حتى لا تسقط في بركان الغضب
اكتمه أحيانًا.. وعبِّر عنه أحيانًا أخرى حتى لا تسقط في بركان الغضب
مع بدايات الحياة الجديدة بين الزوجين عليهما أن يتعلما كيف يتعاملان مع الغضب الذي قد يتكون شيئا فشيئا داخل الصدور مع حياتهما اليومية العادية فيما بعد حتى لا يتحول هذا الغضب الى بركان قابل للصحوة والانفجار في أي وقت.
والغضب يمكن تعريفه بأنه سلوك انفعالي عنيف يأتي ردّ فعل لحدث
أو قول أو حتى مجموعة أفكار سلبية تدور في رأس الإنسان، وانفجار بركان هذا الغضب يكون نتيجة لضعف المهارات الاجتماعية أو نقص القدرة على حل المشاكل، بالإضافة إلى عوامل أخرى بيولوجية.
مسببات الغضب
قد تتعدد مسببات الغضب، لكن يبقى السبب الرئيسي له تقييمنا الخطأ المندفع لبعض المواقف، دون دراسة الأمر بشكل عقلاني، وذلك عندما نتصور أن حقوقنا قد تم التعدي عليها أو أن أهدافنا يحاول أحدهم عرقلتها.
وهناك بالطبع أسباب أخرى للغضب، منها أن تكون هناك أمور بعينها نرفضها أو تضايقنا ويعرفها الآخرون تماما،
لكنهم يصرون دائما على تكرار تلك الأمور من أقوال أو أفعال، متخيلين أن رد فعلنا تجاهها قد يختلف من مرة إلى أخرى..
فهم دائما ينتظرون النتيجة التي ترضيهم، لكن رد فعلنا الذي لا يتغير يصدمهم، ويثير غضبهم.
ولا يمكن كذلك التقليل من شأن الآلام الجسدية والشعور بعدم الراحة في تفجير الغضب عند حدوث أقل إثارة للأعصاب،
لأن المرء في هذه الحالة يعبر عن ألمه ضمنيا من خلال الغضب والثورة،
كما أنه يكون أقل قدرة على التسامح مع الآخرين أو التحكم في غضبه بسبب آلامه،
وخاصة في حالة آلام الظهر الشديدة أو الصداع.
ولذلك فإن الأطباء والممرضين الذين يعملون على علاج مرضى يعانون من ألم شديد، يكونون على وعي كامل بتعرض هؤلاء المرضى لنوبات غضب شديدة متكررة، ويتفهمون ذلك كلما ازدادت خبرتهم العملية.
وبنفس الطريقة، فإن سائقي السيارات الذين يقضون أوقاتا طويلة على الطرق المزدحمة يوميا يكونون أكثر عرضة للغضب بسهولة مقارنة بغيرهم.
وقد وجد كذلك أن الأشخاص المعرضين أكثر من غيرهم للتلوث الضوضائي، كالأصوات العالية ومكبرات الصوت وغيرها، يكونون في الغالب سريعي الغضب.
الأعراض الجسدية المصاحبة للغضب
عندما نغضب، تتغير معدلاتنا الحيوية بشكل واضح، فتزداد سرعة ضربات القلب، ويصبح تنفسنا أسرع، ونشعر بحرارة كبيرة في أجسامنا من الداخل، ويكون الوجه أحمر،
كما نشعر بتجمع الدماء في رؤوسنا، وقد تتشوش الرؤية أيضا بالنسبة لنا عند الغضب.
كما يحدث أحيانا أن يصاب الشخص الغاضب باضطراب معوي، أو آلام في الرقبة،
كما يشعر في الغالب بوجود طاقة كبيرة محتجزة بداخله، ويبدو للآخرين كما لو كان قد اكتسب قوة إضافية في لحظة.
التحكم في الغضب
من الأمور الواجب علينا أن نعرفها ونعيها جيدا: ماذا يدفعنا في الغالب للغضب؟ ما المواقف التي تغضبك في المعتاد؟
إذا تعرفت على هذه الأمور، فسيمكنك أن تسعى لتجنبها، أو لحلها بشكل يجعلها لا تحدث مرة أخرى..
وقد تنجح في ذلك أو لا تنجح، لكن المحاولة مهمة جدا.
علينا أن نحاول السيطرة على مشاعرنا، خاصة في المواقف التي تتكرر أو في الأماكن التي لا يصح أن ننفعل فيها،
كالاحتفالات أو المناسبات الرسمية، واجتماعات العمل مع الرؤساء، أو في المواقف التي تجمع الأبناء بوالديهم أو بالكبار كالمدرسين مثلا.
في مثل هذه المواقف لا يصح أن نترك العنان لبركان الغضب حتى لا نخسر الكثير والكثير، ونفقد احترام أشخاص يهم أن تبقى علاقتنا بهم قوية.
التعبير عن الغضب وإخراج طاقة المشاعر السلبية من وقت لآخر من الأمور الصحية المطلوبة.. ولكن بعد التأكد من عدم الأذى!
يجب أن نتعلم كيف نكظم غيظنا، ونكتمه بداخلنا إذا كان التعبير عنه سيضرنا أو يضر الآخرين ويجرح مشاعرهم.. لكن يجب الانتباه في الوقت نفسه إلى أن كتم مشاعر الغضب بداخلنا طوال الوقت قد يؤدي على المدى الطويل إلى أعراض جسدية مؤلمة، نظرا لأن طاقة الغضب المدمرة تظل محتجزة في الداخل، ولا يتم التنفيس عنها أبدا.
لذا.. فالتعبير عن الغضب، وإخراج طاقة المشاعر السلبية من وقت لآخر من الأمور الصحية المطلوبة، لكن يجب أن نتأكد أولا أن الآخرين سيكونون بمأمن من الأذى، وأننا لن نخسر الكثير عند التعبير عن مشاعرنا بحرية.
بمعنى آخر، يفضل أن ينسحب الإنسان من الجمع الموجود فيه، ليعبِّر عن غضبه بعيدا عن الآخرين، ويفضل أن يكون في مكان مغلق يوجد فيه بمفرده، أو مع أشخاص يمكنه البوح أمامهم بحقيقة مشاعره مهما كانت سلبية وهو واثق بأنهم سيتحملونه ويراعون حالته النفسية.
والأفضل من كل ذلك، هو أن نتعلم التسامح ونغفر للآخرين أخطاءهم أو تعنتهم معنا في بعض الأحيان، وهنا سيكون من السهل التخلص من مشاعر الغضب ومن آثارها المدمرة على صحتنا.