أول امرأة عربية تحصل على شهادة دولية 2023 في سم النحل التونسية هالة بو بكر: نحلاتي هي أبنائي وحياتي
شخصية فريدة من نوعها، تتميز بطموحها العالي وقدرتها على مواجهة التحديات، رائدة تربية النحل التونسية هالة بوبكر التي تحدت البطالة واختارت عالما جميلا، قادتها تربية والدها لها لاكتشاف هذا العالم والنجاح فيه وهو تربية النحل، كما حصلت على شهادة دولية في 2023 لتكون أول امرأة عربية تحصل على براءة اختراع آلة لاستخراج سم النحل دون قتله.
«أسرتي» التقت المبتكرة هالة بوبكر التي استطاعت أن تكون واحدة من أهم سيدات المجتمع التونسي انطلاقًا من أفكارها المستنيرة وقدرتها على مواصلة النجاح.
تعرضت للسعات نحل فاكتشفت أسراره
بدايةً.. حدثينا عن سر اهتمامك بتربية النحل، وهل كانت مصادفة؟
- ولدت في ولاية قفصة، وعشت في برج العامري، وهي منطقة صغيرة من ولاية المنوبة معروفة بالزراعات الكبرى ومعروفة بتربية الأغنام، ومنها خرج مشروع “نحول”، تمكنت من إتمام دراستي لاختصاص بيولوجيا حيوانية، ومشروعي في تربية النحل بدأ بتحد، حيث إنني في عام 2017 وأثناء زيارتي العائلية لأحد أقاربنا ذات يوم تعرضت لعدة لسعات نحل أصابت وجهي وجسدي باحمرار شديد، ما جعلني أنتقل إلى المستشفى، وأجري تحاليل لاكتشفت أن لدي حساسية من حبوب اللقاح وحساسية من الغبار وحساسية من النحل، ولجأت إلى طرق عدة للبعض عن علاج للحساسية؛ لأنها تزورني طوال العام، ولجأت للفيسبوك وتعرفت على د. مزاحم الصانع ود. خديجة ود. أحمد عبود، وقالوا لي إن علاج حساسية النحل هو بذاته في “سم النحل”، أي التعرض للسعات النحل لاكتساب مناعة قوية، ولكن مشكلة هذا العلاج هو أن النحل الذي يستخدم في العلاج سيموت بعد اللسع، ومن هنا بدأت القصة والاهتمام بتربية النحل، وبدأت رحلة التداوي للشفاء من تلك الحساسية، وبدأت معرفتي عن قرب بهذا العالم، وقررت أن أخوض هذا العالم واكتشف أسراره.
حدثينا عن اختراع استخراج سم النحل دون قتله وتطور هذه الآلة وحصولك على شهادة دولية.
- الجهاز عبارة عن لوحة مستطيلة الشكل تعلوها أسلاك منتظمة ومتوازية بشكل أفقي، توضع تحتها بلورة (لوح زجاج) لجمع إفرازات النحل والسم في الآن ذاته، وفي هذه المرحلة، يتعرض النحل إلى صعقات خفيفة جدًا من التيار الكهربائي بمجرد مروره فوق الأسلاك الموزعة على أرضية الآلة، ما تجعله يفرز سمه من دون أن يلحق به الضرر. وكُرِّمْت في مؤتمر نابل في عام 2019 على اختراعي، وفي عام 2020 شاركت في مشروع “etofe” وحصلت على المرتبة الأولى في ولاية منوبة، وفي عام 2023 حصلت على شهادة دولية عن ابتكاري آلة سحب سم النحل دون الإضرار بالنحلة.
كم خلايا نحل بدأت في «نحول» وإلى أين وصلت؟
- في البداية انطلقت بخمس خلايا نحل في عام 2018، وصل مشروع “نحول” إلى 80 خلية نحل، وجاءتني فرصة المشاركة في مؤتمر نابل عام 2019، وكُرِّمْت عن الآلة الذكية لاستخراج سم النحل، وبدأت في تطوير هذه الآلة، أو هذا الاختراع بالتعاون مع د. مزاحم الصانع وصنعت 3 آلات لاستخراج سم النحل.
ما أكبر مشكلة تعرض لها مشروعك؟
- في فبراير 2021، تعرض المشروع لخسائر فادحة بسبب رش المبيدات من قِبل المزارعين، وموت كل خلايا النحل التي كانت لدي في وقتها كنت أسمي ذلك كارثة، وظننت أنني خسرت مشروعي بالكامل، ولكني اكتشفت التحدي في داخلي، ولم أستسلم واستعدت بعض الخلايا من النحل، واقترضت لإعادة هيكلة مشروعي من الصفر مرة أخرى في مارس 2021، حينها لم أصب باليأس، بل تابعت خُطايا، وبدأت من جديد، حتى عاد مشروعي إلى الحياة، وهذا كان من أكبر الصعوبات التي واجهتني، على الرغم من ذلك، استمررت في التعلم وتطوير آلتي لاستخراج سم النحل، دون أن أتخلى عن حلمي وأهدافي. واسترجعت 100 خلية نحل بين عامي 2022 و2023.
ما أبرز التحديات التي واجهتك؟
- من أبرز التحديات التي واجهتني بعد العام الثاني من بدايتي في مجال تربية النحل هي صعوبة التنقل من ولاية لولاية، حيث إنني لا أمتلك سيارة، وذلك لأنني نقلت النحل إلى الجبال وأماكن أخرى للحفاظ عليه من المبيدات، والتحدي الثاني كانت الأوراق الإدارية التي للأسف ما زالت صعبة كثيرا في تونس، وأسعى وأتحدى الظروف من أجل محاربة البطالة وتوظيف 6 شبان وشابات ضمن مشروعي لتعزيز التنمية المحلية.
من الشخصيات التي دعمك في نجاحك؟
- والدي ووالدتي هما أوائل الداعمين لي من خلال تربيتهما لي، ووالدي زرع في وفي أخواتي منذ صغرنا الاعتماد على النفس وإننا بعد تخرجنا في الجامعة ننشئ مشاريعنا الخاصة، وغرس في داخلنا الثقة بالله أولاً، وأن نكون نافعين لمجتمعاتنا، ورزقني الله بزوجي الذي أكمل معي مسيرتي، ودعمني إلى حد بعيد في مشروعي، وشجعني على تخطي الصعاب، حتى إن بعض الناس كانوا يأتون لوالدي وزوجي هامسين لهما كيف تتركون هالة تعمل في مجتمع الرجال ولماذا تعمل عمل الرجال؟!، وكان رد والدي وزوجي عليهم بكل ثقة فخورين بما أقدم للمجتمع من فائدة وبما حققت من نجاح في مشروعي وتطور به. وأثبت لنفسي أولا وللجميع أنني قادرة على التعامل مع الرجال دون تعدي حدود الله أولا ودون تعدي حدود الناس واحترامي لنفسي والآخرين.
كيف تحمين نفسك من اللسع؟
- عن طريق اللباس الخاص بتلك المهنة، يلبسه النحال يغطي جسمه بالكامل لحماية رأسه واليدين والساقين؛ لأن أي حركة خاطئة منه يمكن أن يهجم النحل عليه، لا بد أن ندخل على النحل طاهرين دون أي روائح نهائي لأن الرائحة تتسبب للنحل بالتشويش.
متى يمكن أن يكون النحل مهاجمًا؟
- يصبح النحل شرساً، عندما تتغير عليه رائحة الشخص الذي يراعيه، أو عندما نعامله بطريقة بها عنف أو خشونة، وعندما يفتقد صاحبه، أو يشتاق إليه. دائماً أقول: “أكرم النحل يكرمك”.
قلت «أتعامل مع النحل مثل أبنائي» هل نشأت صداقة بينك وبين النحل؟
- هي أبنائي وليس مثل أبنائي، النحل بالنسبة لي حياتي، وهي جزء كبير من عالمي.. ومن نجاحي، وهي أول اهتماماتي واستثماري.. أمرض إذا مرضت وأفهم لغتها وأفرح بإنتاجها.
أنا نحّالة ولست تاجرة
كيف نُفرق بين العسل الطبيعي والمغشوش؟
- لا يمكن أن نعرف العسل الطبيعي من المغشوش إلا بالتحليل في المختبر، والكثير من الوصفات والطرق التي تنتشر على الإنترنت غير مجدية فعليًا، ومن الأفضل أن يشتري الشخص النحل والعسل من شخص له المراعي الخاصة به، حتى يتأكد من جودته.
ودائما أقول إنني نحّالة ولست تاجرة، والنحال لا بد أن يكون له مواصفات، الله -عز وجل- أنزل سورة كاملة باسمه في القرآن الكريم، لذلك أيقنت أن الله يبارك للنحال الذي يتقي الله، وحقيقي أن النحل لا يعيش مع النحال الكاذب أو قاطع الرحم أو الغشاش، ولا بد أن يقطع رزقه مع النحل، لذلك لا بد أن يراجع النحال صفاء قلبه وعلاقته بربه ليكتب له رزق في تربية النحل.