وُصفت بأنها «الأنف الحقيقي والوحيد في كل أميركا» «ندى الشباب».. يحوّل ESTÉE LAUDER من شركة ناشئة إلى إمبراطورية بلا حدود!

أول من اخترع فكرة «الهدية مع الشراء» أثناء عملية البيع بالتجزئة
إيستي لودر سيدة أعمال أميركية طالما عرفت طوال حياتها بأناقتها الاستثنائية ومكياجها البسيط الراقي الذي يحمل توقيعها ومجوهراتها الثمينة المثيرة للإعجاب، ولم لا وهي الرائدة في مجال العناية بالبشرة، ليس فقط في أميركا، بل العالم أجمع، وتعد من أذكى خبراء التسويق كونها أول من اخترع فكرة «الهدية مع الشراء» أثناء عملية البيع بالتجزئة.
كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بابتكار العطور الفريدة وتعميمها على كل سيدات العالم
كانت مسيرتها دائماً مدفوعة بحبها العميق للعطور، رغم براعتها في تصنيع مستحضرات العناية بالبشرة، حيث وُصفت ذات مرة بأنها “الأنف الحقيقي والوحيد في كل أميركا” فطوال حياتها المهنية كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بابتكار العطور الفريدة وتعميمها على كل سيدات العالم بعد أن كانت مرتبطة بطبقة اجتماعية محددة تستطيع اقتناءها.
ولنبدأ قصة كفاح هذه السيدة التي تدعى “جوزفين استر مننزر” من أولها،تحيث ولدت في عام 1908 في حي كوينز بمدينة نيويورك الأميركية، فهي تنحدر من أسرة متوسطة الحال ذات أصول أوربية هاجرت من المجر وتشيكوسلوفاكيا إلى أميركا، وفي عام 1930.
منذ صغرها مع عمها الكيميائي تعلمت منه تركيب مستحضرات التجميل من مستخلصات طبيعية وتركيب العطور
لم تكمل الفتاة تعليمها الجامعي، حيث اكتفت بالعمل منذ صغرها مع عمها الكيميائي الذي تعلمت على يديه فنون تركيب مستحضرات التجميل من مستخلصات طبيعية وكذلك تركيب العطور وتصنيعها، وهو ما عملت به لاحقاً تحت إشرافه حتى تمكنت من الصنعة وأتقنتها؛ ومن ثم بيع منتجاتها الخاصة التي أطلقت عليها اسم “زجاجات الأمل” لصالونات التجميل المحلية.
تزوجت الفتاة اليافعة في سن صغيرة من بائع النسيج الناجح نسبياً جوزيف لودر، وانتقلت معه إلى مانهاتن، حيث أنجبت منه طفليها ليونارد في عام 1933 ورونالد في عام 1944، ولكن حياتها العائلية لم تقعسها عن الاستمرار في عملها الذي أحبته، حيث استطاعت أن توفق بينهما بمساعدة زوجها، حيث استمرت في تطوير منتجاتها وبيعها، حتى أسست علامتها التجارية عام 1946، وأطلقت عليها اسم (Estée Lauder).
وكانت باكورة إنجازاتها هي تسويق أول طلبية لها لمتجر “فيفث افنيو” الراقي، حيث حصلت على مبلغ 800 دولار أميركي مقابل المنتجات التي بيعت في غضون يومين فقط، حيث كانت لودر هي أول من ابتدع فكرة تسويق المنتجات عبر تقديم هدايا وعينات مجانية عند شرائها.
أول منتجاتها من
العطور الزيتية حملت اسم «ندى الشباب»
اشتهرت منتجات علامة “ايستي لودر” التجارية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، حيث تصدرت منتجاتها أشهر المتاجر المرموقة بكل أنحاء نيويورك والمدن الأميركية الأخرى، إلا أنها لم تستطع منافسة الشركات العملاقة المماثلة، وهو ما دفعها إلى التفكير خارج الصندوق لتعزيزها من خلال أفكار مبتكرة تهدف إلى توسيع أعمالها.
وكانت فكرة إدخال خط العطور على منتجاتها هي أول ما بدر إلى ذهن لودر بسبب ظروف إنتاجه وتسويقه الصعبة آنذاك، وهو ما حقق بالفعل قفزة نوعية لم تكن متوقعة للشركة، وذلك عندما قدمت أول منتجاتها من العطور الزيتية التي حملت اسم “ندى الشباب”.
كانت تؤمن بحق كل سيدة في أن تتعطر كلما أرادت وأن تشتري ما تشتهي من العطور كلما شعرت بالحاجة إلى ذلك
«ندى الشباب» يحوّل الشركة إلى إمبراطورية
ولم يكن الدخول في عالم العطور بالأمر السهل على لودر أو غيرها، رغم عشقها له وولعها به، فحتى بداية الخمسينيات من القرن الماضي كانت السيدات الأوروبيات والغربيات لا يشترين العطور الثمينة ذات الروائح المميزة، بل كن ينتظرن المناسبات الخاصة جدا كأعياد الميلاد أو الزواج كي يتلقينها كهدايا لتظل مخبأة في الأدراج كي تستخدم في المناسبات، ليس فقط بسبب ندرتها، بل أيضا لارتفاع أسعارها، فالأمر آنذاك لم يكن كما هو عليه الآن، حيث كان يتطلب تصنيع تلك العطور لمزارع من الزهور الحقيقية التي يتم استخلاص زيوتها العطرية من خلال عمليات معقدة جدا تستغرق شهورا قبل تحويلها إلى عطور ذات روائح نفاذة.
قررت تصميم عطر زيتي كي تمكّن أكبر شريحة من السيدات من استخدام هذا العطر الذي طرحته في عام 1953 بسعر معقول
هذا الأمر كان بداية الخيط الذي تمسكت به لودر، وبدأت من خلاله بلورة فكرتها لتطوير شركتها، خصوصا أنها كانت تؤمن دائما بحق كل سيدة في أن تتعطر كلما أرادت، وأن تشتري ما تشتهي من العطور التي تفضلها كلما شعرت بالحاجة إلى ذلك، حيث قررت تصميم عطر زيتي تحدثت عنه مع صديقتها Jo Fairley.
وكانت من أعضاء جمعية العطور الأميركية، وذلك أثناء تناولهما الشاي بفندق بلازا بمدينة نيويورك، وقالت لودر إنها ستمكن أكبر شريحة من السيدات من استخدام هذا العطر الذي طرحته في عام 1953 بسعر معقول، ورفضت أن تسميه (perfume) واكتفت بإعطائه اسم (Youth DEW) أو “ندى الشباب” وهو الاسم نفسه الذي أطلقته في وقت سابق على واحد من أنجح مستحضرات العناية بالبشرة والجسم الخاصة بها وبشركتها، الذي كان قد استحوذ على إعجاب السيدات في تلك المرحلة من الزمان.
وقد لاقى عطر (يوث ديو) المستخلص من مستحضر زيتي ممزوج بالعطر نجاحا غير مسبوق؛ بسبب الإقبال غير العادي عليه، حيث ارتفعت نسبة مبيعاته بشكل خرافي غير من شكل الشركة وحجمها بالكامل.
وفي منتصف الخمسينيات تحقق حلم لودر صاحبة الأفكار النيرة، حيث شكلت مبيعات هذا العطر نحو 80% من إجمالي مبيعات الشركة وحولتها من شركة ناشئة متوسطة الحال إلى عمل تجاري يدر الملايين من الدولارات التي أهلتها لاحقا لاستكمال مسيرتها حتى الآن وفتح العشرات من خطوط الإنتاج الموازية وزيادة أعداد العطور المطروحة في السوق.
لغة العيون تكفي لطرح المنتج في الأسواق
واستمرت لودر في تصميم العطور وتطوير خطوط إنتاجها بالتوازي مع خطوط إنتاج مستحضرات العناية بالبشرة، حيث كانت تصمم عطورها، وقبل أن تعرضها للبيع كانت تجربها على صديقاتها المقربات، ولكنها دائما ما كانت تتشكك في آرائهن خشية المجاملة، لذا كانت تعتمد على لغة العيون، حيث قالت ذات مرة إنها تعودت على أن تنظر إلى عيونهن أولا، فإن بدت سعيدة مبتسمة، فهذا يعني أنهن أعجبن بالمنتج فعليا، ومن ثم تبدأ لاحقا في تصنيعه وعرضه في الأسواق.
وفي عام 1964 أطلقت لودر عطر (أراميس) ومن ثم جاء عطرها الثالث (بريستيج) بالإضافة إلى إطلاقها لمجموعة لمنتجات العناية للرجال.
أما عطر Privat collection فقد شكل نقلة كبيرة في عالم العطور، حيث كانت تحتفظ به لودر لنفسها، وتستخدمه حصرياً قبل أن تطرحه للعلن ليلاقي إقبالا غير مسبوق! رغم كونه مجرد عطر من بين العديد من العطور التي أطلقتها لاحقا، وعلى التوالي ومنهات “Beautiful “،”Pleasures “، “lliage”، “White Linen.
ورغم وفاة لودر قبل ما يقارب العشرين عاما، إلا أن الشركة استطاعت أن تستكمل المسيرة بمنتهى النجاح، حيث أصدرت على مدار العقود الماضية ما يقارب 100 عطر، كما وقعت على عدة اتفاقيات مع أكثر من 25 شركة متخصصة في مجالي صناعة العطور ومستحضرات العناية بالبشرة والتجميل منها “كلينيك” و”اورجينز” و”توم فورد” و”ماك” و”جو مالون”.
عبقرية تلك السيدة تركت أرشيفاً غيّر من شكل السيدة الأميركية بالكامل
جدير بالذكر أن لودر كانت قد تقاعدت عن العمل قبل وفاتها بعدة أعوام تاركة إدارة تلك الإمبراطورية التي تقدر قيمتها بنحو 5 مليارات دولار لأبنائها وأحفادها ممن لا يزالون يستلهمون منتجاتهم من عبقرية تلك السيدة التي تركت أرشيفاً غيّر من شكل السيدة الأميركية بالكامل.
وتعتبر علامة ايستي لودر ثالث أكبر شركة مستحضرات تجميل في أميركا، وضمت أكثر 10,000 موظف، وحققت مبيعات تتجاوز ملياري دولار.. وفي عام 1999، شكلت منتجات ايستي لودر ما يقارب 50% من مستحضرات التجميل التي تباع بالتجزئة في الولايات المتحدة.