عزيزتي غنيمةمقالات

الطريق السليم معروف

اطلب منها أن تنتظر ولكن بضمانات عادلة.. الطريق السليم معروف، ولكننا أحياناً نُصَاب بضعف النظر  والذاكرة..

 

عزيزتي غنيمة..

أرسل لك الرسالة الأولى متمنياً من الله عز وجل أن يديم عليكم الصحة والعافية وأن يوفقكم في أداء رسالتكم الإنسانية نحو أبناء وطنك واني أكتب لك هذه الرسالة وأرجو كل الرجاء منك أن تنشريها بسرعة وتردي عليّ بحل يريح ما أعانيه من الألم والعذاب، وهذه مشكلتي..

أنا شاب كويتي ككل الشباب طموح، والمستقبل أمامي مفتوح لكي أخدم وطني وأمتي، وأسعد نفسي وأهلي، وطبعاً لكل منا أمنية، ولقد كانت أمنيتي أن أحب فتاة تعرفني وأعرفها وأستطيع أن أتفاهم معها لكي نشق معاً طريقاً نحو مستقبل أفضل، وأنا الآن اجتزت المرحلة الثانوية بنجاح والآن أستعد للالتحاق بإحدى الجامعات في بلد شقيق، وقبل بداية الصيف استطعت أن أتعرف على فتاة كنت أتمنى من الله أن تكون كل الفتيات مثلها من أخلاق حميدة، وطيبة قلب، وعطف وبدأت أشعر بأنها جزء من حياتي، بل أصبحت كل ما في الحياة بالنسبة لي.

أحببتها من كل قلبي وهي كذلك، وبدأت قصة حب طويلة ولم أر منها أي شيء يعكر أو يهين حبنا، فلقد كانت نعمت الفتاة، كانت تشجعني على الدراسة حتى استطعت أن أحصل على الثانوية العامة بنجاح، وأخذت تشجعني للالتحاق بإحدى الجامعات وهي تعلم أني سأفارقها أربع سنوات طوال حتى أرجع، ولقد كانت تقول لي سأكون بانتظارك وكنت سعيداً بها ومرت الأيام ونحن بأكمل سعادة، كنت أتكلم معها طوال هذه المدة في التلفون وكان حبنا أطهر وأنظف من ماء الزلال، وأخذت أستعد للسفر الى الخارج لمتابعة دراستي، وكانت تقف معي كل هذه المدة تشجعني وتشد من أزري وكنت أتألم كلما تذكرت أني سأودع الإنسانة الطيبة ولكن كنت أعلم وأثق فيها تمام الثقة، وأني سأرجع وأجدها في انتظاري وأسعد بها بعد ذلك.

ولقد نويت وأخبرت أهلي أني لن أتزوج إلا هذه الفتاة، وكان الزواج الحلم الذي يربطني بها وعزمت بعد أن أتخرج أن أطلب يدها من أبيها وليست هناك أي عقبة تقف في طريق زواجنا بعد ذلك.

وعشنا في أحلام سعيدة الى أن جاء اليوم الذي كتبه الدهر علينا، فلقد كتبت لي رسالة وفيها صورتها وأرادت أن تبعثها لي فسقطت الرسالة في يد أخيها وبدأت المشكلة، هددها أخوها وأسمعها كلاما قاسيا جارحا عني وعنها، أنا الذي حافظت على سمعتها قبل سمعتي ومن ذلك اليوم وأنا لا أستطيع أن أكلمها ولا أسمع أخبارها فتغير حالي وتبدلت تصرفاتي تجاه أهلي وأصدقائي وأصبحت سجين البيت لا أخرج منه، وكنت أنا الشاب المرح المتفائل، واسودت الدنيا في وجهي وكرهت الناس وأصبحت متشائما وحدث كل ذلك خلال أسبوع واحد فقط من قطع العلاقة بيننا وتغيرت حالتي الصحية والنفسية وأصبحت شريد الأفكار والتخيلات.

لقد كنت أسمع صوتها يومياً وكنت وقتها في أعز سعادة الى أن جاء اليوم الذي حصل أخوها على الرسالة، ولقد حاولت أن أكلمها ولكني لم أستطع. أخوها الآن أخذ يراقبها ويضغط عليها من كل ناحية لا تخرج. لا تتكلم، دائما في الحجرة تشكي آلامها للجدران وأصبحت مثلي في كل ما أصابني.

ولقد فكرت في أن ألغي التحاقي بالجامعة في البلد الشقيق ولكن هذا مستقبلي ولازم أدرس حتى أستطيع بعد رجوعي أن أطلب يدها، ولكن في هذه الأيام مشغول البال عليها وايد، ولا أستطيع أن أسافر ولا أودعها ولو بكلمة واحدة، مشكلتي هي ماذا أفعل الآن هل ألغي الدراسة خارج الكويت حتى أكون بقربها هنا أم أستحمل وأصبر وأدرس وأرجع لها بالشهادة؟ ارشديني بحل يريح أعصابي مع العلم أني لا ألوم أخاها بما فعل بها وما سمعها من كلام جارح، بل هذا من حقه، بس كل ما أرجو أن يكون رحيماً بها، عطوفاً عليها لأنها لم تجنِ ولم تفعل مكروها، لا سمح الله، بل كل ما في الأمر أنها أحبت وهذا ليس عاراً.

وأخيرا أرجو منك أن تسرعي في الرد عليّ لأني على وشك الاستعداد للسفر أو أن ألغي البعثة، وأرجو من الله أن يديمكم لنا ويمن عليكم بالصحة والعافية، وشكرا جزيلا.

 

المرسل: ع.ع – الكويت

عاقل أنت عندما قلت إنك لا تلوم أخاها في خوفه عليها، وجانبك العقل عندما فكرت في العدول عن الدراسة.. المسألة في يدك الآن، أنت رجل نبيل وأخوها كذلك، فلمَ لا تلتقيان كرجال وتصارحه، وبنفس الكلمات التي وضعتها على وريقاتك الزرقاء تضعها على لسانك وتقولها له.. قل له أختك لي وأنا لها، وأنا أقدر هذا الرباط وأنا مسؤول عنه، وإذا كان في مقدورك  خطبتها فيكون من الأفضل لو حددت الرباط قبل سفرك، فأربع سنوات في عمر فتاة بالكويت ليست مسألة عاطفية، ولكنها مقامرة قد تخسرها الفتاة فتخسر عمرها كله، خاصة إذا كانت الغريمات يملكن من الحرية والأسلحة الكثير مما تفتقر إليه، تقدم للأخ كرجل وصديق، وللأسرة كخطيب ثم احمل صورتها وادرس ما شئت، واطلب منها أن تنتظر ولكن بضمانات عادلة.. الطريق السليم معروف، ولكننا أحيانا نُصاب بضعف النظر والذاكرة.

 

عام 1970

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق