ثقافةزوايا

الفنانة التشكيلية سمر بدر: كلما كان الفنان صادقاً في التعبير تميز عمله

فنانة تحمل داخلها وطنا جميلا، ترسمه بألوان المحبة والسعادة والسلام، تعشق الشرق وتعتبره مصدر إلهام لها، انطلقت من الكويت لتعبر بفنها إلى العالم، وتجعل من الفن رسول سلام بين الشعوب، أمنياتها لا تقف عند حدود معينة، وطموحاتها ليس لها سقف،

عبرت عن أزمة المهجرين السوريين في لوحة رائعة بعنوان الياسمينة المفقودة وكرمتها الدولة بمنحها الجائزة التشجيعية.

إنها الفنانة التشكيلية سمر البدر، حيث كان معها هذا الحوار.. وإليكم التفاصيل:

بداية.. حدثينا عن أولى خطواتك على طريق الفن التشكيلي.. وكيف كان دخولك لبوابة هذا الفن؟

– في الحقيقة لا أعرف بوابة واحدة دخلت منها لعالم الفن ولكن أعلم مدى عشقي للفن والرسم منذ الصغر.

تعلمت على أيدي فنانات وفنانين من الكويت والعالم العربي في بداياتي ثم زاد شغفي لتعلم المزيد فكنت قدر استطاعتي آخذ دورات وورشا فنية على أيدي فنانين عالميين في أميركا – إنجلترا – إيطاليا – ألمانيا وغيرها.

في عام 1992 أقيم معرض للمواهب الفنية في نهاية موسم من الدورات الفنية في مركز الحرفيين الكويتيين وكنت من ضمن المشاركات،  وقد زار وفد من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب واختار خمس مشاركات واجتمعوا بنا لإقامة معرض خاص للفنانات التشكيليات الكويتيات بعد عام من هذا المعرض.

ورأى هذا المعرض النور عام 1993 في قاعة الفنون الرئيسية بضاحية عبدالله السالم – الكويت وكانت نقطة بداية مشواري الفني.

كلمة الشرق مصدر إلهامي في أغلب أعمالي الفنية المتميزة

كيف تتهيأ الفنانة سمر البدر للحظة الإبداع عندما تبدأ في رسم لوحة ما؟

– الشرق.. كلمة تعني الكثير.. ولطالما كانت هي أكبر مصدر الهام لي في أغلب أعمالي الفنية، الشرق بما تحمله معاني هذه الكلمة من عراقة وأصالة وجمال، كما تعني الغموض والسحر والإبداع.

الشرق بمعناه الكبير ورموزه وعناصره الغنية غير المحدودة مثل الخط العربي، الأواني القديمة، السجاد، الملابس، الزخارف، الأثاث المنزلي، البيوت العريقة، كل ذلك وأكثر بتفاصيله الجميلة كانت لي معها وقفات وتأملات في أعمالي التشكيلية منذ بداية مشواري الفني.

حاليا وبعد هذه المسيرة والمشوار الفني الطويل أعمالي لا تكون عملا واحدا ولكن مجموعة من الأعمال تكون في مجملها فكرة واحدة.

لذلك أنا اعتبره مشروعا لمرحلة أنا أمر بها.. المشروع يبدأ بفكرة وأقوم بدارستها وتجميع بعض البيانات والبحوث والقراءات عنها حتى تتبلور الفكرة في ذهني ثم أبدأ بعمل استكشات وتجارب بسيطة ثم ابدأ بالتنفيذ لذلك عند التنفيذ احتاج لأن اكون متفرغة تماما للعمل.

ما المدرسة التي تنتمين إليها؟ وما خصائص هذه المدرسة؟

– في وقتنا المعاصر انتهى عصر المدارس الفنية ونحن حاليا نعيش عصر الفكرة التي تقبل أي وسيلة لتنفيذها. عصر المدارس الفنية استفدنا منه كثيرا اثناء الدراسة والتعلم في البدايات وأثناء الدراسة.. ولولا هذه المدارس لما كنا وصلنا الى المرحلة الحالية من الفن المعاصر.

فأنا حاليا أقدم أفكاري الفنية بأسلوب معاصر من الميكسدميديا.

حدثينا عن علاقة الفن التشكيلي بالمجتمع بصفة عامة وبالمرأة الكويتية بصفة خاصة.

– الفنان التشكيلي عموما جزء لا يتجزأ من المجتمع، لذلك لابد أن يتأثر بما يدور حوله من أحداث وتنعكس في أعماله الفنية.. فهي الوسيلة التي يتحدث بها ويتمنى أن يتواصل مع المجتمع عبر هذه الوسيلة.

أما المرأة الكويتية فإحساسها بالفن والجمال شيء ملموس ومعروف للجميع ويشهد لها القريب والبعيد.. وتراه وتلمسه في أناقتها ومنزلها وحياتها عموما.. فإذا توافق هذا الجمال مع جمالها الروحي الداخلي فإنها تنشر محبة وجمالا وسلاما ينير ما حولها ليعبر ويعم المساحات القريبة والبعيدة.

هل هناك تشكيل يخص المرأة وتشكيل يخص الرجل في مجال الفن التشكيلي؟

– أنا لا أرى فرقا بين التشكيل الذكوري أو الأنثوي. الفن رسالة قد يحملها رجل أو امرأة فلا فرق.

ما أهم مقتنياتك من الفن التشكيلي؟ وما أهم إسهاماتك؟

– شاركت في العديد من المهرجانات وكان لي شرف تمثيل دولتي الكويت في العديد من المحافل المحلية والدولية وأيضا بسفارات الكويت بالخارج أحيانا.

أنا في خدمة تراب وطني متى ما استطعت ذلك ومازلت أتمنى أن أقدم وأخدم هذا الوطن العزيز الغالي على قلوبنا وأسأل الله أن يعينني على ذلك.

معرض جاليري بوشهري مهَّد لي طريق الانطلاق خليجيًّا وعربيًّا

 

ما المعارض التي شاركت فيها وحققت فيها تميزا؟

– أعتز وافتخر بآخر معرض قدمته اسمه: مدن عريقة في زمن التغيير، وقد استغرقت سنتين لتجهيزه.

أقيم المعرض في جاليري بوشهري وحقق نجاحا مميزا على المستوى المحلي والخليجي والعربي ولله الحمد والمنة.

وهذه نبذه عن فكرة المعرض

« مُدنٌ عَريقةٌ»

الشرق… كلمة تعني الكثير قد جعلت من لوحتي مساحة وكأنها مدينة صغيرة، أو قرية أو حارة أو حتي بيت صغير.. بما تحويه هذه المساحات من اختلافات في الآراء والطموحات والأحلام وتنوع التكتلات والعلاقات الا أنه في نهاية الأمر نحن مجتمع واحد ونعيش في هذه البقعة من الأرض

لذلك كان لزاما ان نجد مساحة نتعايش فيها بسلام مع الآخر نستمع له نتفاهم معه ونتقبله كما هو، ويُكمل أحدنا نقص الآخر ليعم الأمن والأمان ونستطيع نشر المحبة والسلام، ولنكون كما أرادنا الله سبحانه وتعالى نفيد أهالينا ومجتمعاتنا وأوطاننا.

لذلك جاءت أعمالي الأخيرة بهذا الزخم من الألوان والخطوط والرموز والعناصر التي تحمل روحا شرقية في طياتها في محاولة مني أن أجد علاقات تربطها لتكون سلسلة من أعمال فنية آمل ان تروها جميلة بما تحمله من معان جاءت لتقول للعالم: «نَحْنُ مُدُنٌ عَرِيقَةٌ رُغْمَ التَغْيِير».

ماذا يعني التميز بالنسبة للفنان التشكيلي؟ وكيف يحققه؟

– كلما كان الفنان صادقا بالتعبير عما يجول بداخله، كان عمله متميزا.. فإن الله قد خلقنا مختلفين كما بصمة الإصبع لكل إنسان له بصمته الخاصة وكذلك الفنان التشكيلي كن صادقا متصالحا مع نفسك سيكون فنك مميزا.

وبنفس الوقت لابد للفنان أن يطلع على ما وصل إليه الفن التشكيلي المعاصر وخصوصا أن المعارض العالمية اقتربت لتكون قريبة من بلادنا مع النهضة الخليجية والاهتمام بالفنون التشكيلية في الإمارات وقطر والسعودية والبحرين وعمان مثل معرض آرت دبي وأبوظبي وبحرين آرت وغيرها..

فلابد أن يحرص الفنان على حضور هذه المعارض.. لأن الصور مهما كانت احترافية لا تغني عن مشاهدة الأعمال الفنية مباشرة.

لذلك الثقافة الفنية مهمة جدا للفنان التشكيلي، واستمرارية البحث عن الجديد دائما.

اللوحة.. الألوان.. الخامات.. ماذا تمثل لك هذه الأشياء؟ وما أفضل الخامات التي تستخدميها؟

– في مرحلتي الحالية أستخدم تقنية المواد المختلطة لذلك لا يوجد خامات خاصة استخدمها أو لا أستخدمها..فأي مادة تخدمني وتساعدني بالتعبير عن فكرتي أستخدمها.. كما أني أحيانا أستخدم مواد من الطبيعة كالتراب والفحم والرماد…ورق وأغصان الشجر الورق والقماش وغيرها الكثير.

لا أعتقد أن هناك تقصيراً في الإعلام.. إنما الخلل في الثقافة المجتمعية

صناعة الفنان لأي دولة ثروة قومية لابد من الاهتمام بها

كيف تثمن الفنانة سمر البدر دور الإعلام في إبراز أعمال التشكيليين الكويتيين؟ وهل ترين تقصيرا يذكر؟

– لا أعتقد أن هناك تقصيرا من الإعلام في تسليط الضوء على الفنانين التشكيليين.. ولكن من وجهة نظري أن الخلل يقع في الثقافة المجتمعية في تبيان واقتناع المجتمع بأهمية الفن التشكيلي كواجهة حضارية للبلاد.. وألا يحصر الفن التشكيلي في لوحة جميلة تعلق على الجدار..

لذلك أرى أن يتم الاهتمام بالفن التشكيلي وبالإنسان الكويتي منذ الصغر وبالمدارس والتعليم كأي مادة أخرى مهمة.. فالفن له أثر باق خالد وان رحل صاحبه… كما ترى بالحضارات الأخرى..

لولا الفنون لما عرفنا مستوى الحضارة التي وصلوا لها؛ لذلك صناعة الفنان لأي دولة هو ثروة قومية لابد من الاهتمام بها.. وأن تصنع فنانا كل عشر سنوات يقدم أعمالا لها قيمة ومؤثرة أفضل من أن تقدم 1000 عمل فني بسنة واحدة لا معنى لها وبها من التفاهة والتقليد ما يجرنا إلى الوراء عشرات الأعوام.

سعدت بحصولي على التشجيعية عن عملي الفني الياسمينة المفقودة 2016

ما اللوحة التي تتمنين رسمها؟ وما الفكرة التي تودين تحقيقها؟

– تمنيت أن أرسم معاناة الهجرة والشتات التي تعاني منها بعض الشعوب، وقد عبرت عنها بلوحة الياسمينة المفقودة – عن سوريا.. وقد حازت جائزة الدولة التشجيعية بمجال الفن التشكيلي لعام 2016.

أتمنى أن تعبر لوحاتي عن معنى السعادة بالرضا والقناعة، أتمنى أن تعبر لوحاتي عن رسالة المحبة والسلام إلى الكون ، أتمنى أن تعبر لوحاتي عن الجمال بالبساطة وليس التكلف، أتمنى أن تعبر لوحاتي عن جمال التعايش مع الآخر بالرغم من الاختلاف.

أمنياتي كثيرة وينتهي العمر ولا تنتهي… فهذا هو سر الفن.. كل يوم يتجدد ويبقى شاباً فتياً مهما كبر صاحبه وهرم.

ما دور المؤسسات الثقافية والمختصة في دعمكم فنيا ودعم مسيرة الفن التشكيلي في الكويت (المجلس الوطني – جمعية الفنون – المرسم الحر)؟

– اذا ابتعدنا عن المصالح الشخصية.. فإن هذه الجهات كفيلة بالنهضة بالفن التشكيلي.. فهي تحظى بكل تشجيع من الدولة.

علمت مؤخرا أن هناك مركزا كبيرا مهتما ومختصا بالفن التشكيلي وهو مركز عبدالله السالم الثقافي سعيدة جدا بهذا الإنجاز الحضاري، وأتمنى أن أرى ثماره قريبا بما يخدم الفن والفنانين وما ينفع الناس والبلاد.

أكاديمية إس بي للفنون خطوة رائدة تفتح آفاقًا أمام الأجيال المقبلة

ما طموحاتك أو مشروعاتك المستقبلية؟

– أنا حاليا أعمل على تطوير وإدارة «أكاديمية إس بي للفنون» والتي بدأت نشاطها في عام 2014 وبها نقدم ورش عمل فنية ونستضيف فنانين وفنانات تشكيليين مهمين من الخليج والعالم العربي والغربي مثل الفنان د.راشد دياب والفنان زمان جاسم والفنان عمر الراشد والفنانة موزة الكواري وعبدالرحمن المضاحكة وحسن الساري وغيرهم الكثير، وأيضا نقوم بعمل رحلات ورش عمل خارج الكويت بالخليج وقريبا بإيطاليا والمغرب إن شاء الله.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق