لم يعد من الصعب اقتناء حقيبة يد فاخرة من براند عالمي عروش «البراندات» تتساقط فـي «الأسـواق الرماديـة»!

لم يعد من الصعب اقتناء حقيبة يد فاخرة من براند عالمي بنصف السعر أو أكثر قليلًا بمجرد كبسة زر على أحد المواقع العالمية الموثوقة المخصصة لبيع العلامات التجارية الفاخرة المستعملة عبر الشبكات العنكبوتية أو من خلال المتاجر المخصصة لذلك، والتي انتشرت كالنار في الهشيم خلال السنوات الخمس الماضية.
وتؤكد التقارير الاقتصادية العالمية على انتعاش مبيعات سوق السلع المستعملة الفاخرة أو ما يُعرف بالسوق الرمادي انتعاشة غير مسبوقة، ليس فقط لدى المستهلكين الصينيين الذين يعدون الأعلى استهلاكا للسلع الأوروبية الفاخرة، بل على مستوى العالم أجمع، حيث يتم عرض تلك السلع الثمينة عبر مواقع متخصصة بأسعار تنافسية مقارنة بأسعارها الأصلية، والتي زادت في الآونة الأخيرة بشكل كبير لا يتناسب مع حالة الركود الاقتصادي الذي يشهده العالم منذ انتشار جائحة كورونا في 2020.
وبحسب تقرير شركة “بين آند كومباني الاستشارية”، فقد وصل حجم سوق السلع الفاخرة المستعملة في العام الماضي 2024 بما في ذلك حقائب اليد والملابس والمجوهرات والساعات إلى أكثر من 33 مليار يورو (37.2 مليار دولار).
وهو ما يمثل ارتفاعًا كبيرًا بلغت نسبته نحو 65% عن حجم هذا السوق في عام 2017، فيما تتوقع نفس الشركة أن ترتفع نسبة المبيعات لتصل قيمتها السوقية إلى بين 360 و380 مليار يورو هذا العام.
ولخصت الشركة سر هذا الارتفاع المذهل في حجم المبيعات في نقطتين أساسيتين، وهما:
أولًا: الفئة العمرية للمتسوقين عبر الإنترنت والتي تتركز على الشباب وصغار السن والرغبة المتزايدة لديهم في شراء السلع الفاخرة.
ثانيا: الانتشار الكبير لمنصات التواصل الاجتماعي مثل «تيك توك» و«إنستغرام» و«تويتر».
ومن ثم انتشار مواقع البيع المختلفة عبر كل تلك الشبكات.
وتوقعت الشركة أن تشكل فئة الشباب 70% من سوق التجزئة الفاخرة بحلول هذا العام.
وعلى صعيد متصل تتوقع مجموعة IMARC أن يصل السوق إلى 51.0 مليار دولار بحلول عام 2028، وأرجعت ذلك إلى عدة أسباب من بينها أسباب اقتصادية سبق ذكرها وأسباب تعود إلى وعي المستهلكين المتزايد حول أهمية التسوق المستدام للتخفيف من آثار التصنيع الضارة لتلك السلع على البيئة، ويعكس هذا التوجه تغيرًا ملحوظًا في سلوك المستهلكين وسط تراجع القدرة الشرائية والمخاوف الاقتصادية، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة افايننشال تايمزب البريطانية مؤخرًا، حيث سلط الضوء على التحول الذي شهده متجر” ZZER” بمدينة شنغهاي الصينية، وقالت إنه يُعد نموذجًا ملموسًا لهذا التحول، إذ بدأ منصة على الإنترنت، ثم توسع ليصبح متجرًا فعليًا يعرض مجموعة متنوعة من السلع الفاخرة المستعملة.
وبحسب تقديرات العاملين بالمتجر، فإنه يستقبل نحو 5000 منتج جديد يوميًا، ما يبرز الحجم الهائل للحقائب والملابس الفاخرة المستعملة التي يتم تداولها في السوق الصينية، والتي بدأت كحل بديل خلال جائحة اكوفيد-19ب، لتصبح الآن جزءًا من النمط الاستهلاكي للكثير من أبناء الشعب هناك، ولم تكن السوق الصينية هي أول من بدأ هذا التوجه نحو تجارة السلع المستعملة، حيث سبقتها شركة “The RealReal” التي تأسست عام 2011 وافتتحت سوقًا لبيع السلع الكمالية والملابس والمجوهرات والأعمال الفنية والأثاث المنزلي المستعمل عبر شبكة الانترنت.
وفي عام 2017، فتحت الشركة أول متجر لها خارج شبكة الإنترنت، وأصبحت الآن تمتلك 15 متجرًا في أنحاء الولايات المتحدة.
وفي منتصف عام 2019، طُرحت الشركة للاكتتاب العام لتجمع 300 مليون دولار (265 مليون يورو) خلال الاكتتاب العام الأول.
واليوم تصف الشركة نفسها بأنها “أكبر سوق في العالم على الإنترنت للسلع الفخمة الأصلية المعاد بيعها والموثوق بها”، وأصبح سوق الشركة على الإنترنت يضم أكثر من 24 مليون مستخدم.
تراجع أسهم الشركات العالمية المالكة لأغلب البراندات العالمية بسبب تراجع مبيعاتهم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان!
فوائد قوم عند قوم.. مصائب!
في السياق نفسه يمكننا العمل بعكس المثل القائل “مصائب قوم عند قوم فوائد”، فالفائدة التي باتت تعود على المستهلك وعلى مراكز البيع أصبحت سببًا لخسائر العلامات التجارية الكبرى وانخفاض مبيعاتهم، وهو ما تسبب في تراجع أسهم الشركات العالمية المالكة لأغلب البراندات العالمية؛ بسبب تراجع مبيعاتهم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان، ومن بينهم شركتا (Kering) و(LVMH) اللتان تواجهان تحديات كبرى ظهرت مع إعلان شركة LVMH عن تراجع مبيعاتها بنحو 3% في الربع الثالث من العام الماضي لتصل إلى 19.1 مليار يورو (20.1 مليار دولار)، ويأتي هذا الانخفاض نتيجة للتراجع الحاد بنسبة 16% في مبيعاتها في آسيا باستثناء اليابان، وهي منطقة تشكل حوالي 29% من إجمالي مبيعاتها في الأشهر التسعة الأولى من العام ذاته.
يعتبر السوق الصيني أحد أكبر محركات النمو لشركات السلع الفاخرة الأوروبية، إلا أن التباطؤ الاقتصادي هناك والمدفوع بأزمة الديون في قطاع العقارات، أثر سلبًا على قدرة المستهلكين الصينيين على الإنفاق على السلع الفاخرة، ومن ثم اللجوء إلى الأسواق الرمادية الموازية التي هزت عرش العلامات التجارية الكبرى.