تحقيقات
أخر الأخبار

عندما‭ ‬يتجرد‭ ‬الآباء‭ ‬من‭ ‬مشاعرهم المحامية‭ ‬مريم‭ ‬البحر‭:‬ جرائم‭ ‬الآباء‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬أبنائهم‭.. ‬ حفرٌ‭ ‬لا‭ ‬يمحى‭!‬

المحاماة‭ ‬ملاذ‭ ‬ومروءة‭ ‬وفن‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مهنة‭.. ‬وليس‭ ‬المحامون‭ ‬كلهم‭ ‬محامين‭ ‬بالضرورة‭.. ‬ليس‭ ‬عمل‭ ‬المحامي‭ ‬فقط‭ ‬معرفة‭ ‬القانون،‭ ‬فالكثير‭ ‬يعرف‭ ‬النصوص‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المحامين،‭ ‬لكن‭ ‬حقيقة‭ ‬المحامي‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬الوقائع‭ ‬دراسة‭ ‬قانونية‭ ‬والنظر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬هذه‭ ‬الوقائع‭ ‬في‭ ‬نصوص‭ ‬القانون‭.. ‬المحاماة‭ ‬فن‭ ‬الحجة‭ ‬والجدل‭ ‬والبرهان‭ ‬والإقناع‭.. ‬وليس‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬المحامين‭ ‬قلب‭ ‬الثوابت‭ ‬أو‭ ‬تضليل‭ ‬الحقائق؛‭ ‬لأن‭ ‬المحامي‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬إنســان‭ ‬لا‭ ‬يكسب‭ ‬دعوى‭ ‬ويخسر‭ ‬نفسه‭.‬

معكم‭ ‬القانونية‭ ‬المحامية‭ ‬مريم‭ ‬فيصل‭ ‬البحر‭:‬
ما‭ ‬زالت‭ ‬جرائم‭ ‬المنتفعين‭ ‬ومزدوجي‭ ‬الشخصيات‭ ‬تأتي‭ ‬لنا‭ ‬بما‭ ‬يصدمنا‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم،‭ ‬ليكشفوا‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬لآخر‭ ‬عن‭ ‬وجوههم‭ ‬القبيحة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تهتز‭ ‬بهم‭ ‬شعرة‭.‬

أنت‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬كنت‭ ‬قدوتي‭!‬

سُئلت‭ ‬يومًا‭ ‬عن‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬في،‭ ‬قلت‭ ‬إنها‭ ‬قضية‭ ‬لشخصية‭ ‬عامة‭ ‬ومشهورة‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬ولها‭ ‬طابع‭ ‬مؤثر‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬بأحاديثه،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬صاحب‭ ‬برنامج‭ ‬موجه‭ ‬لتوعية‭ ‬الشباب،‭ ‬ووقع‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬القانون،‭ ‬وكُشِف‭ ‬عن‭ ‬الصورة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لشخصيته‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬مخالفة‭ ‬تمامًا‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬يبديه‭ ‬من‭ ‬سمات‭ ‬طيبة،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬وكيل‭ ‬النيابة،‭ ‬وهو‭ ‬يحقق‭ ‬معه‭ ‬قال‭ ‬له‭: ‬‮«‬أنت‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬كنت‭ ‬قدوتي‭!‬‮»‬،‭ ‬فكيف‭ ‬تكون‭ ‬بهذه‭ ‬الأخلاق‭ ‬والصفات‭ ‬والميول‭ ‬الجنسية‭ ‬السيئة،‭ ‬وتكون‭ ‬مؤثرا‭ ‬في‭ ‬شخصيات‭ ‬الشباب؟‭! ‬

ربما‭ ‬أثرت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية؛‭ ‬لأنها‭ ‬لشخصية‭ ‬مؤثرة،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬يظهر‭ ‬منا‭ ‬أمام‭ ‬المجتمع‭ ‬يؤثر‭ ‬فيمن‭ ‬حولنا،‭ ‬وحريتك‭ ‬الشخصية‭ ‬تتوقف‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬ينحصر‭ ‬في‭ ‬نفسك،‭ ‬وتقع‭ ‬مسؤوليته‭ ‬عليك‭ ‬بمفردك،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المقبول‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬الشخص‭ ‬بأنه‭ ‬حريص‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬وقلبه‭ ‬على‭ ‬الشباب‭ ‬ومستقبلهم،‭ ‬وفي‭ ‬الخفاء‭ ‬هو‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬هدم‭ ‬أحلامهم‭ ‬ومستقبلهم‭.‬

يسجّل‭ ‬بنته‭ ‬من‭ ‬زوجته‭ ‬الثانية‭ ‬باسم‭ ‬الزوجة‭ ‬الأولى‭!‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬ندخل‭ ‬لقضية‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬أغرب‭ ‬القضايا،‭ ‬من‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬ربما‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬عامًا،‭ ‬أو‭ ‬يزيد‭ ‬كانت‭ ‬ولادة‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬البيوت،‭ ‬وهذا‭ ‬الزوج‭ ‬متزوج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬زوجة،‭ ‬وكل‭ ‬زوجة‭ ‬تنجب‭ ‬كانت‭ ‬تلد‭ ‬مولودها‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬ممرضة‭ ‬أو‭ ‬إحدى‭ ‬السيدات‭ ‬اللاتي‭ ‬لديهن‭ ‬علم‭ ‬بالولادة،‭ ‬ويسجل‭ ‬هو‭ ‬اسم‭ ‬المولود‭ ‬باسمه‭ ‬كاسم‭ ‬الأب،‭ ‬أما‭ ‬اسم‭ ‬الأم‭ ‬فهو‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬أو‭ ‬هناك‭ ‬مشاكل‭ ‬مع‭ ‬الأم‭ ‬التي‭ ‬ولدت‭ ‬له‭ ‬الطفل‭ ‬حديثا،‭ ‬يسجل‭ ‬المولود‭ ‬ليس‭ ‬باسم‭ ‬أمه‭ ‬الحقيقية،‭ ‬بل‭ ‬يسجله‭ ‬باسم‭ ‬زوجة‭ ‬أخرى‭ ‬له،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬أصبح‭ ‬لدينا‭ ‬اختلاط‭ ‬في‭ ‬الأنساب،‭ ‬والمشكلة‭ ‬أن‭ ‬الأبناء‭ ‬جميعهم‭ ‬يعرفون‭ ‬أنهم‭ ‬إخوان‭ ‬حقيقيون‭ ‬لبعضهم‭ ‬بعضا،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬من‭ ‬أم‭ ‬من‭! ‬وهناك‭ ‬اختلاط‭ ‬في‭ ‬الأوراق‭ ‬والقضية‭ ‬معقدة،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬تحليل‭ ‬DNA‭ ‬للأشقاء،‭ ‬والأب‭ ‬توفي‭ ‬منذ‭ ‬فترة،‭ ‬وعانت‭ ‬إحدى‭ ‬بناته‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أوراق‭ ‬رسمية،‭ ‬وما‭ ‬فعله‭ ‬الأب‭ ‬زمان‭ ‬دمرها‭.. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬جمع‭ ‬الأبناء‭ ‬جميعا‭ ‬لعمل‭ ‬التحاليل‭ ‬اللازمة‭ ‬أمر‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الصعوبة‭.‬

المخدرات‭ ‬ضيعت‭ ‬عقله‭.. ‬فهتك‭ ‬عرض‭ ‬ابنته‭! ‬

أما‭ ‬قضيتنا‭ ‬الثالثة،‭ ‬فالأب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬قد‭ ‬الشعور‭ ‬بقيمة‭ ‬ومعاني‭ ‬تلك‭ ‬الكلمة‭ ‬حينما‭ ‬قرر‭ ‬هتك‭ ‬عرض‭ ‬ابنته،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تكرر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة،‭ ‬لتفجع‭ ‬ابنته‭ ‬من‭ ‬وحشية‭ ‬والدها‭ ‬الذي‭ ‬حولته‭ ‬المواد‭ ‬المخدرة‭ ‬إلى‭ ‬كائن‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬وصف‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الإجرام،‭ ‬تعدى‭ ‬الأب‭ ‬على‭ ‬ابنته،‭ ‬حتى‭ ‬انفضح‭ ‬أمره‭ ‬وألقي‭ ‬القبض‭ ‬عليه،‭ ‬ووضع‭ ‬في‭ ‬السجن‭.‬
والدة‭ ‬الضحية‭ ‬حضرت‭ ‬إلى‭ ‬مكتبي‭ ‬وبصوت‭ ‬ممزوج‭ ‬بالأسى‭ ‬والحزن‭ ‬قالت‭ ‬الأم‭: ‬ابنتي‭ ‬تعرضت‭ ‬لهتك‭ ‬عرض‭ ‬من‭ ‬والدها‭ ‬بعد‭ ‬تعديه‭ ‬عليها‭ ‬جنسيًا،‭ ‬بدأت‭ ‬قصة‭ ‬هذه‭ ‬الطفلة‭ ‬الضحية‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمرها،‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬طفلة‭ ‬بريئة‭ ‬لا‭ ‬تطمح‭ ‬سوى‭ ‬إلى‭ ‬اللعب،‭ ‬لتمتد‭ ‬يدا‭ ‬عديم‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬جسد‭ ‬ابنته،‭ ‬حتى‭ ‬كبرت‭ ‬وأضحت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬ويجري‭.‬

وقد‭ ‬ألقت‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬ذاك‭ ‬الأب،‭ ‬ولكن‭ ‬بعدما‭ ‬أقدم‭ ‬على‭ ‬هتك‭ ‬عرض‭ ‬نجلته‭ ‬القاصر،‭ ‬وبالانتقال‭ ‬والفحص‭ ‬وإجراء‭ ‬التحريات‭ ‬أُودِع‭ ‬الأب‭ ‬في‭ ‬السجن،‭ ‬بعد‭ ‬الحكم‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬ذاتها‭.‬
وبعدما‭ ‬سردت‭ ‬والدة‭ ‬الضحية‭ ‬كواليس‭ ‬الجريمة،‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أدرك‭ ‬أنها‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬جعبتها‭ ‬جريمة‭ ‬أخرى‭ ‬تريدني‭ ‬أن‭ ‬أساعدها‭ ‬على‭ ‬فعلها،‭ ‬وكانت‭ ‬مفاجأة‭ ‬لي،‭ ‬إذ‭ ‬قالت‭ ‬لي‭ ‬أستاذة‭ ‬أريدك‭ ‬أن‭ ‬تساعدينا‭ ‬على‭ ‬إخراج‭ ‬زوجي‭ ‬من‭ ‬السجن،‭ ‬فقد‭ ‬طلب‭ ‬السماح،‭ ‬واعتذر‭ ‬ونريد‭ ‬أن‭ ‬نتنازل‭ ‬عن‭ ‬الدعوى‭ ‬ضده‭!‬

لم‭ ‬تسعفني‭ ‬الكلمات‭ ‬لأصف‭ ‬ما‭ ‬تطلبه‭ ‬مني،‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬قلت‭ ‬لها‭ ‬ماذا‭ ‬تريدين‭ ‬أن‭ ‬يفعله‭ ‬هذا‭ ‬الكائن‭ ‬غير‭ ‬الإنساني‭ ‬بك‭ ‬وبأبنائك،‭ ‬ماذا‭ ‬تبقى‭ ‬أيضًا؟‭ ‬أسرتك‭ ‬أصبحت‭ ‬بقايا،‭ ‬هل‭ ‬تريدينني‭ ‬أن‭ ‬أخرج‭ ‬لك‭ ‬من‭ ‬السجن‭ ‬من‭ ‬دمر‭ ‬حياتك‭ ‬وحياة‭ ‬ابنتك؟‭! ‬ماذا‭ ‬تريدين‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬خرج‭ ‬عن‭ ‬الفطرة‭ ‬والعقل،‭ ‬وقام‭ ‬بأفعال‭ ‬محرمة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأديان‭ ‬السماوية‭ ‬ورفضت‭ ‬طلبها‭ ‬بتسلم‭ ‬القضية،‭ ‬ولم‭ ‬أستطع‭ ‬أن‭ ‬أمحي‭ ‬أثر‭ ‬ذكرى‭ ‬القضية‭ ‬البشعة‭ ‬من‭ ‬مخيلتي‭.‬

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق