«بي بي سي» تكشف الجانب المظلم في عالم صناعة العطور.. «شبـرا بلولـة» ملكة الياسمين.. تعطر العالم بعرق أطفالها!

فضيحة جديدة تواجهها مؤسسات العطور في العالم خلال أقل من ستة أشهر، فقد ألقى تحقيق ميداني مصور أجراه موقع «بي بي سي» الإخباري الضوء عن مخالفات مماثلة تنتهجها بعض الشركات العالمية المُصنعة للعطور، ومنها شركتا «لانكوم» و«إيرين بيوتي»، ولكن هذه المرة في قرية «شبرا بلولة» التابعة لمحافظة الغربية بجمهورية مصر العربية، إذ يُشَغَّل الأطفال القصّر في جمع زهور الياسمين عبر شركات وسيطة متخصصة في توريد زيوت وعجين الياسمين لتلك الشركات.
ولفت التقرير إلى التناقض الكبير بين التعهدات التي تطلقها تلك الشركات المتخصصة في صناعة العطور ومستحضرات التجميل والخاصة بمراعاة حقوق العمال وعدم التسامح مطلقًا مع تشغيل الأطفال ما دون السن القانونية، وبين ما يحدث على أرض الواقع، حيث يُشَغَّلُون مقابل أجور زهيدة.
وفي ذلك أعرب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بـ “أشكال العبودية المعاصرة” تومويا أوبوكاتا، عن انزعاجه من أدلة تقرير “بي بي سي”، التي تضمنت تصويرًا سريًا في حقول الياسمين المصرية خلال موسم قطف الياسمين العام الماضي، والتي عادة ما تكون بين شهري مايو وسبتمبر من كل عام.
وقال:
”على الورق، يعدون بالكثير من الأشياء الجيدة، مثل شفافية سلاسل التوريد ومكافحة عمالة الأطفال، ولكن بالنظر إلى هذه الصور، فإنهم لا يفعلون في الواقع الأشياء التي وعدوا بها”.
وعادة ما تُوقّع كل شركة في سلسلة إنتاج وتوريد العطور على خطاب التزام للأمم المتحدة، تتعهد فيه بالالتزام بمبادئها التوجيهية فيما يتعلق بممارسات العمل الآمنة والقضاء على عمالة الأطفال، ولكن يبدو أن أغلبها لا يلتزم بتنفيذ تلك التعهدات.
ومن ناحيتها، أكدت شركة لوريال، المالكة لشركة لانكوم، أنها ملتزمة باحترام حقوق الإنسان، وقالت شركة إستي لودر، المالكة لشركة إيرين بيوتي، إنها اتصلت بمورديها للتحقق من الأمر، علما بأن الياسمين المستخدم في عطور “آيدول إنتنس” من شركة لانكوم، و”ليمون دي سيسيليا” و”إيكات جاسمين” من شركة “إيرين بيوتي” يأتي من مصر، التي تنتج نحو نصف إمدادات العالم من زهور الياسمين أحد مكونات العطور الرئيسية، فيما يأتي النصف الآخر من دولة الهند.
ووصفت شركة جيفودان التي تُصنّع عطور “لانكوم آيدول إنتنس” تحقيق “بي بي سي” بأنه “مثير لقلق عميق”، مضيفة أنه “يتعين علينا جميعًا مواصلة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتخلص من مخاطر عمالة الأطفال بالكامل”، فيما أكدت شركة “فیرمنيش” التي تُصنع عطور “ليمون دي سيسيليا” و”إيكات جاسمين” من “إيرين بيوتي” أنها تستخدم الآن مورّدًا جديدًا في مصر.
أما شركة إستي لودر فقالت: “نحن نؤمن بضرورة حماية حقوق جميع الأطفال، وقد تواصلنا مع مورّدينا للتحقيق في هذه المسألة الخطيرة للغاية”.
ويشير تقرير “بي بي سي” أيضًا إلى صعوبة تحديد عدد الأطفال العاملين في قطف الأزهار: “من الصعب أن نقول بالضبط كم عدد الأطفال من بين 30 ألف شخص يعملون في صناعة الياسمين في مصر”.
وأضاف أن العديد من سكان القرية اشتكوا من انخفاض سعر الياسمين، وهو ما اضطرهم إلى إشراك أطفالهم بمساعدتهم في العمل بهدف زيادة الدخل.
وتولي الحكومة المصرية اهتمامًا بالغًا بتلك القضية الشائكة، حيث أكد وزير العمل المصري محمد جبران في تصريحات صحافية عزم الدولة المصرية على مكافحة تلك الظاهرة. وقال إن الحكومة مستمرة في تنفيذ أهداف «الخطة الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال ودعم الأسرة» (2018/2025) التي أطلقتها الوزارة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية وأكثر من 17 وزارة وجهة وطنية.
وعلى الصعيد ذاته، أطلقت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية حملة توعية خاصة ببرنامج «وعي» لمكافحة عمل الأطفال تحت شعار «طفولتهم حقهم وحمايتهم واجبنا»، وذلك في احتفال اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال تحت شعار «دعونا نعمل على تنفيذ التزاماتنا.. القضاء على عمل الأطفال». وأشارت إلى أن الحديث عن عمل الأطفال من منظور الحماية والرعاية يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسياق الاجتماعي والاقتصادي العام وبمعدلات التنمية السائدة في المجتمع، وتزيد وطأتها مع وجود أزمات اقتصادية عالمية.
وتعمل الوزارة على تقديم حلول للأسر للخروج من دائرة الفقر وتحسين مستويات الدخل والمعيشة من خلال برنامج التمكين الاقتصادي والتكوين المهني والإقراض متناهي الصغر لتعزيز حصول الأسر الأولى بالرعاية على الحقوق الأساسية، وتشجيع الأطفال على المواظبة في الحضور بالمدارس ومتابعة ورصد حالتهم الصحية، وتقديم الدعم والرعاية لهم.









