أزياء وموضةالنصف الحلو
أخر الأخبار

ليست مجرد مصممة واحد من أهم العطور في العالم بين «Jo Malone» و«Jo Loves».. رحلة امرأة قررت تعطير العالم

كانت الطفلة تصارع صعوبة التعلم بسبب الدسلكسيا.. وظروف أسرتها الاقتصادية الصعبة.. ثم إصابتها بمرض عضال في كبرها!

جو مالون ليست مجرد مصممة واحد من اهم العطور في العالم كله، بل هي قصة نجاح قد لا يصدقها عقل بدأت مع طفلة شاءت أقدارها أن تعاني الأمرين سواء في دراستها التي كانت تصارع فيها صعوبة التعلم بسبب الدسلكسيا أو ظروف أسرتها الاقتصادية الصعبة التي اضطرتها الى ترك المدرسة في سن مبكرة للعمل لمعاونة الأسرة على المعيشة، وحتى في أوج نجاحها بعد سنوات من الشقاء والعمل بلا هوادة عانت من ويلات مرض عضال باعت بسببه علامتها التجارية التي لم يعد يربطها بها إلا الاسم المشترك، وبعد سنوات من الشفاء تعود من جديد للعمل الذي حرمت منه ولكن باسم جديد ومنتجات عطرية مبتكرة لا تقل روعة عن سابقتها فمن (جو مالون لندن) إلى (جو لف) بأميركا.

اضطرتها مشاكل أسرتها المادية إلى ترك دراستها في عمر 13 عاماً لتعيل أسرتها وأمها المريضة!

من طفولة قاسية إلى نجاحات متتالية
في مساكن الطبقة المحدودة الدخل التي توفرها الحكومة البريطانية لرعاياها بمنطقة “بيكسلي هيث” الواقعة جنوب شرق العاصمة لندن ولدت جوان ليزلي مالون المعروفة بجو مالون في عام 1963 وعاشت في ظروف معيشية قاسية بسبب مشاكل أسرتها المادية التي اضطرتها إلى ترك دراستها وهي في الـ 13 من عمرها لتعيل أسرتها وأمها المريضة.
في البداية كانت الفتاة التي لم تتجاوز الثامنة من عمرها تعاون والدها صباحا في بيع لوحاته في منطقتهم السكنية بينما تعمل ظهرا مع والدتها في عيادة الكونتيسة لوباتي الصغيرة لتصنيع مستحضرات التجميل إلى جانب متابعة دراستها، في تلك الأثناء كانت مالون تتردد على منزل لوباتي التي كانت تحبها كثيرا وتجد فيها نموذج المرأة القوية والجميلة التي تهتم بأناقتها وعملها في نفس الوقت، فهي من كانت تقوم بتحضير مستحضرات العناية بالبشرة في منزلها ومن ثم تقوم والدة الفتاة ببيعها أو تطبيقها على الزبونات في محل العمل.
وتروي مالون قصتها مع لوباتي قائلة إن الأخيرة طلبت منها ذات يوم وكانت هي في التاسعة من عمرها أن تقوم بعمل ماسك من المواد التي كانت تستخدمها وتضعه على بشرتها، وكان الأمر غريبا بالنسبة للفتاة، ولكنها نفذته من شدة إعجابها بصاحبة العمل، وبعد الانتهاء من غسيل وجهها قالت لها السيدة إنها ستكون ذات شأن كبير في هذا المجال عندما تكبر وسيلمع اسمها.
في 1974 توفيت لوباتي وتركت العيادة لوالدة مالون التي بدورها عينت ابنتها للعمل في التعقيم وتنظيف الثلاجات وتحضير بعض المستحضرات واستمرت بين العمل والدراسة في ظل نفس الظروف التي ازدادت قسوة عليها وعلى أسرتها، خصوصا بعد ترك والدها المنزل وإصابة والدتها بانهيار عصبي أقعدها عن العمل لعدة أشهر.
وتضيف مالون في كتابها الذي يروي قصة حياتها أنها اضطرت إلى ترك مدرستها وكانت في 13 من عمرها كي تعمل لتعيل أسرتها بديلا عن والدتها التي أنهكها المرض، حيث كانت تبدأ يومها باصطحاب شقيقتها الصغرى إلى المدرسة صباحاً ومن ثم الذهاب للعمل في عدة محلات لبيع الزهور ظهرا، وليلا في تحضير مستحضرات التجميل التي تعلمتها عن ظهر قلب من والدتها.
(في يوم من أيام لندن الباردة كنت أرتجف من شدة البرد خلف النافذة وكنت أكتب بإصبعي بعض الكلمات على الثلج الذي يغطي الزجاج وتأملت حالي وحال أسرتي، وقلت في نفسي لن أسمح بأن يستمر حالنا هذا كثيرا). واضافت أنها بالفعل كانت تواصل الليل بالنهار سعياً للحصول على ما يسد جوع أسرتها.
بعد عدة أشهر تعافت والدة مالون وعادت لمزاولة عملها من جديد، ولكن هذه المرة قررت الفتاة أن تترك منزلها وتعيش مع منازل بعض الأقرباء الذين وفروا لها فرص للعمل في محلات متنوعة للزهور وهناك أدركت الفتاة موهبتها في تحديد روائح الزهور بمجرد أن تشمها، بل وتحديد كم عمر الزهرة منذ تم قطفها من خلال رائحتها، واستمرت مالون في العمل حتى تزوجت وهي في الـ 18 من عمرها من زوجها الحالي غاري ويلكوكس الذي التقته في أحد التجمعات الدينية بالمدينة.

كانت تصنع الكريمات ليلاً مع زوجها.. ونهاراً كانت تدور على بيوت الزبونات حاملة سرير المساج المتنقل لتقدم خدماتها مقابل مبالغ زهيدة!

حتى ذلك الوقت لم تكن الحياة قد فتحت ذراعيها لمالون، حيث عانت والدتها كثيرا بسبب ديونها المتراكمة، وهو ما دفع الفتاة إلى تكثيف عملها ليل نهار في تحضير المساكات والكريمات وعمل المساجات لزبونات والدتها، كانت تصنع الكريمات ليلا مع زوجها الذي كان يعاونها كثيرا، ونهارا كانت تدور على بيوت الزبونات حاملة سرير المساج المتنقل على ظهرها لتقدم خدماتها مقابل مبالغ زهيدة.
في 1999 افتتحت متجرها الرئيسي بلندن لتبدأ رحلة الشهرة والانتشار لتميزها بعطور روائحها منعشة تناسب كل سيدة بشكل منفرد!

استمر الزوجان في نفس العمل ولكن بمنتجات أفضل وقاعدة شرائية أقوى مكنتهما من استئجار استديو مريح للعمل والإقامة فيه، ولكن بعد فترة من الانتشار وتحسن الوضع المالي، وكان ذلك في عام 1994 قرر الزوجان استئجار محل صغير بولتن ستريت أطلقا عليه اسم (Joe Malone London) وذلك لتسويق وبيع منتجاتها التي شملت مستحضرات الاستحمام والعناية بالبشرة والمواد العطرية.

استغلت موهبتها الفذة في فرز الروائح لعمل تركيبات مذهلة من العطور

واستمرت مالون في تجديد منتجاتها واستغلت موهبتها الفذة في فرز الروائح لعمل تركيبات مذهلة من العطور التي يمكن استخدمها وحدها أو بمزجها مع عطور أخرى وفي 1999 افتتحت المصممة متجرها الرئيسي بشارع سلون بلندن لتبدأ رحلة الشهرة والانتشار، حيث تميزت عطورها بالروائح المنعشة والفريدة التي تناسب كل سيدة بشكل منفرد كونها تستطيع أن تدمجه مع ما يناسبها من عطور أخرى، أما العبوات ذات اللونين الكريمي والأسود، فقد اختيرت بمنتهى العناية حتى تكون جاذبة للأنظار.

أفقدتها الجلسات الكيميائية حاسة الشم تماما ما دفعها للاستقالة عام 2006!

وفي نفس العام الذي افتتحت فيه مالون متجرها الكبير قامت المصممة ببيع علامتها التجارية لشركة استى لودر العملاقة بنيويورك على أن تستمر هي في منصب المديرة الابداعية لها، وقد حققت تلك الخطوة نقلة نوعية لصالح علامة مالون التجارية بسبب تسويق عطورها في أكبر مراكز التسوق الأميركية، وهو ما يعني تضاعف المبيعات ومن ثم الأرباح.
“تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن” هذا المثل ينطبق بشكل غير عادي مع ما حدث مع مالون وزوجها، حيث تعرضت المصممة لعارض صحي مفاجئ اكتشفت بعده أنها مصابة بأشرس سرطانات الثدي الذي استمر علاجه لمدة عام كامل خضعت خلاله لعلاجات قاسية من بينها الجلسات الكيميائية التي أفقدتها حاسة الشم تماما، وهو ما دفعها للاستقالة في عام 2006.
لم تكن مالون تدري أنها ستسترجع عافيتها من جديد بعد عام من انتهاء العلاج بما في ذلك عودة حاسة الشم، وفي ذلك تقول المصممة إنها أصيبت بخيبة الأمل بسبب إحساسها بالفراغ والملل، فعملها الذي كانت تهواه لم يتبق لها منه سوى اسمها الذي لايزال هو اسم الماركة.
وتقول مالون إنها كانت تشعر بالتعاسة في تلك السنوات الخمس التي ابتعدت فيها عن عملها، بل وعشقها لتصنيع الروائح والعطور. وتضيف أنها كانت تستيقظ كل صباح ولا تدري ماذا ستفعل وكيف سينقضى اليوم، فقررت تأسيس برنامج تلفزيوني وكتابة سيرتها الذاتية ولكنهما لم يلهياها عن حلمها الأكبر بالعودة إلى صناعة العطور من جديد.
وأضافت أنها وصلت إلى مرحلة أنها مستعدة بقبول أي عرض قد يأتيها أيا كان حجمه مادام يختص بتلك الصناعة التي تعشقها، ولكن كان مجرد حلم بعيد المنال، وهو ما دفعها في 2011 إلى استعادة تجربتها الأولى وتصميم عطر جديد ولكن بتقنيات أكثر حداثة، وبالفعل بدأت من جديد، ولكن تلك البداية كانت صعبة للغاية خصوصا في السنوات الثلاث الأولى حتى إنها كادت تنهي عملها عدة مرات ولكن في كل مرة كانت تتراجع وتستمر في محاولاتها إلى أن استقرت بالفعل على العطر الجديد وافتتحت متجرا صغيرا لبيع منتجاتها الجديدة.
كانت مالون تشعر بالحسرة والرغبة في اعتزال العمل من جديد، فبعد أن كانت صاحبة علامة جو مالون لندن التي أصبحت في كل مكان وعلى كل الأرفف في أكبر المتاجر العالمية أصبحت هي في ذلك المتجر المتواضع وبيدها تلك القارورة الصغيرة.
وتضيف مالون أنها قررت بالفعل إغلاق المتجر، خصوصا بعد مرض زوجها وبالفعل (كنت أعد قائمة بالخطوات المطلوبة لإغلاق المتجر، ولكن شاءت الأقدار ألا ينفذ ذلك القرار، حيث دخلت إحدى العاملات بالمتجر، وقالت لها إنها تحب العمل لديها وإنها لا تعلم ما كانت ماذا ستفعل بدون العمل بالمتجر، تلك الكلمات البسيطة أثرت في مالون ودفعتها لتمزيق تلك الورقة، ومنذ ذلك الحين لم تعد تنظر إلا للأمام.
وتستطرد: لقد شعرت بالقوة وقررت أن أؤسس علامة تجارية عالمية جديدة لا تقل روعة عن علامتها الأولى واختارت لها اسم (Jo Loves).

أهداها زوجها مفتاح متجرها الجديد عندما شعر بمعاناتها لاستعادة اسمها ومجدها!

قصة الاسم الجديد
ولاسم منتجاتها الجديدة قصة ترويها وتقول إنها قررت ذلك وهي جالسة على طاولة المطبخ تفكر في اسم جديد لماركتها الوليدة وقالت إن ابنها قال لها: أمي أنت إما تحبين الأشياء أو لا تحبينها وعندما تتكلمين عنها تتكلمين بكل حب ومن ثم يجب أن يرمز اسم علامتك التجارية إلى كل ما تحبين. وأضافت أنها وزوجها نظرا إلى بعضهما بعضا وكأن اسم Jo Loves خطر على بالهما في نفس الوقت وقد كان، حيث سجلت مالون الاسم الجديد قبل أن تصنع حتى قارورة عطر واحدة!
وتصف مالون عطورها الجديدة بأنها تدور حول الذكريات (كيف كنت في الماضي والشخص الذي أنا عليه الآن). وربما جاءتها تلك الفكرة من زوجها الذي كان سنداً لها طوال مشوارها العملي فهو من أهداها مفتاح متجرها الجديد في شارع اليزابيث بلندن عندما شعر بمعاناتها لاستعادة اسمها ومجدها، فهذا الشارع هو نفسه الشارع الذي كانت تعمل فيه في محلات الزهور وهي في الـ 16 من عمرها.
وحتى الآن تمتلك العلامة التجارية الجديدة لمالون 16 عطرا مثيرا إلى جانب الشموع المعطرة ومستحضرات الاستحمام والعناية بالجسم.
وتقول المصممة إن جميع منتجاتها مستلهمة مكوناتها من تلك التي تستخدمها أثناء الطهي من نباتات كالكسبرة والفلفل الأسود والكمأ أو الفواكه الحمضية كالبرتقال الأخضر والجريب فروت والشاي، فهو تهوى طهي الطعام كما تهوى صناعة العطور.

ارسمي جسمك بعطرك المفضل
وجديد مالون فرشاة العطور وهي عبارة عن فرشاة ملتصقة بالعطر بحيث تمكن السيدة من وضع عطرها بطريقة مبتكرة وكأنها ترسمه على جسدها ويبدو أنها استلهمت تلك الفكرة من ريشة والدها الفنان.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق