تحقيقات
أخر الأخبار

حتى تكون هناك مساحة للتفاهم الحوار بين الزوجين.. ليس معركة ينتصر فيها طرف على الآخر

يعد الحوار أساسًا للحياة الزوجية الناجحة، فلا يمكن تخيل زواج يعيش فيه الفردان معًا في بيت واحد لكن كلا منهما في عالمٍ منفصل كونهما لا يجريان حوارًا باستمرار.. وإذا عقل الزوجان أن “الهدف من الحوار مع الآخر ليس تحقيق النصر ولكن الدفع إلى التقدم” كما يقول أحد الكتاب، فيمكنهما عندها إجراء حوار يسهم في استقرار حياتهما الزوجية والأسرية.
وفي الموضوع التالي نتعرف على كيفية إقامة حوار فاعل بين الزوجين وخطورة غياب الحوار على الحياة بين الأزواج.

مريم العثمان:
الحوار الفاعل حجر أساس للحياة الزوجية

في البداية، تقول مريم العثمان، استشارية العلاقات الزوجية والإرشاد الأسري:
إن الحوار الزوجي يجب أن يبدأ من بداية قرار ارتباط الطرفين ببعضهما بعضا من الخطوبة أو التعارف أو الرؤية الشرعية، (منذ أن يبدأ الطرفان في قرار تأسيس حياة مشتركة معا يجب عليهما الحوار بداية من اختيار مستلزمات مسكن الزواج أو الشبكة ولما بعد ذلك من أمور).
وتوضح أن الحوار بين الزوجين يكون في أنشط حالته في أول عامين، (المشكلة التي تنتظر الطرفين فيما بعد غالبًا أن يفتر الحوار بعد هذه المدة خاصة إذا كانت الأم تركز اهتمامها كله مع الأبناء والزوج مع أعماله ومشاغله ويشعرون في دواخلهم أن الحوار ليس له قيمة).
وتصف الحوار الدائم والفاعل والصحيح بحجر التواصل بين الزوجين حيث يجعل الزوجين على تواصل مستمر، (إذا كان هناك تواصل دائم بين الزوجين يمكن تجنب التراكمات لعدة مواقف، ففي كل موقف يتعرض له الزوجان يحدث التحاور ويُحل الأمر. وبالتالي فإن غياب الحوار يخلق التراكمات التي تسبب مشكلات نفسية داخلية بسبب كبت المشاعر).
وتبين أن الحوار الفاعل يقرب وجهات النظر للوصول إلى نتيجة ترضي الطفلين ونقطة اتفاق في أمور مثل مشكلات الأبناء أو نقاط خلافية، (الحوار الفاعل يختلف عن الجدال الذي يحاول فيه كل طرف أن يثبت صحة وجهة نظره، فالحوار جسر أساسي للعلاقة من كل النواحي للتفاهم).
وتشير إلى أن الحوار البناء يمكنه أن يساعد في أمور استقلال المرأة المادي وتفهم الزوج لرؤية زوجته لهذا الأمر، (من الضروري في هذه الحالة أن يكون الحوار بين الزوجين فاعلًا وليس حوارًا انفعاليًا، ولابد أن تناقش الزوجة مع زوجها أمر العمل والاستقلال المادي بعقلانية مع تجنيب العواطف، وإبداء الأسباب بشكل مرتب ودون تدخل الجدال. لذا يتحاور الزوجان ليصلا إلى نقطة اتفاق تسمح للمرأة بالعمل والاستقلال المادي وللزوج أن يكون غير شاعر بتقصيرها في بيتها بأي شكل).

وتؤكد أن أغلب المشاكل الزوجية في الوقت الحالي تعود لتحول الحوار إلى جدل حيث يحاول كل فرد فرض وجهة نظره الخاصة، وهو عكس الحوار الصحي الذي تصفه بـ (ساقيتين تصبان في نهرٍ واحد).
وتنصح بألا يلجأ الزوجان في كل مشكلة للأهل، بل عليهما إجراء الحوار لإيجاد الحل من عند أنفسهما والتدرب على الحوار مرّة تلو الأخرى، (مع التدرب المستمر سيتمكن الزوجان من حل كثير من مشكلاتهما دون تدخلات الأهل، وكذلك اكتساب مهارة الحوار وفنه).
وتذكر أن أهم المشكلات التي تواجهها بشأن غياب الحوار هي جهل كل طرف بما يحتاج اليه الطرف الآخر ومشاعره، وبالتالي تحدث تصرفات فردية خاطئة ويجعل كلا منهما في وادٍ مختلف عن الآخر، وكذلك كبت المشاعر مما يخلق مشاعر نفسية سيئة.. (وأخيرًا تنتشر حالات الصمت والخرس الزوجي حيث يعاني كل زوج من مشكلات كبيرة لكنه لا يتحدث عنها، ويبدأ في البحث عن طرف آخر خارجي ليعبر له عن مشاعره ومن الممكن أن يتسبب في الشك والطلاق العاطفي وبالتالي يفتت العلاقة بين الزوجين ويهدد الحياة الأسرية ككل).

وليد الياسين:
يجب أن يستخدم الزوجان الحوار لنقاش المسؤوليات المشتركة

فيما يؤكد الاستشاري الأسري وليد الياسين أن الدويتو الحواري بين الزوجين هو الحوار بينهما، حيث يغني كل من الزوجين للآخر لحنًا للحياة بانسجام وأناقة وحب صادق يسكن به كل منهما للآخر، ويبدأ الحوار من أول التقاء لروحيهما، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما”، يؤدم أي دوام المودة، وهي أول نظرة حوار بين الرجل والمرأة.
ويرى أن الحوار في الحياة الزوجية لا يُعدم وإنما يمرض ويضعف، ويقول (حلقات الحوار بين الزوجين ثلاث، وهي حوار الزوج مع نفسه، حوار الزوجة مع نفسها، وحوار كل منهما مع الآخر).

ويصف الحوار الصحي بكون البيئة الخصبة للعيش بسلام، وأن بضعفه تخمد جذوة الحب ويزيد الجفاء وتفقد الأرضية المشتركة للفهم، (وهنا تكمن الخطورة إذ يبحث كل طرف عن مصدر آخر للحوار، فالحوار حاجة عند الطرفين، وقد لمست فقد فهم المعنى الحقيقي للحوار عند كثير من الحالات التي شهدتها من رجال أو نساء).
ويوضح عملية تحديد المسؤوليات والقيام بها ومسؤولية كل من الزوجين.. (والحوار هو جزء من مسؤوليات كل من الزوج والزوجة، ويستخدم الزوجان الحوار لنقاش المسؤوليات المشتركة وتقديم الدعم المتبادل لبعضهما بعضا فيما يخص مسؤولياتهما الخاصة والمشتركة).

الحب حاضنة الحوار وقلبه النابض

ويشدد على أن الحوار الفاعل البناء هو الموصل إلى أعلى درجات الانسجام، ويضع له عددا من المعايير قائلًا (يجب أن يقوم على القبول واستخدام كافة الحواس ليزيد أثره، إلى جانب الموضوع وأهميته وتأثيره. فليسأل كل طرف نفسه ما أهميته وأثره على حقيقة داخلية؟ ما أهميته وأثره على الطرف الآخر؟ ما أثره المشترك على الطرفين؟ ما هي أفضل طريقة وأفضل حال لتقديمه؟).
كما يوصي بأن يعرف كلا الزوجين رسالته الخاصة ورسالة شريكه والرسالة المشتركة التي يسعيان لها، مستشعرين في حواراتهما أثر ما يحملان من قيم في تفكير ومعتقدات كل منهما. ويختتم قائلًا (الحب هو حاضنة الحوار وقلبه النابض الذي يملؤه سكينة وطمأنينة وقبولا).
بينما تشير غدير عبد العزيز، مستشار العلاقات الزوجية والأسرية، إلى أن الأساس لكل علاقة إنسانية أن تبدأ بالحوار، (لا شك أن بناء أساس قوي للزواج يكون منذ البداية وخلال فترة الخطبة، فمن المهم إقامة حوار عن كل شخص في البداية وما يرغب به ويهمه في الطرف الآخر وشريك الحياة).
وتؤكد أن مشكلة الصمت الزوجي وقلة الحوار بين الزوجين ليست مقتصرة على الوقت الحالي فقط، قائلة (الصمت الزوجي من المشكلات الموجودة من قبل، ولكن من الممكن أن تكون زادت لطبيعة نمط الحياة السريع الحالي وكثرة التداخلات، والانشغالات).
وتشدد على أن غياب الحوار الزوجي من المشاكل الزوجية التي تقابلها بتكرار في الوقت الحالي، لافتة إلى وجود عدد من الأسباب وراء هذه المشكلة (أولًا قلة الوعي بأهمية الحوار الزوجي عند البعض وأهميته في تعزيز التقارب الزوجي ووضوح العلاقة الزوجية، وثانيًا طبيعة الحوار الذي قد يكون على شكل لوم عتاب ونقد دائم، وتوقيته غير المناسب، مما يؤدي إلى تجاهل بعض الأزواج الحوار والتهرب منه، وأخيرًا بيئة التنشئة وطبيعة الوالدين الصامتين، كذلك تلعب دورا مهما في أن يكون هناك صمت وغياب للحوار الزوجي).

طول فترة الصمت الزوجي يخلق الفجوة بين الزوجين ويترك مساحة لسوء الظن بينهما

وعن المشكلات التي تحدث بسبب استقلال الزوجة المادي مع انتشار عمل المرأة، توضح أن بداية الحوار في هذا الموضوع شيء مهم وأساسي، (الوضوح في التعامل المالي بين الزوجين من الأمور المساعدة على الاستقرار الزوجي، والتفاهم حول هذا الأمر يوفر على الزوجين مشاكل مستقبلية كثيرة).
وتبين أن الحوار بين الزوجين يساهم بزيادة التفاهم حيث يكون حوار الزوجين حول توقع كل منهما تجاه مسؤولياته ومسؤوليات الطرف الثاني، (هذا التصور يجعل الزوجان يعبران عما في نفسيهما من أفكار وتوقعات فيسهل تطبيقها أو حتى مناقشتها للتفاهم وتقريب وجهات النظر).
وتحذر من الصمت الزوجي واستمراره لمدة طويلة، (طول فترة الصمت الزوجي يخلق الفجوة بين الزوجين ويترك مساحة لسوء الظن والأفكار السلبية والجوع العاطفي والترسبات، وبالتالي يكون أولى خطوات الانفصال العاطفي في المستقبل وهو أمر لا يشعران به في البداية ويسري في عروق العلاقة بصورة سامة خفية).
وتنصح غدير في الختام بالحوار المتواصل من وقت لآخر لكونه يعمق الرابط الزوجي ويخفف من الأفكار والظنون والمشاكل الزوجية، وتضيف: (يجب ملاحظة طبيعة الحوار والكلمات ونبرة الصوت لكونها مهمة جدًا في الحوار الناجح، والأزواج الواعين يعرفون التوقيت والمكان المناسبين لفتح الحوار في المواضيع الحساسة والمهمة، كذلك بعض المشاكل الزوجية حلها بسيط ويكون بالحوار والكلمات الإيجابية، والحوار الهدام والسلبي الذي يحتوي على النقد واللوم والمحاسبة الدائمة هو أهم أسباب هروب الزوجين من الحوار).

أسرتي في كل مكان
مصر – داليا شافعي

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق