى‭ ‬الآخرين‭.. ‬لذا‭ ‬فزمن‭ ‬الرواية‭ ‬لن‭ ‬يرتحل‭ ‬ولن‭ ‬يبلى‭ ‬أبدا،‭ ‬زمن‭ ‬الرواية‭ ‬هو‭ ‬كل‭ ‬زمان‭ ‬يحاول‭ ‬فيه‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يهرب‭ ‬من‭ ‬قسوة‭ ‬الحياة‭ ‬وضغوطها‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬أكثر‭ ‬رحابة،‭ ‬ويرتحل‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬إلى‭ ‬مدن‭ ‬لم‭ ‬يعرفها‭.‬

الحقيقة‭.. ‬التوفيق‭ ‬بين‭ ‬الكتابة‭ ‬والصحافة‭ ‬والطب‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬شيئًا‭ ‬يسيرًا‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مجهود‭ ‬مضاعف

يوسف‭ ‬ادريس‭ – ‬محمد‭ ‬المخزنجي‭ – ‬أحمد‭ ‬خالد‭ ‬توفيق‭ ‬جميعهم‭ ‬أطباء‭ ‬جمعهم‭ ‬حب‭ ‬الكتابة‭ ‬وحب‭ ‬المهنة،‭ ‬فهل‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬عليك‭ ‬التوفيق‭ ‬بين‭ ‬الكتابة‭ ‬والمهنة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد؟
‏‭- ‬الحقيقة‭ ‬التوفيق‭ ‬بين‭ ‬الكتابة‭ ‬والصحافة‭ ‬والطب‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬شيئًا‭ ‬يسيرًا،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مجهود‭ ‬مضاعف،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬أنني‭ ‬شخص‭ ‬أحب‭ ‬التحديات،‭ ‬ولا‭ ‬أرتضي‭ ‬إلا‭ ‬بالنجاح‭ ‬أو‭ ‬بالوصول‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أسعى‭ ‬إليه،‭ ‬لا‭ ‬تزعجني‭ ‬أبدًا‭ ‬وعورة‭ ‬الطريق،‭ ‬الطب‭ ‬كان‭ ‬البداية،‭ ‬ثم‭ ‬استمرت‭ ‬الرحلة‭ ‬وتحقق‭ ‬الحلم،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬المحافظة‭ ‬عليه‭ ‬أصعب‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬الطب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تذويق‭ ‬أضاف‭ ‬للأدب،‭ ‬وليس‭ ‬العكس،‭ ‬والأطباء‭ ‬مبدعون‭ ‬لطبيعة‭ ‬المهنة،‭ ‬فالأطباء‭ ‬تجمعهم‭ ‬قدرة‭ ‬بديعة‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬المعلومات،‭ ‬الماجستير‭ ‬علمني‭ ‬كيف‭ ‬أبحث‭ ‬وأجمع‭ ‬معلومات،‭ ‬وعملي‭ ‬في‭ ‬العيادة‭ ‬جعلني‭ ‬ألتقي‭ ‬بمختلف‭ ‬الأنماط‭ ‬من‭ ‬البشر،‭ ‬وأستمع‭ ‬إليهم‭ ‬وأحلل‭ ‬شخصياتهم،‭ ‬بل‭ ‬وأصبحت‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬مختبئة‭ ‬في‭ ‬ذاكرتي،‭ ‬استدعيها‭ ‬كلما‭ ‬كنت‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬شخصية‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬رواياتي‭ ‬لأكتب‭ ‬عنها‭..‬الطب‭ ‬أرض‭ ‬خصبة‭ ‬للإبداع‭.‬

لك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬التي‭ ‬لاقت‭ ‬صدى‭ ‬كبيرا‭ ‬لدى‭ ‬الجمهور،‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬رواية‭ ‬معينة‭ ‬تمثل‭ ‬لك‭ ‬حالة‭ ‬خاصة‭ ‬أو‭ ‬ذكرى‭ ‬معينة؟
‏‭- ‬رغم‭ ‬نجاح‭ “‬المسحورة‭”‬،‭ ‬ورغم‭ ‬تعلق‭ ‬القراء‭ ‬برواية‭ “‬جواري‭ ‬العشق‭” ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬طبعتها‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬الحفاوة‭ ‬والنقد‭ ‬الإيجابي‭ ‬الذي‭ ‬لاقته‭ “‬بنات‭ ‬في‭ ‬حكايات‭” ‬ستبقى‭ “‬سألقاكِ‭ ‬هناك‭” ‬هي‭ ‬ابنة‭ ‬قلبي،‭ ‬وسيبقى‭ “‬نيلوفر‭” ‬و‭”‬يحيى‭” ‬بطلا‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬هما‭ ‬الأقرب‭ ‬إلى‭ ‬أناملي،‭ ‬لأني‭ ‬خلقت‭ ‬الشخصيات‭ ‬من‭ ‬عدم،‭ ‬وأعني‭ ‬بالعدم‭ ‬هنا‭ ‬عدم‭ ‬معرفتي‭ ‬السابقة‭ ‬لإيران‭ ‬وعدم‭ ‬زيارتي‭ ‬لها،‭ ‬وليس‭ ‬لي‭ ‬أصدقاء‭ ‬هناك،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الشخوص‭ ‬ممن‭ ‬اقتبستهم‭ ‬من‭ ‬حياتي‭ ‬اليومية،‭ ‬ولا‭ ‬يشبهان‭ ‬ملامح‭ ‬أحد،‭ ‬رواية‭ ‬أخذت‭ ‬من‭ ‬وقتي‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬ونصف‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬الكتابة،‭ ‬وأخذت‭ ‬من‭ ‬وجداني‭ ‬كل‭ ‬العشق‭ ‬لهذه‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬والحضارة‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تمتلكه‭ ‬سياستها،‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬لم‭ ‬تخذلني‭ ‬أبدًا،‭ ‬ولم‭ ‬يقرأها‭ ‬أحد‭ ‬دون‭ ‬الإشادة‭ ‬بها،‭ ‬فكانت‭ ‬سبب‭ ‬محبة‭ ‬كبيرة‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬جمهوري،‭ ‬وحتى‭ ‬عندنا‭ ‬اُقْتُبِسَت‭ ‬شخصية‭ “‬يحيى‭” ‬والخط‭ ‬الدرامي‭ ‬الخاص‭ ‬به‭ ‬بالكامل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬سيناريست‭ ‬شهير،‭ ‬واستعان‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬مسلسله‭ ‬دون‭ ‬علمي‭ ‬ولا‭ ‬موافقة‭ ‬الناشر،‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬هب‭ ‬للدفاع‭ ‬عنها‭ ‬وعن‭ “‬يحيى‭” ‬هم‭ ‬القراء،‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬سر‭ ‬قوتي‭ ‬وبقائي،‭ ‬فتحية‭ ‬خالصة‭ ‬من‭ ‬القلب‭ ‬لهم‭.‬

الهدوء‭ ‬والقهوة‭ ‬والشمس‭.. ‬ثلاثية‭ ‬تأسرني

كيف‭ ‬تهربين‭ ‬من‭ ‬فخ‭ ‬‮«‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬تقتل‭ ‬الإبداع‮»‬‭ ‬في‭ ‬كتاباتك؟
‏‭- ‬يقيني‭ ‬أن‭ ‬الإبداع‭ “‬فكرة‭” ‬وحين‭ ‬يجد‭ ‬الكاتب‭ ‬الفكرة‭ ‬يصبح‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مجرد‭ ‬روتين‭ ‬للكتابة،‭ ‬روتين‭ ‬ليس‭ ‬سهلا‭ ‬بالطبع،‭ ‬ولكن‭ ‬اختيار‭ ‬الفكرة‭ ‬في‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬هي‭ ‬الخطوة‭ ‬الأصعب‭ ‬والمحك‭ ‬الحقيقي‭ ‬لأي‭ ‬روائي،‭ ‬لذا‭ ‬عندما‭ ‬يسطو‭ ‬كاتب‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬آخر،‭ ‬ويرد‭ ‬بأنها‭ ‬تشابه‭ ‬أفكار،‭ ‬لا‭ ‬أجد‭ ‬ما‭ ‬أعلق‭ ‬به،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ “‬سطو‭ ‬مسلح‭” ‬وليس‭ ‬توارد‭ ‬خواطر،‭ ‬وقد‭ ‬حدث‭ ‬هذا‭ ‬معي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة،‭ ‬كما‭ ‬أعتبر‭ ‬السطو‭ ‬على‭ ‬أفكار‭ ‬الآخرين‭ ‬إفلاسا‭ ‬من‭ ‬أقلام‭ ‬زائفة‭ ‬صنعتها‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا،‭ ‬أحاول‭ ‬دائمًا‭ ‬أن‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬مختلفة‭ ‬ونمط‭ ‬جديد‭ ‬للكتابة،‭ ‬كتبت‭ ‬أدبا‭ ‬اجتماعيا‭ ‬ونسويا،‭ ‬وساخرا‭ ‬وتاريخيا‭ ‬ولكن‭ ‬الأقرب‭ ‬إلى‭ ‬قلبي‭ ‬هو‭ ‬الأدب‭ ‬التاريخي‭ ‬والكتابة‭ ‬عن‭ ‬التاريخ،‭ ‬أحاول‭ ‬جاهدة‭ ‬ألا‭ ‬أقع‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬التكرار،‭ ‬وأن‭ ‬أفاجئ‭ ‬جمهوري‭ ‬بجديد‭ ‬لم‭ ‬يتوقعه‭ ‬مني،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬سر‭ ‬الغرام‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬قرائي،‭ ‬فهم‭ ‬يعرفون‭ ‬جيدًا‭ ‬أنهم‭ ‬يستحقون‭ ‬الجديد‭ ‬كلما‭ ‬كتبت؛‭ ‬لأنهم‭ ‬سبب‭ ‬نجاحي‭ ‬بلا‭ ‬جدال‭ ‬بعد‭ ‬توفيق‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭.‬

ما‭ ‬طقوس‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الروائية‭ ‬د‭. ‬رشا‭ ‬سمير؟
‏‭- ‬الهدوء‭ ‬والقهوة‭ ‬والشمس‭.. ‬ثلاثية‭ ‬تأسرني،‭ ‬أكتب‭ ‬صباحًا‭ ‬وقتما‭ ‬يكون‭ ‬ذهني‭ ‬حاضرا،‭ ‬وليس‭ ‬مستنفذا‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬عمل‭ ‬طويل،‭ ‬أكتب‭ ‬حين‭ ‬أكون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬مزاجية‭ ‬جيدة،‭ ‬ولا‭ ‬أستطيع‭ ‬الكتابة‭ ‬وبالي‭ ‬مشغول‭ ‬أو‭ ‬مزاجي‭ ‬غير‭ ‬صاف،‭ ‬ربما‭ ‬لذا‭ ‬يتأثر‭ ‬حجم‭ ‬إنتاجي،‭ ‬فأنا‭ ‬شخص‭ ‬غير‭ ‬عجول،‭ ‬حين‭ ‬يأتي‭ ‬النجاح‭ ‬كتحد،‭ ‬يقيني‭ ‬أن‭ ‬الإبداع‭ ‬ليس‭ ‬محكوما‭ ‬بوقت،‭ ‬وأن‭ ‬النجاح‭ ‬سيأتي‭ ‬وقتما‭ ‬يريد‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬في‭ ‬يدي‭ ‬فنجان‭ ‬القهوة‭ ‬وأنا‭ ‬جالسة‭ ‬خلف‭ ‬النافذة‭ ‬وأشعة‭ ‬الشمس‭ ‬تداعب‭ ‬مسامي‮…‬هكذا‭ ‬أكتب‭.‬
نود‭ ‬أن‭ ‬نتعرف‭ ‬على‭ ‬مشروعاتك‭ ‬الأدبية‭ ‬المقبلة‭. ‬
‏‭- ‬أجندتي‭ ‬مزدحمة‭ ‬جدا‭.. ‬فأنا‭ ‬أتنقل‭ ‬بين‭ ‬الطب‭ ‬والرواية‭ ‬والصحافة‭ ‬والصالون‭ ‬الثقافي‭ ‬والندوات،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لعمل‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء‭ ‬معًا،‭ ‬مع‭ ‬محاولة‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬كل‭ ‬المهام‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه،‭ ‬أما‭ ‬عن‭ ‬المشروع‭ ‬المقبل‭ ‬فهو‭ ‬بالقطع‭ ‬رواية‭ ‬جديدة،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬زلت‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬القراءة‭ ‬وجمع‭ ‬المعلومات،‭ ‬لم‭ ‬تتبلور‭ ‬الفكرة‭ ‬بعد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ “‬المسحورة‭” ‬وضعني‭ ‬في‭ ‬مأزق‭ ‬كبير،‭ ‬لأن‭ ‬النجاح‭ ‬دافع‭ ‬للمزيد‭ ‬من‭ ‬النجاح‭ ‬والتحدي‭ ‬يضع‭ ‬المبدع‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للتفوق‭ ‬على‭ ‬نفسه،‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬أقدم‭ ‬عملا‭ ‬مختلفًا‭ ‬يستحقه‭ ‬قارئي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمل‭ ‬من‭ ‬انتظاري،‭ ‬ويدفعني‭ ‬دائما‭ ‬للنجاح‭.‬

Exit mobile version