تحقيقات

«المناهج» عَصب التعليم الحديث المتطور

نظرة تخصصية في المناهج التعليمية

تعد المناهج التعليمية عصبًا مهمًا لعملية التعليم، فهي ترسم للطالب خريطة الأفكار التي يتغذى بها عقله. وتتفاوت الآراء فيما يخص المناهج التعليمية وكفاءتها ومناسبتها لتطورات العصر الحديث. في هذا الموضوع نتعرف أكثر على رؤية التربويين للمناهج التعليمية الحالية وكيف تساعد تلك المناهج على خلق وتطوير شخصية الطالب.

حنان الحبيب:

المنهج التعليمي الناجح يجب أن يوافق الواقع والزمن الحالي

البداية مع حنان حبيب الإخصائية التربوية التي توضح أن المناهج التعليمية هي أساس تكوين شخصية الفرد وميوله وطموحاته الحالية والمستقبلية «المنهج التعليمي هو المكمل لتربية الأبناء داخل المنزل وبذلك يستند إليها بناء المجتمع ويتحقق بها مستقبل الطالب».

وتصف المنهج التعليمي الناجح باعتباره المنهج الدراسي الذي يتم اكتساب المعلومات فيه بأساليب حديثة تتوافق مع احتياجات الطالب العقلية والنفسية والمعرفية والحسّية والحركية ويتشبّع بها بكل أحاسيسه من خلال البحث والاطّلاع والتطبيق العملي لتصبح جزءاً منه يسعى لتحقيق ما تعلمه وتطبيقه على أرض الواقع داخل أسوار المدرسة وخارجها «من الضروري موافقة المناهج للواقع والزمن الحالي الذي يستهدف التكنولوجيا والتطور السريع في توصيل المعلومة، كذلك لا بد من مراعاة مستوى وإدراك الطالب وميوله وتكون مرنة في التطبيق بحيث تراعي الفروق الفردية أثناء توصيل المعلومة».

 

زيارات المتاحف والأماكن التاريخية والمكتبات تساعد على تحقيق الاستفادة القصوى من المناهج

 

وتنصح الأهل بتوجيه ميول الطالب وصقل مهاراته عن طريق اكتساب خبرات جديدة يتفاعل معها من خلال زيارات النوادي والمتاحف والأماكن التاريخية وكذلك حضور المعارض العلمية وحثه على التعطش للعلم بالزيارة الدورية للمكتبات والاطلاع على الكتب والموسوعات العلمية لتحقيق الاستفادة القصوى من المناهج التعليمية. وتشرح قائلة «يساعدهم ذلك في استيضاح ما تعلموه في المناهج بطريقة أكثر توسّعًا وأكثر رسوخًا في أذهانهم مما يشجعهم على المضيّ قدماً والتفوق وتحقيق النجاح».

 

أسماء الميمني:

الكتب الدراسية لها وزن ثقيل ترهق كاهل الطالب

بعد ذلك توجهنا إلى أسماء محمد الميمني رئيس مشروع صغيرك سفيرك التربوي  @s_safeeruk والمختصة في التربية باللعب والتي وصفت المناهج التعليمية الحالية بالمتطورة علميًا «يمكننا القول إن المناهج حاليًا في تطور من ناحية المحتوى العلمي ولكنها لا تواكب التطور التكنولوجي إلى حد، ما فالكتب الدراسية لها وزن ثقيل ترهق كاهل الطالب بحمل حقيبة تتعب الظهر والكتف خصوصًا المرحلة الابتدائية حيث لا تتناسب مع سنه  الصغيرة ويصعب عليه حملها يوميًا».

وترى أن توفير المنهج إلكترونيًا يسهم في حل مشكلة الحقائب الثقيلة «فليكتف الطالب بطباعة الأوراق المهمة التي يحتاج  إليها فقط ».

 

الطالب يجب ألا يكون متلقيًا فقط بل يكون مشاركاً ومتفاعلاً في العملية التعليمية

وحسب رؤيتها فالمناهج التعليمية التي تثري الطالب وتساعده على الابتكار تحتاج إلى بحث وتفكر وأن تخوض في تجارب عملية بدلًا من المعلومات النظرية و (الحشو) الموجود  في بعض الكتب الدراسية «الطالب يجب ألا يكون متلقيًا فقط بل يكون مشاركا ومتفاعلا في العملية التعليمية وذلك من خلال إعطائه أدوارًا مختلفة من قبل المعلم تساعده على  يكون متعلمًا مستكشفًا ومنتجًا في مجتمعه التعليمي».

وتؤكد أنها تلمس هذا الأمر بنفسها من بعض المعلمين المبدعين ممن يحرصون على تقديم المنهج الدراسي بأسلوب ابداعي وأفكار متجددة  «هذه الطريقة تساعد الطالب على حب التعلم الذاتي بالدرجة الأولى قبل الاهتمام بالتفوق والدرجات العالية».

وتشرح أسماء تجربتها كوالدة قائلة «كأم لأطفال المرحلة الابتدائية أوجه رسالة إلى كل معلم ومعلمة في جميع المواد التعليمية، أنت/أنتِ من يصنع الفرق  ويترك بصمة  في حياة أي طفل فأنت الأهم في حياة الطفل، إذا أحبك الطفل وتلمس منك المعاملة التربوية الراقية حتمًا سيحب التعليم والتعلم لبقية حياته».

 

أي معلومة تقدم من خلال اللعب تثبت في الذهن أسرع من أي طريقة أخرى

وعن المناهج التعليمية تقول «أجد المناهج جيدة لكنها تحتاج إلى إثراء حقيقي من المعلم ليتشارك الأطفال معه في خلق بيئة تعليمية ممتعة، فلتكن أفكار الحصص الدراسية متغيرة بعيدة عن الروتين المعتاد للقلم والسبورة، وليعط المعلم فرصة لطلابه من أجل تنمية مهاراتهم الاجتماعية واللغوية من خلال مشاركتهم في تفاصيل المنهج التعليمي».

وتعبر عن أهمية التعلم عبر اللعب قائلة «كوني مدربة وأقدم ورشًا متخصصة في التعلم باللعب، دائمًا أكرر أن اللعب ليس له عمر بل هو مهم جدًا للصحة النفسية والجسدية للكبار والصغار فإذا قُدمت أي معلومة من خلال اللعب فإنها تثبت في الذهن أسرع من أي طريقة أخرى».

وتوضح أن إضافة عنصر المتعة والتركيز على اللعب أمر في غاية الأهمية لجميع المواد التعليمية  لأسباب عدة «أولًا لكسر الروتين اليومي، وثانيًا يجعل الطفل يحب العلم والتعلم ويأتي للمدرسة يوميا متحمسًا كونه ينتظر ألعابًا مشوقة تثري جوانب شخصيته وتساعده على النمو الطبيعي».

 

هدى الديحاني:

لدينا قصور في إدارة النظام التعليمي في البلاد

ولكن للناشطة التربوية والمعلمة هدى الديحاني رأيًا مغايرًا في المناهج التعليمية الحالية فتقول «التعليم في دولة الكويت متراجع

بحسب تقارير دولية ومحلية، ومنظمة

اليونسكو أصدرت تقريرًا عن الفساد في المؤسسات

التعليمية بدول الشرق الأوسط وتناول هذا التقرير أن ما يُنفق على التعليم من

مليارات لا يُعادل الجهد المبذول في توفير التعليم

للمجتمع».

وتؤكد أن المجتمع غير راضٍ عن كفاءة الخدمات التعليمية في الكويت «أقولها بكل صراحة لدينا قصور في إدارة النظام التعليمي في البلاد وأقصد مشاكل في التخطيط، تتضح في كثرة المشاريع التربوية وتضارب التصريحات الصادرة من القيادات التربوية،  فوزارة التربية مطالبة اليوم بتحديث الرؤية والرسالة الخاصة بها حسب المعطيات الحديثة لهذا القرن إن كانت تريد مواكبة تطورات العصر واللحاق بركب هذه الثورة العلمية والتقنية».

 

كمعلمة أدعو إلى تحرير الطلبة من الحفظ والتلقين وإطلاق قدراتهم في الفهم والتفكير والابتكار

وتشدد على أن «التعليم إنساني» أي ان غاية التعليم العظيمة والمُثلى هي الاستثمار بالطلبة واعتبارهم ثروة الوطن. وتستدرك « للأسف نظرة بسيطة اليوم على مواصفات الطالب المتخرج في المرحلة الثانوية من هذه المناهج كفيل بتسريحها لأنها لم تغيّر أو تطور من مستواه وأنا كمعلمة أدعو صراحةً لتسريح المناهج الحالية وتحرير الطلبة من الحفظ والتلقين وإطلاق قدراتهم في الفهم والتفكير والابتكار وحل المشكلات من خلال تصميم مناهج جديدة تقوم فلسفتها على بناء الطالب الإنسان وليس الطالب الحافظ للمعلومة».

وتضيف « نريد مناهج تكافئ الطالب على جهده ومثابرته وسعيه لأعلى نتيجته فقط، فالمناهج يجب أن تُصمم بحيث تترك مجالا لكل طالب مهما كانت إمكانياته بأن ينجح ويبتكر ويبدع».

 

ليحقق الطالب أقصى استفادة من دراسته يجب أن تتكامل جميع أطراف العملية التعليمية

وعن كيفية تحقيق الطالب للإفادة القصوى من المناهج الحالية، توضح أن الطالب جزء من منظومة تعليمية بها عدة أطراف متفاعلة وعوامل متداخلة مع بعضها  بعضا «ليحقق الطالب أقصى استفادة من دراسته وقدراته يجب أن تتكامل جميع الأطراف ويكون كل عنصر من عناصرها مثاليًا ويؤدي مهامه بالشكل المطلوب والصحيح فالأسرة مطالبة اليوم بالاهتمام والمتابعة باعتبارها المؤسسة الاجتماعية الأولى في حياة الطالب».

وتستكمل «المعلم ايضًا مطلوب منه الإيمان برسالته وأداؤها على أكمل وجه وتقديم الدروس بكل الأنماط التعليمية المناسبة لكل طالب كما أن هناك جزءًا من المسؤولية على الطالب نفسه من حيث الدافعية والرغبة والالتزام، بالإضافة الى دور الإدارات التربوية والبيئة المدرسية لكن هذا السؤال يقودني حقيقة للحديث عن جودة التعليم وأن تتضمن البرامج التعليمية ما يضمن للطالب الاستفادة والتقدم».

وترى أن تطوير المناهج التعليمية يحتاج لوقفة جادة وخبرة فريق عمل لتصحيح المسار التعليمي في البلاد ومن ثم منافسة الأنظمة التعليمية المتقدمة. «قلت مسبقًا إن وزارة التربية مطالبة بتحديث الرؤية والرسالة الخاصة بها حسب المعطيات الحديثة لهذا القرن فنحن نحتاج لأن يكون التعليم أولوية في البلاد وأن توضع الخطط على مستوى الدولة لا على مستوى الوزارة أو الأشخاص، ثم متابعة هذه الخطط والتأكد من كفاءة من ينفذها فالمفترض أن تعليمنا نوعي لأننا دولة غنية وقليلة السكان، لذا نحتاج الى حوار وطني  تشارك فيه جميع الأطياف التعليمية الفاعلة لإعادة النظر في كفاءة نظامنا التعليمي».

 

داليا شافعي

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق