جمعت العملات والتحف منذ أكثر من 35 عامًا الأنور المطرفي تؤصّل جذور الماضي في متحفها
بين جبال وروابي مكة، تبدأ حكاية هاوية التراث والموروث السعودي، والحجازي على وجه الخصوص الأنور حامد المطرفي الهُذلي، مؤسسة «متحف دار الأولين». تربوية تدرجت بسلك التعليم وبدأت رحلتها معلمة ووكيلة ثم مديرة مدرسة سابقة، ولديها نشاطات اجتماعية وأسرية وقائدة فريق أنوار مكة السياحي، ورئيسة منتدى ثقافي اجتماعي تراثي يهتم بالأزياء الشعبية الحجازية. كان لـ«أسرتي» هذا اللقاء معها للتعرف معها على أسرار متحفها:
حدثينا عن طفولتك، وهل كان لها دور في تأسيس متحف دار الأولين؟
- عشت طفولة بسيطة وهادئة، وحظيت ولله الحمد بأسرة بسيطة محبة لأبنائها وبناتها وكان اهتمامها منصباً على تعليمهم وتوفير الرعاية الكريمة وعند معرفتهم بميولي ومواهبي قدموا الكثير لمساعدتي، وخاصة اننى قارئة نهمة لكثير من المجلات والصحف بفترة طفولتي ومراهقتي منها مجلة العربي الكويتية والفيصل ومجلة المجلة السعوديتان والدوحة القطرية وهذه جميعا تصدر شهرياً اما الصحف اليومية فكانت عكاظ والجزيرة والندوة والبلاد.
وأضافت:
عندما بلغت الـ 11 عاما من عمري كانت تلك هي المرحلة التي شكلت تغييرا كبيرا في حياتي، وبدأت حينها بالاحتفاظ بالعملات المعدنية القديمة، ومن ثم العملات الورقية، ثم تنامت الموهبة وصولا إلى الانتيكات بجميع أشكالها، ولكني أفضل ما يتعلق بالعلم والتعليم.
كيف جاءت فكرة تأسيس متحف دار الأولين؟
مع مرور الوقت واكمال تعليمي وانخراطي بالسلك التعليمي سنحت لي فرصة السفر لكثير من الدول، وبدأت باقتناء عملات وانتيكات، ومن ثم الاطلاع على بعض المواقع من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها ايضاً، استطعت التواصل معهم وشراء ما يهمني ويرضي طموحي ويروي عطشي الثقافي.
وكنت دائما أحاول شراء التحف أو مقايضتها، وعلى مدار 35 عاما، تمكنت من جمع تحف وقطع ثمينة، وكنت أضعها في صناديق كبيرة، ومع كثرة الانتكات بدأت أوزعها بين غرف مسكني أو بين مساكني بأكثر من حي وهنا زادت صعوبة حفظها او التمتع بها مع الأحبة والمهتمين، حتى قررت أن أخلي احدى شقق بيتي وأجهزها بما يليق بهؤلاء العظماء عبر التاريخ، وفكرت كيف سيكون المتحف؟، ثم بدأت بالبحث عن اسم مناسب مع أفراد أسرتي حتى استقر الاسم على متحف ادار الاولينب.
أردت أن يكون متحف دار الاولين بهذا النمط لإعطاء راحة للزائر انه داخل مسكن أحد والديه
لماذا آثرت أن تصممي المتحف بشكل المنزل القديم؟
صممت المنزل مع أحد المهندسين وغيرت كثيرا بشكل الشقة وحولتها لحقبة أواخر الستينيات وبداية السبعينيات الميلادية، من أثاث وتقسيم غرف وأزياء رجال ونساء وأدوات مطبخ أو مواد دراسية وغيرها، أردت أن يكون متحف دار الاولين بهذا النمط لإعطاء راحة للزائر انه داخل بيته أو مسكن أحد والديه.
وكل ما يريده الزائر الذي عاش بتلك الحقبة موجود بهذا المتحف، أو لمن لم يعرف هذه الأمور القديمة لا بد أن يجد ضالته.
ما الذي دفعك إلى تأسيس المتحف؟
-التراث هوية الشعوب، وتكمن الغاية من انشاء متحف دار الاولين اولاً حفظ مقتنياتي وعملاتي وابرازها بشكل يليق بها، ثانياً لتحقيق سعادتي كلما أردت الاختلاء بنفسي دخلت المتحف وقضاء يوم كامل معها واسترجاع ذكريات ذهبت مع من ذهبوا من الأهل والأحبة، ثالثاً اطلاع الاجيال الحالية والقادمة للتعرف على حياة آبائهم واجدادهم ومعرفة الكثير عنها.
ماذا عن العملات التي تحتفظين بها؟
- أول عملة ملكتها كانت عملة نقدية معدنية االبارة العثمانيةب بجميع فئاتها وبعدها العشرة البيضاء وكانت من ضمن العملات السعودية وتعتبر أول اصدار ورقي أطلق عليه سندات الحج.
والعملات القديمة كثيرة، منها عملة عمانية للسلطان فيصل بن تركي وعملة أموية وعباسية وعملة دولة الاشراف، وأول عملة تم تداولها بالعهد السعودي للدولة الأولى ومن ثم الثانية، وأول اصدار معدني بعد دخول الملك عبدالعزيز رحمه الله للحجاز وضمها للبلاد وكانت تسمى قرشاً، وغيرها الكثير مما يزخر به المتحف.
اذكري لنا ما العشرة البيضاء؟
- كانت لدي عملة نادرة تسمى العشرة البيضاء، ولكني للأسف بعتها وندمت على ذلك، وأذكر أنه من شدة تعلقي بها، أصبت بالمرض لفترة وصلت إلى ستة أشهر، لدرجة كنت أرى أنني يتيمة العشرة البيضاء.
ما الأمور التراثية التي اختلف مسماها عن الماضي؟
-هناك تغيرات حدثت بحكم تغير الزمن والطفرة المعيشية بسبب ظهور النفط والنقلة الحضارية التي حدثت، وجدنا مثلا تحولاً في أدوات الشرب من (قربة الماء) المصنوعة من الجلد إلى (زير الماء المصنوع من الفخار) إلى الأحدث وهى زجاجات الماء الموضوعة في الثلاجة التي تعمل بالكهرباء، كذلك أماكن الجلوس من مساند وطراحات إلى كنب وصوفة وكراسي، والعديد من أمور الحياة التي غيرت بمسميات الحياة السابقة، وهذا ليس بعيب، ولكن بسبب التطور والاختراعات وسهولة الاستخدام استغنى الجيل عن الأدوات التي كانت بطيئة من وجهة نظره ولا تواكب حياة السرعة التي يعيش بها الجيل الحالي.
ما المثل الذي ترين أنه درس في الحياة؟
كلمات قالها آباؤنا وأجدادنا وهي تعرف كمثل عندنا بالحجاز، االلي ما له أول ما له تاليب، وهذا يعني أنه من يريد حاضره لا بد أن يعرف جيدا ماضيه، وهذا الماضي نجده داخل المتاحف الخاصة او العامة الحكومية.