ثقافة
أخر الأخبار

بناه الشيخ الطبلاوي عام 1648م شاهداً على عصور مضت بيت السحيمي.. مشربيات خشبية وزخارف يدوية وأبيات شعرية

أصبح قبلة السياحة العربية والأجنبية
بيت الشيخ عبدالوهاب الطبلاوي، أو بيت السحيمي كما يُطلق عليه حاليا نسبة إلى آخر من سكنه قبل أن تؤول ملكيته إلى هيئة الآثار المصرية باعتباره أثرا تاريخيا، وأنت في طريقك إلى هذا البيت تشم رائحة الماضي وتستنشق عبق التاريخ وتستعيد زمنا مضى عليه عدة قرون، يقع بيت السحيمي في حارة الدرب الأصفر إحدى أقدم الحارات بمدينة القاهرة الفاطمية بمنطقة الجمالية، وهو بيت عربي ذو معمار شرقي زين بالزخارف الإسلامية والمشربيات والزجاج المعشق الملون، حول هذا البيت وأقسامه وتاريخه وقيمته الفنية والتاريخية تصحبكم «أسرتي» في هذه الزيارة التي تعود بنا إلى القرن السادس عشر:

أصدر الملك فؤاد مرسوماً ملكياً بتخصيص 6 آلاف جنيه لشراء البيت وضمه إلى الآثار عام 1930

يتكون البيت من قسمين أحدهما قبلي والآخر بحري، أنشأ القسم القبلي الشيخ عبدالوهاب الطبلاوي سنة 1058هـ – 1648م وقد دون هذا التاريخ على طراز خشبي على أحد جدران البيت، أما القسم البحري فقد أنشأه الحاج إسماعيل بن إسماعيل شلبي سنة 1699م ودمجه في القسم الأول وجعل منهما بيتاً واحداً، عرف المنزل باسم بيت السحيمي نسبة إلى آخر من سكنه وهو الشيخ محمد أمين السحيمي شيخ رواق الأتراك بالجامع الأزهر، وفي عام 1930 أصدر الملك فؤاد مرسوما ملكيا ينص على تخصيص مبلغ ستة آلاف جنيه لشراء المنزل وضمه إلى لجنة حفظ الآثار العربية، ويعد بيت السحيمي أحد النماذج الفريدة الباقية لعمارة البيوت الإسلامية في العصر العثماني والبيت متأثر تخطيطيا بالعمارة العثمانية التي كانت تخصص الطابق الأرضي للرجال، ويسمى السلاملك، والطابق العلوي للنساء ويسمى الحرملك، لذا فالطابق الأرضي من البيت كله مخصص لاستقبال الضيوف من الرجال وليس فيه أي غرف أو قاعات أخرى.

به غرفة لقراءة القرآن.. فيها كرسي من الخشب المشغول.. وينزل من السقف مصباح من النحاس يضيء بالفتيل

قاعات البيت
في الطابق الأرضي نجد قاعة واسعة منتظمة الشكل تنقسم إلى إيوانين يحصران في الوسط مساحة منخفضة عنهما يطلق عليها الدرقاعة، وقد رصفت بالرخام الملون ويمتد حول جدران الإيوانين شريط من الكتابة يحتوي على أبيات من نهج البردة وسقف القاعة من الخشب المكسو برسومات وزخارف نباتية وهندسية ملونة كانت هذه القاعة تستخدم مجلسا للرجال واجتماعات الأعيان وللبيت إيوان آخر مفتوح على الصحن ويتوجه نحو الشمال ليهب عليه هواء البحر البارد صيفا قبل أن تتحول القاهرة إلى كتل سكنية ومعمارية ويسمى المقعد وله سقف خشبي أيضا يشبه القاعة وكان المجلس يستخدم شتاء والمقعد يستخدم صيفا.
في القسم البحري من البيت مجلس آخر يشبه الأول في التصميم أي مكون من إيوانين ودرقاعة، إلا أن هذا المجلس أكبر حجما وبه تفاصيل معمارية أدق وأكثر فخامة، وفي وسطه حوض ماء من الرخام المذهب وبه فسقية على هيئة شمعدان.

وداخل القسم البحري يوجد إيوان أيضا ويعلو الإيوان مشربية مصنوعة من خشب العزيزي، وسقف هذا الإيوان من الخشب تتوسطه قبة صغيرة بها فتحات ليدخل منها الهواء والضوء تسمى الشخشيخة مصنوعة من الخشب ومزخرفة من الداخل ومغطاة بالجص من الخارج، وفي المجلس أكثر من كوة في الجدران وضعت عليها خزائن من الخشب المشغول بالنقوش الهندسية والنباتية، وبعد المجلس غرفة لقراءة القرآن فيها كرسي كبير من الخشب المشغول وينزل من سقف هذه الغرفة مصباح من النحاس يضيء بالفتيل المغموس بالزيت.

في القسم البحري.. حوض ماء من الرخام المذهّب وبه فسقية على هيئة شمعدان

غرف العائلة
توجد غرف العائلة في الطابق الأول، وهي عبارة عن قاعات متعددة تشبه التي في الطابق الأرضي، إلا أن بها شبابيك كثيرة مغطاة بالمشربيات تطل على الصحن وبعضها على الشارع، وإحدى الغرف في الطابق الأول كسيت جدرانها بالقيشاني الأزرق المزخرف بزخارف نباتية دقيقة وفيها أواني الطعام المصنوعة من الخزف والسيراميك الملون والمزخرف، حيث يبدو أنها كانت تستخدم لإعداد الطعام وبجوارها غرفة صغيرة جدا غير مزخرفة تستخدم للخزن، ولم يكن في البيت أسرّة بل إن العائلة كانت تنام على مرتبات من القطائف المزخرفة، وفي البيت حمام تقليدي عبارة عن غرفة صغيرة مكسوة بالرخام الأبيض لها سقف مقبب به كوات مربعة ودائرية مغطاة بالزجاج الملون، وفي الحمام موقد لتسخين الماء وحوض منحوت من قطعة واحدة من الرخام المزخرف بالإضافة إلى خزان للماء.
الساقية والطاحونة
للبيت صحنان، صحن أمامي بمثابة حديقة مزروعة يتوسطه ما يسمى بالتختبوش وهو دكة خشبية زينت بأشغال من خشب الخرط، في هذا الصحن شجرتان زرعتا عند بناء البيت، زيتونة وسدرة، والصحن الخلفي به حوض ماء وساقية للري وطاحونة تدار بواسطة الحيوانات وكان الصحن الخلفي للخدمة.

ترميم البيت
بعد أن ساءت حالة البيت وخوفا عليه من الانهيار خاصة بعد زلزال عام 1992 الذي ضرب مصر قدم الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي منحة قدرها عشرة ملايين جنيه لترميم البيت والحفاظ عليه، استمرت أعمال الترميم منذ عام 1996 حتى عام 2000 تحت قيادة الدكتور أسعد نديم وتم تجديده بواسطة نخبة من العمال المهرة والفنانين من كلية الآثار والفنون الجميلة، ولا يزال بيت السحيمي قبلة للسياحة العربية والأجنبية شاهدا على عصور مضت، وكيف كان يعيش الناس في تلك العصور.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق