للمكان حضور نفسي كثيف رواية «سرداب نيتيرو».. تحفل بالرموز والأسرار

أصدرت الكاتبة د. إيمان مرزوق أحدث رواياتها وهي “سرداب نيتيرو”، وهي تجمع بين اللغة الشعرية والسرد الروائي، وهي تحفل بالرموز التي تحتاج إلى فكها، والأسرار التي تحتاج إلى كشفها، والمعاني الخفية التي تسعى إلى إظهارها، ويقول الناقد الأدبي د. عادل يوسف “إن أحداث الرواية تقوم على الاعتداء على قرية الشيخ مؤنس والاستيلاء على دار الشيخ داود وخطف قاسم، لتتوالى الأحداث الدرامية”، مشيرا إلى أن الأسلوب في الرواية يربط اللغة بعلاقة وشيجة مع الفكر، إذ تتداخل اللغة مع الفكر، فتعكس في العمل الإبداعي القضايا والأفكار، وقد عكست لغة الكاتبة في رواية” سرداب نيتيرو” رؤى عميقة وأفكارًا ثرية في مشاهد كثيرة جسدت فيها الكاتبة من خلال الأسلوب وجهة نظر عميقة على نحو غير صريح، كما أنه تداخلت لغة الراوي مع لغة الشخصية في أسلوب الكاتبة، وهذا الأسلوب يعطي للكاتب حرية أكبر في نسج كلام الشخصية داخل كلام الراوي، حيث تميزت الكاتبة بالأسلوب الغني بالغموض الدلالي الذي أعطى تشويقا وإثارة للمقطع السردي.
وأوضح د. عادل يوسف أن الكاتبة استحضرت عدة أساليب مختلفة في الرواية، فهي بذلك تسهم في إظهار التعددية الأسلوبية، على سبيل المثال لا الحصر، وظفت الكاتبة في المتن الروائي أسلوب البحارة والصيادين، واستخدمت أسلوب الشعر الغنائي، فظهر لديها هذا التعدد الأسلوبي اللغوي الذي يشير إلى تمكن الراوي في اختيار الأساليب المناسبة للأحداث.
وأكد الناقد عادل يوسف أن الكاتبة منحت الحوار الدرامي في الرواية أهمية خاصة، فجعلته جزءا من بنية الرواية السردية، واستعملته للكشف عن الهوة الفكرية والأيديولوجية بين شخصيات الرواية، فأصبح للحوار الدور البارز في كشف دواخل الشخصيات وأفكارها وما بها من جوانب خفية عميقة من خلال تبادل الآراء المختلفة.
وعن إيقاع المكان في الرواية، أوضح يوسف أنه عنصر أساسي في رواية “سرداب نيتيرو”، فهو مفتاح سر الرواية وسر بنيتها، فالمكان عند إيمان مرزوق يعتبر شخصية متماسكة وأداة فنية تسهم في تطوير الأحداث وبعث الحركة الدرامية في الرواية، فنرى المكان ليس مجرد خلفية أو ديكور للأحداث، بل هو إيقاع غني بالدلالات النفسية والفكرية للأشخاص، وأصبح للمكان حضور نفسي كثيف متغير حسب حال الأحداث والشخصيات، وهكذا يتولد الإيقاع المكاني بالنظر إلى المكان بزوايا مختلفة، مما يُولد حسًا جماليًا يعكس هذه التحولات.