ثقافةعصير الكتب
أخر الأخبار

ومضى ثلاثون عاماً من كارثة الغزو إلى جائحة الفيروس.. قصة عائلة من زمن الطيبين

كارثة وجائحة.. وبينهما قصة عائلة!

من الكتب الجديدة الصادرة ذات المذاق المختلف.. فالكاتبة جمعت بين حادثتين تاريخيتين غيرت في شكل دولة الكويت بل المنطقة العربية بل العالم: كارثة الغزو العراقي 1990 وجائحة كورونا 2020! فماذا عساه ان يجمع بين هاتين الكارثتين؟

مذكرات بحكم المرور بتجربتين متشابهتين
تحكي الكاتبة عن كتابها، فتقول:
هذه القصة عبارة عن مذكرات بحكم مروري بتجربتين متشابهتين بينهما ثلاثون عاما: الأولى مع أسرتي في الكويت أثناء حرب الخليج في التسعينيات من القرن الماضي، والتجربة الثانية في الـ (عشرين عشرين) من القرن الحالي، وهي تعكس حدثا عالميا (فيروس كورونا)، الذي كان له تأثيره في عمّان محل إقامتي الأخيرة. بدأت الفكرة في هذا الكتاب، بسرد قصتي مع أولادي وهم في نفس عمري أثناء مروري بالتجربة الأولى مع أسرتي في الكويت.
ولكن وجدت أن التاريخ يعيد نفسه ونحن في عمان 2020 لأقص على أبنائي ما حدث يوم 1990/8/2 وما بعده في الكويت الحبيبة.
والذي دفعني إلى ربط ما حدث في ذلك اليوم ما نعانيه الآن في الأردن الغالية، من تنفيذ تعليمات الحجز المنزلي، خوفا من فيروس مرض كورونا الذي داهمنا في منتصف مارس 2020.

أعلم أن حرب الخليج ستغير مفاهيمنا وأدواتها وشخوصها.. ولكنها ستبقى حرباً!

ثلاثون عاماً في الكويت
ربطت الكاتبة الأحداث بأسلوب عاطفي شائق، بكلمات مختارة وصور تعبيرية تدخل القلب والعقل، فجاءت مذكراتها بمثابة تاريخ لحقائق رصدتها بكل صدق، يستطيع الباحث في التاريخ عن هذين الحدثين أن يستشف الواقع بكل صدق يذكره الجميع. هي مذكرات لحدثين متشابهين: بردة فعل جاءت جامعة شاملة لما حدث، بأسلوب إنساني وعواطف جياشة…والذي أثار فيها كل هذه المشاعر، أن الحدث الأول مر عليها وهي في أولى خطوات الصبا.

كان بين الحدثين تشابه بإحساس الخوف والالتزام بالمنزل والتوقف عن السعي للرزق!

اقعد بالبيت!
تكتب الكاتبة:
بدأت صفارات الإنذار في تمام الساعة السادسة مساء تدوي في أرجاء عمّان عاصمة الأردن الحبيب، وفقا لتعليمات لجنة الأوبئة والحكومة الأردنية بالبقاء في المنازل، حرصا على أرواحنا وصحتنا من انتشار وباء فيروس كورونا الغامض، الذي يهدد ويضرب بيد من حديد كل من تطوله العدوى بأعراض مزعجة، كارتفاع درجة الحرارة والسعال الجاف، وضيق التنفس الحاد وعدم الشعور بالأطراف، وصولا الى درجة الموت الذي يداهم أصحاب المناعة الضعيفة، وخوفا على أسرتي واحتراما لتعليمات الدولة الأردنية وتنفيذا لها، مكثنا في المنزل منذ يوم الجمعة الموافق 13 مارس 2020.
أسرتنا الصغيرة عاشت في زمن الطيبين في دولة الكويت.. أيا ليت زمن الطيبين يعود.. حيث البركة والطيبة في كل شيء!

أسرتنا الصغيرة عاشت في زمن الطيبين في دولة الكويت، أيا ليت زمن الطيبين يعود.. حيث البركة والطيبة في كل شيء، في العمل، فالكل يعمل بلا كلل أو ملل سعيا للرزق، البركة في الرزق الذي يعيل الأهل في الوطن ويعيل الأسرة في الوطن الثاني، الطيبة في العلاقات، فالكل يكن احتراما ومحبة.

ذكريات الكويت الجميلة
رحلة نادي المسيلة ونادي رأس الأرض وقضاء اليوم بطوله مع الأصدقاء في السباحة والرياضات البحرية، والمشاركة في مسابقات صيد السمك على سطح سفن (البوم). مشوار سينما الأندلس ومشاهدة الأفلام والأعمال المسرحية لعمالقة الفن، مثل عبدالحسين عبدالرضا وسعاد عبدالله، ومسرحيات الأطفال لعبدالرحمن العقل وهدى حسين، وتوزيع الهدايا في عيد الفطر وعيد الأضحى، ولحظات السعادة وضحكاتها التي لا تنسى عند شراء ملابس العيد الباهظة، وتفاخرنا بها كأطفال (من أسواق الخليجية)، ومرافقتنا في الزيارة الأنيقة مع العائلة الى مطعم (ميس الغانم) لتناول وجبة الغداء، وتناول (الآيس كريم) في أبراج الكويت.

رأينا طائرة تضرب أخرى بشعلة من النار أو صاروخ.. لتسقط الأخيرة في ساحة قريبة من منزلنا

الصدمة!
جاء صباح الخميس الموافق 1990/8/2 صيفيا حارا، واستيقظت وأنا وشقيقتي (ميادة) على أصوات ضجيج لم نعهدها من قبل، وبلا سابق إنذار ركضت الى سطح منزلنا، حيث كان منزلنا الصغير في الطابق الثالث والأخير، ولم يفصلنا عن سطح المنزل سوى بضع درجات والأصوات كانت تتعالى، تفجيرات وصراخ وصوت يشبه صوت الرعد من بعيد، اعتقدنا أنه عرض جوي للطائرات (هكذا ردد الجيران الذين لحقوا بنا الى أعلى العمارة)، وبالفعل وفور وصولنا أخذنا نحيي طائرتين من طراز الهليكوبتر العسكرية تمر من فوق رؤوسنا، كانتا قريبتين جدا، لم نرهما قريبتين هكذا من قبل، وبينما الحماسة تتملكنا فجأة…. رأينا طائرة تضرب أخرى بشعلة من النار أو صاروخ… لا نعلم.. لتسقط هذه الأخيرة في ساحة قريبة من قرب منزلنا وتشتعل فيها النار، واختفت الطائرة المسددة للهدف في بحر السماء الزرقاء بشمسها الحارة القوية.

لقاء الوداع!
عشنا الأسابيع الأولى بعد العدوان العراقي نودّع ماضينا ومن فيه، ودعنا جيرانا عرفناهم عمرا ولم نرهم بعدها، ودعنا أصدقاء تربينا معا ولم نرهم بعدها، وغيرهم من الأصدقاء الذين لم تسمح لنا الظروف بأن نعانقهم عناق الوداع، فأنا لم أكن أعلم أنني عندما التقيت بصديقاتي في مدرسة حفصة بنت عمرو المتوسطة، في نهاية العام الدراسي 90/89 أنه سيكون لقاء الوداع.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق